النائب حازم الجندي: الدعوة لعقد حوار اقتصادي ضرورة في ظل التحديات الراهنة
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
أكد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، ومساعد رئيس حزب الوفد، على أهمية الدعوة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الاحتفال بذكرى عيد الشرطة الـ 72، لعقد حوار اقتصادي أعمق وأشمل، مشيرا إلى أن ما تمر به مصر من تحديات اقتصادية تتطلب تضافر الجهود والاستفادة من جميع الخبرات الوطنية من أجل صياغة استراتيجية اقتصادية قدرة على العبور بمصر إلى الجمهورية الجديدة واستكمال مسيرة البناء والتنمية التي بدأتها منذ سنوات.
وقال "الجندي"، إن الحديث النظرى عن القضايا الاقتصادية بيصطدم في كثير من الأحيان بالواقع بما يضمه من ظروف وأزمات دولية وإقليمية، مشددا على ضرورة أن تتكاتف جميع الجهود الوطنية وفئات المجتمع المصري من أجل أن تتمكن مصر من عبور الصعوبات التي أخلفتها الأزمات الدولية المتعاقبة وكان أبرزها أزمة جائحة كورونا، والحرب الروسية - الأوكرانية، بالإضافة إلى الأزمات الإقليمية ومنها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتوترات الموجودة بمنطقة البحر الأحمر بسبب هذه الحرب.
وأضاف عضو مجلس الشيوخ، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد أنه يقدر حجم المعاناة التي يواجهها الشعب المصري بسبب الضغوط الاقتصادية، وارتفاع أسعار السلع، مثمنا قيمة الأمن والاستقرار التي تتمتع بها مصر، والتي تم إدراكها كنعمة في ظل ما يتعرض له قطاع غزة أو عدد من دول الجوار من أزمات وصراعات داخلية، وهو ما يؤكد قيمة توحيد الجبهة الداخلية ضد أي صعوبات أو تحديات تواجههنا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: التحديات الراهنة النائب حازم الجندي مواجهة التحديات الراهنة
إقرأ أيضاً:
تحول الطاقة.. وسؤال التحديات!
مريم البادية
لا تُقاس الصناعات الكبرى بعدد الإعلانات ولا بعدد الشركات التي تبقى أو تغادر، بل بمقدار قدرتها على الصمود أمام التقلبات وإعادة تشكيل نفسها كلما تبدلت المعطيات الاقتصادية والتقنية. وفي قطاع حديث كالهيدروجين الأخضر الذي يعد أحد أهم رهانات الطاقة في العقود المقبلة، يُصبح كل انسحاب أو تأجيل أو إعادة تقييم جزءًا من حركة نمو طبيعية لا تعكس بالضرورة ضعفًا أو ترددًا، بقدر ما تكشف عن إعادة ترتيب عالمية في ميزان الاستثمارات.
لذلك فإنَّ قراءة انسحاب شركة "بي بي" البريطانية من مشروع للهيدروجين الأخضر في الدقم، تتطلب اقترابًا أعمق من المشهد، يتجاوز الانطباعات السطحية وردود الأفعال السريعة وغير المدروسة ولا تستند إلى حقائق اقتصادية واستثمارية بحتة.
نبدأ من قطاع الهيدروجين الأخضر والذي يمر الآن في مرحلة بناء السوق؛ حيث لم تكتمل فيه سلاسل الإمداد والتوريد، كما لا توجد عقود شراء طويلة المدى بكثرة، إلى جانب أن التكنولوجيا نفسها ما تزال في مرحلة خفض التكاليف وليس الوصول إلى نقطة التعادل. وفي جانب آخر، يمر الاقتصاد العالمي بمرحلة شديدة الحساسية لأي متغير كارتفاع أسعار الفائدة المصرفية عالميًا، وتغيُّر اولويات الشركات واضطرابات في سلاسل الإمداد، أو حتى إعادة تقييم لمخاطر رأس المال. وهو ما يفسر ما قد يحدث من انسحابات من مشاريع أو إعادة هيكلة لمشاريع في أستراليا وألمانيا وبريطانيا والسعودية خلال العامين الماضيين. فما حدث في مشروع "نيوم" السعودي من إعادة تقييم، أو في أوروبا من توقف بعض المشاريع، ليس حالة استثنائية؛ بل نموذج يمكن الاستفادة منه؛ فالقطاع يتطلب مرونة تكيفية أعلى من أي قطاع آخر.
وثمة حقيقة ربما لم يتلفت إليها الكثيرون، وهي أن الشركة البريطانية تشهد تحولات داخلية؛ إذ بدأت "بي بي" بعد عام 2021 إعادة ضبط نفقاتها وتقليل الاستثمارات ذات الأفق الزمني الطويل دون عائد واضح، حسب بيانات الشركة نفسها، إلى جانب إعلان استراتيجيتها الجديدة والتي تركز على المشاريع الأقل تكلفة والأسرع في تحقيق التدفقات النقدية.
وقد لاحظنا مطلع العام الجاري 2025 أن الشركة أوقفت مشروعًا في قطاع الهيدروجين الأخضر أيضًا في أستراليا بقيمة استثمارية 600 مليون دولار أمريكي، مع انتظار تقديم دعم مالي سخي. ولذلك لا يمكن قراءة مثل هذه القرارات سوى أنها إعادة ترتيب لأولويات الشركة، وليس بسبب عدم جدوى الهيدروجين، في عُمان أو غيرها.
بالنسبة لسلطنة عُمان- وبعكس ما يتصوره البعض- فإن النموذج العُماني في هذا القطاع يتمتع بعدة خصائص تجعل أثر الانسحاب محدودًا؛ حيث إن عُمان لم تضخ أي رأس مال حكومي في المشروع، وأن ما مُنح هو حق انتفاع بالأرض، وهذا إجراء تحفيزي معتاد في مشاريع الطاقة، ما يعني أن الحكومة- والميزانية العامة للدولة- لا تتحمل أي خسائر مالية نتيجة انسحاب أي شركة، كما تحتفظ بالقدرة على إعادة تخصيص الأرض لمطوِّر آخر.
وفي حال نجاح المشاريع، فإننا نستفيد بأكبر قدر من العوائد؛ لأننا لم نتحمل تكلفة التطوير، وهو نموذج استثماري يُقلِّل المخاطر على المال العام، ويُركِّز على جذب المُطوِّرين ذوي القدرة المالية والخبرة. وتتمتع عُمان بمساحات شاسعة من الأراضي المؤهلة في محافظة الوسطى، وهو ما يمنحنا مرونة عالية في التخطيط طويل المدى دون أن نخسر فرصًا اقتصادية أخرى.
لذا يجب التركيز على المشاريع الخضراء الأخرى الأكثر جاهزيةً وتمويلًا؛ فهناك مشاريع في الحديد الأخضر والأمونيا الخضراء، وسط توقعات بطلب صناعي حقيقي، الأمر الذي سيرفع من قيمة الأراضي والبنية الأساسية التي يجري الاستثمار فيها. ولدينا عدد من المشاريع التي دخلت مرحلة التنفيذ مثل مشروع "أكمي" الذي يستهدف إنتاج 100 ألف طن من الأمونيا الخضراء.
وفي الختام.. لا ريب أن أي رؤية اقتصادية واعدة تواجه التحديات، فهذه طبيعة الأمور، ولا يعيب قطاع أو يُقلل من جاذبيته انسحاب شركة هنا أو تأخر تنفيذ مشروع هناك؛ لأن الاستثمارات بطبيعتها عُرضة للمخاطر المتنوعة، وكما تقول القاعدة الاقتصادية "رأس المال جبان"، ولا ينبغي أن يدفعنا أي تحدٍ للتوقف عن مواصلة الطريق، وإنما علينا بالمثابرة والاستمرارية، فالوصول إلى خط النهاية في المارثون يُحققه صاحب النفس الطويل، وليس الأكثر شهرةً!