مشاهير السوشيال يثيرون الجدلَ بمعرض الكتاب.. حفلات توقيع صاخبة وإقبال بالمئات
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
كتب- محمد شاكر:
تصوير: محمود بكار
ما زالت أصداء حفلات توقيع مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي من اليوتيوبرز والإنفلونسرز والبلوجرز، في معرض القاهرة الدولي للكتاب، تثير الجدل.
بدأت هذه الظاهرة مع مغني الراب زاب ثروت، ثم اليوتيوبر الشهير علي غزلان، ووصلت هذا العام إلى البلوجر كنزي مدبولي، وصانع المحتوى محمد المأمون؛ حيث شهدت حفلاتهم تكدسًا كبيرًا من الشباب والمراهقين، الذين حاولوا الوصول إلى نجمهم المفضل لالتقاط رواية ممهورة بتوقيعه.
واصطف عدد من الشباب بمعرض الكتاب أمام منصة توقيع رواية صانعة المحتوى كنزي مدبولي؛ للحصول على توقيع منها على روايتها "فرصة من دهب"، وبلغ سعر رواية "فرصة من ذهب" 85 جنيهًا.
وتسبب زحام وتكدس محبي البلوجر كنزي مدبولي في حدوث تدافع وسقوط بعض الحاضرين إلى حفل التوقيع.
وشهد حفل توقيع رواية "الديبو" للكاتب واليوتيوبر محمد المأمون، إقبالًا جماهيريًّا حاشدًا من مئات الشباب الذين ملؤوا حفل التوقيع بهتافات صاخبة، محاولين الوصول إلى الكاتب.
وتوافد عدد كبير من الشباب؛ لالتقاط الصور السيلفي مع الكاتب، خلال وجوده في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ55.
وتدور أحداث الديبو حول "حليم" الطفل غير الطبيعي، فمنذ ولادته وهناك كائن أحمر يصاحبه، ينظر إليه دائمًا دول ملل، لا ينام ولا يكل ولا يمل، سلبت الحياة من سليم سنوات عديدة، أذاقته بها مرّها، وكان والد حليم دائمًا ما يعامله بعنف دون إيضاح أسباب لذلك، دائمًا ما يبوخه وينهال عليه بالضربات، إلى أن تضخم الأمر في يوم ما؛ واضطر حليم مغادرة منزله والعيش مع جدّه في منزله.
وكبر حليم، وهو يرى أشياء وكائنات عجيبة لا يراها أحد سواه، تنقل حليم بين طيات حياته، وقدره المكتوب، وتوقف حليم عن رؤية الكائنات العجيبة منذ انتقاله إلى منزل جده، وبدأت لـ"حليم" حياة جديدة تمامًا وسار في طريقه لمعرفة حقيقته، من هو وما الكائنات التي يراها؟ ما علاقة جدّه بكل ذلك؟ ولماذا يطلق عليه لقب سيدنا؟
محمد المأمون صانع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، يروي قصص رعب بشكل مشوق، ورواية "الديبو" أيضًا تتضمن محتوى يشبه ما يقدمه في فيديوهاته على موقع يوتيوب، وتكشف الرواية عن أسرار وتجارب شخصية للكاتب، للدرجة التي يختلط فيه الأمر على القارئ، إذا كانت هذه قصة حقيقية أم من خيال المؤلف.
وعلق الكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد على هذه الظاهرة، مؤكدًا أنها ظاهرة طبيعية جدًّا؛ لأن أعمار القراء واتجاهاتهم مختلفة وليسوا نمطًا واحدًا.
وقال عبد المجيد، في تصريحات خاصة أدلى بها إلى "مصراوي": على سبيل المثال باعت أجاثا كريستي أكثر من مليار نسخة من رواياتها البوليسية؛ أي ما يوازي الرقم الذي حققه كل كتاب الأدب الرفيع والحقيقي من معاصريها مجتمعين، ولكن هذا الأمر لا يشكل خطراً على الأدب، لأن مصر تجاوز تعدادها ١١٠ ملايين نسمة ومنهم الشباب والكبار، والمهم أن يقرأ الجميع بغض النظر عما يقرؤون.
وتابع الكاتب: بعض القراء يبحثون عن الأدب الرفيع وبعضهم يبحث عن الكتب المسلية ومنهم مَن يقرأ الكتاب في القطار أثناء السفر ثم يتركه فور وصوله، وهكذا أنماط القراء مختلفة وليست كتلة واحدة.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: كأس الأمم الإفريقية معرض القاهرة الدولي للكتاب أسعار الذهب الطقس مخالفات البناء سعر الدولار انقطاع الكهرباء فانتازي الحرب في السودان طوفان الأقصى سعر الفائدة رمضان 2024 مسلسلات رمضان 2024 مشاهير السوشيال معرض الكتاب اليوتيوبرز الإنفلونسرز البلوجرز طوفان الأقصى المزيد
إقرأ أيضاً:
الكاتب الإنسان.. ما سر التعاطف الواسع مع صنع الله إبراهيم في مرضه؟
قبل أكثر من عقدين، تصدر اسم الكاتب المصري صنع الله إبراهيم واجهة الأحداث محليا وعربيا عندما رفض، لدواع سياسية، جائزة أدبية مرموقة، وها هو اليوم يعود للواجهة لكن هذه المرة، لدواع إنسانية، من سريره في المستشفى.
وأثارت الواقعة الأولى التي تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول عام 2003 جدلا سياسيا واسعا خاصة أن صنع الله إبراهيم برر رفضه لجائزة ملتقى القاهرة للرواية العربية باعتبارات سياسية تتعلق بالحريات والديمقراطية وبالأوضاع في فلسطين وهاجم مصر لأنها "دولة تمارس التعذيب، وتقمع حرية التعبير، وتفرض الحصار على الثقافة الحقيقية".
منذ تلك الواقعة المشهودة، زاد اسم صنع الله إبراهيم تداولا وحضورا في المشهد الأدبي والثقافي المصري والعربي من خلال أعمال روائية تعتبر امتدادا لمشروعه الذي بدأ مع "تلك الرائحة" (1966) وتواصل مع "نجمة أغسطس" (1974) و"اللجنة" (1981) و"ذات" (1992) وغيرها.
وقبل أسابيع قليلة، عاد اسم صنع الله إبراهيم وهو يقترب من عقده التاسع (ولد عام 1937)، بقوة لساحة التداول إعلاميا وواقعيا من سرير في مستشفى معهد ناصر بالقاهرة بعد أن نقل إلى هناك لتلقي العلاج من أثار كسر في الحوض ونزيف في المعدة ومضاعفات أمراض أخرى متصلة بالتقدم في السن.
ولا تزال مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية تضج بسيل من عبارات التعاطف والتضامن والتقدير والإشادات بصنع الله إبراهيم، حيث دعا كثيرون لإيلائه ما يستحق من عناية تليق بمقامه الأدبي وبمواقفه السياسية وقربه الدائم من نبض المجتمع سواء في حياته الخاصة أو في كتاباته ومواقفه المشتبكة مع محيطه المصري والعربي.
وعلى خلفية ذلك الطارئ الصحي، استدعى إعلاميون وكتاب من مصر وخارجها في تدويناتهم ومقالاتهم مواقف خاصة مع صنع الله إبراهيم سجلوا فيها مدى تواضع الرجل وصدقه واتساق مواقفه السياسية ورسالته الأدبية وحياته الشخصية المتسمة بالبساطة والتواضع، ووصفه الكثيرون بـ"الكاتب الإنسان".
إعلانوكتب الروائي العراقي علي بدر أن "قصة هذا الكاتب العظيم الذي يرقد الآن في المستشفى لا تتلخص فقط في رواياته ولا في سجنه، بل في قدرته العجيبة على أن يظل ثابتا في زمن التقلب، وعلى أن يبقي الكلمات مسننة، نافرة، غير قابلة للهضم. هذا هو صنع الله إبراهيم لم يكن يسعى إلى أن يحب، بل إلى أن يقلق، وهذا أعظم ما يمكن أن يفعله كاتب في هذا العالم الكسول".
وفي نفس المنحى، دون الكاتب المصري باسل رميسيس على فيسبوك أن من يحبون صنع الله إبراهيم، لا يحبونه بسبب رواياته أو لأن عمله الأدبي يفتح العيون ويحفز على التفكير أو بسبب مواقفه السياسية من قبيل رفض جائزة الرواية العربية، بل لأنه (صنع الله إبراهيم) خليط من كل ذلك ولأنه يعبر عن "حالة المثقف المتسق والفنان الحقيقي في نفس الوقت".
واتسعت موجة التعاطف مع صنع الله إبراهيم في محنته الصحية إلى الدوائر الرسمية، إذ زاره وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو للاطمئنان على حالته الصحية، عقب عملية جراحية لتركيب مفصل صناعي ودعا له باستعادة عافيته "ليواصل عطاءه الثقافي والفكري الذي أثرى به الساحة الأدبية لعقود".
مساحات من الغيابوتعليقا على هذا التضامن الواسع مع صنع الله إبراهيم، قال الناقد الأدبي السوري هيثم حسين إن الدعوات للالتفات إليه الآن لا تعبر عن تعاطف عابر بقدر ما تكشف عن مساحات من الغياب، عن مسؤوليات تركت تتراكم، وعن مؤسسات لم تكن يوما في موضع الفعل والمسؤولية. حين يصبح التفاعل بديلا عن الرعاية، ويصير النداء الثقافي بديلا عن السياسة الثقافية، يتحول الكتاب إلى جزر معزولة".
وأضاف هيثم حسين أن عودة اسم صنع الله إبراهيم إلى التداول فجأة، تكشف عن "الحاجة القديمة إلى صوت من طينته، إلى كتابة لا تبحث عن تسوية، ولا تراكم مجدا هشا.. صنع الله إبراهيم كان، وما يزال، مشروع مساءلة، وموقفا أخلاقيا وإنسانيا لا يخضع للاستهلاك، ولا يرتضي التواطؤ أو المداهنة".
إعلانوعن مكانة الرجل في السياق الثقافي العربي، قال هيثم حسين، في حديث مع الجزيرة نت، إن "صنع الله إبراهيم من القلائل الذين يتعرف بهم تاريخ الرواية العربية على ملامحه المتقلبة، لا يختصر في سيرة ولا يقاس بحجم التغطيات. هو أحد الذين نقلوا الكتابة من حيز الحكاية إلى حيز الاشتباك، من السرد المطمئن إلى السرد الكاشف الذي يفتح الأعين على الندوب".
وساق المتحدث نماذج من أعمال صنع الله إبراهيم، بينها "بيروت… بيروت"، و"ذات"، و"تلصص" وقال إنها "تخرق السائد، تمضي في الزواريب والحطام، لا لتأريخ ما حدث، بل لتفكيك آلياته وخباياه، وتكشف عن ملامح أخرى من مشروعه، حيث التوغل في ما هو شخصي كي يكشف عن العام، والرواية بوصفها فعلا سرديا مقاوما".
وعن التحام مؤلف "اللجنة" مع الواقع، يرى الناقد هيثم حسين أن صنع الله إبراهيم "لم يكتب الواقع كما يراد له أن يروى، لكنه نبشه وفتت لغته ونظامه، واجهه متلبسا بأقل أدوات الزينة. وحين تنقل الكتاب بين الأنواع والموضات والترضيات، ظل وفيا لذلك الهاجس العميق؛ أن تكون الكتابة في موقع المواجهة، لا في مقعد الشرح".
وإلى جانب التعاطف الإنساني، شكلت هذه الوعكة الصحية، مناسبة لإعادة تسليط الضوء على أعمال صنع الله إبراهيم وعلى مواقفه السياسية منذ محنته في السجن (1959-1961) في غمرة الاعتقالات التي شنها نظام الرئيس جمال عبد الناصر في أوساط الشيوعيين، وما عاناه لاحقا في ظل حكم الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك.
وعن الدور التأسيسي لصنع إبراهيم في معمار الرواية العربية، قال الروائي السوري فواز حداد إنه "في استعادة صنع الله إبراهيم، يمكن القول، ليس جيلنا الذي تلا جيله مدينا له فقط، وإنما الأجيال التالية أيضا، سواء في رواياته أو مواقفه".
إعلانويرى حداد، في تصريح للجزيرة نت أن صنع الله إبراهيم "فتح منافذ كانت مغلقة في وجه الرواية، بدأها في روايته الأولى "تلك الرائحة" التي قرأها اللبنانيون والسوريون قبل المصريين، لأنه منعت في مصر، ونشرت في عدد خاص في مجلة "شعر"، وكانت في الستينيات تمثل التجريب والحداثة في الأدب".
وأضاف حداد أن اتجاه صنع الله إبراهيم في الكتابة الروائية تبلور في "اللجنة" بأجوائها الكافكاوية، لجهة النقد السياسي والاجتماعي، الذي تجلى بشكل رئيسي في تشريح هيمنة الدولة الأمنية وفضح آليات التسلط، ومن الجانب السردي تمردت الرواية على الشكل التقليدي للرواية العربية، وتدفقت باقي أعماله توغلا في الواقع بالاستعانة بمادة وثائقية، كسر من خلالها تابوهات السياسة والجنس.
صنع الله إبراهيم الإنسانوإلى جانب الاهتمام بصنع الله إبراهيم الكاتب، توقف كثيرون عند صنع الله إبراهيم الإنسان في مسكنه وفي ملبسه وفي باقي مناحي حياته الشخصية في الشارع وفي الحافلة وفي غيرها من المواقف التي تصوره شخصا عاديا يمشي في الأسواق ويشبه مرتاديه.
وفي السياق استعاد الصحفي المصري خيري حسن أجواء مقابلة صحفية عام 2007 مع صنع الله إبراهيم في بيته الذي "يقع على أطراف حي مصر الجديدة -بالقرب من شارع جسر السويس- شرق القاهرة.. في الدور السابع بدون أسانسير.. الشقة متوسطة قد لا تزيد على 80 متر تقريبا".
وردا على زميله المصور الذي استغرب كيف أن كاتبا كبيرة يعيش في شقة متواضعة وسبق له أن رفض جائزة تبلغ قيمتها المالية حوالي 24 ألف دولار، كتب خيري حسن أن صنع الله إبراهيم "لو أراد أن يسكن في المنتجعات السياحية لسكن. ولو أراد السكن في فيلا لسكن. ولو أراد أن يسكن في شقة 500 متر لسكن. لكنه رفض كل ذلك (ليسكن) في قلب وعقل وضمير مصر التي أحبها وكتب وأخلص في حبها".