وسط تحذيرات أمنية مشددة.. فرنسا تضيق الخناق على ذراع «الإخوان»
تاريخ النشر: 29th, May 2025 GMT
البلاد – باريس
تصاعد الجدل مجددًا في فرنسا حول أحد أبرز المعاهد الإسلامية في البلاد؛ المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (IESH) بمدينة شاتو- شينون، بعد صدور تقارير استخباراتية ووزارية تصفه بأنه “منصة فكرية” تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وتربطه بأدوار محورية في دعم ما تصفه السلطات بـ”الإسلام السياسي”.
هذا التحرك يأتي ضمن سياق أوسع لما تسميه الحكومة الفرنسية “معركة الجمهورية ضد التطرف”؛ إذ باتت المؤسسات التعليمية والدينية المحسوبة على الجماعة تحت الرقابة الدقيقة من السلطات.
تقرير إستخباراتي يقرع جرس الإنذار
تقرير إستخباراتي حديث، عرض أمام مجلس الدفاع الفرنسي برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون، وضع المعهد في قلب اتهامات بالانتماء الأيديولوجي والتنظيمي للحركة الإخوانية، واعتبره “ركيزة بارزة” في مشروع الجماعة داخل فرنسا. التقرير المؤلف من 76 صفحة أورد أيضًا أن المعهد، الذي يختص بتكوين الأئمة والدعاة، يروّج لنسخة “متشددة” من الإسلام، تحت ستار الاعتدال.
التحقيقات تشير إلى أن المعهد يستند إلى مرجعيات فكرية مثيرة للجدل، على رأسها يوسف القرضاوي، الزعيم الروحي السابق للجماعة، الذي تولّى رئاسة مجلسه العلمي حتى وفاته في 2022. كما أورد التقرير شبهات حول مصادر تمويل المعهد، دون تقديم تفاصيل دقيقة حتى الآن.
هذه الاتهامات دفعت عددًا من النواب الفرنسيين، خصوصًا من التيار اليميني، للمطالبة بإجراء “تحقيق إداري وأمني شامل”، قد يفضي إلى إغلاق المعهد. وقال النائب فيليب بون، الذي يمثل الإقليم الذي يقع فيه المعهد: إن” فرنسا لا يمكن أن تسمح بوجود معاهد دينية تُستخدم كحصان طروادة لبث خطاب سياسي مغلف بالدين”. كما انتقد سياسيون آخرون ما وصفوه بـ”التهاون في الرقابة على المؤسسات الإسلامية، التي تساهم في تفكيك النسيج الجمهوري العلماني”، واعتبروا أن استمرار نشاط مثل هذه المعاهد يهدد مبادئ الاندماج والانتماء الوطني.
وأورد التقرير الاستخباراتي أن جماعة الإخوان تدير شبكة واسعة من المساجد والمؤسسات التعليمية في فرنسا، منها 139 مسجدًا تحت مظلة جمعية “مسلمو فرنسا” (المعروفة سابقًا بـUOIF)، و21 مؤسسة تعليمية، فيما يُعد معهد IESH أهمها من حيث التأثير الأيديولوجي والتنظيمي.
تأسس المعهد عام 1990، وكان دومًا محاطًا بالجدل حول ارتباطه الفكري والتنظيمي بجماعة الإخوان. ومع احتدام النقاش السياسي والإعلامي حوله، يجد نفسه اليوم في مرمى نيران السلطات، في لحظة يتصاعد فيها التوتر المجتمعي والسياسي حول علاقة الدين بالدولة، وقضية اندماج المسلمين في المجتمع الفرنسي.
وبينما تؤكد السلطات أن تحرّكها يستهدف “الإسلام السياسي لا الإسلام”، تطرح هذه القضية أسئلة عميقة حول التوازن بين الحريات الدينية والأمن القومي، والكيفية التي يمكن من خلالها تأطير الخطاب الديني؛ بما ينسجم مع قيم الجمهورية دون الوقوع في فخوص التمييز أو التضييق.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
العلاقات الأميركية الصينية على صفيح ساخن.. مفاوضات متعثرة وتشديد الخناق على الطلاب
تتواصل التوترات بين الولايات المتحدة والصين على أكثر من جبهة، رغم جهود دبلوماسية لمحاولة تخفيف حدة الخلافات بين أكبر اقتصادين في العالم.
في المجال التجاري، أعلن وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن المفاوضات التجارية مع بكين “متعثرة بعض الشيء”، معتبراً أن التوصل إلى اتفاق نهائي يحتاج إلى تدخل مباشر من الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينج.
جاء ذلك بعد هدنة مؤقتة تم التوصل إليها قبل أسبوعين، تضمنت خفضاً متبادلاً للرسوم الجمركية بنسبة 91% وتعليقاً للرسوم بنسبة 24%، لكنها لم تنجح حتى الآن في إزالة جميع نقاط الخلاف، خصوصاً في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة مثل رقائق الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، تتصاعد التوترات على الصعيد الأمني والثقافي، حيث أعلنت الولايات المتحدة عن قرار بإلغاء تأشيرات عدد من الطلاب الصينيين، معتبرة أن بعضهم يشكل تهديداً للأمن القومي، لا سيما الطلاب المرتبطين بالحزب الشيوعي الصيني أو الذين يدرسون في مجالات بحثية حساسة.
وأثارت هذه الخطوة احتجاجاً رسمياً من السفارة الصينية التي وصفت القرار بـ”ذو دوافع سياسية وتمييزي”، محذرة من تأثيره السلبي على الحقوق والمصالح المشروعة لهؤلاء الطلاب، وعلى سمعة الولايات المتحدة نفسها.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، إن بلادها “لن تتسامح مع استغلال الحزب الشيوعي الصيني للجامعات الأميركية أو سرقة الملكية الفكرية”، مؤكدة استمرار التدقيق في ملفات الطلاب، من دون الإفصاح عن أعدادهم أو المعايير الدقيقة لتحديدهم.
وفي خطوة مرتبطة، أمرت إدارة ترامب بوقف جدولة مقابلات جديدة للحصول على تأشيرات الطلاب وتبادل الزوار، تمهيداً لتوسيع عمليات الفحص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يعرقل إصدار التأشيرات ويؤثر على الجامعات الأميركية التي تعتمد مالياً على الطلاب الدوليين.
يأتي هذا التصعيد في ظل مواجهة قانونية وإدارية تعاني منها جامعات أميركية كبرى، أبرزها جامعة هارفارد، التي تواجه قراراً بمنع تسجيل الطلاب الأجانب بدءاً من العام الدراسي المقبل، نتيجة رفضها تقديم بيانات مفصلة عن الطلاب إلى الجهات الحكومية.
المشهد المتوتر بين واشنطن وبكين يعكس تعقيدات العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية بين القوتين العظميين، مع بقاء الأمل في أن يؤدي الحوار المباشر بين القائدين إلى تخفيف حدة الخلافات في المستقبل القريب.