علي بن مسعود المعشني

[email protected]

أمريكا دولة تُمثل نموذج القوة المُفرطة بلا عقل؛ لأنَّ الثقافة الأمريكية أسسها المُهمَّشون والمنبوذون من أوروبا، والذين أسسوا بدورهم أمريكا على جثث السكان الأصليين والذين أطلقوا زورًا عليهم تسمية "الهنود الحُمر".

أمريكا عبر تاريخها، خاضت حروبًا في جغرافيات الأرض جميعها، وضد أغلب شعوب الأرض، بمعدل حرب في كل عام في ترجمة واضحة وجلية لثقافة العنف التي اتسمت بها الشخصية الأمريكية، ومن سلموا من بطش قوة أمريكا العمياء وساروا في فلكها خوفًا وطمعًا، منحتهم ألقابَ ترضيةٍ بمسمى "حلفاء"، وهم في حقيقتهم توابع لها، وخدم أوفياء لمصالحها.

توصف الدولة القوية بأنَّها دولة تمتلك عناصر القوة العقلية وقوة الرُشد أولًا؛ أي دولة عاقلة وراشدة، وبما أن الدولة في التعريف القانوني شخصية اعتبارية وليست شخصية طبيعية، فتلك الصفات تُطلق على من يقود الدولة من شخصيات طبيعية، بحيث تتصف الدولة بتلك الصفات، ولا تقتصر تلك الصفات على رأس الدولة وقيادتها، بل تمتد لتشمل القاعدة كذلك؛ أي أن تكون القوة والرشد من السمات الغالبة على مجتمع الدولة، ومن خصائص العقل الجمعي بها، لهذا كان التمييز في وصف الدولة وليس النظام أو الحكومة، على اعتبار أنَّ النظام والحكومة طيف من أطياف الدولة وليس كل الدولة وكما يفهم البعض ويختزل.

ثاني عناصر وصفات قوة الدولة، القوة الإيمانية، وتتمثل في قوة الإيمان بالعقائد الدينية والثوابت، والتي تنتج بدورها قوة إيمانية في العقائد السياسية والعسكرية للدولة.

ثالث عناصر قوة الدولة، القوة الاقتصادية، المتمثلة في الصناعة والزراعة والأمن الغذائي، وبالنتيجة اقتصاد ثري وحيوي ومتنوع للدولة.

رابع عناصر قوة الدولة، القوة العسكرية والمتمثلة بالعدة والعتاد، المقرون بالتصنيع العسكري.

أمريكا دولة قامت على العنصرين الأخيرين، قوة اقتصادية، وقوة عسكرية، وافتقدت أهم عنصرين، وهما: عنصر قوة العقل والرشد، والقوة الإيمانية. لهذا هُزمت أمريكا في جميع حروبها ومواجهاتها ضد دول وشعوب امتلكت قوة العقل والرشد والإيمان، في فيتنام وأفغانستان والعراق وفي اليمن اليوم، وفشلت كذلك في تطويع سوريا وإيران.

أمريكا كدولة فاقدة لقوة العقل والرُشد والإيمان، تخوض الحروب بقوة الاقتصاد وبقوة السلاح، بدون تقدير لقوة الخصم، وبلا استراتيجية خروج من الأزمة، لهذا تجد نفسها في مآزق كارثية في الغالب، وفي خيارات صعبة، فتمارس مُكرَهةً سياسة الهروب إلى الأمام على الدوام كخيارٍ وحيدٍ، أو تبحث عن صناعة أي نصرٍ من أي نوعٍ كان.

أمريكا اليوم تخوض حربًا في البحر الأحمر بالنيابة عن استثمارها الاستراتيجي المتمثل في الكيان الصهيوني، وتحت شعار غريب ومُستهجن وهو "حماية الملاحة البحرية"، في زمن يقوم فيه كيانها بتدمير وقتل كل شيء في غزة، على مرأى ومسمع من العالم، ومن ردود أفعال "أنصار الله" في اليمن، تبيَّن لها أنها أخطأت وكعادتها في تقدير قوة الخصم وحجم ردود أفعاله على عملياتها العسكرية في اليمن، وتبيَّن لها أن حجم خسائرها المادية في هذه المواجهة جعلها محل سخرية وعطف من العالم، كدولة كبرى، كما تبيَّن لها عدم وجود استراتيجية خروج من الأزمة تلجأ إليها في ورطتها اليوم، ولجوؤها إلى أصدقاء وحلفاء للقيام بدور الوسيط يعني المزيد من الأثمان والتكاليف السياسية أو المالية مقابل ذلك.

لهذا ليس بالمستغرب أن نرى أمريكا تُفتِّش اليوم عن كرامتها أولًا وأخيرًا في البحر الأحمر؛ حيث لم يعد الحسم العسكري أمرًا مُمكنًا.

الغريب أنَّ حلفاء أمريكا أصيبوا بنفس اللوثة السياسية؛ حيث يُفتتنون بالقوة العسكرية العمياء لتحقيق مآربهم، فيهزمهم العقل والرُشد والإرادة.

قبل اللقاء: "الأمريكان، لا يفكرون؛ بل يجربون حتى يفشلوا" ونستون تشرشل.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أمريكا تتجه لتوسيع حظر السفر ليشمل أكثر من 30 دولة وتشديد سياسات الهجرة

كشفت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل حاليًا على توسيع نطاق حظر السفر ليشمل أكثر من 30 دولة حول العالم.

 ويأتي هذا الإعلان بعد أيام قليلة فقط من تطبيق قرار جديد يقضي بحظر سفر مواطني 19 دولة إضافية إلى الأراضي الأمريكية.

تشديد تدريجي لسياسات الدخول

وتشير تصريحات الوزيرة إلى أن القرار المزمع اتخاذه لا يزال قيد المراجعة داخل مؤسسات الأمن القومي، لكنه يحظى – وفق مصادر مطلعة – بتأييد واسع داخل أروقة البيت الأبيض، في إطار رؤية تعتبر أن “التحديات الأمنية العالمية خلال المرحلة الحالية تتطلب أدوات أكثر صرامة وأوسع نطاقًا”.

مصير كل خائن.. بيان ناري من الداخلية في غزة بشأن مقتل أبو الشبابرئيس أركان جيش الاحتلال يدعو لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر

وبحسب نويم، فإن القائمة الجديدة للدول المستهدفة تستند إلى “معايير تقييم محدثة” تتضمن مستوى التعاون الأمني مع الولايات المتحدة، وجودة تبادل المعلومات حول المسافرين، إضافة إلى تقييمات خاصة بالتهديدات المحتملة المتعلقة بالإرهاب والجريمة العابرة للحدود.

دوافع القرار وتداعياته المحتملة

ورغم عدم الكشف عن أسماء الدول التي سيتم إضافتها، فإن مسؤولين سابقين في وزارة الأمن الداخلي يؤكدون أن التوجه الحالي للإدارة يستهدف دولًا تُعتبر من وجهة نظر الأجهزة الأمريكية “ضعيفة في قدرات مراقبة الحدود أو إصدار الوثائق”.

ويرى محللون أن هذا التوسع في القيود قد يترك أثرًا مباشرًا على حركة السفر الدولية، وعلى العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وعدد من الدول التي قد ترى في الخطوة “إجراءً عقابيًا” غير مبرر. كما يُتوقع أن تواجه الإدارة انتقادات داخلية من منظمات الحقوق المدنية، التي عادة ما تعتبر أن توسيع حظر السفر يمثل سياسة “تمييزية” تفتقر إلى الشفافية.

ردود فعل أولية واستعدادات موازية

في المقابل، تدافع إدارة ترامب عن توجهها مؤكدة أن القرارات الجديدة تأتي ضمن استراتيجية شاملة لتقليص التهديدات قبل وصولها إلى الحدود الأمريكية، وأنها ترتكز على معلومات استخباراتية ومعايير تقييم موضوعية. وتشير مصادر من داخل وزارة الأمن الداخلي إلى أن الوزارة بدأت بالفعل إعداد تقارير تفصيلية حول المخاطر الخاصة بكل دولة مرشحة على القائمة، تمهيدًا لعرض النسخة النهائية خلال الأسابيع المقبلة.

ويتزامن الإعلان مع موجة جدل داخلية بشأن قوانين الهجرة والحدود، حيث تسعى الإدارة إلى تقديم نفسها كحامية للأمن القومي في مواجهة ارتفاع المخاطر الدولية. ويرى مراقبون أن التوسع في قرارات الحظر قد يُستخدم أيضًا كورقة سياسية، في ظل احتدام النقاشات حول فعالية سياسات الهجرة وقدرتها على تعزيز الأمن الداخلي.

بهذا التوجه الجديد، تدخل إدارة ترامب مرحلة أكثر صرامة في ملف الهجرة، وسط ترقب عالمي للائحة الدول التي ستشملها القيود الموسعة. 

وبينما تعتبر الإدارة أن الإجراءات ضرورة أمنية، يرى معارضوها أنها قد تزيد التوترات الدبلوماسية وتفرض تحديات على العلاقات الدولية والحركة البشرية حول العالم.
 

طباعة شارك ترامب سياسات الهجرة الولايات المتحده الاميركيه وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية الهجرة للولايات المتحدة

مقالات مشابهة

  • رئيس حي جنوب الغردقة بالبحر الأحمر يقود حملة لاسترداد أراضي تعود ملكيتها إلى الدولة
  • نادين لبكي في جلسة حوارية بمهرجان البحر الأحمر السينمائي.. اليوم
  • مي عمر في جلسة حوارية بمهرجان البحر الأحمر السينمائي.. اليوم
  • مش هقدر أقول حاجة ولكن.. الشيخ حسن عبد النبي لم يرصد أخطاء لهذا المتسابق | فيديو
  • أبرزهم أسماء جلال وصبا مبارك .. نجوم الفن في فعاليات اليوم الثالث من مهرجان البحر الأحمر
  • جلسة حوارية خاصة لـ أدريان برودي بمهرجان البحر الأحمر.. اليوم
  • أمريكا تتجه لتوسيع حظر السفر ليشمل أكثر من 30 دولة وتشديد سياسات الهجرة
  • العقول المحمدية والتحذير من نشر روح التشاؤم.. موضوع خطبة الجمعة اليوم
  • مي عمر عن اتجاه محمد سامي للتمثيل: من 10 سنين وبقوله لازم تمثل
  • حين تتحدث القوة المصرية بلغة المستقبل