صحيفة الخليج:
2025-12-13@06:28:01 GMT

أحمد الجروان: التسامح قرار واعٍ وليس شعاراً

تاريخ النشر: 5th, July 2025 GMT

أكد أحمد بن محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، أن التسامح ليس مجرد شعار أو موقف عابر، بل قرار واعٍ ومنظومة متكاملة تبدأ من التعليم وتُدمج في السياسات العامة والخطابات المجتمعية، واعتبر أن بناء السلام يبدأ من الرؤية التربوية والقيمية التي يتلقاها الأطفال في المدارس.
وشدد في محاضرة استضافتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو» بعنوان «حوار على ضوء القيم: عندما يصبح التسامح ثقافة والسلام خياراً»، على دور القيم الإنسانية مثل الاحترام، والعدالة، والكرامة، وحرية الاعتقاد بوصفها ركائز أساسية لتعزيز ثقافة السلام، مشيراً إلى أن الأزمة الراهنة في العالم هي «أزمة أخلاقية» تتطلب خطاباً بديلاً قائماً على الحوار والاحترام المتبادل.


يأتي تنظيم المحاضرة ضمن أعمال منتدى «أحاديث الألكسو» الذي تنظمه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في مقرها بتونس، بحضور نخبة من المسؤولين والخبراء والمهتمين بالشأنين الثقافي والتربوي في العالم العربي.
واستعرض الجروان تجربة المجلس في الدفع بثقافة التسامح عبر التعليم والدبلوماسية البرلمانية والتعاون الدولي.
وأكد أن الكراهية تُصنع وكذلك «صناعة التسامح» يمكن ترسيخها عبر التعليم والإعلام والخطاب الديني والفني والتشريعي، داعياً لإدماج قيم التسامح في المناهج العربية.
وأعلن توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس و«الألكسو» لتعزيز التعاون في مجالات إعداد المناهج التربوية.
(وام)

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات

إقرأ أيضاً:

تونس.. السيادة للشعب وليس لقيس سعيّد.. الحقائق السبع

دخلت تونس منذ 25 يوليو 2021 طوراً جديداً من الحكم الفردي، جعل فيه قيس سعيّد  "السيادة الوطنية" كلمة السر لتبرير كل انحراف، ومظلّة أيديولوجية لكل خرقٍ للدستور والقانون وحقوق الإنسان. لم تعد السيادة عنده مبدأً مؤسِّساً لعلاقة متوازنة بين الدولة وشعبها وبين الدولة وشركائها، بل تحوّلت إلى أداة لثلاث استعمالات وظيفية:

ـ إلهاء الداخل عن فشلٍ اقتصادي ومالي واجتماعي وديبلوماسي غير مسبوق،

ـ تجريم المعارضة ووصمها بالخيانة والتبعية.

ـ ابتزاز الخارج بخطاب سيادوي صاخب يتلوه في اليوم الموالي رجاءٌ متلطّف في الحصول على قروض ومنح ودعم سياسي خارجي

لتفكيك هذه المفارقة بين مفهوم وتطبيقات السيادة الحقيقية والسيادة التحيّلية نقف عند الحقائق التداولية السبع التالية :

أولاً ـ من "سيادة الشعب" إلى "سيادة الحاكم"!

يُصوّر قيس سعيّد كلّ انتقاد لوضع حقوق الإنسان في تونس على أنه "تدخل سافر" و"وصاية استعمارية جديدة"، في حين أن تونس السيّدة هي التي اختارت التعاقد طوعاً مع المنظومة الدولية، بتوقيعها على العهود والاتفاقيات الأممية، وبقبولها أن تكون حقوق الإنسان معياراً موضوعياً يُقاس به مدى احترام الدول لالتزاماتها.
في الفلسفة السياسية الحديثة، السيادة، أي القدرة على إتخاذ القرار بحرية، تعريفا، يمارسها الشعب عبر مؤسسات تمثيلية وقضائية مستقلة، لولا تُمارس عبر شخصٍ يعلن نفسه "المعبّر الأوحد عن إرادة التونسيين". ما فعله سعيّد منذ قراره تجميد البرلمان، ثم حله، ثم إعادة صياغة دستور على مقاسه عبر استفتاء مطعون في شرعيته، هو نقل مركز السيادة من الشعب إلى الفرد.حين تُحلّ المؤسسات المنتخبة، ويُنزع من القضاء ضمانات استقلاله، وتُستبدَل الشرعية التمثيلية بخطابات ليلية من قصر قرطاج، نكون إزاء انقلاب مفاهيمي على السيادة نفسها، على نحو تنطع فيه السيادة عن كونها ضابطاً لسلطة الدولة، وتتمحض ذريعة لسلطةٍ فوق الدولة، هي سلطة الحاكم الفرد. هذا الإنقلاب يظهر بوضوح في ممارسات يومية، من مثل ملاحقة قضاة واتهامهم بالفساد عبر قوائم عزل جماعية دون محاكمات عادلة،وإصدار مراسيم تشريعية جوهرية دون أي نقاش عام، مثل المرسوم 54 المتعلق بـ"الجريمة الإلكترونية" الذي يستعمل لتجريم النقد العلني للسلطة.

 تتحوّل السيادة إذن من ضمانة لحقوق المواطنين إلى سلاح تروّع به السلطة كل من يجرؤ على مساءلتها .

ثانياً ـ حين تصبح "حقوق الإنسان" تهمة أجنبية،

يُصوّر قيس سعيّد كلّ انتقاد لوضع حقوق الإنسان في تونس على أنه "تدخل سافر" و"وصاية استعمارية جديدة"، في حين أن تونس السيّدة هي التي اختارت التعاقد طوعاً مع المنظومة الدولية، بتوقيعها على العهود والاتفاقيات الأممية، وبقبولها أن تكون حقوق الإنسان معياراً موضوعياً يُقاس به مدى احترام الدول لالتزاماتها. فالمادة الثانية من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ليست مؤامرة غربية، بل نص تعاقدي وقّعت عليه تونس سنة 1995، ينص على ربط التعاون الاقتصادي باحترام دولة القانون والحقوق والحريات، وجوبا . فالهجوم على البرلمان الأوروبي كلما ناقش وضع الحقوق في تونس، لا يلغي هذا الالتزام بل يؤكد عجز السلطة عن احترام تعهداتها. لقد صدرت في السنوات الأخيرة تقارير متتالية عن منظمات دولية توثق إنتصاب محاكمات جماعية لمعارضين ومحامين وصحفيين، تصدر أحكاما ثقيلة في قضايا سياسية، في مسار قضائي إستعجالي ومشوّه. تلك الوقائع ليست تستند الى ملفات موثّقة، تجعل من خطاب "السيادة" غطاءً متهافتا لسياسة كسرٍ ممنهج لأي معارضة أو رقابة أو مساءلة.

ثالثاً ـ السيادة تبدأ من حرمة الجسد وكرامة الإنسان،

لا معنى لسيادة وطنٍ لا يشعر فيه المواطن بالأمان في جسده وعيشه وحريته. إن مقياس السيادة الحقيقي ليس درجة حدّة نبرة الخطب الرسمية، بل مستوى احترام الدولة لحرمة الإنسان وكرامة المواطن .منذ إنقلاب قيس سعيّد على الديمقراطية والدستور والمؤسسات الشرعية، والأخبار تترى يوميا عن إعتقال قادة سياسين كبار بسبب رأي أو تشاور في مستقبل البلاد وعن إيقاف نشطاء بسبب تدوينة أو مداخلة إذاعية عن محاكمة صحفيين لأنهم كشفوا ملفات فساد أو فضحوا سوء إدارة، عن سجن محامين لأنهم دافعوا عن منوّبيهم أو انتقدوا التدخل السياسي في القضاء. في هذه السياقات، يكتسب الحديث النبوي الشريف عن علوّ حرمة المؤمن من قداسة الكعبة نفسها، مضموناً أخلاقيا وإنسانيا رفيعا، فلا سيادة لدولةٍ تستهين بحرية مواطنها، ولا تحفظ له سرّاً ، ولا تضمن له محاكمة عادلة، ولا تحترم أبسط حقوقه في الدفاع. السيادة قبل أن تكون على الإقليم، هي أولى وأحرى على غرائز السلطة ونزوعاتها للقمع والتعسّف وانتهاك الذات البشرية

رابعاً ـ من رفض التدخل الأجنبي إلى التعاقد على حراسة حدود أوروبا .

يتجلّى التناقض الأفدح في خطاب السيادة لدى قيس سعيّد في ملف الهجرة، حيث يندّد بما يسميه "ابتزازاً" أوروبياً و"تدخلاً" في الشأن التونسي، لكنه في الوقت ذاته يقبل، ترتيبات تحوّل تونس إلى منصة حراسة متقدمة لحدود أوروبا الجنوبية مقابل تمويلات مشروطة ومحدودة، حيث تتضمن الاتفاقات الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير النظامية قبول تونس بتشديد مراقبة السواحل وخطوط العبور، نيابة عن دول الشمال وقبول استقبال وإيواء مهاجرين مرحّلين، دون ضمانات جدية لاحترام حقوقهم وصون كرامتهم من جهة ولا لمصالح التونسيين وأمنهم من جهة ثانية، ولا لحفظ ورعاية علاقاتنا التاريخية والإستراتيجية بدول القارة الإفريقية وشعوبها الشقيقة .

خامساً ـ العنصرية السياسية كأداة سيادوية زائفة

إن أخطر تجليات هذا الإنحراف هو التورط الرسمي في  خطاب عنصري ضد المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء، تحت عنوان "الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية" و"حماية النسيج الديمغرافي" لتونس، ووصفت المهاجرين بـ"الجحافل" و"الخطر على التركيبة السكانية"، فيما يشبه الحملة التي أطلقت موجة عنف، من طرد تعسفي من السكن والعمل، واعتداءات،  وترحيل جماعي نحو مناطق صحراوية ونقل مشين بين القرى والحقول، حتى ساءت علاقاتنا من عدد من الدول الإفريقية التي علّقت تعاونها مع بلادنا، وألغيت فعاليات كانت مبرمجة في تونس احتجاجاً على هذا الانحراف. إن السيادة التي تقوم على العنصرية وافتعال كبش فداء من الفئات الضعفة والفقراء، ليست سيادة، بل خطاب لإشاعة الخوف وتحريض بدائي، يستخدم آلام المهاجرين لتغطية فشل السلطة في معالجة المشاكل الحقيقية من فقر وبطالة وتضخم وفساد .
إن السيادة في فهمنا، ليست ملكية حصرية لأي نظام، بل هي رصيد تاريخي جمعي بناه ويبنيه التونسيون عبر مدرسة دبلوماسية عريقة، عُرفت بالتوازن والاعتدال والحياد الإيجابي والانفتاح العقلاني على الجميع، زادته الثورة والإنتقال الديمقراطي وجاهةً ومصداقيةً
سادساً ـ كلفة العزلة وتفكيك الدولة من الداخل، 

النتيجة المباشرة لهذه السياسة السيادوية الشعبوية هي تفاقم عزلة تونس وهشاشة مؤسساتها. ومن التداعيات المباشرة لهذه السياسة،

ـ داخلياً: انهيار الثقة بين المواطن والدولة، فعندما يتحول القانون الى سلاح انتقائي وانتقامي ضد المعارضين ويفقد ماهيته كضامن للعدالة، فإن هذا المناخ المحتقن يقود الى هجرة العقول والطاقات، والى تدافع المعارضين والمناضلين إلى المنافي .

ـ خارجياً: تآكل ثقة الشركاء الدوليين، ليس فقط بسبب الخطاب العدائي فحسب، بل كذلك بسبب غياب رؤية اقتصادية واستراتيجية تفاوضية واضحة، مما أدى إلى تجميد أو تعليق اتفاقيات مالية ومشاريع تعاون، في وقت تحتاج فيه تونس إلى كل إسهام ودعم خارجي لإنقاذ اقتصادها .

هكذا يتقاطع الانهيار الداخلي مع العزلة الخارجية ليشكلا خطراً وجودياً على الدولة، لا يقلّ فداحة عن أي تهديد أمني تقليدي.

سابعاً ـ سيادة المسؤولية بديلا عن سيادة الشعارات

إن السيادة في فهمنا، ليست ملكية حصرية لأي نظام، بل هي رصيد تاريخي جمعي بناه ويبنيه التونسيون عبر مدرسة دبلوماسية عريقة، عُرفت بالتوازن والاعتدال والحياد الإيجابي والانفتاح العقلاني على الجميع، زادته الثورة والإنتقال الديمقراطي وجاهةً ومصداقيةً، وإن استعادة هذا الإرث وتطويره يتطلبان من القوى الوطنية اليوم شجاعة مزدوجة:

ـ مواجهة الإنحراف الشعبوي دون خوف أو مساومة، عبر جبهة ديمقراطية عريضة تربط بين الدفاع عن الحريات والدفاع عن لقمة العيش، فلا حرية دون عدالة اجتماعية، ولا تنمية دون دولة قانون.

ـ صياغة رؤية سيادية حقيقية بديلة : تجعل من احترام الدستور، واستقلال القضاء، وكرامة المواطن، والشفافية في إدارة الثروات العمومية، الأساس الأخلاقي والقانوني لأي علاقة مع الشركاء الإقليميين والدوليين، فالسيادة الحقيقية اليوم ليست في رفع الصوت والصراخ وافتعال الأزمات الديبلوماسية، بمثل الإساءة البليغة التي قام بها قيس سعيد تجاه أشقائنا المغاربة، وإنما في قدرة تونس على أن تقول لشركائها: نعم للتعاون، لا للابتزاز؛ نعم للانفتاح، لا للتبعية؛ نعم لحقوق الإنسان، لا لاستخدامها كورقة للضغط المتبادل، نعم لوحدة المغرب الكبير لا للإستقطاب، على حساب القيم، ودعم النزعات الانفصالية. وحين يستعيد المواطن التونسي شعوره بأن صوته مسموع، وكرامته مصونة، ومستقبله لا يُقايض في صفقات غامضة، عندها فقط يمكن الحديث عن "سيادة وطنية" لها مضمون سياسي واقتصادي واستراتيجي، لا مجرد شعار أجوف يوظَّف لتزيين وجه استبداد كالح.

مقالات مشابهة

  • في ذكرى ميلاده.. «نجيب محفوظ» رجل صاغ القاهرة من طين الحكايات وصنع للروح العربية مرآتها الحقيقية
  • خطأ شائع في الصلاة على النبي .. اكتبها صح: «اللهم صلِّ» وليس «صلي»
  • مبادرات جديدة لتعزيز الأمن الفكري وتنمية الخطابة في الأحساء
  • تونس.. السيادة للشعب وليس لقيس سعيّد.. الحقائق السبع
  • وسام فتوح: تمويل البنوك العربية لمشروعات المياه والزراعة أصبح أمرا ضروريا
  • أمين الجامعة العربية: العالم وشك الانزلاق نحو حرب باردة ثانية
  • الصعدي يؤكد على أهمية تطوير الكادر التربوي لتعزيز جودة التعليم
  • رئيس المجلس العالمي للتسامح: الصومال تسير بإرادة قوية نحو مستقبل من التنمية والسلام
  • كلية التمريض جامعة بنى سويف تحتفل باليوم العالمى للتسامح
  • ناقد رياضي: ما حدث للمنتخب الوطني بالبطولة العربية "فضيحة كروية كاملة الأركان"