خرج علينا "بنيامين نتنياهو" رئيس وزراء إسرائيل في أحد المؤتمرات الصحفية مؤخراً وهو يشهر كتاباً عالياً مدونا عليه "كفاحي"، الذي يروي قصة حياة هتلر وأزمته مع اليهود وسبب كراهيته لهم، ليبرر "نتنياهو" على أثر هذا الكتاب الإبادة الجماعية التي يقودها الجيش الإسرائيلي نحو قطاع غزة.

ادعى "نتنياهو" وهو يحمل كتاب السيرة الذاتية لهتلر خلال مؤتمر صحفي في ذكر الهولوكوست، أن هذا الكتاب عثر عليه في أحد المنازل بقطاع غزة، معتبراً هذا الكتاب خير دليل على كره أهل غزة لليهود الإسرائيليين، ليتخذ من هذه الادعاءات حجة واهية للاستمرار في الاجتياح البري لغزة المنكوبة.

مزاعم كتاب كفاحي

كانت مزاعم "نتنياهو" غير مبنية على دليل حقيقي يؤكد العثور على أي كتب تحث على الكراهية نحو اليهود او الإسرائيليين داخل القطاع، ففي خطاب "نتنياهو"  ذكر أن قواته عثرت على كتاب "كفاحي" المدون باللغة العربية بأحد المنازل بقطاع غزة، لتبات روايته مبتورة وغير واضحة،  لكونه لم يذكر أين بالتحديد عثر عليه وبأي منطقة بالقطاع أو أي منزل أو عائلة، وما يكشف هذا الأمر أن ما قاله " نتنياهو" مجرد ارتجال يبرر إبادته الجماعية لأهالي غزة.

 بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل

كما لم يذكر أي تفاصيل تؤكد أن هذا الكتاب ينتمي بالفعل لإحدى العائلات بقطاع غزة، وهل هذا الكتاب تم طبعه بالقطاع أو في دولة عربية أخرى، حيث طبعت آلاف النسخ لكتاب " كفاحي" بعدة دول عربية  ويصدر منذ عشرات السنين، كما يمكن قراءة هذا الكتاب عبر المكتبة الالكترونية او الاستماع إليه عبر اليوتيوب وغيرهما من المنصات المرئية.

مكتب نتنياهو: التقارير حول صفقة الأسرى مع حماس "غير صحيحة" ريهام سعيد تفجر مفاجأة جديدة بعد تشويه وجهها.. فيديو صادم من العمليات

فبحسب الإحصاءات الدولية والصور التي حصدتها الأقمار الصناعية، فإن 45 بالمئة من المنازل بقطاع غزة دمرت بالكامل، مما تشكك تلك الإحصائيات في ادعاءات "نتنياهو" الأخيرة وغير الدقيقة.

خطاب نتنياهو للكراهية

حمل حديث "نتنياهو" بالمؤتمر الصحفي خطاباً للكراهية ضد الفلسطينيين خاصة أهل غزة، وذلك بعد تصريحه بأن الفلسطينيين يصنعون من أبنائهم إرهابيين نازيين جدد على حد تعبيره، محاولاً استهداف الرأي العام العالمي لتشويه حقيقة ما يحدث بقطاع غزة من أعمال قتل ونهب وابادة جماعية لأطفال وأهالي غزة بشكل عام.

وبذلك بكون " نتنياهو" شخصية عامة ومؤثرة بالمجتمع الإسرائيلي، تدفع تصريحاته الأخيرة لحالة من الاستقطاب ضد الفلسطينيين وأهالي غزة بالتحديد، وذلك بعد وصفهم بالإرهابيين ليدخل هذا التصريح المعلن في أطر خطاب الكراهية والتحريض العمد.

جرائم جراء التحريض

تبعث أغلب تصريحات وخطابات " نتنياهو" الكراهية والاستقطاب في نفوس الإسرائيليين، لتدفعهم تلك الخطابات والتحريض لارتكاب المزيد من الجرائم تجاه الفلسطينيين، وذلك ظهر متجلياً في الجرائم الانتقامية التي يرتكبها الجنود الإسرائيليون في حق أهالي غزة، محتفلين بدمار القطاع دون أدنى إنسانية.

وفي واقعة تكشف نتيجة خطاب الكراهية والتحريض الذي يواصل قادة إسرائيل التفوه به على رأسهم " نتنياهو"، اقتحم مجموعة من المسلحين الإسرائيليين متنكرين في زي أطباء وسيدات مستشفى "ابن سينا" الفلسطينية في جنين بالضفة الغربية، لينتج عن هذا الهجوم استشهاد 3 اشخاص مصابين يدعى انهم من كتائب القسام كانوا يتلقون العلاج بالمستشفى المذكور.

وفي النهاية من يحاسب نتنياهو وقادة إسرائيل على خطاباتهم المحرضة للكراهية ونشر العنف؟.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بنيامين نتنياهو نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل كفاحي الإبادة الجماعية الجيش الإسرائيلي اليهود الهولوكوست قطاع غزة كتاب كفاحي هذا الکتاب بقطاع غزة

إقرأ أيضاً:

من عالم العقارات إلى الدبلوماسية الفظة.. كيف انعكست النزعة الفوقية في هفوات خطاب توم براك؟

أكثر اللحظات دلالة على هذا الأسلوب جاءت خلال ظهوره على منبر القصر الجمهوري في بيروت، حين وصف سلوك الصحافيين بأنه "حيواني".

في الدبلوماسية، لا يقتصر الاهتمام على ما يقال، بل على الكيفية التي يقال بها. فطريقة التعبير، واختيار المفردات، تؤدي دورا أساسيا في كيفية تلقي التصريحات وتفسيرها، ولا سيما عندما تصدر عن مسؤول يتولى أدوارا حساسة.

في هذا السياق، يبرز خطاب توم براك، السفير الأميركي في تركيا، والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سوريا، بوصفه حالة إشكالية بحد ذاتها. فتصريحاته العلنية، التي تكررت على امتداد الأشهر الماضية، لم تعكس فقط أسلوبا مباشرا، بل كشفت سلسلة هفوات دبلوماسية متراكمة، أظهرت نبرة تفوق واضحة في مقاربته لقضايا سيادية وتاريخية شديدة الحساسية، خصوصا في لبنان.

من عالم الصفقات إلى لغة السياسة

دخل براك الحياة العامة من بوابة عالم الأعمال، حيث تُدار العلاقات بمنطق الحسم، وتُقاس النتائج بلغة الربح والخسارة. هذا الانتقال إلى المجال السياسي لم يكن مصحوبا بتحول مماثل في الأدوات اللغوية أو في طريقة النظر إلى الدول والمجتمعات. في كثير من تصريحاته، بدت الأزمات السياسية أقرب إلى ملفات إدارية، والدول إلى كيانات قابلة لإعادة الترتيب، لا إلى مجتمعات لها تاريخ طويل من الصراعات والذاكرة والرمزية.

هذا المنطق انعكس في لغة مباشرة، غالبا ما تجاهلت التعقيدات المحلية، واختزلت المشهد السياسي في عناوين كبرى، من دون مراعاة ما تحمله بعض الكلمات من حساسية تاريخية أو سيادية.

توم باراك، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع الرئيس اللبناني جوزاف عون في القصر الرئاسي، في بعبدا، شرق بيروت، لبنان، يوم الاثنين 18 أغسطس/آب 2025. Hussein Malla/Copyright 2025 The AP. All right reserved تصريحات أثارت جدلا واسعا

في لبنان، اصطدم هذا الأسلوب بجدار الحساسية القصوى. حين قال براك إن "لبنان يواجه تهديدا وجوديا، وإذا لم يتحرك فقد يعود إلى بلاد الشام"، لم تُقرأ العبارة كتشخيص سياسي مجرد، بل كإعادة إحياء لمفاهيم تاريخية لطالما اعتُبرت تهديدا مباشرا لفكرة الكيان اللبناني واستقلاله. لاحقا، عاد ليذهب أبعد من ذلك، متحدثا في تصريح مستجد عن إمكانية ضم لبنان إلى سوريا، في مقاربة بدت وكأنها تتعامل مع الحدود والسيادة كعناصر قابلة لإعادة الصياغة.

هذا الخطاب، في بلد قام تاريخه الحديث على رفض الاندماج القسري داخل كيانات أوسع، أثار ردود فعل غاضبة، ليس فقط بسبب مضمونه، بل بسبب بساطته المفرطة في التعامل مع مسألة وجودية معقدة.

أكثر اللحظات دلالة على هذا الأسلوب جاءت خلال ظهوره على منبر القصر الجمهوري في بيروت، حين وصف سلوك الصحافيين بأنه "حيواني". لم تكن المسألة هنا مجرد اختيار كلمة غير موفقة، بل لحظة كشفت علاقة ملتبسة مع الإعلام والرأي العام. فبدلا من استخدام اللغة لاحتواء التوتر، تحولت الكلمة إلى عامل استفزاز مباشر، ورسخت صورة دبلوماسي يتحدث من موقع فوقي.

هذه الحادثة تحديدا أصبحت مرجعا دائما في أي نقاش حول خطاب براك، لأنها لخصت، في مشهد واحد، الفجوة بين الدور الدبلوماسي المفترض، واللغة التي اختار استخدامها.

اقتراح فجّ

ضمن سلسلة تصريحاته المثيرة للجدل، برز كلام براك الداعي إلى أن "يرفع الرئيس اللبناني جوزاف عون السماعة ويتصل برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وننهي المهزلة" بوصفه واحدة من أكثر العبارات استفزازا في السياق اللبناني. هذا التصريح لم يطرح كاقتراح سياسي مدروس، بل جاء بصيغة مباشرة اختزلت علاقة معقدة ومشحونة بالحروب والذاكرة والدم باتصال هاتفي عابر.

في بلد لا تزال فيه العلاقة مع إسرائيل مرتبطة بالصراع والاحتلال والانقسام الداخلي، اعتُبر هذا الكلام تجاهلا كاملا للحساسية السياسية والوطنية المحيطة بالملف، وتجاوزا فجا لموقع الرئاسة اللبنانية ودورها. كما عكس مقاربة تتعامل مع النزاعات كعقبات إجرائية، لا كقضايا سيادية وإنسانية متشابكة، ما عمّق الانطباع بأن خطاب براك ينطلق من منطق الصفقات لا من فهم واقع المنطقة.

لم تقتصر هذه المقاربة على لبنان. فحين قال براك إن "لا يوجد شرق أوسط، بل قبائل وقرى"، قدم توصيفا عاما للمنطقة اختزل فيه بنيتها السياسية والاجتماعية. هذا الكلام، الصادر عن مبعوث مكلف بملفات سوريا ولبنان، أثار نقاشا واسعا حول دلالاته، ولا سيما لجهة ما يعكسه من نظرة تقلل من وزن الدولة الوطنية، وتعيد توصيف المجتمعات من خارج سياقها التاريخي والسياسي.

في منطقة عانت طويلا من تدخلات خارجية استندت إلى مثل هذه السرديات، جاءت هذه العبارة لتغذي شكوكا عميقة حول طبيعة النظرة الأميركية لبعض ملفات الشرق الأوسط.

توم باراك يلتقي برئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، في القصر الحكومي في بيروت، لبنان، يوم الخميس 19 يونيو/حزيران 2025. Hussein Malla/Copyright 2025 The AP. All right reserved Related مبعوث ترامب يشيد بالرد اللبناني على الورقة الاميركية.. فرصة لتحقيق السلام والازدهارهدنة هشّة وتوتر متصاعد في السويداء ومبعوث ترامب يحذر من العنفبراك يكشف "خارطة الطريق" بعد اجتماع ترامب والشرع: تعهّد بمواجهة داعش وفيلق القدس وحماس وحزب الله التاريخ كملف قابل لإعادة القراءة

خارج لبنان، واجه براك انتقادات واسعة بسبب تصريحاته ذات الطابع التاريخي. إشادته بما يعرف بـ"نظام الملل" في الدولة العثمانية، وتقديمه كنموذج ناجح لإدارة التعددية، أثارت اعتراضات رأت في هذا الطرح قراءة انتقائية لتجربة تاريخية معقدة، تجاهلت جوانب القمع والاختلال البنيوي.

كذلك، أثار جدلا حادا بسبب تبنيه لغة قريبة من الرواية التركية الرسمية في ما يتعلق بمجازر عام 1915، وهو ما اعتُبر تقليلا من شأن توصيفها كإبادة جماعية بحق الأرمن. هنا، لم يعد الخلاف سياسيا فقط، بل أخلاقيا وتاريخيا، يتعلق بكيفية مقاربة ذاكرة جماعية ما زالت حية.

ما يجمع بين هذه المواقف، على اختلاف ساحاتها، هو النبرة. خطاب براك اتسم بثبات لغوي لافت، قائم على المباشرة، والتبسيط، والتوصيف من أعلى. هذه النبرة لم تتغير بتغير الموضوع أو المكان، ما جعلها تبدو أقرب إلى قناعة راسخة منها إلى زلات منفصلة.

في الدبلوماسية، حيث تُقاس الكلمات بميزان حساس، تحولت هذه النبرة إلى عبء، وأصبحت التصريحات بحد ذاتها عائقا أمام أي دور وساطي محتمل.

السفير الأمريكي لدى تركيا، توم باراك، خلال اجتماع بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، يوم الخميس 25 سبتمبر/أيلول 2025 Evan Vucci/Copyright 2025 The AP. All rights reserved

في المحصلة، لا يمكن فصل خطاب توم براك عن المناخ السياسي الذي أتى به إلى الواجهة. فحدّة لغته، ومباشرته الصادمة، واستخفافه بحساسية الكلمات، تعكس أسلوبا قريبا من نهج الرئيس الأميركي دونالد ترامب، القائم على الصراحة الفظة وكسر الأعراف باسم الواقعية.

غير أن ما قد يحقق صدى في السياسة الداخلية أو في عالم الصفقات، يتحول في الدبلوماسية إلى عبء ثقيل، حيث للكلمات تبعات تتجاوز نوايا قائلها. وفي حالة براك، لم تكن المشكلة في غياب الرسائل، بل في طريقة إيصالها، إذ بدا الخطاب امتدادا لأسلوب سياسي يتعمد الصدمة، من دون أن يحسب كلفة اللغة حين تُستخدم في ساحات مشحونة بالتاريخ والسيادة والنزاعات المفتوحة.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • افتتاح منافذ لهيئة الكتاب بجميع قصور الثقافة في المحافظات (تفاصيل)
  • من عالم العقارات إلى الدبلوماسية الفظة.. كيف انعكست النزعة الفوقية في هفوات خطاب توم براك؟
  • تواكُلُ المعارضة التونسية على الغرب.. إعادة إنتاج العجز في خطاب جديد
  • رئيس وزراء الاحتلال السابق يهاجم الإسرائيليين.. ما السبب؟
  • تركيا: هدف “نتنياهو” الأساسي هو تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية
  • قافلة زاد العزة الـ92 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
  • مادورو يلوّح بمواجهة واشنطن ويدعو الفنزويليين لرفع جاهزيتهم وسط تصاعد التوتر
  • قافلة «زاد العزة» الـ91 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
  • قافلة «زاد العزة» الـ91 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة
  • استطلاع رأي: 70% من الإسرائيليين يرجحون اندلاع حرب مع إيران العام المقبل