هل سنشهد 7 “أكتوبر تربويّ” بعد هذا الكُمُون والصمت التنظيمي!!
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
هل سنشهد 7 “أكتوبر تربويّ” بعد هذا الكُمُون والصمت التنظيمي!!
الدكتور: #ذوقان_عبيدات
هذان مصطلحان جديدان في توظيفهما على الحالة الأردنية المزدحمة بكلام كثير، وكلام كبير!
تحدثوا عن #حدود_الأردن بما يملأ كتابًا في المغالطات! وتحدثوا عن الانتصار الرياضي بما يشغل قاموسًا من المصطلحات:
النشامى، الفوز، البطولة، الفريق الذي لا يُقهر، تلاشي الخصم، وغنينا: يا ويل اللي يعادينا! وبطل الملاعب أردني، ولست أذكر أننا حصلنا على بطولات بغير الكراتيه والتايكواندو!
المهم؛ نحن نتقن الحديث في الضروري، وغير الضروري في موضوعات غير ضرورية!
ولكننا نكمن “نلبد” حين يكون الكلام ضروريّا وفي مكان ضروريّ!
لا أقصد قول كلمة حق عند أي سلطان: جائر، أو عادل، ولا أقصد كلامًا من ذهب، أو فضة! لكنني أناقش ظاهرتي الكُمُون و #الصمت_التربوي!
(01)
الكُمُون التربوي:
هل سنشهد 7 “أكتوبر تربويّ”؟
الكُمُون نوعان: غياب قسري، وغياب تنظيمي؛ فالكامن التنظيمي “يلبد” وفق خطة سيفاجىء الجميع بها، ولذلك، إذا طبقنا هذه القاعدة، فإننا سنشهد هجومًا تطويريّا تربويّا، ساحقًا على جبهات #المناهج، و #الكتب_المدرسية، وهجومًا ثانيًا على تطوير أداء #المعلمين، وثالثًا اقتحامًا لساحات تعليم التفكير.
هذا ما ينتظر من الصمت والكُمُون التربوي، وأرجو أن لا ينفجر هذا الصمت في مواسم التوجيهي، والقبول الجامعي.
الساحة التربوية خلت من كلام غير التعليم المهني، وامتحان التوجيهي، ومن سطر كتب عن اقتحام مستوطنات العدو على”أهميته”. فهل هو كُمُون التأهب والانقضاض، أم كُمُون ناتج عن ضعف المجالس، والأجهزة، والكفايات المتوافرة!
أثق بأننا نحتاج اقتحامات
تسمى 7 “أكتوبر تربوي”!!
لقد كمنت حماس سنتين قبل أن تقتحم!
( 02 )
الصمت التنظيمي التربوي:
كتبت قبل فترة أن صمتًا تربويّا رهيبًا اتسمت به كليات التربية في الجامعات، وعزوفا كاملا عن التدخل في تقديم حلول لأزمات التعليم ومشكلاته، حيث لم تُفِد مصادر وزارة التربية عن أي تقارير قدمت لها من كليات التربية، كما لا أذكر إسهامات لأعضاء هيئات التدريس على مستوى النشر الإعلامي، وفسرت ذلك بِ”الخوف” التنظيمي أكثر مما هو عجز في الاهتمام، أو عجز معرفي!
يُعرَف الصمت التنظيمي بأنه عدم رغبة العامل في المشاركة في تطوير أعمال مؤسسته، وتحليل واقعها؛ تمهيدًا لتقديم مقترحات ومشروعات إصلاحية!
هذا الصمت يرجع إلى غياب البيئة الإدارية الآمنة، أو البيئة المرحبة بالمشاركة، وبذلك وخلافًا لكل المبادىء التربوية يسود صمت تنظيمي! وبوجود الصمت التنظيمي، يظهر النفاق التنظيمي، والذي لم يكتب عنه أحد بعد، ذلك النفاق الذي يزيد المدير الفاسد فسادًا.
ويفسد كل مدير يتلمس طريقه نحو #التطوير!
(03)
متى نسمع كلمة” لا “في مؤسساتنا التربوية؟
الكُمُون بيئة صديقة للعمل السري، والصمت بيئة حبيبة للعمل الجبان، ولذلك تنطلق كلمات مثل:
نعم للمدير. ونعم ونص للثقة بالحكومة.
و”نَعَمان” اثنان للحبيب وفق أغنية عفاف راضي. فكلمة نعم طريق نجاة، وطريق تقدم وظيفي، وطريق للحصول على ثقة أي سلطة مستبدة!
“نعم”! كلمة دفع كل منا ثمنها حين كان يجب أن نقول: “لا”فإن “لا “تقودك وراء شمس المدير !!
(04)
من دون عنوان:
قال مدير أو وزير أو أي كبير: ما دام الأمر على ما اعتدناه يسير
فعلامَ التطوير؟
فهمت عليّ جنابك؟!
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ذوقان عبيدات حدود الأردن المناهج الكتب المدرسية المعلمين التطوير
إقرأ أيضاً:
الغرب يُسلّح “إسرائيل” ويُرسل الطحين ببطاقات عبور
في عالم باتت فيه الكلمة تُصاغ بمداد القوة، لا بالحقيقة، تتحول الكارثة الإنسانية في غزة إلى مشهد رمزي يكشف زيف النظام الدولي، وانهيار القيم التي طالما تباهى بها الغرب: حقوق الإنسان، القانون الدولي، العدالة. إذ بينما تمطر الطائرات «الإسرائيلية»، بدعم عسكري أميركي وأوروبي سافر، أحياء غزة بالصواريخ، تُرسل بعض الدول الغربية -بمنتهى النفاق- شاحنات طحين عبر مؤسسات دولية، محكومة ببطاقات عبور، إلى أولئك الذين نجوا من المجازر إلى حين.
إنّ المعضلة هنا ليست فقط في التواطؤ، بل في التأسيس لمنظومة إبادة جديدة، لا تتجلى فقط في أدوات القتل، بل في أدوات «المساعدة». لقد تحوّل الطحين إلى أداة سياسية بامتياز، يُوزّع بحذر شديد، ويُقرَّر من يستحقه ومن يُترك للجوع، كل ذلك تحت شعارات «العمل الإنساني»، في الوقت الذي تتكدّس فيه مخازن الأسلحة الأميركية في قلب فلسطين المحتلة، ويُمرَّر الدعم العسكري تحت بند «الدفاع المشروع عن النفس».
التجويع.. من الإبادة الصامتة إلى أداة الضبط الجيوسياسي
منذ بداية الحرب على غزة، كان من الواضح أنّ «إسرائيل» لا تستهدف المقاومة الفلسطينية فحسب، بل تخوض حربًا شاملة على المجتمع الفلسطيني، بكل مكوّناته. والغرب، بدلاً من أن يلجم هذا السعار الدموي، يزوده بكل ما يحتاجه للاستمرار: الغطاء السياسي، الدعم المالي، والمعدّات العسكرية.
لكنّ أخطر ما في هذا المشهد، هو «إدارة التجويع» بوصفها شكلاً متقدماً من الحرب النفسية والاجتماعية. لم تعد المجازر وحدها كافية لتروي عطش «المؤسسة الأمنية الإسرائيلية»، بل بات المطلوب تفكيك بنية المجتمع الفلسطيني بالكامل، عبر إيصاله إلى حافة الانهيار البيولوجي، ثم تقديم فتات المعونة بوصفه منّة دولية مشروطة.
في هذا السياق، لم تعد المساعدات تُرسل لرفع المجاعة، بل لضبطها. يُراد للموت ألا يكون شاملًا، بل انتقائيًا، منظّمًا، يمكن التحكم بإيقاعه ومساحته، بحيث يُبقي على غزة على قيد الحياة، بالكاد.
الطحين المشروط.. »الهولوكوست المدني« بنسخة ناعمة
حين يُمنح الفلسطيني في غزة كيس طحين فقط بعد أن يتعرض لإذلال مرير، ويُطلب منه السير لكيلومترات ما بين الركام، وتحت تهديد القنص، للوصول إلى مركز توزيع تسيطر عليه «إسرائيل» أمنياً، فهذا ليس «إغاثة»، بل نموذج دقيق لـ»الهولوكوست المدني» بنسخته الحديثة: لا غرف غاز، بل حفر رملية (الجورة) يُنتظر فيها «إذن الحياة».
هذا النموذج يُدار تحت شعار الإنسانية. ولكن أيّ إنسانية تلك التي تُرشد طائرات الاستطلاع الغربية، والطائرات «الإسرائيلية»، جموع الجياع نحو مركز الإعدام؟ وأي عدالة حين يُستشهد العشرات أثناء انتظارهم للغذاء، بينما لا يُحاسب أحد؟
إنّ ما يُسمّى بـ»الإنزال الجوي للمساعدات» ليس سوى صورة فاقعة من صور التواطؤ بين آلة القتل «الإسرائيلية» والهيئات الدولية التي ارتضت أن تتحوّل من أدوات إنقاذ إلى أدوات تلميع. فالاحتلال، الذي أغلق المعابر، ودمّر البنية التحتية الصحية، وجرّد مليونَي إنسان من شروط الحياة الأساسية، يدّعي فجأةً أن له دورًا «إنسانيًا» في إسقاط عُلب غذاء من السماء. هذا الفعل، بحد ذاته، يُعيد إنتاج منطق الاستعمار الخيري: الجلّاد يلبس قناع المُنقذ، في الوقت الذي يُمسك فيه بخنجر الحصار في يده الأخرى. لا يكفي أن نُدين محدودية المساعدات أو انعدام فعاليتها، بل علينا أن نُفكك بنيتها السياسية، لأنها لم تأتِ خارج سياق الإبادة، بل كجزء منها. فهي لا تعالج الجوع، بل تُديره. لا تنهي الحصار، بل تُعطيه شكلاً مقبولًا في أعين المتفرجين. إنها ليست خطّة طوارئ، بل سياسة ممنهجة لإبقاء القطاع تحت السقف الأدنى للحياة، بما يسمح باستمرار المشروع الاستيطاني دون حرج أخلاقي أمام الكاميرات.
الغرب الرسمي.. ديمقراطيات تموّل المجازر وتكتب بيانات إنسانية
الدول الغربية تعرف، بكل تفاصيلها، ما يجري في غزة. ليس لأنّ الفلسطينيين أو الإعلام المستقل يبلّغونهم، بل لأنّ طائراتهم وجنرالاتهم وخبراء أمنهم موجودون في الميدان. هم لا يجهلون الإبادة، بل يديرونها.
وحين تصدر بيانات من الاتحاد الأوروبي تدعو إلى «تحسين الوضع الإنساني» في غزة، أو تُفرض عقوبات شكلية على وزراء من أمثال بن غفير وسموتريتش، فإنّ الغرض ليس وقف الجريمة، بل التخفيف من ثقلها الأخلاقي على الرأي العام الغربي، الذي قد يستفيق للحظة. لكنّ هذه العقوبات، كما في العراق سابقًا، لا تُفرض على الدولة المعتدية، بل على هوامشها، ولا تمسّ جوهر المشروع: التجويع المُمنهج كسلاح شرعي.
وفي المحصلة، يُعاد تعريف القانون الدولي ليخدم بنية الهيمنة: ما يُعدّ «جريمة حرب» في أوكرانيا، يُصبح «تكتيكًا عسكريًا مشروعًا» في غزة. أما محكمة العدل الدولية، فتبقى أداة انتقائية لا تصمد أمام «الفيتو الأخلاقي» الأميركي.
الغذاء كسلاح استعماري.. التاريخ يعيد إنتاج نفسه
ليس ما يجري في غزة استثناءً، بل استمرارٌ لنمطٍ إمبريالي مألوف، حيث يُستبدل القصف بالتجويع، وتُغلف الإبادة بورقٍ إنساني مصقول. لقد فعلها الغرب والأمريكيون من قبل في العراق، حين أُخضِعَ شعبٌ بأكمله لحصارٍ دمّر البنية التحتية الصحية والتعليمية، وقُدّرت آثاره بمقتل نصف مليون طفل، وهو رقمٌ وصفته وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت آنذاك بأنه «ثمنٌ مستحق». وفي السودان، جُعل الغذاء مشروطًا بالولاء السياسي، وغُذّيت الانقسامات الداخلية عبر تجويف المجتمعات من الداخل. في كل مرة، يظهر الغرب كمن «يحاول المساعدة»، بينما يُبقي يده على صمّام الحياة، يفتحه ويُغلقه حسب مصالحه الجيوسياسية. فالتجويع ليس خللًا طارئًا، بل أداة متعمدة لإخضاع الشعوب وتفكيك قدرتها على الصمود والمقاومة.
الصمت العربي.. تواطؤ يشرعن الجريمة
وفي مواجهة هذا المشروع، تبدو الأنظمة العربية -خصوصًا الدول ذات الوزن الجغرافي كالسعودية ومصر والأردن- عاجزة أو متواطئة. القرارات الصادرة عن القمم الإسلامية والعربية بقيت حبرًا على ورق. لماذا؟ لأنّ المعضلة ليست في عدم القدرة على إرسال المساعدات، بل في الخوف من كسر التوازنات التي تُبقي هذه الأنظمة آمنة تحت المظلة الأميركية.
إنّ المساعدات تكدّست على الجانب المصري من الحدود، لا لأنّ مصر غير قادرة على إدخالها، بل لأنها لا تملك الإرادة السياسية لمواجهة ما يُعتبر «الخط الأحمر الإسرائيلي-الأميركي». وهذا الصمت، أخطر من القصف، فهو يمنح الإبادة شرعية عربية، يُوظّفها الغرب في خطاباته ليقول: «حتى العرب لا يعارضون ما يحدث».
بين الطحين والسلاح.. الغرب يُعرّي ذاته
لقد بات واضحًا أنّ الغرب، في صيغته الحالية، لا يمثل نموذجًا أخلاقيًا ولا مرجعية قانونية. إنه تحالف سلطوي، يُعيد إنتاج الهيمنة بأشكال متجددة. يُسلّح «إسرائيل» بأحدث أدوات القتل، ثم يُرسل الطحين على دفعات، محكومًا ببطاقات عبور، كي يبقي على الفلسطينيين في مستوى الصراع الأدنى: صراع البقاء لا التحرير.
لكنّ التاريخ لا يُكتب فقط من غرف مجلس الأمن، بل من الساحات. وإذا كان الغرب قد نجح في تحويل غزة إلى مختبر للإبادة، فإنّ ما بعد غزة، سيكون اختبارًا حقيقيًا للشعوب، لا للحكومات.
فما لا تستطيع الدول قوله، يجب أن تقوله الشعوب. وما لا تجرؤ الأنظمة على فعله، يجب أن يفعله الناس. وإلا فإنّ الطحين سيظل يُرسل ببطاقات عبور، فيما السلاح يُمنح بلا حساب، وتُكتب النكبة مجددًا باسم الإنسانية.
كاتب صحفي فلسطيني