كتابة التاريخ بضغطة زناد
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ليس من اليسير صناعة التاريخ، كما ليس الممكن من معرفة المُستقبل دون قراءة التاريخ، فالتاريخ كسيرة الإنسان، عمر آخر ولكنه أطول بكثير. فما بالك بمن يكتب التاريخ ويصنعه بـ"كبسة زر"!!
نعم، لقد صنعت غزة التاريخ وكتبته بكبسة زر يوم السابع من أكتوبر من عام 2024م، وجعلت الكيان الصهيوني ورعاته يعترفون وبلسان واحد بأنهم يواجهون حرب وجود للمرة الثانية من عمر الكيان، حيث كانت حرب أكتوبر 1973م الحرب الوجودية الأولى في ذاكرتهم وعقلهم الجمعي.
العاشر من أكتوبر 1973م، والسابع من أكتوبر 2024م، يلتقيان في الشهر والهدف، ولكنهما يختلفان في التفاصيل والنتائج على الأرض، فقد كان الأول حربًا بين جيوش نظامية، وعلى جبهات وجغرافيات خارج الكيان، ولم تتعد أياماً محدودة على الجبهة المصرية، وهي جبهة ثقل وجهد المعركة، وعلى مساحات جغرافية واسعة، بينما الثاني حرباً بين جيش نظامي تسانده أمريكا والغرب، مقابل فصائل مقاومة على جغرافية قطاع صغير يسمى غزة. الحرب الأولى تحولت بفعل فاعل وتواطؤ الى تطبيع واستسلام للعدو عبر اتفاقية كامب ديفيد، وبالتالي طواها النسيان ومسحتها الذاكرة العربية الجمعية إلى حد كبير، أما الثانية، فقد دارت رحاها من داخل جغرافية فلسطين، وانتزعت النصر في ساعاتها الأولى، وبرهنت بأن فلسطين كانت ومازالت مقبرة للغزاة والخندق الأول والعصي للدفاع عن الأمة.
فقد هُزم التتار ونابليون والفرنجة على أرض فلسطين، وأحدثت هزائمهم تحولات تاريخية هائلة، ترتب عليها اختفاء إمبراطوريات، وسيادة أقوام واندثار آخرين.
طوفان الأقصى ليس كما سبقه من أحداث وملاحم مع العدو، فهو لم يكن لتحريك وضع، بل لتحرير أرض، لهذا كان الطوفان كبسة الزر التي كتبت تحرير فلسطين وفناء الكيان الصهيوني، ليلحق بركب سابقيه ممن تبخروا على أرض فلسطين.
من يتابع يوميات الطوفان ويرصد ويحلل تداعياته القريبة والبعيدة، يتيقن بأنَّه حالة تاريخية ستعيد تشكيل جغرافيات مهمة في العالم، وسيكون سببًا في سيادة أقوام واندثار أقوام، فسنن التاريخ لا تتوقف، ودول الأيام كذلك.
أمريكا ليست بمنأى عن التأثيرات القوية المباشرة للطوفان، فقد رمت بجميع أوراقها في الحرب ومنذ اللحظات الأولى، ليس بدافع تحقيق التوازن في الحرب لجني ثمار نصر سياسي بحجم كامب ديفيد وكما كان الحال في حرب أكتوبر 1973م، بل بقصد حماية كيانها واستثمارها الاستراتيجي المسمى بإسرائيل من الزوال. الغريب أن الاندفاع الأمريكي غير المحسوب لحماية الكيان الصهيوني تسبب في تصدع "الإمبراطورية" الأمريكية، ولم يعرض مصالحها في العالم للخطر فحسب، بل عرض وجود أمريكا للخطر، وجعلها عرضة للابتزاز من قوى عالمية صاعدة كانت تتحين الفرصة للثأر من أمريكا، والتي وسعت على نفسها مساحات العداء حول العالم، وجعلت ثأراتها لا تُعد ولا تُحصى.
سيسجل التاريخ أن طوفان الأقصى سجل مفصلا تاريخيا بكبسة صواريخ القسام وقذائف الياسين، وأن الطوفان لم يُعجل بزوال الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين بل عجل بزوال المحفل الماسوني وتحرر العالم من خرافات وأساطير حكومة المليار الذهبي.
قبل اللقاء: الإرادة تهزم السلاح، العقل يهزم القوة، الحضارة تنتصر على المدنية، الحق ينتصر على الباطل.
وبالشكر تدوم النعم
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
آخرها اللوفر وبريستول.. عمليات سطو هزت متاحف العالم لن يناسها التاريخ
أحدثت السرقة التي طالت متحف اللوفر في باريس صدمة واسعة، بعدما تمكن اللصوص من اقتحام واحد من أشهر المتاحف في العالم خلال دقائق معدودة، وفي تطور مشابه، أعلنت شرطة مقاطعة آيفن أند سومرست في بريطانيا عن سرقة أكثر من 600 قطعة أثرية من متحف الإمبراطورية والكومنولث في بريستول، وذلك بعد أكثر من 75 يوما على وقوع الحادثة.
سرقة أكثر من 600 قطعة أثريةووفق السلطات، فإن المسروقات تحمل "قيمة ثقافية كبيرة"، وتشمل أوسمة ومجوهرات وتماثيل برونزية ومصنوعات عاجية وفضية، إلى جانب عينات جيولوجية تمثل قرنين من تاريخ الإمبراطورية البريطانية.
ورغم الصدى الواسع لهاتين الحادثتين، إلا أن العالم شهد سرقات أكبر أثرا وأكثر جرأة على مدى العقود الماضية.
سرقات هزت المتاحف العالميةسرقة متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر – بوسطن (1990) ففى فجر 18 مارس 1990، اقتحم لصان متنكران بزي الشرطة متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر، وقيّدا الحراس قبل أن يسرقا 13 عملاً فنياً لرمبرانت وفيرمير وديغا، بقيمة تجاوزت 500 مليون دولار ورغم مرور أكثر من 30 عاماً، لم يُعثر على أي من تلك الأعمال، لتظل أكبر عملية سرقة فنية في التاريخ الحديث.
في 21 أغسطس 1911، اختفت أشهر لوحة في العالم من مكانها في اللوفر وبعد عامين من التحقيق، تبين أن السارق هو موظف إيطالي في المتحف، فينتشينزو بيروجيا، بدافع “الغيرة الوطنية” وأعيدت اللوحة لاحقاً، لكن السرقة أسهمت في تعزيز شهرتها الاستثنائية.
تعرضت لوحة "الصرخة" للسرقة مرتين الأولى خلال أولمبياد 1994 في النرويج، والثانية في 2004 من متحف مونك في أوسلو
ورغم استعادتها بعد سنوات، إلا أن اللوحة عانت أضراراً جسيمة بسبب الرطوبة والتمزيق.
في واحدة من أعنف السرقات، اقتحم لصوص متحف "الخزانة الخضراء" في دريسدن وسرقوا مجوهرات مرصعة بأكثر من 4000 قطعة ألماس تعود للقرن الثامن عشر، بقيمة تقارب مليار يورو
أعيد جزء بسيط منها، بينما بقيت القطع الأثمن مفقودة حتى الآن.
فى لنادن كشف المتحف البريطاني عن سرقة 2000 قطعة في عملية وصفها بـ"السرقة الداخلية".
روتردام 2012كما تم سرقة سبع لوحات لبيكاسو ومونيه وماتيس من متحف كونشتهال.
و تجمع هذه السرقات خيطاً مشتركاً أن الفن ليس مجرد قطع جمالية، بل ثروة ثقافية واقتصادية تستقطب عصابات متخصصة.
فاللصوص اليوم باتوا أكثر تنظيماً وجرأة، ففي حادثة اللوفر الأخيرة، أنجز اللصوص عملية معقدة في أقل من 10 دقائق باستخدام أدوات كهربائية.