أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

قبل انطلاق الكان، لا أحد كان يشكك في قدر المنتخب الوطني على بلوغ مراحل متقدمة من هذه البطولة القارية، سيما بعد إنجاز قطر المونديالي الذي استباح لنا أن نحلم أحلاما عديدة، سرعان ما استيقظنا بعدها على وقع صدمة كبيرة، إثر الإقصاء المبكر من أمم إفريقيا، على يد خصم (جنوب إفريقيا) غالبية لاعبيه من البطولة المحلية.

الأكيد أن إنجاز مونديال قطر لم يكن أبدا صدفة، بل كان نتاج عمل ومجهودات فريق اشتغل في صمت بعيدا عن الضغط و "تبياع العجل"، لكن دعونا نعترف أن الوضع في إفريقيا مختلف تماما، بالنظر إلى طقوسه وأجوائه خاصة، وهنا أقصد الطقس المتسم بالحرارة المرتفعة ونسبة الرطوبة التي يصعب "التطبيع" معها، خاصة بالنسبة لمن تعود اللعب في "الثلج والبرد"، وحتى لو جئت بـ"ميسي" أو "رونالدو" في عز عطائهما، فلن يكون بمقدروهما تقديم أفضل مما قدمه الأسود في أدغال ساحل العاج.

لكن تبرير الإقصاء المذل بالطقس وصعوبة المناخ لا يستقيم، لأن هناك ظروف أخرى كانت وراء هذه النتيجة المخيبة لآمال كل المغاربة، وهنا لابد أن نعترف أن المدرب أخطأ التقدير أو لنقل أنه غلب العاطفة على مصلحة الفريق الوطني، باستدعاء لاعبين "معطوبين" وآخرين بات من الواضح أن مستوياتهم لم تعد تسمح بحمل قميص الأسود، الأمر الذي تسبب في حرمان لاعبين كان بوسعهم تقديم الإضافة المرجوة، خاصة أولئك الذين تعودا اللعب في أجواء مناخية "قاسية" مثل تلك التي عليها الوضع في سان بيدرو.

بداية هفوات الركراكي ظهرت بشكل جلي حينما تم كسر حاجز "أساسي" يفترض أن يكون بين أي اللاعب ومدربه، وقد شاهدنا مرارا كيف أصبحت علاقته بجل لاعبي المنتخب، لدرجة أن بعضهم "مبقى ليه غير يطلع ليه فوق راسو"، وهنا أتحدث عن الصرامة اللازمة، "وخلينا من ديك الهدرة ديال العائلة وووو"، لأن اللاعب حينما يشعر بأنه "هو لي كاين"، يشرع في تطبيق قانونه الخاص، وهو ما حصل تماما حينما انخرط عدد من اللاعبين في استعراض مهاراتهم الفردية، بعيدا عن منطق "الجماعة كتغلب السبع"، الأمر الذي تسبب في إهدار فرص عديدة، كان بالإمكان ترجمتها إلى أهداف حقيقية.

في نفس السياق، يمكن القول أن الركراكي أفرط في توظيف العاطفة، باستقدامه لاعبين انتهت صلاحيتهم من قبيل العميد سايس وزميله سليم أملاح الذي كان عبئا ثقيلا على المنتخب ولم يقدم شيئا يذكر، إلى جانب لاعبين عائدين من الإصابة حرموا آخرين من فرصة المشاركة في الكان، وهنا أقصد مزراوي الذي تم إشراكه في مقابلة حاسمة وهو الذي غاب عن الميادين لمدة طويلة، والحال ذاته بالنسبة لكل من "بوفال" و"حارث" العائدين لتوهما من إصابات صعبة.. مع إصراره (الركراكي) على الاعتماد على "النصيري" في كل المقابلات، رغم اقتناعه بأن مهاجم إشبيلية يصلح توظيفه في مواجهات دون آخرى، والأسباب يعلمها الصغير قبل الكبير.

وبين كل هذه الأحداث والمعطيات، لا يمكن إلا أن نصفق بحرارة على ما جامعة "لقجع" التي وفرت كل الظروف التي يحلم بها أي لاعب في العالم مهما على قدره، ليبقى السؤال المطروح هنا، هل ستتوقف مسيرة الركراكي مع المنتخب الوطني، عطفا على عقد الأهداف الذي يربطه بالجامعة (بلوغ نصف نهائي كأس إفريقيا)، وأيضا تعاقده الأخلاقي مع المغاربة، حينما تعهد بالاستقالة ما لم يحقق هذا الهدف.. فعلا، الرجل تحمل مسؤولية هذا الإخفاق، وصرح بها علانية، لكن هل يشفع له ذلك في الاستمرار مع الاسود، ربما لا، لأن المتتبع لمساره مع الفريق الوطني، أدرك تمام الإدراك أنه محدود التفكير وقراءته للخصوم غالبا ما تكون غير سليمة، بدليل أنه يتيه كلما استقبلت شباك منتخبنا أهدافا "خارج النص" في غفلة من الجميع.

نحن هنا لا نجرد الرجل من الانجاز الذي حققه في مونديال قطر ولم نقل أنه كان صدفة، ولكن ربما الأمور عنده خرجت عن السيطرة، وبالتالي صار من الضروري في حالة ما تم فك الارتباط معه، أن يتم التعاقد مع الناخب وطني جديد في أقرب وقت ممكن، حتى يتمكن من تكوين فريق جديد قادر على الذهاب بعيدا في مشوار الـ"كان" الذي ستستقبله بلادنا السنة المقبلة، غير ذلك، فالركراكي إن استمر، مطالب بإحداث ثورة شاملة داخل محيط المنتخب، حتى لا تتكرر لا قدر الله نفس الكارثة ونفس الإخفاق.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

سياحة الأماكن الخطرة.. حينما تكون المجازفة غاية السفر

لا يغامرون عبثًا، ولا يلهثون خلف المجهول بدافع الفضول وحده، بل كأنّ في داخلهم جوعًا لا يشبعه المألوف، وتوقًا لحياة تنبض خارج حدود العادي والمكرر، يركضون نحو الخطر ليهزموا الخوف، يكشفون لأنفسهم عن قدراتهم الخفية.

يميل بعض الرحّالة إلى الامتثال لمطالب السلامة والراحة وهذا طبيعي، في حين يكسر آخرون قواعد الحذر ويتعمدون المغامرة بأنفسهم جسدياً معتلين قمم الجبال الشاهقة، أو أمنياً متسللين إلى مدن الحروب والصراعات.

يتغير الإطار الطبيعي للمخاطر من بلد إلى آخر، لكن العاطفة المشتركة بين هؤلاء المغامرين واحدة، وهي رغبة في اختبار حدود النفس وخوض تجربة تنهي رتابة الحياة اليومية، حينها يكون "الخطر" هو ذاته وجهة السفر.

الأسباب النفسية وراء المخاطرة

منطلقات نفسية عدة تجعل الإنسان –وخاصة من يملكون روح المغامرة– يقصدون الأماكن المحفوفة بالخطر، فقد أوضحت الدراسات الحديثة أن هؤلاء الأشخاص في العادة يمتلكون سمات شخصية "المغامر"، فهم ممن يحتاجون إلى محفزاتٍ قوية وجديدة في حياتهم بشكل مستمر من حين لآخر لكي يشعروا بالسعادة.

منطلقات نفسية تجعل محبي المغامرة ومخالفة المألوف يقصدون الأماكن المحفوفة بالخطر مثل التجديف بالأنهار الهائجة (شترستوك)

يسمّى هذا علميا "البحث عن الذات" وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص أصحاب هذه الصفة غالبًا ما ينخرطون في أنشطة محفوفة بالمخاطر باحثين عن التدفقات الهرمونية مثل الدوبامين "هرمون السعادة" والأدرينالين "هرمون الطوارئ" المرافقة لها. وإليكم بعض هذه الأسباب:

حب الإثارة والتجديد

ينجذب المخاطرون إلى الأشياء الجديدة غير الاعتيادية، ويستمتعون بالتنقل إلى أماكن تختلف كليًا عن روتين الحياة اليومية. لقد سئموا من الاكتشافات المعهودة والعادية، أو ربما استنفدوها، هذا الشعور بالمغامرة يروّج للخروج من دائرة الملل، ويوفر إثارة فورية لدى الدماغ، وقد ثبت نفسيًا أن المغامرات المثيرة تولّد مشاعر إيجابية وتزيد الرضا الذاتي.

الفضول والاكتشاف

يُخلق كل البشر بمستوىً طبيعي من الفضول "حب الاكتشاف"، ولكن يزداد الفضول عند بعض الأشخاص الذين تشبّعوا بالمغامرات التقليدية ويريدون المزيد. فقد كشفت بعض الدراسات أن هذا السلوك له علاقة طردية تفسيرها كالآتي: كلما اكتشف المغامر أكثر، كلما تولدت له رغبة أكبر وأعمق في اكتشاف المزيد، فيشعر من داخله بصوت يقول "هل من مزيد لأكتشفه؟".

إعلان مواجهة الخوف واكتساب الشجاعة

يرى البعض أن المخاطرة هي تحدّي الخوف. فالدخول أو الذهاب إلى مكان خطر يجبر الإنسان على التحكم في الفزع وضبط النفس وإعادة ترتيب أولوياته.

وقد لاحظ باحثون أن التجارب الخطرة تساعد الإنسان على تنظيم عواطفه وتعزيز تقديره لذاته، وأن مواجهة المغامر لمخاوفه في بيئات صعبة تمنحه شجاعة تمكنه من التعامل مع تحديات الحياة الأخرى.

تحقيق الذات والثقة بالنفس

وأخيرًا والأهم، يجد الكثيرون في مواصلة التحدّي ومواجهة المخاطر مغذٍ لتحقيق الذات، فعندما يتغلب المُخاطر على عقبة كبيرة يتحقق لديه إحساس عميق بالإنجاز يليه نشوة شعورية تشعره بالرضا عن نفسه واكتشاف دواخله التي يشعر أنه لا حدود لها.

وقد أظهرت الدراسات أن خوض المغامرات الخطرة يعزّز الثقة بالنفس ويملأ الـ "أنا" ويقلّل الضغوط النفسية.

تجارب حقيقية جو حطاب وأخطر سجن بالسلفادور

دخل المغامر الأردني الشهير جو حطاب سجن "سيكوت" الضخم في السلفادور، الذي يشتهر بأنه من أعتى وأخطر سجون العالم لاحتوائه على عصابات «إم إس-13» و«باريّو 18» الخطيرة.

الرحالة جو تجوّل بين الزنزانات المحصّنة بشدة في أخطر سجن بالسلفادور باحثًا عن شعور جديد لطقوس الخطر (مواقع التواصل)

تجوّل جو بين الزنزانات المحصّنة بشدة، ورصد رجال العصابات المكبّلين بالسلاسل، باحثًا عن شعور جديد لطقوس الخطر.

روى لاحقًا كيف أن كثافة التسلح والحراسة داخل السجن جعلت الأجواء تكاد لا تُطاق حتى للمتفرّجين، ولكنه خرج سالماً حاملاً معه صورًا وقصصًا استثنائية عن عالم نادرا ما يصل إليه السائح.

ابن حتوتة وقطار موريتانيا الطويل

سافر الرحّالة العربي "ابن حتوتة"، كما يعكس اسمه، إلى موريتانيا لتجربة المبيت على ظهر واحدٍ من أطول وأخطر قطارات العالم، ولكن المفاجئة أن القطار ليس قطاراً للركاب بل لنقل خام الحديد عبر الصحراء الموريتانية.

سافر "ابن حتوتة"إلى موريتانيا لتجربة المبيت على ظهر واحدٍ من أطول وأخطر قطارات العالم (مواقع التواصل)

أمضى ابن حتوتة نحو 20 ساعة على سطح القطار في العراء القارس بين ذرات غبار الحديد، مستعرضا بذلك حدّ التحمل البشري في مواجهة شدة برودة الصحراء ليلاً وارتفاع صوت المحركات والرياح القوية والظلام الدامس، ووحدة الانقطاع عن البشر.

حجاجوفيتش وأبرد منطقة مأهولة

استهدف المغامر المصري حجاجوفيتش قرية "أويمياكون" في جمهورية ياقوتيا المنضوية ضمن الاتحاد الروسي وهي مشهورة بكونها أبرد منطقة مأهولة في كوكب الأرض، هذه المدينة التي اشتهرت بتسجيل أرقام قياسية لدرجات الحرارة السالبة، فقد وصلت إلى 71 درجة تحت الصفر.

هنا عاش المغامر تجربة التنقل في بردٍ قاسٍ لا يرحم أبدا طبيعة جسم الإنسان العادية، حيث كل شيء يتجمد في دقائق معدودة وربما في ثوان.

صبر حجاجوفيتش على الحياة اليومية في “القطب الشمالي” الصغير بتجهيزات بسيطة، متصالحا مع رهبة الطبيعة القاسية التي اختبر فيها قدرة الإنسان على البقاء.

إبراهيم سرحان والسفر لكوريا الشمالية

كان الشاب السعودي إبراهيم سرحان من أوائل من وثقوا رحلتهم إلى كوريا الشمالية، الدولة المعزولة والمنغلقة أمنياً. ورغم أن السلطات الكورية الشمالية تسمح بجولات سياحية محكمة وشديدة الرقابة، إلا أن دخول أراضي هذه الدولة يظل مخاطرة كبيرة إذا خولف النظام بأدنى مستوى من المخالفة، فكاميرات المراقبة والعاملون المكلّفون من قبل الحكومة يحيطون بالزائر مرتكب المخالفة من كل زاوية.

إعلان

تحدى سرحان بعض الممنوعات الصغيرة في كوريا الشمالية مثل التصوير، وسجل تجربته قبل 8 سنوات كرحالة من المنطقة العربية في إحدى أبرز الأماكن الخطرة التي يمكن للمسافر أن يزورها في العالم.

تتشابه دوافع هؤلاء المُخاطرين في الرغبة لاختراق المجهول، والسعي وراء معنى لتجربة السفر خارج حدود المألوف.

ولكن بعض الأسئلة تظل مفتوحة: هل "الخطر" هو الوسيلة التي تجعل المغامر يشعر بذاته؟ ما هي حدود المخاطرة؟ ما هو الثمن الحقيقي الذي قد يُدفع؟ هل نشوة الشعور بالذات تستحق ثمن المخاطرة؟

مقالات مشابهة

  • لبؤات الأطلس يواجهن تنزانيا في مباراة إعدادية لكأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب 2025)
  • بعد الاعتداء الذي تعرّضت له النبطية... تعليق من هاشم
  • لبؤات الأطلس يواجهن منتخب تنزانيا في مباراة إعدادية لكأس أمم إفريقيا للسيدات
  • بعد العدوان الإسرائيلي الذي طال الجنوب... هكذا علّق وزير العمل
  • موعد عرض فيلم الشاطر بطولة أمير كرارة وهنا الزاهد
  • طارق سليمان: الشناوي يتحمل مسؤولية هدف بورتو الرابع فقط
  • المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا
  • سياحة الأماكن الخطرة.. حينما تكون المجازفة غاية السفر
  • ماذا تعرف عن ساعة فلسطين التي ضربها الاحتلال في وسط طهران؟ (شاهد)
  • منتخب الريشة الطائرة الهوائية يشارك في بطولة إفريقيا بغانا