أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، إن من أدوات اللغة العربية الدقيقة التي تكشف عن عمق المعاني الإيمانية أداة الشرط «إن» وأداة الشرط «إذا»، موضحًا أن علماء اللغة قرروا أن الفرق بين الأداتين أن «إن» تُستعمل في الأمر المشكوك فيه غير المجزوم ولا المقطوع به، أي في الأمر الذي يدور في دائرة الشك، بينما تُستعمل «إذا» في الأمر المتيقن المجزوم به المقطوع بحصوله، فيقال: «إذا جاء زيد فأكرمه» عندما يكون مجيء زيد أمرًا متحققًا، ويقال: «إن جاء زيد فأكرمه» عندما يكون مجيئه أمرًا غير متيقن.

 

رابط الاستعلام عن نتيجة تظلمات"25217" وظيفة معلم مساعد مادة اللغة العربية خطيب الجامع الأزهر: الحفاظ على اللغة العربية واجب ديني ووطني

 

 

 

وأوضح رئيس جامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، أن هذا الأصل اللغوي الدقيق تجلّى بوضوح في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله في دعائه: «اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة… فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير»، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم أداة الشرط «إن» لأن مدلولها الشك وعدم الجزم، وكأن المعنى أن خذلان الله لعبده أمر مشكوك فيه وغير متيقن، بل هو بعيد الوقوع، وذلك لشدة يقين النبي صلى الله عليه وسلم بالله، وعظيم إيمانه بأن الله معه، وأنه لا يخذل عبده المؤمن.

وبيّن الدكتور سلامة داود أن هذا الأسلوب النبوي يربي في نفس الداعي معنى جليلًا، وهو أن الأصل المقطوع به أن الله لا يكل عبده إلى نفسه ولا إلى غيره، وإنما يتولاه وينصره ويؤيده، كما قال سبحانه: «إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين»، لافتًا إلى أن حرفًا واحدًا في اللغة، وهو «إن» الشرطية، قد يحمل هذا المعنى الإيماني العميق الذي يزيد المؤمن ثقة بالله ويقينًا بنصره.

وأشار إلى مثال آخر من السنة النبوية في غزوة بدر، حينما نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة وهم يلتحمون مع المشركين في أرض المعركة، فرفع يديه وقال: «اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تُعبد في الأرض»، موضحًا أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم «إن» الشرطية لأن هلاك المسلمين يوم بدر كان أمرًا مشكوكًا فيه وبعيدًا للغاية، بل غير وارد في يقينه، إذ إن نصر الله لهم كان أمرًا مجزومًا به ومتيقنًا، أما الخذلان والهزيمة فأنزلهما منزلة الشك لا اليقين.

وتوقف رئيس جامعة الأزهر عند لفظ «العصابة» في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، مبينًا أن العصابة في اللغة مأخوذة من العصبة، وهم أهل الرجل الذين يحمونه وينصرونه ويؤازرونه، وهم أقرب الناس إليه، موضحًا أن النبي صلى الله عليه وسلم حين وصف الصحابة بأنهم «عصبة» أفاد أن التفافهم حوله يوم بدر كان التفاف العصبة بأهلها، وأنهم كانوا بمثابة أهله وعشيرته، يحيطون به وينصرونه ويفدونه بأموالهم وأنفسهم وأرواحهم.

وأكد الدكتور سلامة داود أن هذه الدلالات اللغوية العميقة تكشف كيف استُخدمت أدوات الشرط في السنة النبوية لترسيخ معاني اليقين بنصر الله، وتعظيم الثقة في معيته لعباده المؤمنين، وتعليم الأمة أن خذلان الله لعبده ليس هو الأصل، وإنما الأصل الثابت المقطوع به هو التأييد والنصرة والتولي، رضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.

https://youtu.be/FuBxrV_QKd4?si=fmpovlX97QXDvGOP

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الدكتور سلامة داود سلامة داود رئيس جامعة الأزهر الشريف الأزهر اللغة العربية إذا النبی صلى الله علیه وسلم سلامة داود

إقرأ أيضاً:

حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة.. عالم أزهري يوضح

قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن العلاج بالقرآن الكريم أمرٌ ثابت من حيث الجواز، باعتباره دعاءً وتوسلًا بكلام الله عز وجل، موضحًا أن الشفاء في حقيقته بيد الله وحده، وأن العلاج – سواء كان بالدواء أو بالقرآن – إنما هو سبب لتحصيل الشفاء وليس هو الشفاء ذاته، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى هو الشافي، وأن العبد مأمور بالأخذ بالأسباب مع تمام التوكل واليقين.

وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال لقاء تلفزيوني السبت، أن الأصل في التداوي أن يأخذ الإنسان بالأسباب المعروفة والمجربة، استنادًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواء»، مبينًا أن المسلم يتداوى بالأدوية المادية، ويجعل الدعاء ملازمًا له في كل أحواله، لأن حياة المسلم كلها دعاء، وصلاته كلها دعاء، فإذا وجد الدواء المعروف والمجرب، أخذه مع الدعاء، أما إذا كان المرض لا يُعرف له علاج، أو عجز الطب عن مداواته، ففي هذه الحال يكون اللجوء المباشر إلى القرآن وآيات الشفاء وسورة الفاتحة مشروعًا، ويأخذ الإنسان من القرآن ما شاء، ومتى شاء.

وأشار إلى أن قراءة القرآن على الماء والشرب منه، وقراءة آيات الشفاء أو الفاتحة بعددٍ معين، لم يرد فيها تحديدٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدد مخصوص، لكن هذا لا يمنع الأخذ بتجارب الصالحين والعباد عبر القرون، حيث نشأت عبر أكثر من أربعة عشر قرنًا تجارب بشرية واسعة لأهل القرآن وأهل الصلاح في قضاء الحوائج والاستشفاء، فصار لديهم تجريب في آيات معينة تُقرأ بعدد معين، ونُقلت هذه التجارب لمن بعدهم، ولا حرج في الأخذ بها من باب التجربة لا من باب التعبد الملزم، مع التأكيد على أن الإنسان قد يأخذ بهذه الأسباب ولا يُشفى، كما قد يأخذ الدواء الطبي ولا يُشفى، ومع ذلك فهو مأجور، لأن الشفاء ليس متعلقًا بفعل العبد وإنما بمشيئة الله.

الأسرة الأولى عالميًا في حفظ القرآن.. «عائلة سعد»: والدتنا رافقت مسيرتنا ونهدي الإنجاز لروح والدناصحح مفاهيمك| الأوقاف تكثف نشاطها التوعوي بمدارس الدقهلية وأسيوط عن مخاطر التنمر3 أخوات نشأوا على حب القرآن.. «عائلة سعد» فازت بالمسابقة العالمية للقرآنعلي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسان

وشدد  على ضرورة التفريق بين السبب والمسبب، فقراءة القرآن، وتناول الدواء، والذهاب إلى الطبيب، كلها أسباب، أما النتيجة فيخلقها الله عز وجل، فقد يخلق الشفاء مع الأخذ بالسبب، وقد لا يخلقه، وقد يخلقه حتى من غير سبب، فالأمر كله راجع إلى إرادة الله وحكمته، والعبد يتعبد لله بالأخذ بالأسباب وقلبه موقن بأن الله هو الشافي يفعل ما يشاء.

وبيّن الدكتور يسري جبر أن استمرار المرض مع الدعاء لا يعني عدم الاستجابة، فقد تكون الاستجابة على غير ما يتوقع الإنسان، مستشهدًا بقصة أحد الصالحين الواردة في «الرسالة القشيرية»، الذي كان مستجاب الدعاء للناس مع كونه مبتلى بالأمراض، حتى جاءه خاطر رحماني يُفهمه أن مرضه هو عين العافية له، وأن بقاء المرض سبب لقبول دعائه، وأن رفع البلاء عنه قد يكون سببًا لفساد حاله، موضحًا أن من عباد الله من لا يصلحه إلا المرض، ومنهم من لا يصلحه إلا الفقر، ولو عوفي أو أُغني لفسد حاله.

وأكد على أن على المسلم أن يُسلِّم أمره لله تعالى، وأن يأخذ بالأسباب المباحة والمتاحة، سواء كانت على أيدي الأطباء أو أهل القرآن والصلاح، مع اعتماد القلب الكامل على الله، واليقين بأن الله قد استجاب، ولكن استجاب كما يريد هو سبحانه لا كما يتصور العبد، والله تعالى أعلم.


 

طباعة شارك يسري جبر العلاج بالقرآن الكريم الدواء أو بالقرآن

مقالات مشابهة

  • الشيخ حسن عبد النبي لمتسابق: مفيش أي أخطاء عليه ولا ملاحظات
  • حكم الدعاء بقول: «اللهم بحق نبيك» .. يسري جبر يوضح
  • يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن الكريم
  • حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة.. عالم أزهري يوضح
  • آيات كان يرددها النبي قبل النوم.. حصّن نفسك طوال الليل وداوم على قراءتها
  • في ليلة الجمعة.. صيغ الصلاة على النبي ﷺ
  • خطأ شائع في الصلاة على النبي .. اكتبها صح: «اللهم صلِّ» وليس «صلي»
  • خوجة في مكة يستعرض تاريخ الصحافة السعودية ومستقبلها الرقمي ويكشف قصة إطلاق قناتي القرآن والسنة
  • علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه