ثورة الفلاحين بفرنسا.. لماذا عدّت الحكومة حصار سوق رانجيس خطا أحمر؟
تاريخ النشر: 1st, February 2024 GMT
باريس- في مواجهة مستمرة مع الحكومة، لا يزال غضب المزارعين يختمر على أبواب العاصمة الفرنسية وسوق رانجيس للبيع بالجملة، رغم محاولات السلطة التنفيذية التخفيف من استيائهم.
وبدأ حصار باريس، الاثنين، عندما أغلقت مئات الجرارات الزراعية الطرق الإستراتيجية الثمانية المؤدية إليها، وبعد محاولات عديدة، تمكن بعض المحتجين من اقتحام منطقة تخزين في السوق الدولي الأربعاء، مما أدى إلى اعتقال 91 منهم.
ويُعدّ رانجيس أول سوق للمنتجات الطازجة في العالم والأكبر أوروبيا من حيث المساحة، والمركز الرئيسي الذي تمر من خلاله معظم المنتجات الغذائية لتزويد باريس وضواحيها.
خط أحمروخلال مؤتمر صحفي، قال مدير شرطة باريس، لوران نونيز "وقعت أضرار، وكانت مظاهرة غير معلنة في رانجيس الذي يعد خطا أحمر لنا، والهدف من احتجازهم المزارعين من قبل الشرطة هو وضع حد لما حدث".
من جانبه، استبعد المهندس والخبير في الاقتصاد الزراعي، جون ماري سيروني، في تعليق للجزيرة نت أن تسوء الأمور، وقال "إننا لسنا أمام حرب عصابات".
وأضاف أن السلطة التنفيذية تسمح للمزارعين بالتظاهر والتعبير عن غضبهم لبضعة أيام، لكنهم اقتربوا من رانجيس، وهو المكان الذي حذر وزير الداخلية جيرالد دارمانان من المساس به؛ بسبب رمزيته الاقتصادية
وتابع نونيز "حصار السوق لن يؤدي إلى تجويع باريس، فثمة طرق أخرى كالقطارات وغيرها للإمداد، لكن الحكومة أمرت بعدم الذهاب إلى هناك، واعتقلت بعضهم للقول بحزم إنه يوجد حد للاحتجاج لا يمكن تجاوزه".
يشار إلى أن هذه القافلة من المزارعين قدِمت من منطقة آجين البعيدة وعبرت الطرق والحقول المجاورة لتجنب الدخول عبر الطرق الرئيسية التي تراقبها قوات الأمن عن كثب، في إشارة منهم إلى أن دخول العاصمة قد يكون مسألة وقت.
ومنذ بداية الاحتجاجات، أعلنت الحكومة أن مسألة الوصول إلى سوق رانجيس الدولي أو عرقلة نشاطه يعد أحد "الخطوط الحمراء" التي لا يجب تجاوزها بأي شكل من الأشكال.
من جهته، يرى المحلل الاقتصادي، وخبير الاقتصاد الزراعي، ثييري فوش أنه من غير الممكن التنبؤ بما سيحدث في قادم الأيام، لكن التاريخ يشير إلى أن فرنسا شهدت حملات كثيرة من غضب المزارعين منذ بداية القرن الـ20، أدت في بعض الحالات إلى أعمال عنف، بالتالي، فإن هدف حصار رانجيس قد يؤدي بالبعض إلى الانحراف عن أهداف المحتجين الأساسية.
وقال للجزيرة نت إن الأمور ستعتمد على ما ستقترحه الحكومة وما سيخلص عنه اجتماع مجلس أوروبا، خاصة بشأن اتفاقية التجارة الحرة مع دول ميركوسور وأوروغواي وباراغواي والأرجنتين والبرازيل.
السوق الرمزيعتبر سوق رانجيس رمزا للإنتاج الزراعي الفرنسي، إذ يزود نحو 18 مليون فرنسي بالمنتجات الطازجة يوميا، وفق سوق المصلحة الوطنية.
يعود تاريخ السوق إلى 27 فبراير/ شباط 1969 عندما أغلقت قاعة "هال دو باريس" أبوابها في قلب العاصمة باريس، بعد 8 قرون من تأسيسها لتنتقل بأسواقها بالجملة إلى منطقة فال دو مارن تحت اسم "رانجيس".
وعلى مساحة تقدر بنحو 234 هكتارا، أو ما يعادل 315 ملعب كرة قدم، يحتوي هذا السوق الدولي على عدة أقسام مختلفة، منها الفواكه والخضروات والمأكولات البحرية ومنتجات اللحوم ومنتجات الألبان والديكور والبستنة.
ويقول خبير الاقتصاد الزراعي، فوش إن "سوق رانجيس يمكنه إطعام منطقة إيل دو فرانس بأكملها، يعني باريس وضواحيها، التي تعد المنطقة الأقل اكتفاء ذاتيا، وتعتمد عليه كثيرا لإمداد المتاجر والمطاعم ومحلات البقالة والأسواق الأسبوعية".
وحول حصاره المستمر من قبل المزارعين، أكد فوش أنه على الرغم من أن كبار الموزعين يقولون إن لديهم ما يكفي من المخزون لمدة أسبوع تقريبا، فإن الوضع قد يتأزم إذا استمرت الاحتجاجات.
ورفضت شركة "سماريس" المكلفة بإدارة السوق التعليق للجزيرة نت على الأمر، واكتفى مسؤولها الإعلامي بالقول إن السوق "لا يزال يعمل كعادته ومخزوننا لم ينفد بعد".
ويقصد رانجيس أكثر من 26 ألف مشتر منتظم من تجار الخضار وبائعي الأسواق والمطاعم، ويعمل داخله أكثر من 13 ألف موظف في أكثر من 1400 شركة، وفق سماريس.
وبلغ حجم البضائع التي مرت بسوق رانجيس إلى 3 ملايين طن خلال عام 2022، أكثر من نصفها من المنتجات الغذائية، ووصل عدد زواره في السنة نفسها إلى 6.4 ملايين شخص، وتجاوزت مبيعاته 10.3 مليارات يورو أي ما يعادل 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي، وفق المصدر ذاته.
وفي عام 2022، بلغ الإنتاج الزراعي في القارة الأوروبية نحو 552 مليار يورو، بحسب بيانات المفوضية الأوروبية، وتعدّ فرنسا الأكثر إنتاجية بنصيب 17% من إجمالي الإنتاج، تليها ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا.
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال قطاع الزراعة في البلاد يعاني من عقبات لم تساعده السنوات على تخطيها، بسبب أسعار الأسمدة المرتفعة التي أثرت على تكاليف الإنتاج ودخل المزارعين، فضلا عن السياسة الزراعية المشتركة الأوروبية التي قدمت لوائح جديدة لضمان أن الإنتاج الزراعي أكثر احتراما للبيئة والتنوع البيولوجي، حسبما رأى ثييري فوش.
وقال فوش "الصفقة الخضراء التي حددتها بروكسل في عام 2019 تثير قلق حوالي 42% من المزارعين في فرنسا، لأنها تقلل استخدام منتجات مثل المبيدات الحشرية أو الأسمدة بنسبة 50%".
وأضاف "الطريقة الأخرى التي تفسر الغضب الحالي هو الاتحاد الأوروبي الذي لم يعد يولي القدر نفسه من الأهمية لزراعته".
أما المهندس الزراعي سيروني، فيرى أن الأزمة الحالية لا تتعلق بالدخل؛ لأن المزارعين لا يستطيعون تدبر أمورهم منذ 3 سنوات، كما أن التوقعات الاقتصادية لهذه السنة تبدو قاتمة، لكن المزارعين يعتقدون أنهم لا يملكون الوسائل للاستجابة لكل ما يطلبه المجتمع منهم، وهذا هو السبب العميق لما يحدث، على حد تعبيره.
وانخفضت نسبة العاملين في قطاع الزراعة في فرنسا بنسبة 75% خلال 50 عاما. فبعد أن كانوا يمثلون أكثر من 1.5 مليون مزارع في عام 1970، أصبحت أعدادهم تزيد قليلا على 390 ألفا في عام 2022.
كما سجل القطاع الزراعي 994 حالة إفلاس في عام 2022، بزيادة نسبتها 10.65 مقارنة بالعام 2021.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکثر من عام 2022
إقرأ أيضاً:
سفير مصر بفرنسا: انتهاء الاستعدادات لاستقبال المواطنين للإدلاء بأصواتهم بانتخابات الشيوخ
أكد سفير مصر لدى فرنسا علاء يوسف، أن سفارة القاهرة بباريس انتهت من الاستعدادات الخاصة باستقبال المواطنين من أبناء الجالية المصرية، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشيوخ المقررة في الخارج يومي 1 و2 أغسطس المقبل، وفقًا لقرارات الهيئة الوطنية للانتخابات.
وأضاف يوسف، في تصريح لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس، أن السفارة عملت خلال الفترة الماضية على تعريف المواطنين بموعد الاستحقاق الانتخابي من خلال صفحتي السفارة والقنصلية العامة في باريس على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا القواعد والإجراءات المختلفة المنظمة لعملية الاقتراع.
وأوضح أن السفارة عكفت أيضًا خلال لقاءاتها الدورية مع أبناء الجالية المصرية المقيمة في فرنسا على حث المواطنين على المشاركة بهذه الانتخابات باعتبارها واجبًا دستوريًا، مع التأكيد على أن السفارة تقف على مسافة واحدة من جميع الناخبين، وأنها ملتزمة بتطبيق كافة القوانين وقواعد الهيئة الوطنية للانتخابات التي تحكم عملية تصويت المصريين بالخارج.
وأشاد السفير بهذا الصدد بالتنسيق القائم مع الهيئة الوطنية للانتخابات لتذليل كافة العقبات أمام الناخبين، بما يسمح بمشاركة أعداد كبيرة من المصريين في الخارج في هذا الاستحقاق وتمكينهم من ممارسة حقهم الانتخابي الذي كفله الدستور.
وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات قد أصدرت قرار رقم 5 لسنة 2025 بدعوة الناخبين المُقيدة أسماؤهم في قاعدة بيانات الناخبين إلى الاقتراع بمقار لجان الانتخابات الفرعية، لانتخاب أعضاء مجلس الشيوخ، مع تحديد يومي الجمعة والسبت 1 و2 أغسطس 2025 موعدا لإجراء هذه الانتخابات خارج جمهورية مصر العربية، ويومي الاثنين والثلاثاء 25 و26 أغسطس 2025 موعدًا للحالات التي تقتضي إعادة الانتخابات.
ويبدأ الاقتراع في الداخل يومي 4 و5 أغسطس، فيما تُعلن نتيجة الانتخابات وتُنشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12 أغسطس، وتبدأ انتخابات الإعادة يومي 25 و26 في الخارج ويومي 27 و28 في الداخل، وتعلن النتيجة النهائية للانتخابات وتنشر في الجريدة الرسمية يوم 4 سبتمبر القادم.
وكانت الهيئة قد أصدرت أيضًا قرار رقم 16 لسنة 2025 بشأن قواعد وإجراءات تصويت المصريين المقيمين خارج جمهورية مصر العربية في انتخابات مجلس الشيوخ، والذي تضمن أنه لكل مصري مقيم بالخارج الحق في الإدلاء بصوته بانتخابات مجلس الشيوخ، متى كان اسمه مقيدًا بقاعدة بيانات الناخبين، ويحمل بطاقة رقم قومي أو جواز سفر ساري الصلاحية متضمنا الرقم القومي.
ويكون التصويت عن طريق الاقتراع السري العام المباشر، وعلى كل ناخب أن يباشر بنفسه هذا الحق، ولا يقبل في إثبات شخصية الناخب سوى بطاقة الرقم القومي أو جواز السفر الساري المتضمن الرقم القومي، كما يكون الإدلاء بالصوت بمقر القنصلية، أو البعثة الدبلوماسية أو أي من المقار التي يصدر بتحديدها قرار من الهيئة الوطنية للانتخابات بناءً على ترشيح وزارة الخارجية.
يشار إلى أن نائب وزير الخارجية للهجرة وشئون المصريين بالخارج السفير نبيل حبشي قد أكد، أمس الثلاثاء، حرص القيادة السياسية على تسهيل الإجراءات التنظيمية وتوفير اللوجستيات التي تمكن أبناء مصر المقيمين بمختلف دول العالم من ممارسة حقهم الانتخابي بسهولة ويسر في انتخابات مجلس الشيوخ 2025 بالخارج.
اقرأ أيضاًمحافظ القاهرة يتفقد لجان التصويت فى انتخابات مجلس الشيوخ
ما هو موعد انتخابات مجلس الشيوخ 2025؟
مجدي البدوي: تشكيل غرفة عمليات عمالية لمتابعة انتخابات مجلس الشيوخ 2025