الطعون تشعل انتخابات «المحامين»
تاريخ النشر: 2nd, February 2024 GMT
تسارع كل الأطراف الداعمة لمرشحين انتخابات نقابة المحامين إلى تقديم الطعون الانتخابية لتصبح انتخابات النقابة العامة الأشرس منذ بدايتها خاصة مع تطبيق نظام التصويت الإلكترونى واستخدام البطاقة الشخصية للتصويت لتجنب جمع كارنيهات العضوية كما كان يحدث فى السابق ويتنافس 19 مرشحاً على منصب النقيب أبرزهم سامح عاشور الذى جلس على مقعد النقيب لمدة 19 عاماً فيما يتنافس النقيب الحالى عبدالحليم علام وحمدى خليفة النقيب الأسبق ونبيل عبدالسلام، فيما يتنافس على مناصب العضوية 255 مرشحاً.
يواجه عاشور طعون استبعاد بناء على نتيجة دعوى أقامها أيمن مصطفى، المحامى، أثناء الانتخابات الماضية وحكم فيها باستبعاد عاشور من الانتخابات ما دفع الأخير إلى الطعن على الحكم الصادر وإلغاء الآثار المترتبة على الحكم وكان من آثارها نقله إلى جدول غير المشتغلين وبالتالى انقطع عن المحاماة حيث يشترط للترشح على منصب النقيب أن يكون عمل بالمحاماة مدة 20 عاماً متواصلة ومؤخراً صدر تقرير هيئة مفوضى الدولة بصحة الحكم الصادر وما ترتب عليه من آثار فى حين
ان النقيب الحالى عبدالحليم علام، كما علمت «الوفد»، أن هناك طعوناً ستقدم لاستبعاده، منها الطعن الذى سيتقدم به مصطفى شعبان المحامى حيث استند إلى قيام النقيب الحالى بإهدار أموال النقابة فى مزاد صورى لنادى جليم، كما استند أيضاً إلى إخفاء النقيب تقرير الخبير الاكتوارى عن مجلس نقابة المحامين ما أدى إلى إصدار المجلس قراراً كارثياً بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد وفق جدول اعمال تضمن بند زيادة المعاشات الأمر الذى عرَّض أموال المحامين للخطر ويهدد بإفلاس نقابة المحامين.
إسلام الخولى المحامى والمتحدث الإعلامى للجنة الحوار بالنقابة العامة للمحامين أكد ان الطعن حق قانونى وليس مطلقاً، ولكن هناك إساءة لاستخدامه لمجرد المكايدة الانتخابية، ودأب البعض على استخدامه لإثارة الرأى العام، أما لو على سند قانونى صحيح فنحن معه، وبحسب علمى فإن الطعون هذا العام ستؤثر فى استبعاد بعض المرشحين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المحامين الداعمة انتخابات نقابة المحامين
إقرأ أيضاً:
فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها.
أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.
فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود.
ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه.
تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.
لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى.
ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.
ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية.
وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.
كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.
وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين.
وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.
ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.
ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.
إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة.
وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.
رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.