مخاوف من تهديد أمني محتمل لبريطانيا بسبب الوجود الروسي والصيني والإيراني بأيرلندا
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
أثار تقرير صادر عن مركز الأبحاث المؤثر Policy Exchange مخاوف بشأن التهديد الأمني المحتمل للمملكة المتحدة من وجود كيانات روسية وصينية وإيرانية في جمهورية أيرلندا.
ويتهم التقرير دبلن بـ"الاستغلال الحر" للدفاع الأوروبي، ويقترح على المملكة المتحدة توسيع وجودها الجوي والبحري في أيرلندا الشمالية لمواجهة التهديد الروسي المتزايد على جناحها الغربي.
يسلط التقرير، وفقا لما نشرته الجارديان، الضوء على "التهديد البحري الحاد" الذي تشكله التكتيكات الروسية التي تستهدف الشبكات وخطوط الأنابيب تحت البحر، إلى جانب وجود السفن الحربية الروسية. كما يعرب عن مخاوفه بشأن عمليات المخابرات الروسية وقابلية التعرض للهجمات السيبرانية في أيرلندا. ولوحظ الوجود الدبلوماسي الروسي "الكبير بشكل غير عادي" في دبلن، بما في ذلك محاولات التوسع، مع 30 موظفًا بالسفارة في عام 2022.
تم تحديد الصين باعتبارها مصدر قلق كبير آخر بسبب تقدمها التكنولوجي السريع وتأثيرها العالمي. وفي الوقت نفسه، خص المدير العام لجهاز MI5، كين ماكالوم، إيران باعتبارها الدولة التي "تنتقل في أغلب الأحيان إلى الإرهاب"، مستشهداً بما لا يقل عن 10 تهديدات محتملة تم الكشف عنها العام الماضي تتعلق باختطاف أو إيذاء أفراد مقيمين في المملكة المتحدة يُنظر إليهم على أنهم أعداء للنظام الإيراني.
يجادل التقرير بأن أيرلندا "أطلقت العنان" لاستثمارات أعضاء الناتو، وهي نقطة اعترف بها رئيس الوزراء آنذاك ميشيل مارتن في عام 2023. وهو يثير إنذارات بشأن العواقب المحتملة إذا فاز حزب الشين فين بالانتخابات الأيرلندية لعام 2025، مما يتوقع سيناريو جار غير متعاون ومن المحتمل أن يكون معاديًا. في مواجهة التهديدات الخارجية المتزايدة.
ورحب الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي اللورد روبرتسون ومايكل فالون بمراجعة التوقعات الدفاعية لأيرلندا، وحثا المملكة المتحدة على تشجيع جارتها على تعزيز الدفاعات والبناء على اتفاقية الدفاع بين المملكة المتحدة وأيرلندا الموقعة في عام 2015.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المملکة المتحدة
إقرأ أيضاً:
اتفاق القاهرة 1969.. دستور الوجود الفلسطيني في لبنان
اتفاق القاهرة 1969 بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية هو الإطار الذي ظل ينظم الوجود المدني والعسكري الفلسطيني في بلاد الأَرز. توصل الطرفان إلى الاتفاق بوساطة الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر. ينص الاتفاق في جوهره على حق الفلسطينيين المقيمين بلبنان في "المشاركة في الثورة الفلسطينيّة من خلال الكفاح المسلّح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته".
ويضع الاتفاق -الذي ظل في البداية سريا للغاية ولم يطلع عليه إلا القيادات- مخيمات اللاجئين تحت سيطرة منظمة التحرير، ويشير إلى إنشاء لجان محلية في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، وضمن نطاق السيادة اللبنانية.
سياق الاتفاقجاء الاتفاق بعد نحو 20 عاما على بدء نزوح آلاف الفلسطينيين شمالا إلى لبنان في أعقاب النكبة وإعلان قيام إسرائيل، ووصل عدد الفلسطينيين في لبنان عام 1969 ما بين 100 ألف و130 ألفا كانوا موزعين على المخيمات في مختلف أنحاء البلاد.
كان اللاجئون الفلسطينيون في البداية محل ترحيب واسع في لبنان، لكن مع تكاثر أعدادهم بدأ الأمر يثير بعض المخاوف بشأن التركيبة السكانية للبلاد والتوازنات الديمغرافية والسياسية بين طوائف البلاد.
وهكذا بادرت الحكومة اللبنانية إلى إصدار قوانين لضبط الوجود الفلسطيني في البلاد، وكان ينظر إلى تلك القوانين على أنها ذات طبيعة أمنية وطائفية وتتضمن تضييقا على إقامة اللاجئين الفلسطينيين، وخاصة ما يتعلق بالسكن والعمل والتنقل بين المخيمات والنشاط الفدائي.
وزادت تلك المخاوف في ظل تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية على أراضي لبنان، إذ بدأت أطراف سياسية لبنانية تتخوف من أن تصبح الأنشطة الفدائية الفلسطينية ذريعة للاحتلال الإسرائيلي للتدخل في لبنان.
إعلانفي مقابل ذلك، كانت تيارات ومكونات أخرى من المجتمع اللبناني، وتحديدا المكون السني والدرزي وقوى اليسار، تؤيد نشاط المقاومة الفلسطينية على الأراضي اللبنانية.
وتفاقمت تلك المخاوف والانقسامات في المواقف اللبنانية في أعقاب حرب 1967، إذ اشتد عود المقاومة الفلسطينية في لبنان وأنشأ الفدائيون الفلسطينيون قواعد عسكرية في جنوب لبنان، وزاد الوضع تعقدا وتطورت الأمور إلى اشتباكات بين أفراد المقاومة الفلسطينية والجيش اللبناني بلغت ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول 1969.
وامتد الانقسام إلى الشارع اللبناني وخرجت مظاهرات في مدن عدة، بعضها يؤيد المقاومة الفلسطينية والبعض الآخر يعارضها، واضطر الجيش أحيانا إلى التدخل لتفريق المتظاهرين. ولم تسلم المخيمات الفلسطينية من تداعيات ذلك الانقسام وشهد بعضها (نهر البارد وبرج البراجنة) اشتباكات مسلحة.
وأمام هذا الوضع ظلت الحكومة بقيادة رشيد كرامي مشلولة لعدة أشهر قبل أن تقرر السلطات فرض حظر التجول في جميع مناطق البلاد دون أن يسفر ذلك عن وضع حد لحالة الانفلات الأمني.
وفي هذه الأجواء المشحونة اتخذت القضية بعدا إقليميا، إذ أعربت عدة دول عربية (مصر، سوريا، العراق …) عن دعمها للطرف الفلسطيني، وهو ما زاد حدة الضغوط على الحكومة اللبنانية.
وهكذا تدخلت أطراف دولية وإقليمية لاحتواء تلك الأزمة المتفاقمة، وكانت مصر بقيادة جمال عبد الناصر في مقدمة الدول الساعية للتوصل إلى اتفاق بين طرفي الأزمة: الحكومة اللبنانية والفصائل الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية.
في يوم الاثنين 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1969، اجتمع في القاهرة الوفد اللبناني، برئاسة قائد الجيش العماد إميل البستاني، ووفد منظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات رئيس المنظمة، وكانت الوساطة المصرية ممثلة بوزير الخارجية محمود رياض، ووزير الدفاع الفريق أول محمد فوزي.
إعلانونص الاتفاق على أن علاقات لبنان والثورة الفلسطينية "لا بد أن تتسم دوما بالثقة والصراحة والتعاون الإيجابي لما فيه مصلحة لبنان والثورة الفلسطينية، وذلك ضمن سيادة لبنان وسلامته".
كما اتفق المجتمعون على إعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان على أساس:
حق العمل والإقامة والتنقل للفلسطينيين المقيمين في لبنان. إنشاء لجان محلية من فلسطينيين في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، وضمن نطاق السيادة اللبنانية. وجود نقاط الكفاح الفلسطيني المسلح داخل المخيمات تتعاون مع اللجان المحلية لتأمين حسن العلاقات مع السلطة، وتتولى هذه النقاط موضوع تنظيم وجود الأسلحة وتحديدها في المخيمات، وذلك ضمن نطاق الأمن اللبناني ومصلحة الثورة الفلسطينية. السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية من خلال الكفاح المسلح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته. واعتبر الاتفاق أن الكفاح المسلح الفلسطيني عمل يعود لمصلحة لبنان، كما هو لمصلحة الثورة الفلسطينية والعرب، ونص على تسهيله عن طريق: تسهيل المرور للفدائيين وتحديد نقاط مرور واستطلاع في مناطق الحدود. تأمين الطريق إلى منطقة العرقوب. التزام قيادة الكفاح المسلح بضبط تصرفات كافة أفراد منظماتها وعدم تدخلهم في الشؤون اللبنانية. إيجاد انضباط مشترك بين الكفاح المسلح والجيش اللبناني. إيقاف الحملات الإعلامية من الجانبين. إحصاء عدد عناصر الكفاح المسلح الموجودة في لبنان بواسطة قيادتها. تعيين ممثلين عن الكفاح المسلح في الأركان اللبنانية يشتركون بحل جميع الأمور الطارئة. دراسة توزيع أماكن التمركز المناسبة في مناطق الحدود، والتي يتم الاتفاق عليها مع الأركان اللبنانية. تنظيم الدخول والخروج والتجول لعناصر الكفاح المسلح. إلغاء قاعدة جيرون. يسهّل الجيش اللبناني أعمال مراكز الطِّبابة والإخلاء والتموين للعمل الفدائي. الإفراج عن المعتقلين وإعادة الأسلحة المصادرة. ممارسة السلطات اللبنانية (مدنية وعسكرية) صلاحياتها ومسؤولياتها كاملة في جميع المناطق اللبنانية وفي جميع الظروف. إعلان ما بعد الاتفاقبموجب اتفاق القاهرة 1969 اكتسب الوجود الفلسطيني في لبنان شرعية أكبر، وأصبحت منظمة التحرير الفلسطينية تسيطر على مخيمات اللاجئين، وانعكس ذلك بشكل إيجابي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين.
في المقابل ظل الانقسام سيد الموقف في المعسكر اللبناني بين الأحزاب المارونية الرافضة لتعاظم دور المقاومة الفلسطينية، وبين الحكومة التي خوّلها الاتفاق ضبط نشاط المقاومة الفلسطينية خارج المخيمات فقط، مع إمكانية منع عملياتها ضد إسرائيل من دون إذن الجيش اللبناني.
وعلى مر السنين تحسنت تدريجيا أوضاع الفلسطينيين في المخيمات، سواء السكن والعمل والخدمات الصحية والاجتماعية وتزايد الوجود العسكري الفلسطيني، بينما تزايدت مخاوف بعض الأحزاب اللبنانية من أن ذلك يتم على حساب سيادة البلاد، وألمح البعض إلى ما سماه "دولة داخل الدولة".
وبلغت تلك الانقسامات والمخاوف ذروتها عندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 على خلفية التوترات الطائفية والسياسية، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وكانت المقاومة الفلسطينية طرفا بارزا في تلك الحرب إلى جانب أطراف داخلية أخرى قبل أن تدخل على الخط أطراف إقليمية على رأسها سوريا وإسرائيل.
الاجتياح الإسرائيلي وإلغاء الاتفاق
وفي غضون سنوات قليلة وتحديدا عام 1982 شهد الوجود الفلسطيني تحولا كبيرا جراء الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وهو ما أجبر منظمة التحرير الفلسطينية على الخروج من لبنان ونقل مؤسساتها العسكرية إلى تونس.
وعلى إثر ذلك تم إغلاق معظم مؤسسات المنظمة التي كانت تدعم الكثير من اللاجئين، وفُرض على من يفضّل البقاء في لبنان الخضوع للسيطرة اللبنانية، وكان من نتائج الاجتياح وقوع مجزرة صابرا وشاتيلا.
وبعد 5 سنوات ألغى المجلس النيابي اللبناني ما جاء في اتفاق القاهرة عام 1969 مع الإقرار بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومن ثم أصبح الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين شبيها بما كان عليه قبل عام 1969.
إعلانلكن على الأرض، بقيت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تُدار أمنيا من قِبل الفصائل الفلسطينية، ولم يكن بإمكان الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية الدخول إلى تلك المخيمات، بينما يفرض الجيش إجراءات مشددة حولها.
ويُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بأكثر من 493 ألفا يعيشون في ظروف صعبة داخل المخيمات، ويُقيم أكثر من نصف اللاجئين في 12 مخيمًا منظما ومعترفا به لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وفي خضم التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واتساع دائرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى باقي الأراضي الفلسطينية ولبنان، وأمام تراجع نفوذ حزب الله اللبناني وسقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وتشكيل حكومة جديدة في لبنان، تجدد الحديث عن اتفاق القاهرة 1969، وتحديدا عن سلاح المقاومة الفلسطينية في لبنان.
وفي هذا السياق اتفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره اللبناني جوزيف عون، يوم 21 مايو/أيار 2025 في بيروت على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأكدا التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة.
وبناء على ذلك الاتفاق تقرر البدء بسحب السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منتصف يونيو/حزيران 2025، وتكون البداية من مخيمات العاصمة بيروت وتليها المخيمات الأخرى لاحقا.