آلة العود بنوعيها هي الآلة الوترية الوحيدة المعروفة لنا في تاريخ الموسيقى العُمانية التي تستنبط درجاتها النغمية بواسطة قسمة الوتر، وهي في الوقت نفسه الآلة الأقدم والأندر، وبشكل خاص العود الكامل كان من الصعب قبل سبعينيات القرن العشرين الحصول عليه واقتنائه لأسباب عديدة منها عدم وجود صناع له ولأوتاره في عُمان وصعوبة صيانته.

من هنا واستكمالا لبحثين سابقين، سوف أحاول في هذه المداخلة متابعة جمع المعلومات التاريخية عن استعمال هذه الآلة في الغناء العودي العُماني والتعريف بأهمية قوالبها الفنية اللحنية والإيقاعية المشتركة مع أشقائنا في اليمن والخليج وأعلامها الذين أسسوا أهم قوالب الغناء العودي وهُويتها الثقافية والفنية وأساليب أدائها في هذه المنطقة منذ القرن السابع عشر.

ومن أبرز فنون الغناء العودي، ما عرف فيما بعد بالصوت الخليجي، ولا توجد فروقات جوهرية بين أداء الصوت العُماني والخليجي والجميع يؤدي الأصوات نفسها، حسب مهاراته وقدراته الأدائية. والمطرب شهاب أحمد (مطلع القرن العشرين) هو أقدم مطرب عودي ومصوّت عُماني وصلتنا أخباره عبر روايات المطربين البحرينيين، وفي مقدمتهم محمد بن فارس الذي أقام فترة من الزمن مع هذا المطرب في مطرح، وأول عود اشتراه سالم بن راشد الصوري كان من مدينة عدن في حوالي منتصف القرن العشرين الماضي.

من هنا ومن خلال هذه العلاقة الشخصية والصلات الفنية القديمة، أحاول بناء تسلسل تاريخي أولي عن استعمال هذه الآلة اللحنية التي يقف على ظهرها تراث غنائي عظيم من جهة، ومتابعة من جهة أخرى الصلات الموسيقية بين رواد الغناء العودي في هذه المنطقة الجغرافية الشاسعة، قبل ظهور الدولة الوطنية معتمدا في ذلك على المصادر التاريخية والروايات الشفهية والتسجيلات السمعية والمرئية الموثقة.

والأسطوانة الأقدم حسب معلوماتي هي تلك التي سجلها المطرب سالم بن راشد الصوري في أربعينيات القرن العشرين الماضية، وكان أول صوتين سجلهما الصوري من نوع الشرح (صوت خو علوي)، والثاني صوت ختم للمطرب والشاعر الغنائي الحضرمي اليافعي يحيى عمر المتوفى حوالي 1640 ميلادية، الذي قضى معظم حياته في الهند التي كانت ملتقى تجار ومطربي السفن من عُمان واليمن والخليج. ويحيى عمر هو -حسب علمي- أقدم اسم لا يزال يتردد في أغاني الصوت منذ القرن السابع عشر وحتى اليوم:

يحيى عمر قال قف يا زين.. سألك بمن كحل أعياناك ومن علمك يا كحيل العين.. ومن ذا الذي خضب ابنانك ومن شكلك حرز في حرزين.. ومن شكل لؤلؤك ومرجانك.

والشخصية الثانية، التي غنى لها الصوري في ذلك التسجيل التاريخي، -كما ذكرت- هو المطرب والشاعر الغنائي الحضرمي زين العابدين الحداد المشهور بخو علوي والمتوفى حوالي 1745 في بلدة الصير أو الصيرة وهي رأس الخيمة حسب ما ذكره لي الباحث الفرنسي الدكتور جون لامبير.

إن الأصوات الغنائية المتوارثة التي كان يؤديها الجميع بآلة القنبوس ثم بالعود في عُمان والخليج خاصة، تعود نصوصها ومعظم ألحانها إلى عدد من هؤلاء المطربين الشعراء الجوالين والمهاجرين. إن تاريخ الغناء العودي المعاصر وقوالبه الفنية اللحنية والإيقاعية التي ذكرتها سابقا، يبدأ من القرن السابع عشر الميلادي مع يحيى عمر، ثم في القرن الثامن عشر مع المطربين الحضرميين خو علوي، علي أحمد زامل ومعاصريهما. وهكذا تدريجيا نحو القرن التاسع عشر مع المطرب والشاعر الكويتي عبدالله الفرج. وشهاب أحمد في مسقط، ومحمد بن فارس وعبدالرحيم العيسري اليماني في البحرين في مطلع القرن العشرين. وفي هذه الفترة الزمنية تقريبا تفيدنا الروايات عن اسم عازف القنبوس والمطرب الشاعر الغنائي محمد العيدروس في مدينة صلالة، وربما هو ذلك الشخص الذي ورد ذكره في بعض المصادر الحضرمية بنفس الاسم منسوب إلى آل الحبشي. وكان منهم من وصلنا اسمه فقط دون أن نعرف له لحنا أو نصا شعريا مثل: شهاب أحمد في مسقط، وعبدالرحيم العيسري اليماني كمشاهير غناء الصوت في وقتهم، يلجأ إليهم المطربون للتدريب ومعرفة جديد الأصوات، وآخرون توارث المطربون آثارهم الفنية، وظلت أسماؤهم محفوظة، مما يدل على مكانتها ودورها الفني.

وتذكر المصادر التاريخية والروايات الشفهية المسجلة التي اطلع عليها كاتب هذه المداخلة أن المطرب شهاب أحمد (المسقطي) كان واحدا من أهم مطربي الصوت ومصادره في المنطقة كلها، وقد كان هذا الفنان -الذي لا نعرف عنه الكثير من المعلومات- معاصرا لفنان آخر ظلم كثيرا، وهو الفنان المعروف في البحرين بعبدالرحيم العيسري اليماني وهو أستاذ المطرب البحريني محمد بن فارس، وقد كان العيسري يعزف العود باليد اليسرى، فربما لهذا السبب سمي بالعيسري وهو معروف في بلاده الأصلية حضرموت من المطربين المهاجرين، عاش فترة طويلة متنقلا بين البحرين والهند ثم رجع إلى حضرموت ومات فيها، وقد رثاه القاضي الفنان عبدالله محمد باحسن في قصيدة مشهورة.

وبطبيعة الحال، فإن هذا التسلسل التاريخي المبدئي -الذي ترويه المصادر التي أشرت إليها، ويصل بنا إلى القرن السابع عشر الميلادي، بشأن الغناء الطربي وأهم آلاته القنبوس ثم العود الكامل- سيحتاج حتما إلى إضافات مستمرة للمعلومات والأسماء، بحيث يستوعب قائمة كبيرة من الأسماء التي شكل تراثها الغنائي والشعري وأسلوب عزفها الهُوية الثقافية والفنية للغناء في منطقتنا الممتدة من حضرموت وعُمان جنوبا إلى البحرين والكويت شمالا.

وقد ترسخ هذا التراث الغنائي العودي مع ظهور التسجيلات السمعية ونشأة تجارة الأسطوانات منذ مطلع القرن العشرين وشيوع استعمال العود الكامل، ولا يمكن في الوقت ذاته، فصل تطوره الفني عما يدور في الطرف الغربي من الجزيرة العربية في اليمن والحجاز، على الرغم من أن القوالب الفنية اللحنية والإيقاعية للغناء العودي وأساليب أداء مطربي الطرف الشرقي من الجزيرة العربية، ليست هي كذلك عند مطربي الطرف الغربي، الذين لهم أيضا قوالبهم الفنية اللحنية والإيقاعية العودية، وربما أشهرها الموشحات الصنعانية والمجسات الحجازية.

إن الصوت والعوادي والختم، كانت ولا تزال أبرز أنماط الغناء العودي في شرق الجزيرة الغنائية، وأن الصوت بشكل خاص هو الفن الغنائي الأشهر والمميز لعُمان والخليج عامة، والكويت والبحرين خاصة حتى عرف بالصوت الخليجي كرمز ثقافي وفني لهذه المنطقة، وكان فيهم أشهر وأبرز مطربي هذا الفن حتى ظهور الأغنية وتجارة الأغنية وسوقها في السبعينيات.

إن المطرب والشاعر الغنائي حمد حليس هو أستاذ سالم الصوري، إلا أنه لم يسجل أسطوانات قبله، ونعتقد أن حليس كان على صلة ما مع شهاب أحمد في مسقط وربما تأثر به، فقد روى لي ابنه المطرب عوض حليس أنه كان يحضر مع والده وهو صغير السن جلسات غنائية خاصة لشهاب أحمد في ضواحي مسقط.

ولكن هل يمكن النظر إلى الغناء العودي المعاصر باعتباره تطورا عن طرب الآلة القديم الذي ذكره الأعشى في النص المقتبس أعلاه؟

إن هذا ما أحاول إثارته باختصار في هذه السطور معتمدا على الآلات المستعملة والقالب الفني والآلات الإيقاعية والأداء الحركي للزمن المشترك بينها. وهكذا وكما أعرف من دراسة ميدانية -قمت بها سابقا- أن فرقة بيت توفيق في صلالة بشكل خاص تتوارث أصوات الشرح منذ أكثر من قرن من الزمان، ورغم أنها تخلت عن استعمال عود القنبوس منذ فترة زمنية غير محددة، فإن هذا الفن العريق وأصواته التراثية تحتفظ باسم الآلة كما هو موثق في أرشيف مركز عُمان للموسيقى التقليدية. لهذا أعتقد أن نموذج الـ«تخت» عند فرقة بيت توفيق في صلالة، وفرق الزربادي في حضرموت الأقدم في الجزيرة العربية الذي لا يزال لحد ما يحتفظ ببعض تقاليده الفنية القديمة وآلاته الموسيقية المزهر والقصبة الوارد ذكرهما في الشعر العربي منذ العصر الجاهلي إلى جانب الآلات الإيقاعية المعرفة بالمهجر والمرواس. علما أن استعمال الآلات الوترية والزامرة، يتم حسب توفرها مع العازفين عليها، كما نلاحظ مثلا عند فرق الشرح في مدينتي قريات ومسقط التي تكتفي بالآلات الإيقاعية وفي مقدمتها آلة المرواس. وفي الواقع كان الكثير من الفقهاء في المنطقة يفتون بعدم جواز استعمال أنواع الآلات العودية بشكل خاص، مما أثر على استعمالها وتطور صناعتها.

استعمال آلة العود الكامل يحدث فارقا فنيا في الأداء، من آلة مصاحبة للمطرب إلى آلة العازف الصولو.

وهكذا فإن استعمال آلة العود الكامل وهو امتداد لتراث الأول، قد أحدث فارقا فنيا في تطور مهارات العازفين المطربين وأنماطهم الغنائية وأداء أصواتها التي وقعت الإشارة إليها وأغاني التسميع في صلالة، كما هو عند المطربين العوادين هم: سالم الصوري، وحمد الصوري ود جاش، وعبدالكريم بن علي الغساني، وسالم بن علي سعيد وعوض حليس، وجمعة فائل وغيرهم لا للحصر.

فمنذ السبعينيات من القرن العشرين تضخم عدد المطربين العوادين المشتغلين في الغناء بعد الانفتاح العظيم الذي قام به السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- فبرز عدد كبير من هؤلاء المطربين كان أشهرهم وأهمهم سفير الأغنية العُمانية سالم بن علي سعيد -رحمة الله عليه. ويمكن اعتبار ظهور العازف المنفرد (الصولو) كان مع نشأة الأغنية العُمانية الحديثة منذ سبعينيات القرن العشرين، والحاجة إلى العازفين الماهرين على مختلف الآلات الموسيقية منها بطبيعة الحال، ومع مرور الوقت والسنوات منذ ذلك الوقت يبرز عدد من هؤلاء العازفين الذين لهم تسجيلات عزف صولوهات منفردة في الأغنيات العُمانية الحديثة ومنهم كاتب هذه المداخلة.

ورغم أننا منذ هذه الفترة الزمنية -وخاصة مطلع هذا القرن الحادي والعشرين- من هنا يمكن استعمال مصطلحين مهمين: العواد المطرب، والعواد الصولو، للدلالة على هذا السياق، إلا أن هذا التطور الفني نحو بروز العازفين الماهرين المتقنين لمختلف مدارس عزف العود، لم يبرز بقوة، إلا منذ تأسيس الجمعية العُمانية لهواة العود التي كان مديرها المؤسس المطرب وعازف العود فتحي بن محسن البلوشي ثم كاتب هذه المداخلة لفترة قصيرة من الزمن.

وكما أن هذه الجمعية استطاعت أن تسهم في إبراز صناعة آلة العود، إلا أن دورها الذي نجحت فيه هو ترسيخ العازف المنفرد غير المغني والمتخصص بهذه الآلة والمتقن لمهارات عزفها العراقية والشامية والمصرية. ومن أهم العازفين في هذه الجمعية: سالم المقرشي، ويعقوب الحراصي، ونبراس الملاهي، وخالد التويجري، ويوسف اللويهي وغيرهم.

وكان الاهتمام الرسمي بهذه الآلة العريقة كآلة مصاحبة للغناء، نشأ منذ سبعينيات القرن العشرين مع تأسيس فرق موسيقية منها الخاصة تحت رعاية سامية، أو مؤسسات حكومية، إلا أن العمل التوثيقي الأهم لآلة العود بدأ منذ تأسيس مركز عُمان للموسيقى التقليدية الذي قام بدور مهم خلال السنوات الماضية في إطار عنايته بتوثيق آلات الموسيقى العُمانية التقليدية عامة والعود خاصة، وقد توِّج ذلك الاهتمام بتنظيمه ملتقى دوليا للعود بمناسبة مسقط عاصمة الثقافة العربية عام 2006 وأصدر بالتزامن مع تلك المناسبة كتاب بعنوان: «آلة العود بين دقة العلم وأسرار الفن» للأستاذ الدكتور محمد قطاط الذي أصبح منذ ذلك الوقت واحدا من أبرز المصادر والمراجع للدارسين.

وفي هذا الشأن كان الباحث قد قدمها في كتاب مصور بعنوان: «آلات الموسيقى التقليدية العُمانية» وصدر في عام 2004 من قبل مركز عُمان للموسيقى التقليدية تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمود قطاط.

الخاتمة

إن آلة العود كانت ولا تزال آلة أساسية في الغناء العُماني قديما وحديثا، ورغم إهمال التوثيق في القرون الماضية بما لا يتناسب ما مكانة عُمان وتاريخيها الثقافي والفني، فإن الكاتب يتطلع إلى الحاضر والمستقبل بثقة كبيرة، بأن الفن العُماني سيعود إلى مكانته ودوره البارز.

وكان كاتب هذه المداخلة المتواضعة قد اهتم اهتماما شخصيا بهذه الآلة كعازف وباحث، من هنا تأتي أهمية هذه المعلومات البسيطة والمهمة في هذه المداخلة وهي معلومات مستقاة من روايات موثقة في أرشيف مركز عُمان للموسيقى التقليدية، إلى جانب مصادر تاريخية وأدبية عُمانية وخليجية ويمنية ودراسات وبحوث نشرت لي سابقا، يجد المهتم بعضها موثقا هنا في المصادر والمراجع.

مسلم الكثيري موسيقي وباحث

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القرن العشرین هذه الآلة آلة العود الع مانیة الع مانی سالم بن ع مانیة فی هذه إلا أن ع مانی من هنا

إقرأ أيضاً:

برّي يرفض كلام برّاك.. السفير الاميركي: المفاوضات المباشرة هي مدخلٌ للحلّ

تتجه الأنظار إلى ثلاثة استحقاقات اساسية مرتقبة، الأول في 18 الجاري، وهو الاجتماع التحضيري لعقد مؤتمر دعم الجيش مطلع العام المقبل، بحضور فرنسي أميركي سعودي وقائد الجيش رودولف هيكل. اما الاستحقاق الثاني فهو في 19 الجاري، حيث تستعيد "الميكانيزم" دورها كمنصة سياسية أساسية، مع المشاركة الثانية للسفير سيمون كرم ممثلًا لبنان في اجتماعاتها.

الاستحقاق الثالث في 29 الجاري، إذ تتجه الأنظار إلى البيت الأبيض حيث سيُعقد لقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وسط معطيات تشير إلى أن الملف اللبناني سيكون على الطاولة.

داخليا، أثارت زيارة ثانية في يومين للسفير الأميركي ميشال عيسى إلى عين التينة التكهنات والتفسيرات، عما إذا كان عيسى يتولى مهمة نقل رسائل وأفكار واقتراحات في إطار وساطة "موازية" للتفاوض بين لبنان وإسرائيل كما أشار إلى ذلك الموفد الأميركي السابق توم برّاك. ولكن مصادر عين التينة قالت إن الزيارة عادية كون السفير حضر أول من أمس إلى عين التينة برفقة وفد مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان.

وكتبت" الديار": يحاول رئيس مجلس النواب نبيه بري ملء الفراغ السيادي بمواقف «رسائل» الى الداخل والخارج في ظل مخاطر جدية تهدد الكيان اللبناني، ولان المسالة ليست «مزحة»، برايه، خرج عن صمته بالامس ليس فقط للرد على تجاوزات المبعوث الاميركي توم براك المصر على ضم لبنان الى سوريا، بل لمحاولة ايجاد مناخ وطني عام يمكن البناء عليه لمواجهة الطروحات الخارجية المسمومة، وفي هذا السياق، يعمل الرئيس بري على استغلال «الكيمياء» الواضحة مع السفير الاميركي الجديد ميشال عيسى الذي زاره مرتين خلال ال24 ساعة الماضية، لمحاولة ايجاد قناة تواصل مباشرة مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، باعتباره صديقا شخصيا، للسفير الذي ابدى رغبته صراحة بالانفتاح على «عين التينة» باعتبارها حاجة ضرورية في هذه الظروف الحساسة، تعوض غياب قنوات التواصل مع حزب الله!

وفي هذا السياق، تشير مصادر مطلعة على اجواء «عين التينة» الى ان الرئيس بري يعتقد ان المنطقة ولبنان في سباق مع الوقت قبل الاجتماع بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو في نهاية الجاري، وهو اكتشف بعد العديد من اللقاءات مع المبعوثين الاقليميين والدوليين كافة، ان  لا قدرة لاحد على التاثير في «اسرائيل»، باستثناء الرئيس ترامب، ولهذا يعمل جاهدا على ايصال الموقف اللبناني الواضح والشفاف الى البيت الابيض بعيدا عن «عصبة الاشرار» من لبنانيين، واميركيين خصوصا في الكونغرس، وهو يتوسم خيرا من العلاقة الشخصية بين السفير الاميركي والرئيس ترامب، وثمة جهد يبذل في هذا الاطار، لنقل رسالة مباشرة الى الرئيس الاميركي لشرح الوضع من وجهة النظر اللبنانية، ومحاولة ايجاد ثغرة يمكن النفاذ منها لتغيير الواقع المتفجر، والانتقال الى مرحلة  الاستقرار. وقد اقترح بري حصول هذا التواصل، ولم يمانع عيسى ذلك.

وكتبت " نداء الوطن": يحاول السفير عيسى إقناع الرئيس بري بضرورة تأمين مصالح الطائفة الشيعية في لبنان بعد مرحلة "حزب الله". وقد علم من مصادر أميركية مواكبة للقاء، أن برّي لا يمانع في التوصل إلى اتفاق سلام، لكنه غير مطمئن للوعود الأميركية، وقد اشترط على عيسى اعلانًا اسرائيليًا لوقف العدوان على لبنان كمدخل وحيد لتوسيع الوفد المفاوض، وإشراك شيعيّ وسنيّ ودرزيّ إلى جانب السفير سيمون كرم لإضفاء إجماع وطني على خطوات السلام مع إسرائيل.

وفي السياق قال مصدر سياسي لـ "نداء الوطن" إن "لبنان بدا وكأنه يشتري الوقت في ملف حصرية السلاح، لكن هذا الهامش لم يعد مفتوحًا كما كان، خصوصًا بعد انتقال الوفد اللبناني في اجتماعات "الميكانيزم" إلى وفد برئاسة دبلوماسي هو السفير سيمون كرم، وهذا التحوّل، رغم ما يعكسه من محاولة لإظهار مرونة سياسية وتقنية، يجعل خفض التصعيد محكومًا بسقف محدّد، لأن استمرار الأداء اللبناني بالصيغ نفسها من دون تغيير جوهري سيُبقي احتمالات الانزلاق إلى سيناريوات خطيرة قائمة، وربما أقرب مما يعتقد كثيرون".

واكد المصدر أن "الطرح الإسرائيلي بإقامة منطقة عازلة شمال الحدود مرفوض رسميًا وشعبيًا ووطنيًا، ولبنان لا يمكن أن يقبل بأي صيغة تمسّ بسيادته أو تعيد إنتاج واقع احتلالي جديد بوسائل مختلفة، لا سيما أن الظروف الداخلية مهما بلغت صعوبتها لا تجعل البلاد في وارد منح إسرائيل مكاسب سياسية أو أمنية، والتعاطي الدولي مع هذه المسألة يضع لبنان أمام اختبار إضافي حول قدرته على تثبيت موقف متماسك رغم الضغوط".

واشار المصدر إلى أن "المشكلة الأعمق تكمن في غياب استراتيجية تفاوض واضحة، فلبنان يدخل الاجتماعات الأساسية بلا إطار موحّد أو خطة مكتملة لمحاكاة الوضع القائم أو استشراف مآلاته، ما يحمّل السفير كرم عبئًا كبيرًا في ابتكار أفكار تخدم المصلحة اللبنانية وتمنع الفراغ التفاوضي من التحول إلى نقطة ضعف بنيوية، والخلل نفسه ينسحب على مقاربة الملفات الجوهرية الأخرى، إذ لا تملك الدولة رؤية جامعة لمسار التعامل مع القضايا السيادية والأمنية، الأمر الذي يجعل كل خطوة تتم في سياق ردّ الفعل لا المبادرة، وتصحيح هذا المسار بات حاجة ملحّة لأن أي تأخير إضافي سيضع لبنان على تماس مباشر مع خيارات صعبة قد لا يكون قادرًا على تحمّل تبعاتها".

وكشف السفير الأميركي في الأمم المتحدة مايك والتز، أن بلاده «تعمل على تقليص حجم قوة الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان «اليونيفل» حتى لا يستخدمها حزب الله غطاء لعملياته».
ونقلت" الاخبار" عن مصادر مطلعة أن كلام والتز يمهّد لشيء ما تجاه هذه القوات لجعل «الميكانيزم» هي الإطار الوحيد لمتابعة وضع الجنوب، مشيراً إلى أن «الفرنسيين متخوّفون من هذا الأمر، وكان هذا الملف جزءاً من نقاشات لودريان في بيروت».

مواقف بري
وجدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري امس التشديد على ما وصفه بـ«مسلّمات التفاوض» عبر لجنة «الميكانيزم». وحول اتفاق وقف إطلاق النار والمفاوضات سأل بري: «أليست لجنة الميكانيزم إطاراً تفاوضياً؟ هناك مُسلَّمات نُفاوض عليها عبر هذه اللجنة هي: الانسحاب الإسرائيلي، انتشار الجيش اللبناني، وحصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني بيدِ الجيش اللبناني، وهذه اللجنة هي برعاية أميركية فرنسية وأممية»، مضيفاً: «قلت، أكثر من مرة، إنه لا مانع من الاستعانة بأي شخص مدني، أو تقني إذا لزم الأمر ذلك، بشرط تنفيذ الاتفاق».

وقال بري، إن لبنان «نفّذ منذ تشرين الثاني 2024، كل ما هو مطلوب منه، والجيش اللبناني انتشر بأكثر من 9300 ضابط وجندي بمؤازرة قوات اليونيفل، التي أكّدت، في آخِر تقاريرها، ما نقوله، لجهة التزام لبنان بكل ما هو مطلوب منه، في حين أن إسرائيل خرقت هذا الاتفاق بنحو 11000 خرق».

وردّ بري على كلام المُوفد الأميركي توم برّاك لجهة «ضمّ لبنان إلى سوريا»، قائلاً: «لا أحد يهدّد اللبنانيين، لا يُعقل أن يجري التخاطب مع اللبنانيين بهذه اللغة على الإطلاق، خاصة من الدبلوماسيين، ولا سيما من شخصية كشخصية السفير توم برّاك، وما قاله عن ضمّ لبنان إلى سوريا غلطة كبيرة غير مقبولة على الإطلاق».

ونُقل عن عيسى قوله أمام عدد كبير من السياسيين والإعلاميين الذين التقاهم على مدى الأيام الماضية، إنه يهتم بتعزيز المناخ السياسي الذي بدأ مع تعيين السفير السابق سيمون كرم في لجنة المفاوضات.

وأضاف أن واشنطن «تعمل على فتح هذه القنوات وتعزيزها، وأن المفاوضات هي مباشرة بمعزل عن الشكل الذي تُعرض فيه الأمور، وأنْ لا مجال للتوصّل إلى حل من دون هذه المفاوضات». وكرّر السفير الأميركي لأكثر من مرة، بـ«أن بلاده لا تريد توسيع الحرب، ولكنها تتفهّم هواجس إسرائيل، وتعلم أنها لا تربط عملها العسكري بالمفاوضات، بل بتحقيق هدف نزع سلاح حزب الله».
  مواضيع ذات صلة "حزب الله" يرفض المفاوضات غير المباشرة أيضاً Lebanon 24 "حزب الله" يرفض المفاوضات غير المباشرة أيضاً 12/12/2025 05:12:34 12/12/2025 05:12:34 Lebanon 24 Lebanon 24 براك: المفاوضات المباشرة بين إسرائيل وسوريا خلال زيارة الشرع المرتقبة إلى واشنطن تشكل محاولة للوصول إلى اتفاق أمني بشأن الحدود بين البلدين بحلول نهاية العام Lebanon 24 براك: المفاوضات المباشرة بين إسرائيل وسوريا خلال زيارة الشرع المرتقبة إلى واشنطن تشكل محاولة للوصول إلى اتفاق أمني بشأن الحدود بين البلدين بحلول نهاية العام 12/12/2025 05:12:34 12/12/2025 05:12:34 Lebanon 24 Lebanon 24 الحرب الأوكرانية تدخل عامها الثالث دون أفق للحل وسط خلافات أميركية-روسية-أوكرانية Lebanon 24 الحرب الأوكرانية تدخل عامها الثالث دون أفق للحل وسط خلافات أميركية-روسية-أوكرانية 12/12/2025 05:12:34 12/12/2025 05:12:34 Lebanon 24 Lebanon 24 نقاش أميركي-فرنسي في مضمون كلام براك...قاسم ينتقد نصار وسعيد Lebanon 24 نقاش أميركي-فرنسي في مضمون كلام براك...قاسم ينتقد نصار وسعيد 12/12/2025 05:12:34 12/12/2025 05:12:34 Lebanon 24 Lebanon 24 رئيس مجلس النواب نبيه بري الأمم المتحدة دونالد ترامب الإسرائيلي اللبنانية نبيه بري حزب الله الاميركي قد يعجبك أيضاً فرنسا متخوفة من التهديد الإسرائيلي للبنان.. واجتماعات ثلاثية في باريس الاسبوع المقبل Lebanon 24 فرنسا متخوفة من التهديد الإسرائيلي للبنان.. واجتماعات ثلاثية في باريس الاسبوع المقبل 22:05 | 2025-12-11 11/12/2025 10:05:44 Lebanon 24 Lebanon 24 مشاورات لا تهدأ Lebanon 24 مشاورات لا تهدأ 17:33 | 2025-12-11 11/12/2025 05:33:13 Lebanon 24 Lebanon 24 اجتماع طبي دولي في بيروت يكرّس التميّز الأكاديمي اللبناني Lebanon 24 اجتماع طبي دولي في بيروت يكرّس التميّز الأكاديمي اللبناني 16:59 | 2025-12-11 11/12/2025 04:59:16 Lebanon 24 Lebanon 24 مقدمات نشرات الأخبار المسائية Lebanon 24 مقدمات نشرات الأخبار المسائية 16:16 | 2025-12-11 11/12/2025 04:16:08 Lebanon 24 Lebanon 24 هجوم مُركّز من "التيّار" على وزير الطاقة Lebanon 24 هجوم مُركّز من "التيّار" على وزير الطاقة 16:04 | 2025-12-11 11/12/2025 04:04:35 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة شقيقة المبدع جورج خباز.. ممثلة لبنانية تتعرض لحادث سير مروّع (فيديو) Lebanon 24 شقيقة المبدع جورج خباز.. ممثلة لبنانية تتعرض لحادث سير مروّع (فيديو) 08:38 | 2025-12-11 11/12/2025 08:38:32 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصورة... شخصٌ واحدٌ فاز بأكبر جائزة "لوتو" في تاريخ لبنان Lebanon 24 بالصورة... شخصٌ واحدٌ فاز بأكبر جائزة "لوتو" في تاريخ لبنان 13:34 | 2025-12-11 11/12/2025 01:34:13 Lebanon 24 Lebanon 24 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات Lebanon 24 حالات تسمّم في بلدة لبنانية.. أكثر من 70 مصابا بينهم راهبات 07:14 | 2025-12-11 11/12/2025 07:14:37 Lebanon 24 Lebanon 24 مداهمة في الأشرفية… وتوقيف مجموعة داخل منزل مُشتبه به Lebanon 24 مداهمة في الأشرفية… وتوقيف مجموعة داخل منزل مُشتبه به 04:39 | 2025-12-11 11/12/2025 04:39:36 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد تعرّضها لحادث سير ونقلها إلى المستشفى... ما هو وضع الممثلة لورا خباز الصحيّ؟ Lebanon 24 بعد تعرّضها لحادث سير ونقلها إلى المستشفى... ما هو وضع الممثلة لورا خباز الصحيّ؟ 11:21 | 2025-12-11 11/12/2025 11:21:06 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 22:05 | 2025-12-11 فرنسا متخوفة من التهديد الإسرائيلي للبنان.. واجتماعات ثلاثية في باريس الاسبوع المقبل 17:33 | 2025-12-11 مشاورات لا تهدأ 16:59 | 2025-12-11 اجتماع طبي دولي في بيروت يكرّس التميّز الأكاديمي اللبناني 16:16 | 2025-12-11 مقدمات نشرات الأخبار المسائية 16:04 | 2025-12-11 هجوم مُركّز من "التيّار" على وزير الطاقة 15:48 | 2025-12-11 بعد عامين… تحرّك في الكونغرس لمساءلة إسرائيل عن استهداف صحافيين فيديو هل بدأ العدّ التنازلي لعمل عسكري أميركي ضد فنزويلا؟ Lebanon 24 هل بدأ العدّ التنازلي لعمل عسكري أميركي ضد فنزويلا؟ 10:00 | 2025-12-11 12/12/2025 05:12:34 Lebanon 24 Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! Lebanon 24 محمد اسكندر يطلق " انسى وطنش ".. وملكة جمال تُشاركه الكليب ! 05:09 | 2025-12-06 12/12/2025 05:12:34 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) Lebanon 24 بسعر منافس جداً.. إطلاق هاتف جديد بقدرات تصوير مميزة (فيديو) 04:00 | 2025-12-06 12/12/2025 05:12:34 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • اتفاق لتوسيع مشاركة المؤسسات العُمانية في معرض "مراعي" بالبحرين
  • ياسمين عبد العزيز: الشهرة تمنعني أخرج مع أي شخص خوفًا من كلام الناس
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • ما الذي تخطط له العدل الإسرائيلية بشأن العفو الرئاسي عن نتنياهو؟
  • برّي يرفض كلام برّاك.. السفير الاميركي: المفاوضات المباشرة هي مدخلٌ للحلّ
  • موسيقى الحرس السلطاني العماني تشارك في مهرجان الدوحة الدولي للموسيقى والمشاة بقطر
  • قيادة عُمانية لحدث عالمي
  • ندوة عُمانية كورية لتعزيز التعاون في مجال الإدارة المستدامة للموارد المائية
  • اللجنة العُمانية القطرية المشتركة تستعرض مسارات تعزيز التعاون الثنائي
  • كلام غير دقيق عن السوريين