رحلة الإسراء والمعراج لم تكن حدثًا عاديًا.. شاهد القصة كاملة
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
رحلة الإسراء والمعراج لم تكن حدثًا عاديًا، بل كانت معجزةً إلهيَّة متكاملةً أيَّدَ الله بها نبيَّهُ محمدًا -عليه الصَّلاة والسَّلام-، ونَصَر بها دعوتَهُ، وأظهَرهُ على قومِه بدليلٍ جديدٍ ومعجزةٍ عظيمةٍ يعجزُعنها البَشر؛ إذ أسرى بهِ من المَسجدِ الحرامِ في مكَّةَ إلى المسجدِ الأقصى في مدينةِ القدس؛ِ لِيُسرِّيَ عنهُ ما لَقيَهُ من أهلِ الطَّائف، ومن آثارِ دعوتِه، وموتِ عمِّهِ وزوجَتِه، ثمَّ عَرَجَ بِهِ إلى السَّماواتِ العُلى؛ ليريَهُ من آياتِهِ الكبرى.
وعلى الرّغمِ من عدمِ ذكرِ الحادثةِ تصريحًا في آياتِ القرآنِ الكريمِ، إلَّا أَّنها اشتَملت إشاراتٍ تُؤيِّدُ صحَّتها، منها ما وَرَدَ في قوله –تعالى-: « وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ*عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ*مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ*لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ».
توقيتِ رحلةِ الإسراءِ والمعراجِ قولانِقيلَ في توقيتِ رحلةِ الإسراءِ والمعراجِ قولانِ: فَنُقِلَ أنَّها وَقَعت قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَقِيلَ قبلَها بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وأمَّا موضِعُ بدايَتِها ففيهِ أيضًا قولانِ: أوّلهما من المَسجِدِ الحَرامِ؛ إذ كانَ رسولُ اللهِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- نَائِمًا فِي الْحِجْرِ، فَكانَت انطلاقةُ الرِّحلةِ من موضِعه، وَثانيِهما من بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، وثلَّثَ آخرونَ بقولِ: كُلُّ الحرَمِ مسجِد.
حِكايةُ الإسراءبدأت حِكايةُ الإسراء كما يرويها صاحِبُته -عليهِ أفضَل الصَّلاةِ وأتمُّ التَّسليمِ-، بِقدومِ ثلاثةٍ من الملائكةِ الكِرامِ، بينَهمجبريلُ وميكائيلُ، فجعلوا جَسدَ رسولِ اللهِ لِظهرهِ مستقبِلًا الأرضَ وهو نائم، ثمَّ شقُّوا بطنَهُ، فغسَلوا ما كانَ بهِ من غلٍّ بماءِ زمزمَ، ثمَّ ملؤوا قلبَه إيمانًا وحِكمةً، ثمَّ عَرَضَ له لبنًا وخمرًا، فاختارَ الرَّسولُ الكريمُ اللَّبنَ فشَرِبهُ، فبشَّرهُ جبريلُ بالفِطرة، ثمَّ أركبَهُ جبريلُ دابَّةً يُقالُ لها البُراقُ، فانطَلَق بهِ البُراقُ إلى المسجدِ الأقصى يسوقُهُ جبريل، فأنزَلَهُ طيبَةَ، فصلَّى بها، وأخبرهُ ما يكونُ من هجرتِه إليها، ثمَّ أنزلَهُ طورَ سيناءَ حيثُ كلَّمَ الله موسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى بهِ، ثمَّ أنزَلهُ بيتَ لحم مولِدَ عيسى عليهِ السَّلامُ، فصلَّى فيها، ثمَّ دنا بهِ إلى بيتِ المقدِسِ فأنزَلهُ بابَ المَسجِدِ، ورَبَطَ البراقَ بالحلقةِ التي كان يربط بها الأنبياءُ، ثمَّ دخلَ المسجد ليَلتقي أنبياءَ الله المبعوثينَ قبلَه، فسلَّموا عليهِ، وصلّى بهم ركعتَين.
أحداثُ المعراجِ هل ليلة الإسراء والمعراج معجزة؟.. سعد الهلالي يرد مشاهد الإسراء والمعراج الصحيحة كما جاءت في القرآن الكريم والسنة هل هناك عبادة مخصصة لليلة الاسراء والمعراج؟
بدأت أحداثُ المعراجِ بصعودِ الصَّخرة المُشرَّفة؛ إذ سارَ جبريلُ بالرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- إليها، ثمَّ حملَهُ منها على جناحِهِ؛ ليصعَدَ بهِ إلى السَّماءِ الدُّنيا، ويتجلَّى بها بعدَ أن استفتَح واستأذن، فاطَّلعَ الرَّسولُ على بعضِ أحداثِ السَّماءِ الأولى، ثمَّ ارتقى بهِ جبريل إلى السَّماء الثَّانيةِ، فاستفتحَ، فأُذِنَ لهُ، فرأى فيها زكريا وعيسى بن مريمَ عليهم سلام الله جميعًا، ثمَّ ارتقى به جبريلُ إلى السَّماءِ الثَّالثةِ، فرأى فيها يوسف عليه السَّلام، ثمَّ ارتقىبه جبريلُ إلى السَّماءِ الرَّابعةِ وفيها إدريسُ، ثمَّ إلى الخامسةِ وفيها هارون، ثمَّ ارتقى بهِ إلى السَّادسةِ وفيها موسى، ثمَّ إلى السّابعة وفيها إبراهيمُ عليهم صلواتُ الله جميعًا وسلامه، ثمَّ انتهى بهِ جبريلُ إلى سدرةِ المُنتهى.
وتقدَّمَ جبريلُ بالرّسول - صلّى اللهُ عليه وسلّم- إلى الحِجابِ وفيهِ مُنتهى الخَلق، فاستَلمَهُ مَلَكٌ، وتخلَّفَ عنه جبريل، فارتقى بهِ المَلَكُ حتَّى بَلَغَ العرشَ، فأنطقَهُ اللهُ بالتَّحيَّاتِ، فقال -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ وَالصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ»، وفيهِ فُرِضت الصَّلاةُ خمسينَ صلاةً على النَّبيِّ وأمَّتِهِ كلَّ يومٍ وليلةٍ.
ثمَّ صَحِبهُ جبريلُ – عليه السلام- فأدخلهُ الجنَّةَ، فرأى من نَعيمها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ثمَّ عرضَ عليهِ النَّارَ، فَنَظَرَ في عذابِها وأغلالِها، ثمَّ أخرجَهُ جبريلُ حتَّى أتيا نبيَّ اللهِ موسى، فأرجَعهُ إلى ربِّهِ يسألهُ التَّخفيفَ، فخفَّفَ عنهُ عشرًا، ثمَّ أرجَعهُ موسى فسألهُ التَّخفيفَ، فخفَّفَ اللهُ عنهُ عشرًا، ثمَّ لم يَزلْ بينَ ربِّهِ وموسى حتَّى جَعلَها الله خمسَ صلواتٍ في اليومِ واللَّيلَةِ، ثمَّ أرجَعَهُ موسى إلى ربِّهِ يسألهُ التَّخفيف، فأعرَض الرَّسولُ عليه الصَّلاة والسَّلامُ عن ذلكَ؛ استحياءً من الله تعالى وإجلالًا، فناداهُ ربُّه: « إنِّي قد فرضْتُ عليكَ وعلى أمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَالْخَمْسُ بِخَمْسِينَ، وَقَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي»، ثمَّ عادَ بهِ جبريلُ إلى مضجَعِهِ، وكلُّ ذلِكَ في ليلةٍ واحدةٍ.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الإسراء والمعراج ليلة الاسراء والمعراج سبب الاسراء والمعراج قصة الإسراء والمعراج معجزات الإسراء والمعراج شهر شعبان موعد شعبان موعد شهر شعبان معنى رفع الاعمال دعاء شهر شعبان دعاء شعبان فضل شهر شعبان موعد رمضان هلال شعبان دار الافتاء الاعمال الصيام صيام الإسراء والمعراج إلى الس
إقرأ أيضاً:
الحج .. رحلة الروح إلى اليوم الآخر
فـي كل عام يحتشد الملايين من المسلمين ملبين أذان أبينا إبراهيم عليه السلام عندما قال الله عز وجل له: «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ» وهم يلبسون لباسا واحدا على صعيد واحد، يؤدون مناسك الحج فـي مشهد مهيب يستحضر فـي الأذهان مشاهد يوم القيامة، فكل نسك من أعمال الحج يرسم فـي أذهاننا مشهدا مصغرا لمشاهد الآخرة، وهذه المشاهد ليست مرتبطة بالحاج فقط، وإنما يجب على المسلمين جميعا أن يجسدوها فـي ذواتهم ويحجوا بأرواحهم من خلال تأملاتهم فـي نسك الحج، وأن يربطوا تلك الأعمال بحياتهم اليومية، ليكونوا فـي نقاء وصفاء كما يعود الحاج من حجه المبرور كيوم ولدته أمه نقيا وصفحته بيضاء ناصعة.
ولو بدأنا من اللحظة التي يتهيأ فـيها الإنسان للذهاب إلى الحج من أداء ما عليه من حقوق وأمانات وديون للناس ليقبل على الله متخلصا من حقوق العباد، طالبا عفو الله وصفحه وكرمه، واختيار الحملة والرفقة الصالحة التي تبلغه غايته، ثم يقوم بتوديع أهله، وهو بمثابة وداعه الأخير الأبدي عنهم وهو مقبل على الله متخلص من علائق الدنيا.
وعندما يخلع الحاج لباسه المعتاد ويرتدي لباس الإحرام الأبيض فكأنما يخلع الدنيا بكل ملذاتها وزينتها ومناصبها ويقف مجردا أمام الله كما يبعث الناس يوم القيامة لا يتفاضلون فـي لباس أو زينة، وهذا الذي يجب أن تكون عليه نية من لم يوفقه الله للذهاب إلى الحج وهو يعيش هذه الأيام العشر، فـيجب عليه أيضا أن يلبس نية الإقبال على الله، وأن يخلع كل عادة أو عمل يحجبه عن الله، وأن يطهر قلبه من الغرور والكبر والحسد والكراهية، وأن يجعل من عباداته وصلواته لحظات إحرام يخلع فـيها كل ما سوى الله.
وإذا أتينا إلى الركن الأكبر من أركان الحج وهو الوقوف بعرفة، وهذا الركن لا يكتمل الحج إلا به، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «الحج عرفة» هذا اليوم يجسد يوم الوقوف الأكبر بين يدي الله، وهو صورة مصغرة ليوم الجمع، حين يجتمع الناس فـي صعيد واحد حفاة عراة ينتظرون رحمة الله ويجأرون إلى الله بالدعاء والدموع، «يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ» فهو يوم يعرف فـيه الإنسان قدره، ويتذكر مصيره ويستعد للقاء ربه، ينتظر رحمة الله أن تنزل عليه، وتمحى فـيه ذنوبه، ويعفو عنه ربه، ففـي هذا اليوم يعتق فـيه الناس، ويهدم فـيه عمل الشيطان، ويمتلأ قلب الشيطان غيظا، ويصبح فـي هذا اليوم صغيرا حقيرا مدحورا وهذا ما أخبرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ما رُئيَ الشيطانُ يومًا هو فـيه أصغرُ ولا أدحرُ ولا أحقرُ ولا أغيظُ منه يومَ عرفةَ وما ذاك إلَّا لما يرَى من تنزُّلِ الرحمةِ وتجاوُزِ اللهِ عن الذنوبِ العظامِ، إلَّا ما كان من يومِ بدرٍ فقيل: وما رأَى يومَ بدرٍ ؟ قال : أما إنَّه قد رأَى جبريلَ عليه السلامُ وهو يَزَعُ الملائكةَ»، فعلى المسلم من لم ينل شرف الوقوف بعرفة، أن لا يفرط فـي ثواب هذا اليوم، فليكثر من عمل الصالحات من صيام وصدقة وإقبال على الله ومناجاته والبكاء بين يديه واستمطار رحمته ومغفرته.
وحين يبيت الحاج بمزدلفة، بعد وقوفه بعرفة فإنما يبيت فـي مرحلة انتظار بين الوقوف والجزاء، ينام بجوار الملايين من حوله، ولكن لا يشعر إلا بنفسه وربه، فـي سكينة واطمئنان، وقبل ذلك يجمع الحصى، ويجهزه، وهو ينتظر الفجر حتى يرجم الشيطان وكل ما يغضب ربه، من المعاصي والذنوب والآثام.
وعندما تشرق الشمس يبدأ برمي الجمرات وهو يستحضر رمي كل جمرة فـي داخلنا، فـيرجم شيطان الغفلة، والهوى، وكل ذنب أو عادة لا يرتضيها الله للمؤمنين، كما يستحضر الموقف الذي حاول فـيه إبليس اللعين أن يثني أبينا إبراهيم عن القيام بأمر الله الذي كان يمثل البلاء العظيم الذي نجح فـيه أبو الأنبياء عندما انقاد إلى أمر الله واستطاع أن يتغلب على نفسه وعلى الفطرة من أجل الاستجابة للخالق، الذي أمره أن يذبح ابنه، وبسبب هذا التسليم والطاعة والانقياد وتحقيق معنى العبودية، أثابه الله بأن استبدل ذبح ابنه بأن أنزل عليه الله كبشا من الجنة يكون أضحية لله بدلا من أن يضحي بابنه، فالاستجابة لأمر الله ورجم وساوس الشيطان يؤدي إلى النجاح ويحقق معنى العبودية الحقة لله تعالى.
وكأن الطواف بالبيت، وخاصة طواف الوداع، يشبه طواف الأرواح حول عرش الرحمن، فـي ختام الرحلة، حيث يترك الحاج الكعبة بقلب متعلق، وعين دامعة، وروح مشتاقة، وهي تعود إلى الحياة بعد تأدية هذه المناسك العظيمة، وهي موقنة بلقاء الله، وعازمة على استئناف العمل بعد أن جعل الله الحاج خاليا من الذنوب كيوم ولدته أمه، فالله تعالى يقول: «فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا». إن لم تستطع أن تحج ببدنك، فلا أقل من أن تحج بروحك كل يوم، واجعل كل سجدة عرفة، وكل صلاة طوافا، وكل دمعة هديا، وكل يوم إحراما جديدا، وهذه المواسم التي أهدانا الله إياها هي محطات للتزود بالفضل العظيم والثواب الجزيل، للوصول إلى مرضاته، والتعلق بأستار ثوابه.