في الوقت الذي تجددت فيه نبرة الغضب الشعبي وعادت بقوة إلى الشارع المصري وسط حديث عن "ثورة جياع" قد تطيح بالنظام العسكري الحاكم، قابل أنصار رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، وبعض المستفيدين منه طوال 10 سنوات حكمها، تلك الحالة بالدفاع المستميت عنه.

الشارع المصري قبيل عملية "طوفان الأقصى" 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، كان يموج بمؤشرات الغضب من نظام السيسي، إلا أنه مع حرب الإبادة الدموية الإسرائيلية على 2.

3 مليون فلسطيني في غزة تراجعت تلك الحالة طوال 4 أشهر ليعود الغضب مجددا، مع تفاقم الأوضاع إلى حد لم يعد يتحمله المصريون.

"مقاطع غضب"
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت مقاطع غاضبة وأخرى تحذر السيسي من الثورة عليه وأخرى تبشر بقدوم ثورة جياع تقوم بها الطبقات الفقيرة الغاضبة والجائعة، وبينها مقطعا لمواطن مصري يمزق ملابسه، ويعلن أنه لم يعد يتحمل هذا الوضع.

تحذير عاجل⚠️
جميع الشواهد تدل على ان الوضع في مصر يتجه نحو كارثة وسيتطور إلى ثورة جوع وغضب لن تقوم بها الطبقة المتوسطة المستاءة كما حدث في ثورة يناير انما ستقوم بها طبقات الشعب المسحوقة الجائعة وستكون ثورة جياع دموية مرعبة تختلف عن كل ما رأيناه فى السابق !
على جميع المصريين… pic.twitter.com/7mhFPNCOkH — Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) January 30, 2024
وقال آخر: الشعب متعب وجوعان مع تفاقم الأسعار، مشيرا إلى قدوم "ثورة، وثورة جياع"، مؤكدا أن "الشعب لو نزل الشارع هيخرب الدنيا".

"انزل السوق وشوف الأسعار"..
مواطن يحذر السيسي من ثورة بسبب الغلاء pic.twitter.com/k6uQ3sLNmg — شبكة رصد (@RassdNewsN) February 5, 2024
وقالت سيدة مصرية للسيسي: "أنت أوصلتنا للدمار، والشعب المصري كله خلاص مستبيع، وهتقوم القيامة عليك، علشان أنت اللي وصلتنا لكدا، انت واللي مرقصهم معاك".

سيدة مصرية لسيسي انت وصلتنا لدمار
والشعب المصري كله خلاص مستبيع وهتقوم القيامة عليك علشان انت اللي وصلتنا لكدا انت واللي مرقصهم معاك #المعفن_الجربوع_الاقرع #السيسى_خربها #ارحل_يا_سيسي #خربتها_يابن_اليهوديه #انا_مصر_انت_مين#انا_المصرى_اولى_ببلدى pic.twitter.com/rTowUPRzeM — ???? شهرزاد???????? (@shahrzad_msr) February 5, 2024
وإزاء عشرات المقاطع الغاضبة والمحذرة من ثورة الجياع، ‏فإن المثير هو خروج منتفعين من نظام السيسي لمواجهة حالة الغضب تلك، والدفاع عن السيسي، وتوجيههم السباب للمصريين، ما يدفع للتساؤل: إلى أي مدى يمكن للسيسي المراهنة على دعم المستفيدين من نظامه بمواجهة حالة الغضب الشعبي؟.

وأثارت مصرية صاحبة شركة استثمار عقاري في العاصمة الإدارية الجديدة، الجدل بما وجهته من سباب للمصريين الذين ينتقدون السيسي، قائلة: "ربنا ينتقم من أي حدي يتكلم على سيادة الرئيس، عمالين تدعو عليه، وعاوزين تملوا الكروش، وهو مدعوك معانا في مواجهة صفقة القرن والإخوان".

وخاطبت المصريين من منتقدي السيسي: "احترموا نفسكم، محدش بيتكلم على رئيسه، ياشوية شمامين"، مطالبة إياهم بمنع أكل "الزيت والسكر والمكرونة والأرز".

البلحاوية دول اكيد فيه حاجة في عقلهم .. مش طبيعين ابدا ????‍???? pic.twitter.com/jyLOGDpMdb — Sᑎᑎᗩ㋛︎???? (@snnawnnas) February 2, 2024
وعبر فضائية "المحور"، دافعت المذيعة بسمة وهبة، زوجة البرلماني وضابط أمن الدولة السابق علاء عابد، عن السيسي، نافية أن يكون وحكومته هما سبب رفع الأسعار، قائلة: "مش عاوزة أرمي مصايبي على الحكومة، ولا الرئيس"، مطالبة المصريين بالتقشف وتقليل الاستهلاك بقولها: "اوعى تتكسف وانت بتشتري ربع كيلو لحمة".

الرئيس غير مسؤول !! #مزيد pic.twitter.com/QTqBsGwoz1 — مزيد - Mazid (@MazidNews) February 4, 2024
وعبر برنامج "حضرة المواطن"، بفضائية "الحدث" المحلية، قال الإعلامي سيد علي، تعليقا على مخاوف المصريين من الأسعار في شهر رمضان: "رمضان شهر الصيام وليس شهر الأكل".

وفي اتصال بالبرنامج، حمًل نقيب الجزارين يوسف البسومي، المربين سبب تخطى كيلو اللحم 400 جنيها، مدافعا عن الحكومة وإجراءاتها، ومطالبا المصريين بعدم أكل اللحوم قائلا: "لو ماكلناش لحمة مش هنموت"، وفق موقع "المال" الاقتصادي.

سياسيون، مصريون تحدثوا إلى "عربي21"، عن رؤيتهم حول حجم حالة الغضب الشعبية وإلى أي مدى يمكن أن تصل، ودور المستفيدين من السيسي في وأدها، وإمكانية مراهنة السيسي على دعمهم له بمواجهة أي غضب قادم.

"لن ينفعه المرتزقة"
وقال السياسي المصري الدكتور عبدالموجود الدرديري: "للشعوب إرادة لا يمكن التنبؤ بمتي، وكيف تمارسها؟، وكل نظام له ثلة منتفعين، وكلما زاد فساده ازداد فساد تابعيه، وهؤلاء دائما يدافعون عن مصلحة ولي نعمتهم".

القيادي بحزب "الحرية والعدالة"، أضاف لـ"عربي21": "ولكل شيء حدود؛ فالغضب القادم غضب الشعب المغدور، ولـ10سنوات يعطي الفرصة تلو الأخرى لعل الأمور تنصلح، لكنها ازدادت سوءا، ولذا لن يصبر طويلا بل اقترب من الانفجار بوجه من خدعوه وخاصة كبيرهم".


وأشار إلى أنه "بنى القصور واشتري أسطول طائرات من مال الفقراء، وأقام مشروعات لا جدوي اقتصادية منها، بل وكمم الأفواه وسجن الأحرار، وأفسد التعليم، وخرب الصحة، والشعب المقهور يصبر لعله يجد نورا نهاية نفق العسكر لكن دون جدوى".

وقال البرلماني السابق، إنه "يصادر ليس حاضرهم بل مستقبل أبناءهم، وسكت أبناء مصر رغم الألم المكتوم على مذابح الاحتلال لأهلنا بفلسطين ظنا منهم أن هذا الألم المكتوم يشفع لهم عند من يدير الأمور، فازداد الفساد، وارتفعت الأسعار".

وواصل: "وكأني أري الغضب الشعبي الموجه للنظام كله يتحرك داخل المخلصين من أبناء الشعب المقهور، وربما يترجم هذا الغضب لتحركات قوية نافعة للشعب ولأهل فلسطين، وهنا لم ولن ينفع النظام وقوف المرتزقة معه".

وختم: "وقد يكون الشعب تعلم من تجاربه بضرورة تغيير المنظومة الحاكمة كاملة لينعم الجميع بخير مصر الكثير، في ظل نظام مدني يحترم إرادة شعبه ويحقق كرامته وعدالته".

"تهديد لمكاسبهم"
السياسي المصري حاتم أبوزيد، من جانبه قال إن "الغضب الشعبي ناتج عن ضيق الأحوال المعيشية، لذا فهو غضب اجتماعي وليس سياسي أيديولوجي"، موضحا أنه "ينبغي إعلام الجماهير أن ضيق الأحوال سببه سياسي، وناتج عن نظام شرير لا يأبه للإصلاح، ولا يقيم للناس وزنا".

القيادي بحزب "الأصالة"، أضاف لـ"عربي21" أن "تعديل الأوضاع الاجتماعية لن يتم إلا بالإصلاح السياسي، وأزمة البلاد الاقتصادية سياسية بالأساس، وأن إصلاح السياسية عبر استبعاد النظام والتخلص منه سيعقبه تحسن بصورة ما للأوضاع الاقتصادية".

وأوضح أنه "لو نجحت حالة ثورية في التخلص من النظام يمكن لها باليوم التالي استرداد ما فرط فيه من ممتلكات مصر، ويمكن للثورة إن حكمت أن تقول إنها لم تقترض شيئا، ومن ثم تفاوض العالم في إسقاط الديون، وهنا ما يرهق ميزانية البلاد من استحقاقات الآن، لن يكون له محل".

ويعتقد أنه "سيكون من واجبات الثورة لو أدارت البلاد وكانت ثورة حقيقية لا مجرد عملية تغيير لجلد النظام، استعادة الأموال التي نهبها رجال النظام الحالي، ونظام المخلوع، فكلها أموال الشعب المقهور وكفيله بإنعاش الاقتصاد المتعثر".

وختم بالقول: "لذا فالمستفيدين من النظام يتخوفون من ثورة حقيقية يرونها تهديدا لمكاسبهم وسلطانهم، فيدافعون عن أنفسهم ومصالحهم، بل سيقاتلون لو اقتضى الأمر، ولن يتهاونوا بمواجهة الشعب لو انتفض، فأي انتفاضة شعبية واعية ستقابل بالقوة والغشم".

"مجرد هالة ظل"
وفي تعليقه قال السياسي المصري عماد الدين صابر : "نظام السيسي يواصل ثنائية الفشل والقمع، وكلما ازداد فشلا ازداد قمعا، وهذه المعادلة تكاد تصل بالمجتمع للانفجار".

البرلماني السابق، أضاف لـ"عربي21" أنه "فشل في توفير مقومات الحياة للمصريين، وتحول الغلاء لغول يلتهم الأسر من كل الطبقات، والأسعار تتزايد يوميا بشكل مرعب، في ظل أزمة طاحنة في توفير العملة الصعبة التي يزيد سعرها بشكل مستمر ما يعقد عملية الاستيراد ويهدد توفر السلع الرئيسية".
وأوضح أنه "في المقابل، لا يملك حلولا علمية للأزمات المركبة سوى مسكنات وحلول وهمية لا تلبث أن تتبدد وتعود الأمور لطبيعتها القاسية على المصريين، في أوضاع غير مسبوقة، ما لم تجد حلولا جذرية فإنها تهدد بانفجار مجتمعي وثورة جياع".


صابر، خلص للقول: "والحل ينحصر بتغيير سياسي شامل، ورحيل النظام بكل مكوناته، ومصالحة مجتمعية حقيقية، وخطة إنقاذ وطنية تدرك سفينة الوطن".

وأكد أن "المستفيد من الفساد من يدافع عنه، والسيسي خلق حوله نخبة منتفعة تتسابق لدعمه والدفاع عنه، وهذا الدعم مربوط بالمصلحة وليس الاقتناع بأداء النظام، وقد ينفض عنه الجميع إذا انزلقت الأحداث وتنامى السخط الشعبي".

وختم حديثه مؤكدا أن "السيسي لا يراهن على الداخل بقدر ما يراهن على الخارج فى دعمه، والداخل مجرد هالة ظل لا يقاس عليها، لأنه في النهاية القبضة الأمنية ودعم الخارج هما عماد خيمة استمرار السيسي".

"تجمعت الأسباب"
وفي رؤيته لتأثير حالة الغضب الشعبية وإلى أي مدى يمكن أن تصل، يعتقد الباحث والمحلل السياسي عزت النمر، أن "الغضب الشعبي وصل مرحلة غير مسبوقة، وأننا أمام حالة غليان لم يصلها الشارع بأي وقت من تاريخ مصر الحديث، بل وتفوق الحراك ضد نظام حسني مبارك".

النمر، في حديثه لـ"عربي21"، يرى أن "الجديد الآن أن أسباب الغضب تجمعت لتنتج احتقانا مشبوبا، فالواقع السياسي ودور مصر السيسي بحصار وإبادة الشعب الفلسطيني كفيل برفع حالة الغضب".
"إضافة لحالة الاختناق، والقهر السياسي، والانسداد، التي أحدثها السيسي ويرعاها العسكر، تساهم في غضب عارم، فضلا عن مسببات سياسية كثيرة للاحتقان والغضب".

ولفت إلى أنه "في المقابل يعيش الشعب حياة اجتماعية كئيبة؛ بتفشي الإدمان والعنف، والتفكك الأسري وشيوع الطلاق، وتردى الخدمات وانهيار التعليم، وغير ذلك كثير".

واستدرك: "لكن يظل الانهيار الاقتصادي والغلاء والحالة البائسة التي عصفت بالجميع؛ فانهارت الطبقة الوسطى وانضمت فئات كثيرة من أغنياء ما قبل الانقلاب -فضلا عن المستورين- لطبقات شديدة الفقر، ووصلنا لمستويات غير مسبوقة من الفقر والعوز، بشهادات مؤسسات حكومية فضلا عن التقارير الدولية".

ويرى أن "الواقع الاقتصادي البائس صنع حالة احتقان وغضب بكل بيت، وضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي رغم سيف القهر والتخويف الذي يمارسه النظام، مضيفا: "هذه الحالة لا أقول مرشحة للانفجار؛ بل أؤكد أن الواقع المعيشي والاقتصادي يشي بأن بركان الغضب مسألة وقت".

"ديكتاتورية غبية"
وعن دفاع المستفيدين من السيسي عن نظامه، يعتقد الباحث المصري، "أننا أمام حالة مكرورة من الديكتاتورية الغبية تحشد حولها أذناب السلطة والمنتفعين، وتحيط نظامها السلطوي الفردي بغلاف سمج من الخونة والاتباع وتجار الأوطان والساقطين، تسيطر بهم على مؤسسات مؤثرة كالإعلام والقضاء والفن والرياضة، فضلا عن الدولة البيروقراطية العميقة".

وأضاف: "ومن هؤلاء أيضا شبكات الإجرام القديمة وأساطين المخدرات، والجميع شاهد السيسي بنفسه وهو يخرج هشام طلعت مصطفى من السجن وهو متهم بجريمة قتل عمد ليجلس بمؤتمراته في الصفوف الأولى، فضلا عن عهده الذي شهد رموز نظامه من عينة صبري نخنوخ وإبراهيم العرجاني وبانجو وبرايز، وغيرهم كثير".

وأكد أن "هؤلاء هم صناعة السيسي والعسكر؛ يرفلون في المال الحرام والسلطة والحماية؛ من نظام استطاع أن يربط مصالحهم ببقائه، لذا فهم يستميتون بالدفاع عنه ويعيشون سكرة أن يحدثوا الشعب بالنعمة التي يعيشون هم فيها، حتى يصبح حديثهم نفسه ووجودهم سببا إضافيا لاحتقان الجماهير وغضبها".


ولا يعتقد النمر، أن "نظام السيسي يراهن على دعم المستفيدين من نظامه لمواجهة حالة الغضب الشعبي، فهذه كانت مرحلة قصيرة ببداية الانقلاب، حينما استغلوا سذاجة الكثيرين وضحكوا عليهم بالوعود والأكاذيب".

ويعتقد أنه "اليوم بعد الفشل الطافح، وحالة الضياع والسقوط التي جنتها مصر، والانهيار الاقتصادي والفقر والجوع، لا أظن أن السيسي يراهن على هؤلاء الذين لن يستطيعوا الوقوف بوجه الجماهير إذا غضبت، فهؤلاء هم فقط للمشاغلة وحسب".

ويرى أن "ما يراهن عليه السيسي حاليا هي سطوة الدبابة وإجرام الداخلية والجيش، فضلا عن ظنه أن الخارج سيحميه"، معتبرا أن "هذا غباء لرجل أدار المخابرات الحربية، وشاهد أن كل من راهن على ذلك انتهى نهاية أليمة، كالقذافي وبن علي، ورئيسه مبارك".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصري السيسي غزة الاقتصادي مصر اقتصاد السيسي غزة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المستفیدین من نظام السیسی یراهن على غضب الشعب pic twitter com فضلا عن من نظام

إقرأ أيضاً:

التصعيد الأمريكي الانتقامي في مواجهة تحذيرات القيادة اليمنية.. لن نظل مكتوفي الأيدي

يمانيون – متابعات
واصل العدوُّ الأمريكيُّ تصعيدَه العدوانيُّ ضد الشعب اليمني والذي يأتي؛ بهَدفِ الانتقامِ من الموقف المسانِدِ لغزةَ.

و دفعت واشنطن بحكومةِ المرتزِقة لاتِّخاذِ المزيدِ من القرارات؛ لزيادة المعاناة الإنسانية والاقتصادية للشعب اليمني؛ الأمر الذي يعيد إلى الواجهة تحذيرات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الأخيرة والتي أكّـد فيها أن صنعاء لن تقف مكتوفة اليدين ولن تكون مكبلة إزاء التصعيد، وستتخذ الإجراءات اللازمة ضد أي طرف متورط، بما في ذلك السعوديّة التي تلقت قبل أَيَّـام تحذيرات صريحة من القيادة الثورية والسياسية بشأن عواقب الانخراط في هذا التصعيد.

وطالبت وزارة الاتصالات التابعة لمرتزِقة العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي، مطلع هذا الأسبوع، شركات الاتصالات العاملة في العاصمة صنعاء والمحافظات الحرة بنقل مراكزها المالية والإدارية إلى عدن المحتلّة، وتسديد مبالغَ مالية لحكومة المرتزِقة تحت عنوان “مديونيات ورسوم تراخيص وضرائب”.

وجاء ذلك على ضوء قرار البنك المركزي التابع للمرتزِقة في عدن الذي طالب فيه البنوكَ التجارية والمصارف العاملة في صنعاء بنقل مراكزها إلى عدن المحتلّة؛ الأمر الذي رفضته البنوك؛ لأَنَّه يمثل استهدافًا للقطاع المصرفي.

وكانت وكالة بلومبرغ الأمريكية قد كشفت قبل أَيَّـام أن خطوةَ البنك المركزي التابع للمرتزِقة جاءت “بدعم من الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين، ومن المرجَّح أنها حصلت على موافقة ضمنية من السعوديّين، الذين يموِّلون حكومة عدن والبنك المركزي هناك” حسب الوكالة.

وأضافت بلومبرغ أن ذلك يأتي توازياً مع عمل الولايات المتحدة وحلفائها على ممارسة ضغوط ضد صنعاء للحد من العمليات البحرية التي تنفذها القوات المسلحة “من خلال استهداف مصادر الإيرادات” حسب قولها، وهي إشارة إلى استهداف القطاع المصرفي.

وأكّـدت الوكالة أن واشنطن أبلغت السعوديّة بأنه “لا يمكن المضي قدماً في خارطة الطريق التي تقودها الأمم المتحدة” ما لم تتوقف الهجمات اليمنية البحرية.

وتبرهن معلومات “بلومبرغ” صحة ما أكّـدته القيادة الثورية والسياسية الوطنية خلال الفترة الماضية حول وقوف الولايات المتحدة الأمريكية وراء كُـلّ الإجراءات التصعيدية ضد اليمن، بدءًا بعرقلة خارطة الحل المتفق عليها مع النظام السعوديّ، وحتى القرارات الأخيرة لحكومة المرتزِقة بشأن نقل مراكز البنوك وَأَيْـضاً نقل مراكز شركات الاتصالات، حَيثُ تهدف هذه القرارات بوضوح إلى فرض عقاب اقتصادي على الشعب اليمني؛ مِن أجلِ إجباره على التخلي عن موقفه المساند لغزة.

وفي هذا السياق أَيْـضاً، فقد دفعت واشنطن بحكومة المرتزِقة إلى إصدار تعميماتٍ عبر وزارة النقل التابعة لها؛ لإجبار وكلاء ومكاتب السفر على نقل توريدات الرحلات الجوية إلى حسابات جديدة تسيطر عليها حكومة المرتزِقة؛ مِن أجلِ نهبها، مهدّدة بحظر المبيعات على الوكلاء في حال عدم الالتزام بذلك، وهو ما تزامن مع عدم جدولة الرحلات المتفق عليها من مطار صنعاء الدولي لشهر يونيو، في تصعيد واضح يهدف لإعادة إغلاق المطار وتشديد الحصار على الشعب اليمني.

هذه القرارات -التي لم يعد هناك شك في وقوف الولايات المتحدة وراءها بشكل مباشر- وضعت السعوديّة أَيْـضاً أمام اختبار حساس؛ لأَنَّ التصعيد الاقتصادي ومضاعفة معاناة الشعب اليمني يرتبط بشكل مباشر بالتزامات السلام التي كانت صنعاء قد توصلت إليها مع الرياض؛ وهو ما يعني أن الأخيرة معنية باتِّخاذ خطوات لفصل نفسها عن التصعيد؛ لأَنَّ استمرار دعمها للمرتزِقة يمثل اشتراكًا مباشرًا في الإجراءات العدوانية ضد الشعب اليمني؛ وهو الأمر الذي حرصت القيادة الوطنية على توضيحه مؤخّراً من خلال تحذيرات مباشرة وجهها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والمجلس السياسي الأعلى للنظام السعوديّ من عواقب التورط في التوجّـه الأمريكي للانتقام من الشعب اليمني.

وقد وجّه قائد الثورة في كلمته، يوم الخميس الماضي، رسالة أكثر وضوحًا لمختلف أطراف تحالف العدوان، بأن الشعب اليمني لن يقف مكتوف اليدين ولن يكون مكبَّلًا في مواجهة التصعيد الاقتصادي أَو العسكري، وسيتخذ كُـلّ ما يلزم من إجراءات الردع؛ وهو ما يعني أنه لن تكون هناك أية اعتبارات دبلوماسية أَو سياسية تُقَيِّدُ خيارات صنعاء والقوات المسلحة اليمنية في الرد على التصعيد.

ويبدو أن النظام السعوديّ هو أكبر المعنيين بهذه الرسالة؛ نظرًا لاطمئنانه إلى تفاهمات مرحلة “خفض التصعيد” التي ربما أصبح يظن أنها ستحميه من عواقب التورط في تنفيذ توجّـهات واشنطن الانتقامية ضد الشعب اليمني؛ بذريعةِ “الضغوط الأمريكية”.

وفي هذا السياق، وعلى ضوء تحذيرات قائد الثورة، أكّـد عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محافظ محافظة ذمار، محمد البخيتي، أنه “رغم مماطلة السعوديّة في استكمال تنفيذ بنود الاتّفاق المتعلقة برفع الحصار كليًّا ودفع مرتبات الموظفين وإطلاق سراح الأسرى وسحب قواتها من اليمن إلا أننا لم نلجأ للتصعيد منذ انتهاء الهدنة في مايو ٢٠٢٢”.

وَأَضَـافَ أن “لجوء السعوديّة للتصعيد ونحن في حالة حرب مباشرة مع أمريكا؛ مِن أجلِ فلسطين سيكلِّفُها الكثير”.

وأوضح البخيتي أن “تشديد الحصار على بنوك اليمن ووقف خط الرحلات الجوية الوحيد ما بين صنعاء وعَمان هو قرار أمريكي لمعاقبة اليمن” معتبرًا أن “مسارعة السعوديّة لتنفيذ هذا القرار يضاعف معاناة اليمنيين وينتهك تفاهم خفض التصعيد ويؤكّـد أن السعوديّة كانت تبيِّتُ النية بعدم استكمال تنفيذ الاتّفاق المتعلق بدفع مرتبات الموظفين”.

هذه التحذيرات والرسائل تضع السعوديّة أمام ضرورة التحَرّك؛ للحفاظ على تفاهمات خارطة الحل التي كان قد تم التوصل إليها، والتي لم يعد الأمريكيون يتحرجون من إعلان رفضهم لها بكل صراحة، وذلك من خلال الانفصال بشكل عملي عن مسار التصعيد الأمريكي؛ لأَنَّ النظام السعوديّ لا يستطيع الركون إلى بقاء تلك الخارطة كخط رجعة ثابت في الوقت الذي يستمر فيه بدعم المرتزِقة وتنفيذ الرغبات الأمريكية في الإضرار بمصالح الشعب اليمني ومضاعفة معاناته الإنسانية التي لا تزال السعوديّة تتحمل مسؤولية إنهائها.

ولعل من أهم المسارات -التي ينبغي على النظام السعوديّ التحَرّك فيها؛ لتجنب عواقب التورط في التصعيد الأمريكي- هو المضيَّ نحو تنفيذ خارطة الحل بمعزل عن الرغبات الأمريكية، وهو ما كانت القيادة الثورية والسياسية قد أشَارَت إليه في عدة مناسبات خلال الفترة الماضية، من خلال نصحها للنظام السعوديّ بالانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى مرحلة اتّفاق السلام الواضح، والذي يضمن إنهاءَ كافة أشكال التدخل في شؤون اليمن، بما في ذلك دعم المرتزِقة الذين يواصلون استهداف الشعب اليمني تحت المِظلة السعوديّة.

مقالات مشابهة

  • iOS 18.. آبل تكشف عن أحدث نظم تشغيل آيفون
  • التصعيد الأمريكي الانتقامي في مواجهة تحذيرات القيادة اليمنية.. لن نظل مكتوفي الأيدي
  • الأوضاع الاقتصادية تسهم في تشكيل النظام العالمي الجديد.. ابحث عن الصين
  • لجين الحقيل: للقاضي السلطة التقديرية لمنح الحضانة وفقًا لمصلحة المحضون .. فيديو
  • فض الاعتصام: اندلاع المرحلة الثانية من ثورة ديسمبر
  • مسيرة حاشدة في فانكوفر الكندية تضامناً مع فلسطين واليمن
  • صحيفة روسية: أوكرانيا باتت ساحة لاختبار أسلحة غربية متطورة
  • نظام الثانوية العامة الجديد «إلغاء علمي وأدبي أبرز ملامحه»
  • مسيرة حاشدة في فانكوفر الكندية تضامناً مع الشعبين الفلسطيني واليمني
  • أبرز مميزات وملامح نظام الثانوية العامة الجديد.. اعرف التفاصيل