العراق ولبنان يبرمان مذكرة تفاهم لاسترداد الأموال المهربة
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
7 فبراير، 2024
بغداد/المسلة الحدث: أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، إبرام مذكرة تفاهم مع لبنان في مجالات منع الفساد ومكافحته واسترداد الأموال المُهرَّبة.
وذكرت الهيئة في بيان ورد لـ المسلة، أن رئيس هيئة النزاهة حيدر حنون، وعلى هامش حفل إبرام مُذكَّرة التفاهم بين الهيئتين (هيئة النزاهة العراقيَّة والهيئة الوطنيَّة لمُكافحة الفساد في الجمهوريَّة اللبنانيَّة)، شدد على أن التعاون الدولي يقطع الطريق أمام كبار الفاسدين للفرار من العدالة، مؤكداً أن هيئة النزاهة العراقية داعمة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد اللبنانية وتضع خبراتها المتراكمة في متناول يدها.
ولفت الى أن العراق يعتمد مكافحة الفساد أساس علاقاته مع الدول وتحقيقنا النجاح في ذلك يُمثل انعكاساً للعمل السياسيّ والسياسة الجديدة للدولة العراقيَّة، منوهاً بـ العلاقة الوطيدة بين الشعبين الشقيقين العراقيّ واللبنانيّ، والتعاون الكبير بين مُؤسَّسات الدولتين.
واشار الى ما عاناه الشعبان بسبب الفساد واستنزاف الموارد الماليَّة وذهابها إلى جبوب الفاسدين وصرفها في غير الأبواب المُخصَّصة لها، مُعرّجاً على بعض مهامّ الهيئة وفق قانونها النافذ وتعدُّد تلك المهام من تحقيقيَّةٍ ردعيَّةٍ وأخرى وقائيَّةٍ إلى توعويَّةٍ تثقيفيَّةٍ، مُبدياً استعداد هيئة النزاهة لمساعدة الجهة النظيرة في الدولة اللبنانيَّة والإفادة من تجربتها التي ستقترب من ربع قرنٍ.
من جانبه، أبدى كلود كرم رئيس الهيئة الوطنيَّة لمكافحة الفساد اللبنانيَّة عن تفاؤله بـ تطوير العلاقة بين هيئته وهيئة النزاهة العراقيَّة، مُعرباً عن أمله أنْ تُكلَّلَ هذه العلاقة بالإفادة من التجربة العراقيَّة في مُكافحة الفساد والوقاية منه، وفي مجال ترسيخ قيم النزاهة وأخلاقيَّاتها في الوظيفة العامَّة.
واشار إلى بعض الأزمات والتحدّيات التي واجهت لبنان والأسباب التي أوجبت على الدولة اللبنانيَّة استحداث الهيئة الوطنيَّة لمُكافحة الفساد قبل سنتين، وسن قانون مكافحة الفساد، وجهود لبنان المبذولة في مجالي منع الفساد والوقاية منه، ومكافحته عبر إجراءات التحرّي والتحقيق في ملفَّات الفساد.
وأوضح بيان الهيئة، أن مُذكَّرة التفاهم، التي وقَّعها الطرفان، تهدف الى تعزيز التعاون الثنائي وتبادل الرؤى والسياسات والخبرات والدراسات في شأن التدابير والإستراتيجيات الشاملة المُتَّخذة لمنع الفساد ومكافحته، ومتابعة طلبات المساعدة القانونيَّة وإجراءات تسليم المطلوبين عن قضايا الفساد وإسترداد الأموال المنهوبة وعائداتها المُتحصَّلة عن جرائم الفساد، مع الجهات الوطنيَّة المُختصَّة، فضلاً عن تبادل المعلومات المُتوافرة عن المُتَّهمين والمحكومين والمطلوبين عن قضايا الفساد وأموالهم المنقولة وغير المنقولة بغية تسهيل وتسريع إجراءات تنفيذ تلك الطلبات.
وتضمَّنت موادّ الاتفاق وبنوده تبادل الزيارات الفنيَّة وإقامة البرامج التدريبيَّة المُتقدّمة لتطوير مهارات المُوظَّفين ورفع مستوى أدائهم، والاستفادة من التجارب والخبرات لدى الطرفين، لاسيما في مجالات التحرّي والتحقيق والرصد لحالات الفساد وإسترداد الأموال على وفق آلياتٍ يُتَّفَقُ عليها، وتبادل التقنيات والمعلومات والمصادر العلميَّة في مجال البحث العلميّ والدراسات العليا ذات الصلة بمجالات منع الفساد ومكافحته، وعقد ندواتٍ ومؤتمرات وإجراء التبادل البحثي بغية نشر المعارف بوسائل وأساليب الوقاية من الفساد وترسيخ مُقوّمات النزاهة والشفافية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: هیئة النزاهة
إقرأ أيضاً:
قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد
آخر تحديث: 13 دجنبر 2025 - 9:36 ص بقلم:ادهم ابراهيم أثار القرار الأخير الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، والقاضي باتخاذ إجراءات قانونية بحق كل من يحرض أو يروج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية، موجة من التخوفات المشروعة.
فالقرار، رغم مايراه البعض من هدف معلن يتمثل في حماية الاستقرار، يثير في المقابل تساؤلات مشروعة تتعلق بحرية الرأي والتعبير التي نصّت عليها المادة (38) من الدستور العراقي، وبالخصوص في ظلّ بيئة سياسية معقّدة ومثقلة بإرثٍ ثقيل من الأزمات.
حيث يكفل الدستور العراقي حرية التعبير والصحافة والتجمع، بل يعتبر انتهاك تلك الحريات جريمة يُحاسَب عليها القانون. ويقع على القضاء واجب دستوري أساسي يتمثل في مراقبة التشريعات والقرارات بما يضمن عدم المساس بهذه الحقوق، لأن المساس بها يعني المساس بروح النظام الديمقراطي نفسه. وهنا يتولد السؤال الجوهري: كيف يمكن التوفيق بين قرار كهذا وبين الالتزام الدستوري بحماية الحريات، خصوصاً إذا كانت صياغته قابلة لتأويلات واسعة؟ لقد عانت دول عديدة من صعوبة الانتقال من أنظمة شمولية إلى أنظمة تقوم على سيادة القانون . ومصداقية القضاء، في أي تجربة ديمقراطية، لا تقوم على النصوص وحدها، بل على السلوك القضائي ذاته : النزاهة، الحياد، والالتزام بوقائع القضايا دون تأثير سياسي.فثقة المجتمع بالقضاء ليست ترفاً، بل شرطاً أساسياً لاستقرار الدولة. وحين تتزعزع تلك الثقة، يبدأ المواطن بالتشكيك في قدرة القضاء على حماية الحقوق وتحقيق العدالة. في العراق، تتصدر ملفات الفساد المشهد السياسي، وهي ملفات تمسّ مباشرةً حياة المواطن وخدماته الأساسية: الكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، والإعمار.ومع ذلك، يلاحظ كثيرون أن الادعاء العام لا يتحرك بالزخم نفسه تجاه ملفات الفساد الكبرى، رغم وجود تصريحات علنية واعترافات تُعرض في وسائل الإعلام حول هدر المال العام وتقاسمه. وهذا التفاوت في الحزم يثير تساؤلات لا يمكن تجاهلها:
هل يُحاسَب من ينتقد الفاسدين قبل محاسبة الفاسدين أنفسهم؟ وأين هي المذكرات القضائية بحق سراق المال العام مقارنةً مع إجراءات تُتخذ ضد المنتقدين أو الإعلاميين أو الناشطين؟وهل أصبح النقد السياسي جريمة؟ الخلط بين “إسقاط النظام” كفعل عنفي أو تحريضي، وبين نقد الأحزاب أو المسؤولين، يشكّل خطراً على الديمقراطية.فانتقاد الأداء السياسي، والسؤال عن الخدمات، والاعتراض على الفشل الإداري، والمطالبة بالإصلاح، ليست دعوات لهدم النظام الديمقراطي، بل أدوات لحمايته وتصويبه.
وعندما يصبح مجرد السؤال عن الخدمات العامة مقدمة لاتهام بالترويج لإسقاط النظام، فإن معنى المواطنة يتعرض للاهتزاز، ويصبح الفضاء العام ضيقاً إلى حدّ الاختناق .كما ان هناك ازدواجية خطيرة حيث لا يُحاسَب خطاب الكراهية والطائفية بنفس القدر؟
فبالرغم من وجود قوانين واضحة تجرّم التحريض الطائفي وخطاب الكراهية، إلا أن المحاسبة لا تطال إلا فئات محددة، بينما تبقى فصائل مسلحة وأحزاب تمتلك أذرعاً عسكرية خارج نطاق المساءلة، بالرغم من ان ذلك يشكل خرقاً دستورياً واضحاً. ان القرارات التي تصاغ بعبارات عامة وفضفاضة تمنح السلطة التنفيذية مساحة واسعة للتأويل، قد تتحول مع الوقت إلى أدوات لتكميم الأفواه.وكلما اقترب القضاء من العمل السياسي، أو بدا وكأنه حامٍ للسلطة لا للمجتمع، دخلت الدولة في مسار خطير يهدد جوهر النظام الديمقراطي ويقربه من أنماط حكم استبدادية، حتى لو كانت ترتدي عباءة الديمقراطية . المعركة الحقيقية التي ينتظرها العراقيون ليست معركةً ضد منشور في منصّة إلكترونية، بل معركة ضد شبكة فساد متجذرة تهدر الثروة العامة وتفرغ الدولة من معناها.وحين يرى المواطن أن من يتجرأ على كشف الفساد يُلاحق، بينما من يمارس الفساد يُحمى، فإن الإحباط يتحول إلى غضب، والغضب إلى فقدان ثقة، وفقدان الثقة إلى التمرد. إن بناء دولة قانون حقيقية يتطلب قضاءً مستقلاً لا يخشى مواجهة الفاسدين، ويعتبر حماية المواطن أولوية فوق حماية المسؤول.حماية النظام لا تتحقق بتقييد النقد، بل بتقوية المؤسسات، وتحقيق العدالة، واستعادة ثقة الناس. فالدول لا تنهض بإسكات الأصوات، بل بالاستماع إليها، ولا تستقر بالخوف، بل بالعدالة.والقضاء، بما يمثّله من سلطة مستقلة، هو حجر الأساس في هذا البناء؛ فإذا فقد استقلاله، اهتزّ كل شيء من بعده.