اعتبر تحليل نشرته مجلة ريسبونسبل ستيتكرافت الأمريكية، أن ثمة انقساما كاملا في وجهات النظر والمواقف بين دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، فيما يتعلق بإسرائيل وإيران وجماعة الحوثي اليمنية أظهرت حرب غزة المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم.

ووفق التحليل، الذي كتبه الخبير في السياسة الخارجية، إلدار محمدوف، أنه ففي الوقت الذي تتعمق فيه مواجهات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط مع جهات غير حكومية مدعومة من إيران، بما في ذلك الحوثيين في اليمن وجماعات المقاومة الشيعية في سوريا والعراق، فإن أقرب حلفائها من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي يقفون منقسمين.

وذكر أن هذه الانقسامات تعكس فشلاً طويل الأمد من جانب الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي في التحدث "بصوت واحد" بشأن الشرق الأوسط.

واستشهد محمدوف بتلبية عدد قليل من الدول الأوروبية دعوة الولايات المتحدة إلى تشكيل تحالف دولي؛ لوقف هجمات الحوثي على الشحن الدولي في البحر الأحمر.

وأشار إلى أن البيان المشترك للتحالف تم توقيعه فقط من قبل المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا وبلجيكا والدنمارك وإيطاليا.

وعلى الرغم من ذلك، فإن تلك المجموعة لم ينضم منها سوى بريطانيا والدنمارك وهولندا بالإضافة إلى اليونان إلى تحالف الازدهار بقيادة الولايات المتحدة الذي يهدف لشن عملية عسكرية للرد على الهجمات التي يقودها الحوثيون على السفن المتجهة إلى إسرائيل.

فيما أعربت دول أوروبية أخرى، مثل فرنسا عن تفضيلها لعملية مستقلة بقيادة أوروبية، لحماية ممرات التجارة العالمية في البحر الأحمر، بينما لا يزال هناك دول أخرى مثل إسبانيا، تشكك بضرورة أي عمل مناهض للحوثيين على الإطلاق.

وحتى الآن، كانت بريطانيا هي القوة البحرية الوحيدة التي شاركت في ضربات فعلية ضد الحوثيين (حتى الآن، بنجاح محدود)، كجزء من العملية التي تقودها الولايات المتحدة.

ومن ناحية أخرى، اتفق وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي على إطلاق "عملية أسبيدس" (الحامي) بقيادة الاتحاد الأوروبي للمساعدة في ضمان حرية الملاحة وسلامة حركة المرور التجارية وستكون في البداية تحت قيادة إيطالية.

ويعتبر تأمين الحرية البحرية أمراً حيوياً، حيث أن ما يقرب من 40% من تجارة الاتحاد الأوروبي مع دول آسيا والشرق الأوسط تمر عبر البحر الأحمر، لكن التفويض الدقيق وقواعد الاشتباك لهذه المهمة لا تزال غير واضحة.

ومن المفترض أن يتخذ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قراراً بشأن هذه المسائل في اجتماعهم المقرر في 19 فبراير/شباط.

ومع ذلك، أعلن الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل أن مهمة "أسبيدس" سيكون تفويضها هو حماية السفن واعتراض الهجمات ولن تشارك في الضربات الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين.

 أسباب وجيهة

وذكر الكاتب أنه حتى الآن لا توجد علامة على أن الاتحاد الأوروبي يستعد للانضمام إلى الصراع الأمريكي مع "القوات" المدعومة من إيران في سوريا والعراق، سواء عسكريا أو من خلال الدعم الدبلوماسي.

وأشار إلى أن هناك أسباب وجيهة وراء هذا ضبط النفس، فالطبيعة المفتوحة لالتزام الولايات المتحدة تزيد من مخاطر الصدام المباشر بين الولايات المتحدة وإيران.

وهذا بدوره يمكن أن يحفز إيران على التحرك بقوة للحصول على سلاح نووي كرادع نهائي لأنها بالفعل دولة على عتبة السلاح النووي بحكم الأمر الواقع.

اقرأ أيضاً

الاتحاد الأوروبي يسعى لإطلاق مهمة في البحر الأحمر منتصف فبراير

ومثل هذه الخطوة من شأنها أن تدمر إلى الأبد أي احتمالات للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وهي السياسة التي لا يزال الاتحاد الأوروبي يروج لها.

كما أن زيادة عدم الاستقرار في العراق وسوريا وتدمير الميليشيات الشيعية هناك يمكن أن يخلق الظروف الملائمة لعودة تنظيم الدولة، أعدائه اللدودين، الذين ارتكبوا فظائع على الأراضي الأوروبية وكذلك في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.

ويحذر المسؤولون في الاتحاد الأوروبي منذ بعض الوقت من المخاطر المتزايدة للإرهاب في أوروبا نتيجة لامتداد الحرب في غزة.

حرب غزة

وذكر محمدوف إن هذا يعيدنا إلى السبب الجذري للانقسامات الأوروبية بشأن الحوثيين وسوريا والعراق وإيران وهو وجهات النظر المتباينة بشأن الحملة الإسرائيلية في غزة.

ولفت إلى أنه بالرغم من إدانة كافة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشدة هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم، فإن ردود أفعالها تتناقض مع أولويات مختلفة.

وذكر أن بعض الدول، مثل النمسا وجمهورية التشيك والمجر وألمانيا، تتحالف بشكل وثيق مع إسرائيل، وبالتالي تفضل تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.

وفي المقابل فغن دولاً أخرى، مثل إسبانيا وبلجيكا وأيرلندا وسلوفينيا، وإلى حد ما فرنسا، ترى أن الحرب في غزة والصراع الإسرائيلي الفلسطيني بشكل أكثر عموماً هي السبب الرئيسي وراء الفوضى المتوسعة في الشرق الأوسط.

وتجد تلك الدولة صعوبة متزايدة في تجزئة حرب غزة، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، والتوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والجماعات الشيعية المدعومة من إيران في سوريا والعراق.

ويعتقدون أن اتخاذ إجراء أكثر قوة ضد "جبهة المقاومة" من شأنه أن يقلل الضغط على إسرائيل للموافقة على وقف إطلاق النار في غزة.

ومن غير المرجح أن يؤدي حكم محكمة العدل الدولية، الذي فرض عدداً من التدابير على إسرائيل بشأن سلوكها في الحرب في غزة، إلى سد الخلافات بين بلدان أوروبا، على الرغم من التزام الاتحاد الأوروبي المعلن بالقانون الدولي.

وإضافة لذلك، طال الانقسام الأوروبي أيضا تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، في أعقاب مزاعم إسرائيلية بتورط عدد من الوكالة بهجوم حماس في 7 أكتوبر.

وأعلنت إيطاليا وهولندا والسويد وفنلندا والنمسا ورومانيا ودول البلطيق عن تعليق تمويلها للوكالة، بينما قال أخرون مثل فرنسا وألمانيا، إنهم سينتظرون نتائج التحقيقات بشأن تلك الارتباطات المزعومة بحماس، وتعهدت دول أخرى، مثل أيرلندا والدنمارك وبلجيكا ولوكسمبورج وإسبانيا وسلوفينيا، بمواصلة التمويل.

ولتأكيد الانقسامات بشكل أكبر، لا يزال الاتحاد الأوروبي يفشل في الاتفاق على فرض عقوبات ضد المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، بسبب معارضة المجر وجمهورية التشيك، على الرغم من أن الولايات المتحدة قد أعلنت بالفعل أنها ستتخذ هذه الخطوة.

ولذلك فمن العدل أن نتوقع أن يستمر الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء في التخبط، والاتفاق فقط على القاسم المشترك الأدنى، وهو ما من شأنه أن يزيد من تقييد قدرتها على العمل كعناصر فاعلة ذات صلة في الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً

بعد قطع دول مانحة لتمويلها.. الاتحاد الأوروبي يعلن مواصلة دعم الأونروا

 

المصدر | إلدار محمدوف/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة الاتحاد الأوروبي الحوثيون البحر الأحمر الناتو الضربات الأمريكية البريطانية على الحوثي الاتحاد الأوروبی فی البحر الأحمر الشرق الأوسط فی الشرق حرب غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

CNN: تضاعف صفقات ترامب التجارية في الشرق الأوسط ثلاث مرات منذ ولايته الأولى

كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، في تحقيق موسع أن علاقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية في الشرق الأوسط تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات منذ ولايته الأولى، وسط توسع سريع في مشاريع تشمل ناطحات سحاب فاخرة وملاعب غولف وصفقات عملات رقمية.

وأوضح التقرير أن ترامب، الذي يزور السعودية وقطر والإمارات في جولته الحالية بالشرق الأوسط، يواصل نشاطه في المنطقة "ليس فقط بصفته رئيسا للولايات المتحدة، بل أيضا رب عائلة تواصل إمبراطوريتها التجارية التوسع في ذلك الجزء من العالم".

وأثار هذا التداخل بين النفوذ السياسي والمصالح التجارية قلق خبراء الأخلاقيات، إذ شدد روبرت وايزمان، الرئيس المشارك لمنظمة "بابليك سيتيزن"، على أن "عندما ينتخب الشعب الأمريكي رئيسًا، يتوقع منه أن يعمل لصالحه، لا أن يسعى للربح”.


وأضاف وايزمان، حسب شبكة "سي إن إن"، أن هذه الروابط "تُتيح للقوى الأجنبية فرصةً للتأثير على سياسة الولايات المتحدة".

وأكد التحقيق أن ترامب لم يُخفِ سعيه لدمج المصالح التجارية بالرئاسية، إذ قال في مؤتمر استضافته مجموعة أطلقها صندوق الثروة السيادية السعودي في شباط /فبراير الماضي "لطالما كانت لدي غريزة لكسب المال"، مشيدًا بإنجازاته التجارية إلى جانب ترويج الولايات المتحدة كوجهة استثمارية.

وأشار التقرير إلى أن العديد من مشاريع ترامب في الشرق الأوسط تعتمد على اتفاقيات ترخيص مع مطورين أجانب، فيما تولى أبناؤه إدارة الأصول من خلال صندوق استئماني بعد انتخابه.

وذكر إريك ترامب أن المؤسسة "فخورة للغاية" بتوسيع علامة ترامب التجارية في قطر، عبر شراكة مع شركة "الديار" المملوكة لصندوق الثروة السيادية القطري، وشركة "دار غلوبال".

مع ذلك، نفى متحدث باسم مؤسسة ترامب وجود أي شراكة مباشرة مع الحكومة القطرية، مؤكدا أن الاتفاق يقتصر على "دار غلوبال". 

وسلطت الشبكة الضوء على استثمارات خليجية دعمت مشاريع ترامب، بما في ذلك صفقة مع رابطة "LIV Golf" السعودية، واستثمار ملياري دولار من صندوق الثروة السيادية السعودي في شركة صهره جاريد كوشنر، وسط شكوك بتداخل المصالح الشخصية مع السياسات الرسمية.

وفي السياق ذاته، دعت شركتان إماراتيتان إلى دعم العملة الرقمية التابعة لترامب "وورلد ليبرتي فاينانشال"، حيث أعلنت DWF Labs عن شراء رموز بقيمة 25 مليون دولار، فيما وافقت شركة MGX المدعومة من الإمارات على استخدام العملة ضمن صفقة استثمار بملياري دولار.

ودفع ذلك السيناتورين الأمريكيين جيفري ميركلي وإليزابيث وارن للمطالبة بفتح تحقيق، مؤكدين أن الصفقة "قد تُعرّض حكومتنا لقدرٍ مُذهل من النفوذ الأجنبي"، وفقا للشبكة الأمريكية.

وقال نوح بوكبايندر، رئيس منظمة "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق"، إن "الرئيس الذي يُمارس أعمالا تجارية في دول الخليج يضفي احتراما كبيرا عليها"، لكنه تساءل "ما إذا كان ذلك مكسبا للشعب الأمريكي".


ولفت إلى أن "هذه منطقة حساسة للغاية من العالم، حيث يتعين اتخاذ قرارات بالغة الأهمية بشأن أماكن نشر القوات العسكرية، والاتفاقيات الاقتصادية"، مضيفا "نريد من الرئيس أن يتخذ قراراته بناء على ما يخدم مصلحة الشعب الأمريكي… لا بناء على ما سيكون أكثر فائدة لشركاته".

وذكّرت الشبكة الأمريكية بأن ترامب اختار السعودية كأول وجهة رسمية له بعد توليه الولاية الثانية، مخالفا التقليد الرئاسي بزيارة أقرب الحلفاء الغربيين، وهو ما فسره البعض بأنه امتداد لتحالفه الوثيق مع المملكة منذ ولايته الأولى.

وقال بن فريمان، مدير برنامج السياسة الخارجية في معهد كوينسي، إن "إبرام صفقات إضافية في المنطقة قد يُقوض الأمن القومي"، مشيرا إلى أن "هناك خطرا حقيقيا يتمثل في أن المصالح الشخصية تتغلب على المصلحة الوطنية".

مقالات مشابهة

  • CNN: تضاعف صفقات ترامب التجارية في الشرق الأوسط ثلاث مرات منذ ولايته الأولى
  • الرئيس الفرنسي يدعو الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على “إسرائيل” لوقف العدوان على غزة
  • ماكرون يطالب الاتحاد الأوروبي بتشديد الضغظ على إسرائيل
  • السفير آل جابر يلتقي مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى الاتحاد الأوربي وسفير بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن
  • ترامب لن يزور إسرائيل في رحلته إلى الشرق الأوسط .. فلماذا؟
  • ترامب: سنعمل على أن يكون الشرق الأوسط مركزًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا
  • ما الذي يريده ترامب في الشرق الأوسط؟.. لديه طموحات كبيرة
  • الخارجية الأمريكية: نسعى كي نكون شريكًا أساسيًا مع دول الشرق الأوسط
  • متى تُعلن السعودية التطبيع مع إسرائيل؟.. ترامب يُجيب
  • هل يعود ترامب إلى الشرق الأوسط بمفاجآت؟