لجريدة عمان:
2025-05-27@23:49:34 GMT

الجرح الفلسطيني.. بين غسان أبو ستة ومحمود درويش

تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT

«لا تكتب التاريخ شعرا» يقول محمود درويش لشاعرٍ مهووس بقهر ثور التاريخ الهائج من قرونه حتى يطوّعه لصالح قصيدته. لا، لا تكتب التاريخ شعرا فتلك مهمة الأسلحة التي يطورها الأعداء لمحو أعدائهم؛ إن التاريخ ليس سوى «يوميات أسلحة مدونة على أجسادنا» كما يتابع الشاعر الراحل. ولقد كان هذا بالضبط هو المعنى الشعري-الطبي الذي التقطه طبيب الجرح الفلسطيني وكاتب سرديته، الدكتور غسان أبو ستة، الرجل الذي عايش هذه الحرب والحروب الإسرائيلية السابقة على غزة، ليشرح في أكثر من مناسبة ضرورة أن نقرأ تطورات هذه الحرب من خلال القراءة الطبية للجروح التي تُخلفها في أجساد الفلسطينيين.

في كلام أبو ستة ما يشير إلى أن القراءة السياسية والعسكرية للحرب ستظل قاصرة ما لم تُقرأ هذه الحرب طبيا؛ ولا يكون ذلك إلا بدءا من قراءة طبيعة الجروح والحروق والتشوهات التي يلهث بها سكان القطاع، بعد كل استهداف، نحو أقرب المستشفيات المنكوبة. وكما يراها الجراح وطبيب التجميل الفلسطيني، فإن هذه الجروح المختلفة والحروق والتشوهات الغريبة تكشف عن نوعية الأسلحة الجديدة التي تطورها الصناعة الإسرائيلية (المزيفة) بهدف بيعها لاحقا لدول أخرى، وذلك بعد اختبارها على جسد الشعب الفلسطيني للتأكد من فاعليتها وضمان نجاحها. كما تتصل قراءة الجرح الفلسطيني، طبيا وسياسيا في وقت واحد، بقراءة الأسلوب المنهجي الذي يتبعه العدو الإسرائيلي منذ بداية العدوان في تدمير القطاع الصحي بمنشآته وكوادره ومعداته، وفي صور جنونية رعناء بلغت إلى حد إطلاق النار على الأجهزة الطبية، كما روت شهادات الأطباء في مستشفى الشفاء بعد اقتحامه من قبل القوات الإسرائيلية، حيث كانت أجهزة التنفس وأجهزة غسيل الكلى وأجهزة العناية المركزة، بحد ذاتها، هدفا عسكريا!

وبقراءة الأرشيف الصحي للحروب الإسرائيلية السابقة على غزة سنجد أن استهداف المستشفيات والأطباء وطواقم الإسعاف لم تكن ظاهرة تخص هذه الحرب المستمرة وحدها، بل كانت ظاهرة واضحة على امتداد جميع الحروب السابقة التي شنها الصهاينة على قطاع غزة منذ حرب عام 2008، تلك الحرب التي ما زلت أذكر متابعتي لها عبر التلفزيون وأنا في العاشرة من عمري، يوم أن سمعت لأول مرة بسلاح جديد يدعى «الفسفور الأبيض» الذي كان الطيران الحربي الإسرائيلي يرشه بكثافة على المباني والسكان كما لو أنه يرش مبيدا حشريا على مساحات زراعية مفتوحة.

إذا لم يقتل الجرحُ الجريحَ فإنه سيحدث في أحسن الأحوال تشوها عميقا سيبقى إلى الأبد، وقد يستمر لأجيال، وهذا بحد ذاته يكشف عن نية إسرائيلية لإيجاد مجتمع مشوه مليء بالعاهات والإعاقات المستدامة، إلى جانب كونه منهكا جسديا بفعل الجوع وسوء التغذية وشح المياه الصالحة للشرب وغياب الأدوية والرعاية الصحية، بعد كل جولة يعود فيها المجتمع الغزي من حالة الحرب إلى وضعه «الطبيعي»: الحصار.

علينا أن نتذكر دائما أن جروح الفلسطينيين هي حقائق الحرب الصغيرة، هي الحقائق المجهرية التي لا تبلغ أغوارها الدقة العالية لعدسات المصورين الحديثة، ولا يستطيع حتى الجريح نفسه في أغلب الأحيان أن يقرأ فيها شيئا أبعد من الألم المباشر. تبقى تلك الجروح معالم تتطلب قراءتها أطباء من نوع الدكتور غسان أبو ستة، الذي يحاول بدوره أن يحولها من حالة صحية دامية إلى وثيقة سياسية تفضح العقلية الصهيونية المسكونة بسياسة التطهير العرقي كحل نهائي للصراع الديمغرافي مع الفلسطينيين، الحل الذي يغذيه هاجس بن غوريون القديم حين يصرح عام 1947 بأنه «لا يمكن أن يكون هناك دولة يهودية مستقرة وقوية ما دامت الأغلبية اليهودية فيها لا تتعدى 60 %».

لكننا اليوم لسنا بحاجة لقراءة الخطاب السياسي الإسرائيلي وفحصه للتنقيب فيه عن نوايا إبادة جماعية، إذ يكفي أن نسأل الأطباء الفلسطينيين فحسب عن النوايا الإسرائيلية التي يقرأونها يوميا موشومة على اللحم الفلسطيني.

يُضاف الدكتور غسان أبو ستة اليوم إلى أعلام فلسطين بوصفه طبيب الجرح الفلسطيني، الوسام الذي يستحقه عن جدارة، حتى لو كان الوقت مبكرا على توزيع الأوسمة، لكن ذاك ليس لمجرد خبرته المهنية التي يمارسها بحس إنساني عالٍ في أسوأ الظروف المتخيلة، بل لقدرته على تأمل هذا الجرح من أجل تحديد طبيعة الآثار والتشوهات العميقة التي يخلفها الاستعمار الاستيطاني على الجسد البشري. وهو بذلك يذكرنا بشاعر لطالما وصفناه بشاعر الجرح الفلسطيني، شاعر انبرى لنفس المهمة ولكن بطبيعته اللغوية، إنه محمود درويش الذي كتب هذا الجرح بلغة نستعيدها كل يوم لنستعين بها على وصف الكارثة:

«يا لحم الفلسطيني...

يا حقل التجارب للصناعات الخفيفة والثقيلة،

أيها اللحم الفلسطينيُّ،

يا موسوعة البارود منذ المنجنيق إلى الصواريخ التي صُنِعَتْ لأجلك في بلاد الغرب...».

سالم الرحبي شاعر وكاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: غسان أبو ستة هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

"محسن حيدر درويش" تنظم فعالية للتعريف بمجموعة متنوعة من شاحنات "رام"

 

 

مسقط- الرؤية

نظمت شركة محسن حيدر درويش للمركبات- الموزع المعتمد لشاحنات رام في سلطنة عمان- فعالية "تعرف على عائلة شاحنات رام"، والتي أقيمت في صالة عرضها في الحيل على مدار يومين، حيث استضافت مجموعة من العملاء ووسائل الإعلام وعشاق سيارات الدفع الرباعي.

ولم تكن هذه الفعالية مجرد زيارة لصالة العرض، بل صُممت لتتيح للحضور فرصة لتجربة مدى تنوع وصلابة شاحنات رام الجديدة  MY25، بما في ذلك شاحنة رام 2500 Tradesman الرائعة. وتمكن الضيوف أيضاً من الاستفادة من أسعار خاصة على طرازات مختارة، مما يجعل هذه الفعالية فرصة استثنائية لاكتشاف وامتلاك أحد أكثر الأسماء موثوقية في مجال الشاحنات عالية الأداء.

وأتاح هذا الحدث فرصة للعملاء للتعرف عن كثب على تشكيلة رام بأكملها، وتحديد الطراز الذي يناسب احتياجاتهم، والتواصل مع فريق المبيعات وخدمات ما بعد البيع لدى شركة محسن حيدر درويش للمركبات، كما شكلت هذه الفعالية منصة تواصل فعالة بين العلامة التجارية وعملائها الذين يزداد عددهم يومًا بعد يوم في سلطنة عُمان.

وتعرّف الحضور على تشكيلة رام 1500 الجديدة لعام 2025، والتي تتضمن: طرازات رام Big Horn, Warlock Night Edition, Rebel & Rebel X - المزودة جميعها بمحرك هوريكان S6 القياسي بسعة 3.0 لتر (420 حصاناً و635 نيوتن متر)، وأيضا طرازات رامLimited ، Tungsten، RHO المزودة بمحرك عالي الأداء (540 حصاناً، 706 نيوتن/متر)، المحرك سداسي الأسطوانات الأقوى في هذه الفئة.

وشهدت الفعالية عرض شاحنة رام 2500 Tradesman وهي شاحنة ذات مقصورة عادية للمهام الشاقة تعمل بمحرك   V8 HEMIبسعة 6.5 لتر (420 حصاناً وعزم دوران 469 رطل-قدم)، وتتميز بناقل حركة أوتوماتيكي بثماني سرعات، ونظام تعليق مصمم خصيصاً للمهام الشاقة، وشاشة Uconnect 5 NAV تعمل باللمس قياس 12 بوصة. لقد صممت هذا الشاحنة للتعامل مع المهام الصعبة مع قدرة على استيعاب حمولة تصل حتى 4,010 أرطال.

وتأتي طرازات رام 1500 مجهزة بمزايا فاخرة مع اختلاف مواصفاتها من طراز إلى آخر، وتشمل المزايا الرئيسية: مزايا قياسية تشمل شبك أمامي جديد ومصابيح أمامية LED.ونظام Uconnect 5 مع شاشة تعمل باللمس مقاس 14.5 بوصة، ونظام Klipsch لذي يوفر أعلى مستويات الجودة الصوتية مع 23 مكبر صوت، وشاشة تفاعلية مخصصة للراكب الأمامي قياس 10.25 بوصة، ولوحة عدادات رقمية مقاس 12.3 بوصة، وأكثر من 100 ميزة نشطة وغير نشطة من تجهيزات السلامة والأمان التي من ضمنها نظام تثبيت السرعة القابل للتكيف ونظام التحذير من التصادم الأمامي بأقصى سرعة وخاصية رصد نعاس السائق.

وقال محسن هاني البحراني الرئيس التنفيذي لشركة محسن حيدر درويش للمركبات: "لقد كانت هذه الفعالية أكثر من مجرد عرض للمركبات إذ إنها تتمحور حول تعزيز التواصل مع عملائنا ومنحهم تجربة تفاعلية وفرصة للتعرف عن كثب على ما تجسده رام من قوة ومزايا ذكية وتنوع في الاستخدامات".

مقالات مشابهة

  • وكيلة وزارة المعادن: الوثائق الروسيه تحتوي على قاعدة بيانات قوية لاستعادة كل الوثائق والتقارير الجيولوجية التي فقدت في الحرب
  • الرئاسة الفلسطينية: على الولايات المتحدة التدخل الفوري لوقف الحرب الإسرائيلية في غزة والضفة
  • الملك الأردني يدعو لتكثيف جهود وقف الحرب الإسرائيلية على غزة
  • المحكمة العليا الإسرائيلية.. درع قانوني لحرب الإبادة في غزة
  • المصافحة التي لم تتم.. خلافات عميقة تعوق التوصل لاتفاق في غزة برعاية أمريكية
  • بعد قضمها عشرات الأمتار.. انسحاب القوة الإسرائيلية التي توغلت إلى أطراف ميس الجبل
  • يسري عبدالله ومحمود خير الله يناقشان مرحلة النوم لمحمد خير
  • الرئيس الفلسطيني يبحث هاتفيا مع رئيس المجلس الأوروبي وقف الحرب على غزة
  • الكشف عن بنود اتفاق جديد لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
  • "محسن حيدر درويش" تنظم فعالية للتعريف بمجموعة متنوعة من شاحنات "رام"