يمانيون:
2025-06-10@17:14:52 GMT

القائد الاستثنائي صالح الصماد.. العاشق للشهادة

تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT

القائد الاستثنائي صالح الصماد.. العاشق للشهادة

مضت 6 سنوات على اغتيال الرئيس الشهيد صالح علي الصماد – رضوان الله عليه- لكنه بالمعنى الأدق لم يمت، فهو حي بيننا، وحاضر معنا، ومسيرته ملهمة لكل الأحرار.

وصفه سماحة الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله بالقائد العزيز والكريم، وقال إن الشهيد الصماد قدم نموذجاً رائعاً للقائد الشجاع والمتواضع والمسؤول، والحاضر دائماً في الساحات والميادين، والعاشق للشهادة.

وُلد الرئيسُ الشهيد في بني معاذ بمديرية سحار بمحافظة صعدة شمالي اليمن سنة 1979م، وعاش -رحمه الله- في أسرة امتازت بالتقوى والصلاح، وحين سمع بالمشروع القرآني للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رحمه الله- كان من أبرز المنضمين للمسيرة ثقافيًّا وسياسيًّا وعسكريًّا.

ذاع صيته كَثيراً مع ثورة الحادي عشر من سبتمبر 2014م، ثم مع العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن وتشكيل المجلس السياسي الأعلى بصنعاء في أغسطُس 2016، حَيثُ كانت الأحداث تتسارع، ومعها كان الرئيس الصماد أحد المؤثرين في تقلباتها.

رجل الإجماع الوطني

وصل الرئيس الصماد إلى السلطة بناء على اتّفاق بين المكونات السياسية المناهضة للعدوان، على أن تسلم اللجان الثورية مؤسّسات الدولة لهذا المجلس، حَيثُ كان رجل الإجماع الوطني ورجل المرحلة، وقاد اليمن في مرحلة حساسة جِـدًّا، واستطاع أن يكسب قلوب اليمنيين بصدقه ووفائه وحبه للوطن، كما كان تواقاً للشهادة والعمل الجهادي وإن جبهات القتال كانت أقرب إلى قلبه من العمل السياسي.

مر الرئيس الشهيد صالح الصماد بتجربة صعبة جِـدًّا في العمل السياسي، حَيثُ كانت هناك شراكة ما بين مكون “أنصار الله” وحزب “المؤتمر الشعبي العام”، وَأَيْـضاً في مواجهة العدوان الأمريكي السعوديّ، فكانت تجربة صعبة، وكانت الخلافات تزعجه كَثيراً من حَيثُ التعيينات وإدارة أمور الدولة واتِّخاذ الكثير من السياسَات ومن خلال العملية التفاوضية وغيرها، فلم يترك له المناخ المناسب أن يقوم بدوره الكامل لإدارة البلد بعيدًا عن الإملاءات التي تأتي من أعضاء المجلس، فكان ينزعج كَثيراً من التدخلات التي يقوم بها مباشرة الخائن علي عبد الله صالح أَو صالح الزوكا في التواصل مع ممثلي المؤتمر الشعبي في إطار المجلس السياسي الأعلى لاتِّخاذ مواقف ربما هم أنفسهم يرفضونها، كما كان ينزعج كَثيراً من انشغاله في الكثير من القضايا خارج الدوام الرسمي في لقاءات تستمر إلى الليل مع قيادات المؤتمر الشعبي العام، وكان يقول دائماً: “اتركوني أقود الدولة، فأنا لا أريد أن يشغلني المؤتمر ولا أنصار الله عن إدارة الحكم في اليمن، أعطوني مجالاً لأن أقوم بهذه الإدارة وبواجبي تجاهها”، بحسب ما ذكره أمين سر المجلس السياسي الأعلى بصنعاء الدكتور ياسر الحوري في حوار سابق مع صحيفة المسيرة.

وأطلق الرئيس الشهيد صالح علي الصماد في 26 مارس 2018، في الذكرى الثالثة لليوم الوطني للصمود مشروع بناء الدولة اليمنية (يد تبني ويد تحمي) والذي جاء تعبيراً عن الآليات والتصورات التي يمكن أن تعالج بها قضايا اليمن واليمنيين، حَيثُ كان يطمح الرئيس الشهيد إلى بناء دولة يمنية تليق بتضحيات اليمنيين، ولهذا كان يتحدث عن الاكتفاء الذاتي، وانتظام مؤسّسات وإدارات الدولة، وعن قضايا كثيرة، غير أنه استشهد –رحمه الله- قبل أن تكتمل الأفكار وينطلق بهذا المشروع، ليكون أمانة على الذين من بعده للعمل على تنفيذه وتطبيقه على أرض الواقع.

وكان في كَثيرٍ من اللقاءات التي يعقدها يتحدث بطلاقة وبنبرته المعروفة والإيمَـان العميق لله وحفظه للقرآن وملازم الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، حَيثُ كان يقدمها بطريقة رائعة، وكان قبل اللقاء يطلب منه الإخوة أعضاء المجلس السياسي الأعلى ألا يدخل في الحديث السياسي قبل الحديث الديني، فكان يبحرُ في ملكوت الله بما أتاه الله من علم، فيربط الدينَ بالسياسة وبالواقع ويقدم صورة مجملة ومختصرة خلال نصف ساعة، فيحشد مئاتِ الأفكار ومئات التصورات ومئات الآيات والقصص القرآنية التي تجعلك متحمس وفي غاية الحماس وفي غاية الإيمَـان بأن الشعبَ اليمني سينتصرُ؛ لأَنَّنا نقود معركة حق ضد الباطل.

الجبهاتُ أقربُ إلى قلبه

لقد كان الرئيس الشهيد يضيق صدره من العمل السياسي والمواجهات السياسية التي ليس لها طائل سوى إضعاف العمل المؤسّسي؛ ولهذا كان يؤمن أن جبهات القتال هي أقرب إلى قلبه من العمل السياسي، وكان يقول أن ترى خصمك أمامك وتتواجه معه وجهاً لوجه أحسن من هذا العمل السياسي الذي يأتي بطرق ملتوية أَو من الخلف، وهو رجل خبر المواجهات العسكرية وقاد الكثير من جبهات القتال في حروب صعدة الست الظالمة وغيرها، وبالتالي كانت روحه الجهادية أسمى من أن يبقى مقيداً ومكبلاً بالعمل السياسي أَو الإداري والتواجد على كرسي الرئاسة، وكان يتوق دائماً إلى الميدان، وكان أحياناً يخالف بعض التعليمات الأمنية ويفاجئ الجميع بأنه في الميدان.

لقد كانت نفسه تواقة للعمل الجهادي وللشهادة، وكان حريصاً على التواجد في الميدان، فمثلاً عند انتقاله إلى جزيرة كمران، استهدفت من قبل طيران العدوان الأمريكي السعوديّ، وكثير من الفعاليات التي حضرها في ذمار وغيرها ومناطق التدريبات العسكرية كانت تستهدف الأماكن التي يوجد فيها الرئيس الشهيد الصماد.

لقد كان –رحمه الله- يعرف أنه على قائمة الاستهداف، لكن روحه لم تكن غالية عليه أكثر من الوطن والشهداء، فكان مغامراً وكثير النزول إلى الجبهات، وكل من كان بجوار الرئيس الشهيد الصماد يعلمون أنه كان يريد الشهادة ويتمناها، والرئيس الصماد لم يكن رجلاً وُلد ليعيش ويتقلد المناصب ويبقى في الكراسي، هو رئيسٌ بدرجة رئيس الشهداء ورئيس المجاهدين.

مجابهةُ أمريكا على رؤوس البنادق

ووصل الرئيسُ الشهيد صالح الصماد في 18 أبريل 2018 إلى محافظة الحديدة، بعد أن وصلت إليه معلومات بأن العدوّ يحشد للحديدة ولديه توجّـه بفتح جبهة هناك، فكان مصراً على أنه يجب مواجهتهم على رؤوس البنادق ولم يحب أن يطلق هذه الصرخة والموقف العالي إلا لأَنَّ العدوان كان يردّد بأن أبناءَ الحديدة سوف يستقبلونه بالورود، فقال إن أبناءَ الحديدة سيواجهون العدوان على رؤوس البنادق، وكان يطلق هذه الصرخة والموقف العالي من الحديدة نفسها، وكان هذا في يوم 19 أبريل 2018، وقد ألقى كلمةً حذر فيها من التحَرّكات الأمريكية في الحديدة، وتصريحات السفير الأمريكي الذي قال إن أبناءَ الحديدة سيستقبلونهم بالورود، لكن الرئيسَ الشهيد رفع المعنويات، وأكّـد أن استقبالَ الغزاة لن يكون إلا بالبنادق، ودعا إلى مسيرة جماهيرية تُرفَعُ فيها الأسلحة، ليعرف الأمريكيون والغزاة، أن الحديدة لن يتكون إلا ناراً وباروداً عليهم.

لقد كان الأعداء يتربصون بالشهيد الرئيس صالح علي الصماد، وكان يعرفون حجمَ تأثيره على الناس، وتحَرّكاته الكبيرة في مواجهة الغزاة والمحتلّين، لذلك فقد رصدوه كهدفٍ أول لاغتياله، فكان خطاب الحديدة هو الأخير، وبعدَه بيوم تم اغتياله في فاجعة هزت كُـلّ أرجاء اليمن.

وفي 24 أبريل 2018 عُقد اجتماعٌ موسعٌ ضم كُـلَّ قيادات الدولة، حَيثُ ألقى فيهم قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي خطاباً، تطرق فيه إلى الشهادة وأهميتها، ثم أخبر الحاضرين بأن الرئيس صالح بن علي الصماد قد انتقل إلى رضوان الله شهيداً كريماً في مدينة الحديدة، وحدّد الزمان والمكان الذي وقعت فيه هذه الجريمة التي ارتكبها طيران العدوان الأمريكي السعوديّ وَطلب من الجميع الصبرَ والثباتَ وأكّـد على أهميّة ترتيب وضع الدولة.

لم تكن دولُ العدوان الأمريكي السعوديّ على علمٍ بمن استهدفوا في ذلك اليوم، فكان هناك حديثٌ عن استهداف لقائد القوات البحرية وغيره، ولم يكن لديهم معلومات مؤكّـدة أن المستهدَف هو الرئيس الشهيد صالح الصماد، وكان العدوان يبحث عن التأكّـد من هذه المعلومات، وقد استطاع الجيش واللجان الشعبيّة والقيادة العسكرية في المنطقة الخامسة الاحتفاظ بالمعلومات كاملة من ليلة الخميس إلى يوم الاثنين.

الوداعُ الأخيرُ للرئيس الشهيد الصماد كان في موكِبٍ جنائزي مهيب في ميدان السبعين بصنعاء، وغاراتُ العدوان حاولت تعكيرَ الأجواء وإفساد هذه المراسيم، لكن اليمنيين واصلوا إكمالَ المراسيم بقلوب مكلومة على فراق قائدهم.

قتل الأمريكيون وَآل سعود الصمادَ وقد علموا يقيناً أنه الرئيسُ الذي لم يستمتعْ بالحُكم ولم يلهَثْ وراءَ ملذاتِ ومغرياتِ السلطة، فلا مالاً اكتسب ولا عقاراً نهب.. تماماً كما هو حالُ مَن قرأنا عن سِيَرِهم من فُرسانِ النهار ورُهبانِ الليل في زمنِ الأئمة الهادين.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العدوان الأمریکی السعودی المجلس السیاسی الأعلى الرئیس الشهید صالح الشهید الصماد العمل السیاسی صالح الصماد رحمه الله لقد کان

إقرأ أيضاً:

قرادة: حل معضلة المليشيات تمر عبر المصالحة والإصلاح السياسي

رأى سفير ليبيا الأسبق لدى الدنمارك والسويد، إبراهيم قرادة، أن طريق المعالجة المستدامة لمعضلة المليشيات يمر عبر المصالحة المجتمعية المتزنة والإصلاح السياسي العادل.

وأشار قرادة في تصريح صحفي إلى تجذر بعض هذه المليشيات في المجتمع وتحولها إلى أحزاب مسلحة، ودخولها المحاصصة السياسية، وتمتعها بنصيب في السلطة والمال العام، وبحصون قبلية أو مدنية أو عائلية، وانخراطها في التجارة عبر الحدود، من وقود وبشر وسلاح.

وقال الدبلوماسي أن معالجة مشكلة المليشيات تستوجب الفاعلية والكفاءة معا، مضيفا أنه إذا كانت الحاجة إلى معالجة مأزق الميليشيات، فشرطها أن يتم ذلك بطريقة صحيحة.

 

الوسومالمليشيات ليبيا

مقالات مشابهة

  • انطلاق أعمال تقدير الدرجات للشهادة الإعدادية بقنا
  • الرئيس اللبناني: زيارتي للمملكة تؤكد العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع البلدين الشقيقين
  • الشيخ السديس يهنئ القيادة بالنجاح الاستثنائي لموسم الحج
  • لازم تروح.. اعرف عقوبة عدم حضور المحكمة حال استدعائك للشهادة فى قضية
  • فضل الله: الدولة قادرة على حشد عناصر القوة التي تملكها لمواجهة الاعتداءات
  • رونالدو يكشف: لعبت النهائي مصابًا وكان اللقب يستحق المجازفة
  • ماني يشيد بالتنظيم الاستثنائي لمناسك الحج في المملكة
  • تشييع الشهيد فضل عباس عيسى في حومين التحتا
  • محمود سعد يسترجع ذكريات العيد: “ماحسّناش بالحرمان.. وكان عندنا خروف وهدوم العيد وكل حاجة”
  • قرادة: حل معضلة المليشيات تمر عبر المصالحة والإصلاح السياسي