«عقل الذكاء الاصطناعي» لا يمتلك قدرات العقل البشري
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
الذكاء الاصطناعي لن يتمكن قريباً أن يحل مكان الإنسان تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لتكون أكثر أماناً وفعالية
دبي: «الخليج»
قال يان ليكون، الحائز جائزة Turing، ونائب الرئيس وكبير علماء الذكاء الاصطناعي في Meta، إن الذكاء الاصطناعي لن يتمكن قريباً من أن يحل محل الإنسان في إدارة وتحليل وقيادة الأنشطة الاقتصادية والحياتية في قطاعات الأعمال المختلفة.
وأوضح، خلال جلسة حوارية ضمن أعمال اليوم الثاني من القمة العالمية للحكومات 2024، حاوره فيها نيت لانكسون محرر التكنولوجيا العالمية في Bloomberg، أن الخبراء والعلماء في مجال تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي يحتاجون الكثير من الوقت والجهد للعمل على إنشاء الإعدادات التقنية المطلوبة للانتقال بقدرات تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى مستوى منافس للإمكانيات البشرية.
وقال «ليكون» إن «مستوى القدرات الإدراكية لدى (عقل الذكاء الاصطناعي) في المرحلة الحالية يقل عن مستوى القدرات الإدراكية لدى القطط والكلاب، وهي بالتالي لا تزال بعيدة كثيراً عن مستوى الذكاء البشري وقدراته الإدراكية».
وشرح «ليكون» أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تمتلك القدرات الإدارية أو التخطيطية التي يمتلكها العقل البشري، فضلاً عن السرعة والدقة في اختيار الإجراء المناسب في الوقت المناسب في تحليل وإدارة المسائل المعقدة، مضيفاً أن تلك القدرات مقومات جوهرية في صنع العقل العلمي والنقدي والتحليلي، وهي قدرات لا تزال محتكرة للعقل البشري.
وشرح «ليكون» أن أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة في كتابة النصوص والإجابة عن الأسئلة المتعلقة بشتى مجالات العلوم والتي تتسبب حالياً في قلق وتخوف عند الإنسان بأنها ستحل مكانه وتجرده من امتيازاته ككائن مبدع وخلاق، لا يمكنها أن تفعل ذلك، لأنها لا تستطيع أن تقوم بتوفير المعلومات وشرحها وصياغتها بالذكاء والإبداع والتحليل الذي يصنعه عقل الإنسان، وذلك لأنها ليست إلا أدوات صماء، ليس لها القدرة على الفهم والربط والخلق الإبداعي والفكري الذي يتمتع به العقل البشري.
وناقشت الجلسة التي حملت عنوان «هل سيقودنا الذكاء الاصطناعي إلى نهاية العالم»، إمكانات الثورة التكنولوجية الأخيرة كسلاح ذي حدين، وما إذا كانت هناك تهديدات وجودية حقيقية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على العالم ككل نتيجة التطور الفائق السرعة في الأنظمة التقنية والتكنولوجية والتي على رأسها أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وأوضح «ليكون» في رده على هذا التساؤل أن سبب التطوير المستمر لأنظمة الذكاء الاصطناعي لا يرجع للتسابق مع العقل البشري، بل يفرضه واقع التطور التكنولوجي والتقني في قطاعات الأعمال والاقتصاد المختلفة.
وأكد أن التفاعل مع العالم الرقمي والتقني خلال المرحلة المستقبلية متوسطة المدى ستكون من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل، وهو ما يتطلب تطويرها لتتناسب مع احتياجات ووظائف وتخصصات الأنظمة العاملة في كل القطاعات، وبما يكفل انسجامها مع الثقافات والحاجات والنظم القيمية والمجتمعية المتعددة.
وتابع: المرحلة المقبلة ستفرض أيضاً ضرورة تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لتكون أكثر أماناً وفعالية، حيث إنها ستكون جزءاً أساسياً في تكوين البنية التحتية لشبكات الاتصالات والإنترنت المستخدمة في إدارة حياة الإنسان والأعمال.
وأكد «ليكون»، أن هناك حاجة كبيرة لكثير من العمل على إنتاج أنظمة ذكاء اصطناعي تمتلك أعلى مستويات الأمان والفعالية لأنها تدخل في تشغيل وتطوير وزيادة كفاءة كل الأجهزة المهمة والمحورية في حياة الإنسان، والتي من أهمها الهواتف والحواسيب وأجهزة الاتصالات ووسائل النقل مثل الطائرات والمركبات، فضلاً عن دورها في صنع الأجهزة المستخدمة في البحوث العلمية والتقدم التكنولوجي.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات القمة العالمية للحكومات أنظمة الذکاء الاصطناعی العقل البشری
إقرأ أيضاً:
احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا على نحو متزايد، يبدو من الواضح أنه من غير المحتمل أن يخلق المدينة التكنولوجية الفاضلة ومن غير المرجح أن يتسبب في محو البشرية. النتيجة الأكثر احتمالا هي مكان ما في المنتصف ــ مستقبل يتشكل من خلال الطوارئ، والحلول الوسط، وعلى جانب عظيم من الأهمية، القرارات التي نتخذها الآن حول كيفية تقييد وتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي.
باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأمريكي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات ضرورة أشد إلحاحا. وكما توثق الصحفية كارين هاو في كتابها «إمبراطورية الذكاء الاصطناعي»، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ. من عجيب المفارقات هنا أن كثيرا منها شركات منفعة عامة (PBCs)، وهي بنية حوكمة يُزعم أنها مصممة لتجنب مثل هذه الانتهاكات وحماية البشرية. ولكن من الواضح أنها لا تعمل على النحو المنشود.
كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب المزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة. على سبيل المثال، تُـعَـد xAI التي يملكها إيلون ماسك شركة منفعة عامة تتمثل مهمتها المعلنة في «فهم الكون». لكن تصرفات الشركة ــ من بناء كمبيوتر خارق مُـلَـوِّث في السر بالقرب من حي تقطنه أغلبية من السود في ممفيس بولاية تينيسي، إلى إنشاء روبوت محادثة يشيد بهتلر ــ تُظهر قدرا مزعجا بشدة من عدم الاكتراث بالشفافية، والرقابة الأخلاقية، والمجتمعات المتضررة.
تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها. من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو «ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء»، بينما تهدف شركة Anthropic إلى «تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لصالح البشرية في الأمد البعيد». المقصود من هذه الطموحات النبيلة الإلهام، لكن غموضها من الممكن أن يستخدم لتبرير أي مسار عمل تقريبا ــ بما في ذلك مسارات تعرض الصالح العام للخطر. لكن قانون ولاية ديلاوير لا يُـلزِم الشركات بتفعيل منفعتها العامة من خلال معايير قابلة للقياس أو تقييمات مستقلة. ورغم أنها تطالب بتقديم تقارير كل سنتين حول أداء المنفعة، فإنها لا تلزم الشركات بإعلان النتائج. بوسع الشركات أن تفي بالتزاماتها ــ أو تهملها ــ خلف الأبواب المغلقة، دون أن يدري عامة الناس شيئا. أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة. ولا يملك أصحاب المصلحة المتضررون ــ مثل المجتمعات المهمشة والمقاولين الذين يتقاضون أجورا زهيدة ــ أي سبل عملية للطعن في المحاكم. وللاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج «شركات المنفعة العامة» أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف «المنفعة العامة»، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات. يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة، وتدريب المهندسين ومديري المنتجات على حقوق الإنسان والأخلاقيات والتصميم التشاركي. الأهداف المحددة بوضوح، وليس التطلعات الغامضة، هي التي ستساعد الشركات على بناء الأساس للمواءمة الداخلية الجديرة بالثقة والمساءلة الخارجية. يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة. وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، بالإضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.
أكدت خطة عمل ترامب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.
كريستوفر ماركيز أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «المستغلون: كيف تقوم الشركات بخصخصة الأرباح وتأميم التكاليف»
خدمة «بروجيكت سنديكيت»