د. ليلى الضو أبو شمال تكتب
بالعودة لموضوع بدأناه في المقال السابق ، والذي تناولنا فيه السوداني والاشكاليات التي ظلت مكان نقاش دوما وجدال ، وهل هو عربي أم أفريقي ، في محاولات للإجابة على سؤال من نحن؟ ولا أدري لنصل لماذا لمعرفة كنه عروبته أو أفريقيته ؟، وقد كتب من قبل صمويل هنتنغتون عن اشكاليات الهوية الأمريكية كتاب بعنوان (من نحن؟) وهو سؤال أراد به أن يكشف عن إشكالات الهوية الأمريكية والتي أصبحت شعبا في دولة تسمى أمريكا علما بأنها مجموعة شعوب زحفت من أنحاء مختلفة من الكرة الأرضية ، كان نتائجها (أمة أمريكا) ، ولا أجد أن مجتمع أمريكا الآن يعاني من قضية الانتماءات والبحث عن الأصول كما نعاني منها نحن شعوب الدول العربية والإسلامية والأفريقية، وصحيح بأنهم في بدايات حياتهم واجهوا عدة مشاكل جراء هذا التنوع الا أنهم سرعان ما عملوا على تجاوز هذه القضية والتي عرفوا أنها ستجرفهم لأمور اخرى تعطل إنتاجهم وتنميتهم ، فاهتموا ببناء الإنسان وجعله منتجا، وأرى الأمر في قضية الهوية القومية يرتبط لدينا كمسلمين بقضية مهمة مرتبطة بقيم وأخلاقيات وعادات وسلوك خاصة مع اندياح العولمة التي تعمل على ذوبان كل المجتمعات في قالب واحد ينادي بأمور كثيرة لا تصلح مع عقيدتنا ومفاهيمنا وارتباطنا بقيم السماء، ولذلك نجد أن كثيرا من العلماء يهتم بدراسات الشخصية وسلوكها وارتباطها بالبيئة ومدى تاثير المكتسبات على الفطرة عليها خاصة مع فاعلية تلك المؤثرات القوية التي باتت تحكمنا دون أن ندري .
وتعتبر دراسات الشخصية القومية نوع من الدراسات الانثروبولوجية والتي يراها فرانسيس تتعامل مع الأفكار الشعورية أو اللا شعورية التي يتشارك فيها معظم الأفراد في مجتمع معين باعتبار أن تلك الأفكار قد تتحكم في تصرفات الأفراد مجتمعين، وفي سلوكهم الجماعي ذلك السلوك الذي يعرف بسيكولوجية الجماعة أو سيكولوجية الحشد أو العقل الجمعي .
ولا شك أن البيئة لا تؤثر فقط في سلوك الإنسان ، وانما تؤثر في نموه وتكوينه وبناء شخصيته وصحته الجسمية والعقلية والنفسية، كما تؤثر في اتجاهاته وميوله وأفكاره وارائه ومعتقداته وفي سمات شخصيته، لذلك يرى العلماء أن تكوين شخصية الإنسان هي سمات معينة للشخصية يشترك فيها أفراد المجتمع الحاملين لثقافة واحدة، كما عرفوها بكونها الأدوار المتكيفة عند الأفراد ، وهي عامة عند جميع أفراد المجتمع الواحد، وهي الصيغة الكلية للشخصية العامة التي يشتركون فيها وربما لذلك ترى الشخصية السودانية ناتج من نواتج البيئة التي تربى فيها وحمل منها تكويناته لذلك اشتد قربه كل ما قربت تلك البيئة من مجتمع كلي (السودان) لمجتمع جزئي ( القبيلة) لمجتمع أقل جزئية (الأسرة) ، وفي تكوين الشخصية السودانية يرى عبد الوهاب احمد عبد الرحمن في كتابه (الشخصيتان المصرية والسودانية جذور حضارية وأبعاد تاريخية) ،أن هناك عدة عوامل تاريخية وجغرافية أسهمت في تشكيل السودانيين بوضعهم الراهن وفي تكوبن الشخصية السودانية بسماتها الحالية منها الوضع الجغرافي للسودان، طبيعة النشاط الإقتصادي الرعوي ، تاريخ الممالك والحضارات، الهجرات العربية الوافدة عليه، شيوع الطائفية والطرق الصوفية، الغزو الاستعماري والحركة الوطنية والحزبية والقبلية والعقائدية والانتماءات المتناقضة والمتصارعة والانقلابات العسكرية والأنظمة الشمولية و حلقه الحكم الدائرة بين الحكم الديمقراطي والانتفاضة الشعبية، والحكم العسكري.
ونختم الحديث بما ذكره الكاتب المصري يوسف الشريف في كتابه ( السودان وأهل السودان أسرار السياسة وخفايا المجتمع )حيث يقول يختلف أهل السودان عن أي شعب آخر وهذا أمر طبيعي لكنهم يختلفون فيما بينهم كذلك ،،، لا في السمات والملامح ودرجات سمرة البشرة فحسب، إنما أيضا في التركيبة النفسية والمزاجية والخلفيات الثقافية والمواقف السياسية والانتماءات الجهوية والقبلية والعرقية، وربما هذا التنوع ميزة لصالحهم ولكنها مشكلة كذلك حيث لا يزال المشوار طويلا وشاقا حتى ينصهر أهل السودان في بوتقة إجتماعية وسياسية واحدة لإنجاز التقدم المطلوب والوحدة الوطنية المنشودة.
leila.eldoow@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الشديفات : الحركة الكشفية ركيزة تربوية في بناء الشخصية وتعزيز الوعي المجتمعي
صراحة نيوز ـ أكدت وزارة الشباب أن الحركة الكشفية والإرشادية تُعد مسارا تنمويا وتربويا فاعلا، يسهم في دعم وتمكين الشباب الأردني، وبناء شخصياتهم، وتعزيز مشاركتهم المجتمعية.
جاء ذلك خلال لقاءين منفصلين عقدهما وزير الشباب، المهندس يزن الشديفات، اليوم الثلاثاء، مع أمين عام المنظمة الكشفية العربية، الدكتور هاني عبد المنعم، ورئيس القطاع الكشفي والإرشادي الأهلي الحسن نصر، بحضور مدير المراكز الشبابية والكشافة في الوزارة، نايف أبو رمان، وعضو اللجنة الكشفية العربية، بكاي ولد أحمد، والمديرة التنفيذية لتطوير الأعمال والشراكات في المنظمة العالمية للحركة الكشفية، المهندسة مي عبد الهادي، ومستشار أمين عام جمعية الكشافة والمرشدات الأردنية، خالد أبو زيد.
وأكد الشديفات، أهمية تعزيز الشراكات مع المنظمات الكشفية العربية والدولية، لا سيما في مجالات التدريب وتبادل الخبرات وتنفيذ البرامج الإقليمية، التي من شأنها تنمية المهارات القيادية والتطوعية لدى الشباب، مشيرًا إلى أن الحركة الكشفية تُشكّل إحدى الركائز التربوية في بناء شخصية الشباب، وتعزيز وعيهم بالمسؤولية المجتمعية.
وشدد على حرص الوزارة لدعم القطاع الأهلي كشريك فاعل في تنفيذ البرامج والمبادرات الشبابية، مؤكدًا أهمية تعزيز التنسيق المشترك، وأن الوزارة تعمل على دراسة واقع المرافق الشبابية التابعة لها، بهدف إنشاء بيوت كشفية في عدد من المحافظات، إلى جانب دمج التجربة الكشفية ضمن أنشطة المراكز الشبابية، لما له من أثر في ترسيخ قيم الانتماء الوطني، وتنمية المهارات القيادية والتطوعية لدى منتسبي تلك المراكز.
من جهته، أعرب الدكتور عبد المنعم عن تقديره للمكانة المتميزة التي تحظى بها الحركة الكشفية الأردنية على الصعيدين العربي والدولي، مؤكداً استعداد المنظمة الكشفية العربية لتقديم كافة أشكال الدعم الفني واللوجستي لتطوير العمل الكشفي في الأردن، بما يُمكنه من تلبية تطلعات الشباب واحتياجاتهم.
بدوره، أكد نصر أهمية التكامل بين القطاعين الرسمي والأهلي في تطوير الحركة الكشفية، مشيرًا إلى أن الكشافة والمرشدات ما يزالون يشكلون ركيزة أساسية في ترسيخ قيم الانتماء والعمل الجماعي.
وشهدت اللقاءات استعراض مجموعة من المبادرات والمشاريع النوعية المنفذة في مجالات الخدمة المجتمعية، والتنمية البيئية، وبناء قدرات الشباب.
كما تم بحث سبل توسيع نطاق هذه المبادرات وتعزيز مشاركة الكشافة والمرشدات في الحملات الوطنية، بما يسهم في تطوير الحركة الكشفية وترسيخ دورها المجتمعي