صنعاء – سبأ:

عقدت وزارة الإعلام اليوم بصنعاء مؤتمراً صحفياً لناطق الحكومة- وزير الإعلام ضيف الله الشامي، لاستعراض آخر الأحداث والمستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية والموقف اليمني الداعم والمساند للشعب الفلسطيني.

وفي المؤتمر استعرض ناطق الحكومة، الإنجازات التاريخية والاستثنائية التي حققتها عملية “طوفان الأقصى” على الصعيد العسكري للمقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة والتي أسفرت عن السيطرة على العديد من القواعد والمواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية.

وأكد أن من أبرز النتائج لتلك العملية النوعية انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية للكيان الصهيوني وكسر وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأسر ضباط وجنود صهاينة وما ترتب عليها من حالة الذعر والخوف لدى الكيان الصهيوني.

وأشار إلى أن انهيار الحالة المعنوية للكيان الصهيوني أدى إلى توافد وزيارة قادة الدول الداعمة لهذا الكيان وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتوفير الدعم المعنوي والسياسي والعسكري لشن عدوان شامل على قطاع غزة وحصاره.

وتطرق الوزير الشامي، إلى استمرار المجازر الوحشية وجرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني بغزة لليوم الـ130 عبر شن الغارات الجوية والقصف المدفعي والأحزمة النارية مع ارتكاب مجازر بحق المدنيين جلهم من الأطفال والنساء، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح 90 بالمائة من السكان.

وأكد أن الكيان الصهيوني المحتل ارتكب منذ السابع من أكتوبر أكثر من ألفين و438 مجزرة راح ضحيتها أكثر من 35 ألفا و176 فلسطيني ما بين شهيد ومفقود، وجرح 67 ألفا و784 فلسطينيا معظمهم من الأطفال والنساء في جرائم حرب مكتملة الأركان لم يسبق لها في التاريخ مثيلا.

ولفت إلى أن العدو الصهيوني ارتكب عشرات المجازر بشكل يومي في قطاع غزة أبرزها جريمة قصف مستشفى المعمداني الأهلي ما أدى إلى استشهاد 500 من المدنيين، وكذا استهداف المرافق والأعيان المدنية من مساجد وكنائس ومدارس وطواقم طبية ودفاع مدني وكل ما يتحرك على الأرض هو عرضة للاستهداف، كما استخدم الاحتلال قنابل الفوسفور الأبيض خلال عدوانه على قطاع غزة التي تعد من الأسلحة المحرمة دولياً وينتج عن انفجارها حرارة شديدة وأعمدة من الدخان الأبيض الحارق تؤدي إلى إذابة جلد الإنسان وفصله عن العظام.

وذكر ناطق الحكومة، أن العدوان الصهيوني ارتكب ايضاً العديد من جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتهجير القسري والاستهداف العشوائي للمدنيين واستهداف الفئات المحمية والنازحين في المدارس والمستشفيات والأطفال والنساء، وفرض حصار خانق بمنع دخول الماء والغذاء والدواء وقطع الكهرباء واستخدام القنابل المحرمة دولياً وجميعها جرائم تستوجب المساءلة أمام المحاكم الدولية.

وأفاد أن العدوان الإسرائيلي لم يتكف بهذه الجرائم بل تعدى ذلك وحاول منع إيصال الحقيقة إلى العالم بالرغم أن القانون الإنساني يعتبر استهداف الصحفيين جريمة حرب، إلا أن الكيان الصهيوني وضع الصحفيين في مقدمة أهدافه، في محاولة لإخفاء حقيقة جرائم الإبادة التي يرتكبها في غزة.

وأكد الشامي أن عدد الصحفيين الذين تم استهدافهم من قبل الكيان الصهيوني في قطاع غزة يفوق عدد الصحفيين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام والحرب الكورية، مجتمعة، وبهذا فقد احتل هذا الكيان المرتبة الأولى عالمياً في استهداف وقتل الصحفيين والبالغ عددهم 126 صحفياً وصحفية.

وأوضح أن الكيان الصهيوني لم يكتف بالاستهداف المباشر للصحفيين، بل تعدى ذلك إلى استهداف أسرهم حيث تم استهداف عائلة الصحفي وائل الدحدوح مما أدى إلى استشهاد زوجته وابنته وحفيده ونجليه أحدهما صحفي، وكذا استهداف مراسل التلفزيون الفلسطيني محمد أبو حطب و11 فرداً من عائلته، وكذا طاقم قناة الميادين فرح عمر، وربيع المعماري، وآخر هذه الجرائم استشهاد الصحفيتين أنغام عدوان، وآلاء الهمص التي كانت تعمل مراسلة لقناة المسيرة جراء استهداف منزلها بقصف إسرائيلي على رفح وجباليا.

وذكر أن إجمالي عدد الصحفيين الذين تعرضوا لجروح نتيجة استهدافهم من الكيان الصهيوني بلغوا 35 صحفياً آخرهم إصابة مراسل قناة الجزيرة ومصورها أمس الثلاثاء واعتقال 54 آخرين وفقدان اثنين، منهم مراسل قناة اليمن الفضائية في غزة أحمد البرشي، واستهداف مراسل قناة اليمن وديع أبو السعود وكذا استهداف وتدمير 53 منزلاً وتدمير تسع مؤسسات ووسائل إعلامية.

ولفت ناطق حكومة إلى أن قطاع غزة يعيش ظروفاً إنسانية كارثية على كل المستويات ارتفعت وتيرتها في ظل تكثيف الكيان الصهيوني عدوانه وقصفه لمدينة رفح التي باتت الملاذ الأخير لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني.

وبين أن الحصار الصهيوني على قطاع غزة أدى إلى انعدام مقومات الحياة من الماء والغذاء والدواء والوقود وحدوث مجاعة تهدد حياة الملايين من الفلسطينيين وبشهادة العديد من المنظمات الدولية التي حذرت من المجاعة، وطالبت بالتحرك العاجل للحيلولة دون تحويل غزة إلى مقبرة جماعية.

وفيما يتعلق بالدعم الأمريكي لكيان الاحتلال الصهيوني أوضح ناطق حكومة الإنقاذ أن الدعم الأمريكي لكيان الاحتلال الصهيوني كان منذ الوهلة الأولى لعملية طوفان الأقصى في كل المستويات وصولاً إلى الانخراط المباشر من خلال الغطاء السياسي والدبلوماسي والدعم العسكري والاقتصادي وتبني الرواية الإسرائيلية وحشد الدعم الدولي لمساندة الاحتلال والتبرير لجرائمه بحق الشعب الفلسطيني.

وأكد أن أمريكا قامت بإرسال مساعدات عسكرية للكيان الصهيوني شملت أسلحة وصواريخ اعتراضية لنظام القبة الحديدة ونشر حاملات الطائرات وتقديم المعلومات الاستخباراتية والمستشارين وكل وسائل الدعم العسكري، وكذا استخدامها في 18 اكتوبر2023م لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار يدعو إلى هدنة إنسانية للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة رغم حصول القرار على 12 صوتا مؤيداً مقابل صوت واحد رافض.

وأشار إلى أن أمريكا استخدمت حق النقض الفيتو للمرة الثانية في شهر ديسمبر ضد الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، وقوبل بانتقاد واسع على المستوى العربي والإسلامي والدولي واعتبر مشاركة مباشرة في الحرب على غزة، كما يعتبر الكيان أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية حيث قدمت له أمريكا 158 مليار دولار في شكل مساعدات ثنائية وتمويل للدفاع الصاروخي وثلاثة مليارات لشراء بطاريات القبة الحديدة والصواريخ الاعتراضية وتكاليف الإنتاج المشتركة.

ولفت الوزير الشامي إلى أن أمريكا فتحت جسراً جوياً لنقل الأسلحة على كيان العدو منذ بدء حربها على قطاع غزة، وزيادة الدعم المالي لإسرائيل حيث وافق مجلس النواب الأمريكي على طلب إدارة الرئيس الأمريكي بايدن بتخصيص 14 مليارا و300 مليون دولار كمساعدات، فضلاً عن اعتراف وسائل إعلام الكيان بوصول 230 طائرة عسكرية و20 سفينة شحن أمريكية تحمل مساعدات عسكرية لإسرائيل.

وأكد أن ما تقدمه أمريكا من دعم ومساندة عسكرية وسياسية ومالية للكيان الصهيوني لمواصلة إبادة الشعب الفلسطيني يكشف حجم العداء للإسلام والمسلمين، وسعيها إلى تشكيل تحالف تحت مسمى “حارس الازدهار” بحجة حماية الملاحة في البحر الأحمر بينما في الحقيقية هو تحالف لحماية السفن الإسرائيلية أو المتجهة للموانئ المحتلة.

وأوضح أن العدوان الأمريكي- البريطاني قام باستهداف 10 من أفراد القوات البحرية في المياه الإقليمية مما أدى لاستشهادهم، وكذا إقدامهما على شن عدوان إجرامي على سيادة اليمن في مخالفة للمواثيق والقوانين الدولية.

وكشف ناطق حكومة أن إجمالي عدد الغارات الأمريكية والبريطانية الجوية والاستطلاعية ومن البوارج الحربية منذ بداية العدوان على اليمن بلغت 403 غارات منها 203 غارات جوية منها 86 غارة خلال الأسبوع الأخير، وكذا ممارستها ضغوطاً سياسية لوقف المفاوضات اليمنية – السعودية واستخدمت وسائل الترهيب ضد القوى الوطنية بهدف ثني اليمن عن موقفه الثابت والواضح تجاه القضية الفلسطينية.

وفيما يتعلق بالموقف اليمني الداعم والمساند للشعب الفلسطيني أكد ناطق حكومة – وزير الإعلام، انه ونتيجة المجازر الوحشية وجرائم الإبادة الجماعية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني المظلوم واستمرار الدعم الأمريكي والغربي للكيان الصهيوني أعلن اليمن قيادة وحكومة وشعباً موقفه الثابت والمبدئي المساند للقضية الفلسطينية وتأييد عملية طوفان الأقصى والوقوف إلى جانب الشعب والمقاومة الفلسطينية في غزة إزاء ما يتعرضون له من حرب إبادة من قبل الكيان الصهيوني.

وقال:” إن موقف الشعب اليمني نابع من هويته الإيمانية والواجب الديني والأخلاقي والعروبي والإنساني والقومي الذي لا يقبل المساومة مهما كانت التحديات، وهو ما تؤكده خطابات قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي الأعلى”.

ولفت إلى أن موقف اليمن لم يقتصر على التنديد والإدانة ولكنه تصدر المشهد عربياً ودوليا من خلال المواقف العملية التي شملت الخروج في مسيرات مليونية في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات، وكذا المشاركة في المعركة المفتوحة عسكرياً واستهداف مواقع العدو الصهيوني في الأراضي المحتلة، ومنع السفن الإسرائيلية وكذا السفن المتجهة إلى الموانئ المحتلة من العبور من البحرين العربي والأحمر.

واستعرض مواقف اليمن لدعم ومساندة الشعب الفلسطيني ومنها فرض حصار بحري على كيان الاحتلال حتى اليوم وتنفيذ حملة نصرة الأقصى، ومقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، والاستمرار في حملة التعبئة والتحشيد لخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس ضد العدو الصهيوني، وكذا صدور قانون بشأن حظر وتجريم الاعتراف بكيان العدو الصهيوني والتطبيع معه، ومنع إقامة العلاقات الدبلوماسية أو السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية والثقافية أو أي علاقات أخرى مع هذا الكيان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وبين أنه يتم حالياً إعداد مشروع قانون بقائمة الكيانات والدول المعادية للجمهورية اليمنية ووضع الكيان الصهيوني على رأسها.. مؤكداً أن وزارة الصناعة والتجارة أصدرت قرارا بحظر دخول 99 سلعة تضمنت منتجات غذائية ومشروعات وعصائر وعطور وملابس وأدوات تجميل وإلكترونيات وشركات وسيارات ومعدات ثقيلة، وكذا شطب 354 وكالة أجنبية و12 شركة و23 فرع شركة وبيوت أجنبية وشطب 3227 علامة تجارية.

وفي إطار الدعم العسكري للشعب الفلسطيني أكد ناطق الحكومة أن إجمالي عمليات القوات المسلحة اليمنية التي نفذتها خلال الفترة من 19 نوفمبر الماضي وحتى 6 فبراير الجاري بلغ 34 عملية استهداف للسفن منها 14 عملية استهدفت السفن الأمريكية، وثلاث عمليات استهدفت السفن البريطانية، و17 عملية استهدفت السفن التابعة للكيان الصهيوني والمتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة.

وكشف عن وجود معلومات تفيد بأن دولة الإمارات تسعى إلى تجنيد مجاميع مرتزقة من جنسيات متعددة ومن القاعدة وداعش لاستهداف السفن في البحرين الأحمر والعربي بغرض التشويش على العمليات العسكرية والموقف اليمني.

وأكد الوزير الشامي أن العمليات العسكرية في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب لا تستهدف سوى السفن الصهيونية أو المرتبطة بها حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة مع طمأنة دول العالم أن الملاحة في البحرين الأحمر والعربي آمنة وأن القوات المسلحة اليمنية حريصة على سلامة وأمن وحرية الملاحة البحرية.. لافتا إلى أن القوات البحرية اليمنية رصدت الرقم صفر لعدد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.

ونبه ناطق الحكومة دول العالم بأن أمريكا هي مصدر التهديد الحقيقي لحركة الملاحة البحرية الدولية والمتسببة في عسكرة البحرين الأحمر والعربي وأن تواجد قواتها التي جاءت من مسافة تسعة آلاف ميل لشن عدوان همجي على اليمن تحت مبررات كاذبة ومفضوحة إنما هي لحماية سفن الكيان الصهيوني ومساندته اقتصادياً وعسكرياً وليس الحماية وتأمين الملاحة الدولية.

وأوضح أن العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن يهدف لمنع أي مساندة للشعب الفلسطيني وحتى لا يكون هناك أي صوت مناهض لإسرائيل وجرائمها في غزة، وهو ما تحرص عليه أمريكا، حيث اجهضت في مجلس الأمن الدولي أكثر من مشروع لإصدار قرار بوقف العدوان وإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

وبين أن العدوان الأمريكي البريطاني الذي يتعرض له اليمن لا يمكن أن يؤثر على مواقفه الثابتة تجاه غزة وفلسطين كقضية مركزية أولى للأمة، محملاً الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية المتواطئة المسئولية الكاملة عن استمرار العدوان الصهيوني على غزة.

واستنكر الوزير الشامي بشدة استمرار الصمت والخذلان والتواطؤ الأممي والعربي والإسلامي تجاه ما يحدث في غزة، بل ان تلك المواقف المخزية والخاضعة تؤكد مساندتها للكيان الصهيوني في جرائمه ومحاولته تصفية القضية الفلسطينية ونسف ما بقي من قيم ومبادئ إنسانية عالمية مشتركة.

وجدد التأكيد على حق اليمن المشروع في الدفاع عن أرضه وسيادته والرد على الاعتداءات الأمريكية والبريطانية والتي لن تمر بدون عقاب.. مشيداً بالعمليات العسكرية النوعية للمقاومة الفلسطينية وتكاتفها وصمودها الأسطوري في مواجهة العدوان الصهيوني وتكبيده الخسائر الكبيرة.

وثمن الدور الكبير للعمليات البطولية لمحور الجهاد والمقاومة وتضحياتها المستمرة في هذه المعركة المقدسة.. داعياً الشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم للاستمرار في مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية والغربية والشركات الداعمة لها كسلاح مؤثر وفعال.

وحيا ناطق الحكومة، مواقف الشعوب الحرة التي خرجت وتخرج في مسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني والداعية لوقف العدوان والحصار الإجرامي على غزة.

حضر المؤتمر قيادات المؤسسات والوسائل الإعلامية الحكومية والخاصة وممثلو وسائل الإعلام المحلية والأجنبية.

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي البحرین الأحمر والعربی الشعب الفلسطینی الکیان الصهیونی للکیان الصهیونی للشعب الفلسطینی العدو الصهیونی ناطق الحکومة على قطاع غزة أن العدوان ناطق حکومة على الیمن أن أمریکا أن العدو وأکد أن أدى إلى إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

هل تراجع الإعلام البريطاني عن دور حارس بوابة الدعاية الإسرائيلية؟

لندن- في الوقت الذي يبدو أن الحكومة البريطانية أصبحت أقل ترددا في نقد السياسات الإسرائيلية، مع ازدياد حدة الرفض في أوساط الرأي العام لاستمرار الحرب ضد قطاع غزة، يشهد الإعلام البريطاني هو الآخر تحولا في تعاطيه مع القضية الفلسطينية.

حيث أعاد تراشق إعلامي بين المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت وهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" بشأن تغطيتها للحرب الإسرائيلية على غزة، الجدل حول التغيُّر في خطاب وسائل الإعلام البريطانية، في وقت تصدرت الأحداث في غزة قائمة الأخبار مع تصاعد شراسة الحرب وفرضها سياسات تجويع على سكان القطاع.

ولم تتأخر "بي بي سي" لترد على اتهامات وجهتها إليها المتحدثة باسم البيت الأبيض بتبني الإحصاءات الصادرة عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بشأن أعداد الضحايا في غزة وتروج لها في تغطيتها الإخبارية.

الإذاعة ترد

وانتقدت هيئة الإذاعة، في بيان لها، بشدة ما وصفتها ادعاءات البيت الأبيض حول حذفها لقصة إخبارية مرتبطة باستهداف إسرائيل عمدا لمدنيين بالقرب من مركز توزيع مساعدات إغاثية الأحد الماضي، مبينة أنها تُحدث أخبارها باستمرار لتسارع الأحداث وتطوراتها على مدار الساعة.

وطالبت الهيئة السلطات الإسرائيلية بالسماح لها بدخول أراضي قطاع غزة وفسح المجال لمراسليها لتغطية الأحداث والتحقق من أرقام الضحايا بشكل مستقل.

إعلان

يُشار إلى أن الأمم المتحدة ترفض الخطة الإسرائيلية، وترى أنها تفرض مزيدا من النزوح، وتعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وتَقْصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية، كما تجعل التجويع ورقة مساومة.

وقال الصحفي البريطاني المستقل البارز بيتر أوبورن للجزيرة نت، إن الوحشية غير المسبوقة للعمليات العسكرية ضد المدنيين في غزة عرَّت كل الحقائق التي حاول الإعلام البريطاني على مدى أشهر غض الطرف عنها وتزييفها.

وأضاف أوبورن أن وسائل الإعلام البريطانية عادت متأخرة لممارسة دورها الموضوعي في تغطية الأخبار الواردة من غزة، وامتلكت شجاعة الدفاع على نزاهتها أمام ضغوط الإدارة الأميركية الراغبة في ترسيخ الرواية الإسرائيلية ومواصلة حشد التأييد لها في صفوف الرأي العام الأوروبي.

من جانبها، ترى إيفون ردلي الصحفية والكاتبة البريطانية المستقلة، أن السردية التي حاولت إسرائيل صناعتها بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لم تصمد أمام الأدلة الموثقة التي أكدت للرأي العام الأوروبي أنه تعرض لحملة تضليل ممنهجة من إسرائيل وحلفائها.

وتقول ردلي للجزيرة نت، إن الإدارة الأميركية الحالية بقيادة دونالد ترامب، لها تاريخ من العداء للصحفيين وعملهم باستقلالية وحساسية عالية ضد الحقيقة، مضيفه أنه ورغم انتقادات يمكن توجيهها للبي بي سي فإنها مازالت تمثل نموذجا للصحافة التي تحاول احترام المعايير المهنية، وهو مثار خلافها مع البيت الأبيض.

نقابيون بريطانيون يغلقون الطريق أمام مصنع أسلحة إسرائيلي مطالبين بوقف إطلاق النار (الجزيرة) انحياز للرواية الإسرائيلية

وأثارت طريقة تناول عدد من وسائل الإعلام البريطانية وفي مقدمتهم "بي بي سي" سجالا واسعا منذ بداية أحداث 7 أكتوبر، حيث وجهت انتقادات حادة لها لترديد السردية الإسرائيلية لتلك الوقائع وتحيزها وتحريضها ضد الفلسطينيين.

إعلان

وقبل أشهر وقع أكثر من 100 موظف في الهيئة رسالة موجهة لمديرها العام، يتهمون فيها الإذاعة بالانحياز لإسرائيل خلال تغطيتها للحرب على غزة وحيادها عن الموضوعية في سرد الوقائع المرتبطة بالأحداث الجارية هناك.

واختار صحفيون الاستقالة احتجاجا على ما وصفوه بمصادرة حقهم في التعبير، ودفعهم لفرض رقابة ذاتية على عملهم الصحفي حين يتعلق بتغطية العدوان الإسرائيلي على غزة.

وفي مقال لها في صحيفة الإندبندنت، قالت كاريشما باتيل المذيعة في هيئة الإذاعة البريطانية، إنها قررت مغادرة منصبها رفضا لما وصفته بالمعايير المزدوجة التي تتبناها المؤسسة في التعاطي مع الشأن الفلسطيني، ومنعها معالجة الأخبار القادمة من هناك بحياد.

ووقعت أكثر من ألف شخصية إعلامية بريطانية ودولية عريضة تطالب هيئة البث البريطانية بإعادة نشر فيلم وثائقي يروي مأساة الأطفال الفلسطينيين، بعد أن حذفته المؤسسة من منصتها، وأدان الموقعون على العريضة ما وصفوه بحملة التحريض العنصرية ضد الفيلم وتدخل جهات سياسية للرقابة على المحتوى الإعلامي والاستخفاف بمعاناة الفلسطينيين.

وكانت "بي بي سي" قد حذفت الفيلم الوثائقي الذي يؤكد تعرض الأطفال الفلسطينيين في غزة لانتهاكات غير مسبوقة وجرائم ممنهجة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية، بعد أن أثار الفيلم غضب وتحفظ جمعيات صهيونية في بريطانيا وانتقاد السفيرة الإسرائيلية في لندن.

بتهمة المحاباة

من جهة أخرى، لم تخف أيضا منظمات داعمة لإسرائيل في بريطانيا امتعاضها من التحول في تغطية بي بي سي لأخبار الحرب على غزة، وغضبها من الحديث عن احتمال ارتكاب الاحتلال لجرائم إبادة وتطهير عرقي في القطاع.

وقالت صحيفة جويش كرونيكال المقربة من اللوبي الصهيوني في بريطانيا في مقال لها، إن المؤسسة البريطانية أصبحت تتجنب إطلاق وصف الإرهاب على حركة حماس، وتفسح مجالا أوسع للباحثين والمحللين الذين يؤكدون تهم ارتكاب إسرائيل لإبادة جماعية في غزة.

إعلان

وتتعالى أيضا أصوات أخرى مؤيدة لإسرائيل، محذرة من أن النهج التي تتبعه "بي بي سي" سيخدم أجندة معاداة السامية وكراهية اليهود في بريطانيا.

وقد سبق أن تظاهر داعمون لإسرائيل أمام المقر الرئيسي لبي بي سي في فبراير/شباط الماضي احتجاجا على ما وصفوها بتغطية "تحابي حماس وتهاجم إسرائيل"، خلال تطرقها للحرب على غزة.

تحول ملحوظ

ومع دخول الإبادة الجماعية ضد أهالي غزة مستوى غير مسبوق، وفرض إسرائيل لسياسة تجويع ومنع لوصول المساعدات الإغاثية للقطاع، بدت أيضا المواقف السياسية البريطانية أقل ترددا مما كانت عليه قبل أشهر بشأن إدانة الحرب الإسرائيلية ضد القطاع.

حيث جاهر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أكثر من مرة بإدانته استمرار إسرائيل في حربها، في حين أعلن وزير الخارجية ديفيد لامي وقف محادثات التجارية مع إسرائيل واتخاذ إجراءات عقابية ضد مستوطنين إسرائيليين وفرض حظر جديد للأسلحة.

ويحاول برلمانيون عن حزب العمال محسوبون على تيار أقصى اليسار وآخرون مستقلون بقيادة زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن، الحشد لتشكيل لجنة تقصي حقائق تقف على مدى الانخراط البريطاني في دعم حرب الإبادة الجماعية ضد غزة.

ويقول الصحفي البريطاني بيتر أوربون، للجزيرة نت، إن الإعلام البريطاني لم يعد بمقدوره تجاهل المظاهرات التي تملأ الشوارع في لندن، والمطالبة بوقف الحرب ومعاقبة الإسرائيليين على جرائمهم على غزة.

في حين تشير الصحفية المستقلة إيفون ردلي، إلى أن مفردات من قبيل "الإبادة الجماعية" أصبحت الآن متداولة في خطاب "بي بي سي"، وجاء ذلك مدفوعا بحركة دعم واسعة للقضية الفلسطينية في أوساط النخب البريطانية، وتنامي حس نقدي للرأي العام البريطاني للرواية التي تقدمها وسائل الإعلام للأحداث وتوفرها على بدائل عبر وسائل التواصل للاطلاع على ما يجري على أرض الواقع دون تدخل من الأجندات الإعلامية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • أمين عام الناتو يدعو لزيادة الدفاع الجوي 400% والكرملين يعتبر الحلف "أداة للعدوان"
  • بن حبتور: التحديات التي تواجه اليمن جعلت اليمنيين يقفون خلف قائد الثورة
  • بحرية الصين تؤكد تعلمها من الدروس التي تجرعها الأمريكان على يد اليمن في البحر الأحمر
  • ناطق كتائب المجاهدين “أبو بلال” ينعى أمين عام الحركة.. فيديو
  • المجلس الوطني الفلسطيني يوجه نداءً دوليا إزاء ما يحدث في غزة
  • ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على غزة إلى 54,772 شهيداً
  • لأول مرة..عودة شركات الطيران إلى الكيان مرهون بقرار من اليمن
  • هل تراجع الإعلام البريطاني عن دور حارس بوابة الدعاية الإسرائيلية؟
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 54,772 شهيدا و 125,834 مصابا
  • بسبب حزب الله.. هذا ما قرره القضاء البريطاني!