التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع الخدمات الثقافية في خطة العام المالي الحالي
تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT
استعرضت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في تقرير لها مستهدفات قطاع الخدمات الثقافية بخطة العام المالي الحالي 2023 /2024.
تحقيق التنمية الشاملة والـمُستدامةوأكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن الحفاظ على الـموروث الثقافي يعد سمة أساسية من سِمات الـمُجتمعات الـمُتحضّرة، كما يُعتبر السعي لتنويع الـمُنتج الثقافي والارتقاء بجودة الخدمات الثقافية من الأمور بالغة الأهمية لتنمية الـملكيّات الفكرية والقُدرات الإبداعيّة للأفراد وللمُجتمع بأسره، ومن ثم توفير أحد الـمُقوّمات الأساسية لتحقيق التنمية الشاملة والـمُستدامة، ومن هذا الـمُنطلق، تتجسّد الرؤية التنموية لقطاع الخدمات الثقافية في تأسيس منظومة قيم ثقافية إيجابيّة في الـمُجتمع تحترم التنوّع والاختلاف وتُمكِّن من اقتناء وسائل اكتساب الـمعرفة وفتح الآفاق للتفاعُل مع الـمُعطيات الـمُعاصرة، ومنح القُدرة على الاختيار الحُر وتأمين حقوق مُمارسة الثقافة وإنتاجها.
وأشار تقرير وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية إلى مُستهدفات قطاع الخدمات الثقافية في خطة عام 23/2024 حيث تستهدف الخطة نهو خمسة مشروعات، واستكمال 120 مشروعًا. وتتمثّل أهم الـمشروعات الـمُستهدفة في تنفيذ 11 مشروعًا لأكاديمية الفنون، تنفيذ ثمانية مشروعات لقطاع الفنون التشكيليّة، استكمال أعمال التطوير لعدد 34 قصر ثقافة، منها (قصر ثقافة أبو سمبل بأسوان، وقصر ثقافة السامر، وقصر ثقافة ههيا بالشرقيّة، وقصر ثقافة روض الفرج، وقصر ثقافة الغردقة)، إلى جانب استكمال تطوير ثمانية بيوت ثقافة الطفل، منها (بيت ثقافة أبو الـمطامير بال بحيرة، وبيت ثقافة أبو تشت بقنا، وبيت ثقافة القنطرة شرق بالإسماعيليّة، وبيت ثقافة زنين بالجيزة)، علاوة على تطوير عدد 14 مسرحًا، منها (مسرح السلام، ومسرح الـمنصورة القومي)، وتطوير ثلاثة متاحف (متحف سراي الجزيرة بالقاهرة، ومتحف الفن الـمصري الحديث، متحف بيت الأمة)، توفير سِت مكتبات مُتنقّلة تابعة لـمكتبة مصر العامة، رقمنة فروع مكتبة مصر العامة بالزاوية الحمراء والزيتون والدقي.
إنجازات قطاع الخدمات الثقافيةوأوضح التقرير أن أهم إنجازات قطاع الخدمات الثقافية في عام 2022 تتمثل في إحلال وتجديد ورفع كفاءة عشرة مواقع إبداعيّة، والانتهاء من سِتة مواقع أخرى تمهيدًا لافتتاحها عام 2023، تنفيذ أكثر من ألفي فعالية بقُرى حياة كريمة، في اثنتا عشرة مُحافظة بالتعاون مع وزارتي التنمية الـمحلية والتربية والتعليم، والشركة القابضة للمياه، وصندوق مُكافحة وعلاج الإدمان، والـمجلس القومي للمرأة، وتضمّن برنامج الفعاليّات تنظيم الورش الفنية والحرفية الخاصة بالـمرأة والطفل والشباب، إنشاء "لجنة حقوق الإنسان والـمُواطنة"، ضِمن اللجان الثقافيّة بالـمجلس الأعلى للثقافة، والإعداد لإنشاء "الإدارة العامة لوحدة حقوق الإنسان" لتكون مُهمّتها وضع الخطط التنفيذيّة حول آليّات إنفاذ الإستراتيجيّة الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها السيد رئيس الجمهورية من أجل بناء الإنسان الـمصري ودعم حقوقه، علاوة على توقيع عديدٍ من البروتوكولات ومُذكرات التفاهُم مع مجموعة من الدول العربية والأجنبية في مُختلف الـمجالات والنشاطات الثقافية، الـمُشاركة في أكثر من 160 فعالية ومهرجان دُولي، واستضافة عدد من الفنانين والـمشاهير بالعديد من الـمهرجانات والـمُلتقيات الإبداعيّة التي تُنظمها مصر، قيام الهيئة العامة لقصور الثقافة بتنظيم نحو 392 فعالية، استفاد منها نحو 128 ألف فرد، وذلك في إطار الـمرحلة الأولي من "الـمشروع القومي لتنمية الأسرة الـمصرية".
إضافة إلى تنفيذ 123 فعالية، في 15 قرية خلال الـمرحلة الثانية، بإجمالي نحو 20 ألف مُستفيد، إلى جانب تنفيذ مشروع "رؤية"، وهو أحد الـمشروعات التنويريّة، وذلك في إطار التعاون بين وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار، فضلا عن تفعيل بروتوكولات التعاون لإدخال النشاط الثقافي ضمن اليوم الدراسي، وتنفيذ فعاليّات ثقافية داخل الجامعات الـمصرية، التعاون بين وزارة الثقافة ووزارة التنمية الـمحلية في مُبادرة "أيادي" لوزارة الثقافة من خلال استضافة الـمعارض الخاصة بهم ضمن الفعاليات الـمُختلفة، وتنظيم الدورة 30 من مهرجان قلعة صلاح الدين الدولي للموسيقى والغناء، وفعاليات مهرجان الـمسرح الروماني بالإسكندرية، بالإضافة إلى إقامة الحفلات الفنية والعروض الـمسرحية، وإقامة معارض الكتب من خلال الهيئة الـمصرية العامة (الدورة 54 من معرض القاهرة الدولي للكتاب والذي تضمّن أكثر من 500 فعالية ثقافية وفنية).
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الدكتورة هالة السعيد وزارة التخطيط التنمية الاقتصادية وقصر ثقافة
إقرأ أيضاً:
لماذا الحديث عن أمن الهوية الثقافية؟
في نشاطه الجاد والمستمر، خصص النادي الثقافي إحدى جلساته في الأيام الماضية لمناقشة موضوع: «الأمن الثقافي ودوره في الحفاظ على الهوية الوطنية»، واستضافت عددًا من المتحدثين والنشطين ثقافيًا وأكاديميًا في الدراسات الثقافية والحضارية، وصناعة المحتوى الثقافي. قيمة هذه الجلسة في طرحها للأسئلة أكثر من تأطيرها للإجابات القاطعة؛ ولا يستغرب متابع إن خرج منها دون إحاطة دقيقة بتعريف المفاهيم الرئيسة التي تناولتها بما في ذلك مفهومها الأساس «الأمن الثقافي»، ورغم تحفظنا على دقة المفهوم باعتبار أن المكون الثقافي مكون واسع، وفيه من المضمون المادي والمعنوي متباينات شتى، وإحاطته بمفهوم الأمن قد يتناقض مع بعض مكوناته الأساسية، ونرى أن مصطلح «أمن الهوية الثقافية» هو المصطلح الأقرب للدقة – في تقديرنا – باعتبار سعي المجتمع ومكونات النظام السياسي والثقافي للحفاظ على المكونات الفريدة والمميزة التي تسم ثقافة ما ومحاولة استدامتها عبر الأجيال، والحفاظ عليها من تأثير عوامل الخارج في أن تفككها أو تغير مضامينها الرئيسة أو تبدل معانيها الاجتماعية. وقد شدني في الجلسة مداخلتين مهمتين طرحتا من قبل الحضور؛ الأولى أكدت على أهمية تحديد عوامل الخطر التي تواجه هويتنا الثقافية حقًا، والنقاش حولها بطريقة محددة وتشخيصها بشكل منهجي. أما الثانية فكانت تتعلق بضرورة تحديد المفاهيم – وهو ما أخذ حيزًا واسعًا من التداخلات – ولكن السائل كان ينبه حول ضرورة استنبات مفاهيم من الداخل ذات خصوصية اجتماعية وتتسق مع طبيعة السياق الثقافي للمجتمع في عُمان، يمكن أن ننطلق منها ونحدد حولها هواجسنا واستفهاماتنا الرئيسة.
ماذا نريد للهوية الثقافية في عُمان؟ - حسب تقديرنا – فإن السياسات التعليمية والثقافية والإعلامية – باعتبارها أكثر السياسات تأثيرًا وصنعًا لمسارات الهوية الثقافية – ينبغي أن تكون أكثر تناغمًا انطلاقًا من الهواجس الرئيسة حول الهوية الثقافية، وفي كل الأحوال فإن المجتمع المراد هو المجتمع الذي ينظر إلى الحداثة بمفهومها وتطبيقاتها الواسعة بطريقة ناقدة، ويتفاوض بشكل مستمر حول تأثيرها، ويشكل فيه التعليم والانتماء وسيلتان لحماية أفراده وخاصة في الأعمار المبكرة من التقليد والانسياق الأعمى، وتمكن فيه المؤسسات التعليمية الأفراد من امتلاك الحدس النقدي تجاه التيارات الثقافية الصاعدة والمتواترة، دون انقطاع عن حركة الثقافة العالمية. وهو في الآن ذاته مجتمع لا ينظر إلى الاستثمار في الثقافة بوصفها عبء اقتصادي أو مكون جمالي من مكونات الدولة، بل هي امتداد للمعنى المراد ترسيخه، وللقيم المراد تأصيلها، وللموروثات المراد نقلها عبر الأجيال، فتكون في هذه الحالة مؤسساته الثقافية متفاعلة مع حركة المجتمع، جاذبة لكل فئاته وأطيافه، وموجهة أطروحاتها ومنتجاتها بما يتسق مع حفظ النسق الثقافي من ناحية، وإكساب الأفراد روح الثقافة من ناحية أخرى.
وما نريده أيضًا للهوية الثقافية في عُمان هو احتفاؤنا بالتنوع الذي أوجدته عوامل التاريخ والجغرافيا، وهذا الاحتفاء ينطلق من تعزيز المحتوى المبتكر حولها على منصات الإعلام التقليدية والحديثة وفي وسائط التعلم والفضاء العام، واعتبار ذلك التنوع واحترامه قيمة مركزية في بقاء وديمومة المجتمع. وأن تكون القيم والممارسات الأصيلة للهوية الثقافية حاضرة ومجسدة في تجديدنا الحضري، احتفالاتنا ومهرجاناتنا، وأن نخصص الأيام والمناسبات الرسمية للاحتفاء بعناصر ثقافية معينة، وأن نوجد التشريعات والنظم الضامنة لاندماج العناصر الثقافية في حياة الأفراد بشكل مستمر، ففي علم الاجتماع تؤكد نظرية التفاعل الرمزية أن الهوية الثقافية ترتبط بشكل رئيسي بكيفية أداء الأفراد لها والتعامل معها في الحياة اليومية. «ويعتمد ضمان الهوية الثقافية على إدراك الرموز الثقافية (مثل: اللباس، واللغة، والطقوس) وإثبات صحة أداء الهوية في التفاعلات الاجتماعية». وهو ما يؤكد ضرورة نقلها بشكل سليم عبر الأجيال، وتعليمها وتعميق مفاهيمها لديهم بشكل جيد.
إذن ما هي الهواجس الرئيسة التي تواجه أمن هويتنا الثقافية؟ وهنا لابد من التأكيد منهجيًا على ضرورة التفريق بين الهواجس المتخيلة/ المتصورة وبين الهواجس الحقيقية، فالطبيعي أن كل مجتمع لديه متخيلات من المهددات التي تواجه ثقافته دون أصل لها في الواقع، وهذه المتخيلات تنشأ نتيجة التفسير غير الدقيق للتحول الاجتماعي أو نشوء بعض المشكلات الاجتماعية. لكن ما يعنينا هنا هي الهواجس الحقيقية التي تقترن بوجود دلائل تأثيرها على الهوية الثقافية، وهي خمسة حسب تقديرنا: أولها ضمور التواصل بين الأجيال واختلاف اللغة الاجتماعية بين جيلين (المفاهيم/ المعتقدات/ التصورات/ رؤية الحياة..)، وثانيها كفاءة النظام التعليمي في تعزيز ملكة النقد تجاه أدوات الحداثة، وثالثها ضعف التفاعل بين منتج المؤسسات الثقافية وبين حركة المجتمع، ورابعها سهولة التعرض للمحتوى الثقافي المعولم مع ضعف وجود المحتوى الثقافي المحلي (المبتكر / المتنوع)، فهل وصلنا فعليًا لمنصات إعلامية جاذبة في محتواها ترتكز على الثقافة العُمانية في إنتاج المحتوى وقادرة على خلق ميزة تفضيلية لدى المتلقي؟، وهل طورنا صناعة الألعاب الإلكترونية بناء على المعطى الثقافي المحلي مثلًا؟، وهل لدينا صفحات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة قادرة على تغذية الملتقي ثقافيًا ومعرفيًا بشكل مبتكر؟ هذه أمثلة على الطريقة التي يمكن أن يتفاعل فيها المحتوى مع تحولات ذائقة المجتمع وفي نفس الوقت يؤدي دوره في الحفاظ على الثقافة. أما خامس الهواجس فهو في رؤية الهوية الثقافية كـ(مهدد) وليس كـ(فرصة)، وذلك يرتبط بقدرتنا على توسيع نطاق الصناعات الثقافية الإبداعية واعتبارها استثمارًا اقتصاديًا من ناحية، وحافظة ثقافية من ناحية أخرى، ويمكن المؤسسات والدولة والأفراد على حد سواء من تداول العناصر الثقافية رمزيًا وضمنيًا وظاهريًا عبر أدوات الإنتاج وتقنياته الحديثة.
إشارة أخيرة أود أن أقف عليها، وقد أخذت حيزًا واسعًا في نقاشات الجلسة التي أشرت لها، وهي القول بأهمية وجود مراكز وطنية للدراسات الثقافية والحضارية، ورغم عدم اختلافنا على أهمية ذلك في رصد الحركة الثقافية، وإجراء الدراسات والبحوث الدقيقة على تحولات الثقافة وعلى موقفنا الحضاري، إلا أنه لا ينبغي أن يكون الحل السهل والمباشر لكل تحدياتنا ومشكلاتنا هو التوصية بإيجاد مراكز للبحوث والدراسات، قبل أن نسائل الجامعات والكليات القائمة بتنوعها واختلافها عن دورها المركزي في تفعيل هذا الشق المهم، وفي إنجاز برامج بحثية واستراتيجية تعنى بالقضية المطروحة، وفي تتبعها بشكل مستمر، فالمُكن البشرية والمادية واللوجستية تكاد تكون متوفرة، واستدامة المؤسسة في ذاتها تتيح لها أداء هذا الدور، وهو ما سيؤسس لاحقًا في تقديرنا لاستقلالية هذه المراكز بخبراتها ونتاجاتها وكفاءاتها.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان