سودانايل:
2025-05-28@10:01:07 GMT

جيش الكيزان في لحظة الهذيان !

تاريخ النشر: 17th, February 2024 GMT

فضيلي جماع
إكتظت مواقع التواصل الإجتماعي هذين اليومين بفيديو يصوّر بوضوح ثلة من عسكر الجيش وقد اجتثوا رؤوس ضحاياهم ، ووقفوا يلوحون بها ويهللون ويكبرون في لحظة من الهيستريا وغياب الحس الإنساني في أضعف حالاته! دعونا نتحدث عما تبقى من مؤسسة الجيش السوداني المختطف الذي تمخض ليلد هذه التراجيديا.
إنّ القارئ لتاريخ الجيش السوداني (المؤسسة العسكرية) منذ أن أقام المستعمر البريطاني نواتها الأولى كوحدة تحت مسمى )قوة دفاع السودان( Sudan Defence Force (SDF) في العام1925م حتى وقتنا الحاضر – القارئ لتاريخ هذه المؤسسة العسكرية – يعرف لماذا وصل هذا الجيش ، الذي أكمل مائة عام بالتمام والكمال ، إلى هذا الدرك الأسفل من الأنحطاط .


إذا نظرنا إلى بداية تكوين المؤسسة العسكرية الحديثة نجد أنها أقيمت على نحو جهوي وعشائري منذ العام 1925م. بدأت بثلاث فرق : (الفرقة الاستوائية، فرقة العرب الشرقية، فرقة العرب الغربية، الهجانة). ورغم أنّ هيكلة قد حدثت في هذه المؤسسة إبان حكومات ما بعد الإستقلال إلا إنّ ما لا يختلف فيه إثنان هو أن الجيش السوداني ظلّ يعتمد في (المشاة) – الكثرة الغالبة من العسكر – على نفس التركيبة الجهوية التي أقام عليها المستعمر قوة دفاع السودان: الجنوب – قبل انفصاله – وغرب السودان (دار فور وكردفان) ، وشرق السودان. بينما بقيت النخبة Elite في الجيش ، وهم الضباط الذين يقودون الجيش خارج التركيبة التي قام عليها تأسيس مشاة الجيش لعقود. لذا لم يكن مستغرباً أن يكون أول قائد للجيش هو الجنرال احمد محمد ليخلفه في قيادة الجيش الجنرال إبراهيم عبود ، وكلاهما يمثلان القيادة التي هي في الغالب خارج مراكز الكثرة التي تتألف منها المؤسسة العسكرية. ذكر هذه المعلومة ليست تجنياً على ما عرف فيما بعد بالقوات المسلحة. إنها مجرد إشارة لما يترتب عليه لاحقاً مصير جيش تفكر نخبته (قادته) بنفس عقلية نخبة المركز التي لم تنجح في إقامة دولة مستقرة على مدى 68 عاماً ناهيك أنها لم تفلح مؤسساتها في وضع دستور دائم للبلاد. إنّ جيش السودان لم يخرج في تربيته الوطنية – إن وجدت – عن سعار نخبة المركز في منظورها السياسي لإدارة البلاد – الإجهاز على السلطة واحتكارها أينما وجدت.
تقول الإحصائيات أنّ الجيش السوداني يأتي في المركز الثاني عالمياً من حيث عدد الإنقلابات العسكرية التي قام بها للإستيلاء على السلطة. فقد بلغ عدد الإنقلابات العسكرية التي قام بها الجيش السوداني 35 (خمسة وثلاثون إنقلاباً) نجح منفذوها من الضباط في ثلاثة: انقلاب الجنرال عبود في 17 نوفمبر 1958 والذي دام ست سنوات ، ثم إنقلاب 25 مايو بقيادة المقدم جعفر النميري وقد استمر على سدة الحكم 16 (ستة عشر عاماً) ليخلفه في سلسلة الإنقلابات العسكرية إنقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة المقدم عمر حسن احمد البشير والذي عرف نظامه بالإنقاذ. وهو الواجهة العسكرية لجماعة الأخوان المسلمين (الجبهة القومية الإسلامية) والتي جلس عسكرها وحزبها على سدة الحكم – منفردين أو بالمشاركة شكلياً – حتى كتابة هذه السطور – أي حوالي 36 (ستة وثلاثون عاماً). يجدر بالذكر أن نشير إلى أنّ ما عرف بالإنقاذ ليس أول انقلابات الأخوان المسلمين في السودان، فقد سبقه إنقلاب علي حامد وعبد الرحمن كبيدة والرشيد الطاهر بكر (المرشد العام للأخوان المسلمين حينذاك). كان ذلك في نوفمبر 1959م.
إلى جانب تمركز فكرة حيازة السلطة تحت كل الذرائع في عقلية ضباط الجيش السوداني ، والسعي إليه بهذا الرقم الفلكي من الإنقلابات في تاريخ الدولة الحديثة، فإن جيش السودان لم يخض في تاريخ دولتنا المستقلة حرباً واحدة ضد دولة أجنبية. بل إنّ كل حروبه التي خاضها طيلة سنوات استقلال بلادنا – ونحن ندخل عامنا الثامن والستين من الإستقلال- إنّ كل حروب الجيش السوداني قام بها ضد مواطنيه ، بدءاً بما عرف بحرب الجنوب التي قام بها ضد كتيبة توريت في العام 1955م لإخماد تمردها ، فإذا بها تتحول إلى حرب أهلية عرفت بحرب الجنوب والتي دامت نصف قرن – مع توقف الحرب لعشر سنوات بفضل اتفاقية أديس أبابا في العام 1972 م والتي انقلب عليها الجنرال نميري في العام 1982 م ليطيل أمد الحرب التي زاد أوارها بسبب إنقلاب الجبهة الإسلامية والذي قادت حروبها إلى فصل الجنوب ليصبح دولة مستقلة. ولتواصل المؤسسة العسكرية حربها الضروس ضد شعوب السودان بإعلان الحرب على شعوب جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وليغرق البلاد كلها في حرب دارفور التي أفرخت المليشيات وتم فيها حرق القرى والمزارع وهجرات مئات آلاف المواطنين.. بل وارتكاب الجيش جريمة الإبادة الجماعية في دار فور حيث قدرت بعثة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان عدد القتلى بما يتخطى 300,000 (ثلاثمائة ألف).
يستغرب كاتب هذه السطور ممن يتحدثون عما يسمونه هذه الأيام بالجيش الوطني ، وقوات الشعب المسلحة، ومحاولة تبرئتها إبان الحرب الدائرة حاليا بينها وبين قوات الدعم السريع (صنيعتها) ، ورمي الفظائع وكل الموبقات على شماعة الدعم السريع ، بما في ذلك جرائم الإغتصاب التي ابتدعها الجيش السوداني منذ حروبهم التي دامت قرابة نصف القرن في الجنوب. أما الإغتصاب فقد إبتدعه عسكر السودان باعتباره أحد الأسلحة لإهانة العدو وكسر شوكته. يحكي لي من لا أشك في مصداقيته ، أن جيش السودان وقد قام بإحدى الحملات التفتيشية في مدينة جوبا أخذ جنوده يشهرون السلاح في وجوه سكان أحد الأحياء ويصرخون: (أطلع برّه).. وقال إن بعض الجنود قاموا باغتصاب النساء والفتيات في ذلك الحي الذي سمي فيما بعد بحي (أطلع برة). تبعته أسماء ساخرة أخرى أطلقها الإخوة الجنوبيون على تلك الأحياء لتظل سبة في تاريخ الجيش السوداني ، مثل حي (رجال مافي) وحي (لباس مافي). ولماذا نذهب بعيداً وقد سجلت منظمات الأمم المتحدة وبعض منظمات حقوق الإنسان ذات الصدقية العالية (هيومان رايتس ووتش) في حرب الجيش في دار فور ما فاق ال 221 حالة إغتصاب لنساء بلدة تابت في الفترة بين 30 أكتوبر والأول من نوفمبر 2014 م. هذا الرقم من الإغتصاب في هذه الفترة الوجيزة لم تقم به قوات الدعم السريع أو أي مليشيا أخرى ، بل رقم للجيش السوداني الذي يدعي أنصاره هذه الأيام دون حياء أنه يقوم بحماية الوطن والمواطن!!
إن جز الرؤوس – مما رأيناه بوضوح في الفيديو الحائم هذه الأيام – واغتصاب النساء وحرق القرى وحصب سكانها بالبراميل المتفجرة – كل ذلك هو من فنون قتال جيش السودان ضد مواطنيه. وقد زاد البطش والإغتصاب والتنكيل بالنساء والأطفال بصورة لا يصدقها العقل في حروب جيش السودان في الجنوب (سابقاً) وفي دار فور وكردفان (جبال النوبة) وفي جنوب النيل الأزرق. ولأن العالم صار قرية كونية بفضل تطور وسائل الإتصال والأقمار الصناعية، والشبكة العنكبوتية (الإنترنت) فإنّ الحصول على المعلومة لم يعد بحاجة إلى شد الرحال وطي المسافات. كما إنّ محاولة تكذيب أو طمس فيديو لضحايا اجتثت رؤوسهم وظل عسكر الكيزان يلوحون بها ويهللون ويكبرون فرحاً – نقول إنّ محاولة طمس أو تكذيب حادثة بهذا الجرم وهذه البشاعة –
-بعد انتشار الفيديو محل الخبر في أقصى الأرض وأدناها- إنما هو ضرب من المحال في زمن الإنترنت والفيمتو سكند. ستنجلي الحقيقة طال الزمن أو قصر. وسيبحث الجناة يومها عن جحر ضب أجرب ليأويهم .. ولن يجدوه !
أعود وأختم بما بدأت به هذا المقال. لم أدهش للتصرف الداعشي لجيش اختطفه الكيزان منذ انقلابهم المشئوم في العام 1989م وحولوه إلى جناح عسكري لإذلال خصومهم- لم أدهش لتصرفهم الهمجي وهم يجتزون رؤوس شباب سودانيين (أنكر الدعم السريع أنهم من جنوده) بل قال بأنهم مجرد شباب من غرب السودان! لم تدهشني داعشية جيش الكيزان وهم يرقصون ويلوحون برؤوس ضحاياهم، فالقصد واضح وهو استدراج إثنيات بعينها من أقاليم بعينها لتبدأ بها لعبة الحرب الأهلية في السودان – الحرب الأهلية التي بقيت الكرت الأخير الذي يلوّح به الكيزان وهم في مرحلة الهذيان قبل أن ينطبق عليهم قريبا وقريبا جدا قول شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه: (وسوف يجتثون من أرض السودان اجتثاثاً)!!
ملحوظة ليست بذات أهمية:
واصل بعض (المثقفاتية) وقادة سياسيون صمتهم تجاه الجريمة التي هزّت أوصال من لا يشعر ، وأثارت غضب من لا يحس. ترى هل نحن في زمن موت المثقف؟!
فضيلي جمّاع - 16 فبراير 2024  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المؤسسة العسکریة الجیش السودانی الدعم السریع جیش السودان فی العام التی قام قام بها دار فور

إقرأ أيضاً:

وزير الكهرباء ووزير النفط السوداني يبحثان إعادة تأهيل الشبكة الكهربائية بالسودان

استقبل الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الدكتور محيى الدين نعيم وزير النفط والطاقة السوداني والوفد المرافق له، بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية، بحضور السفير عماد الدين مصطفى عدوي سفير جمهورية السودان لدى القاهرة، وذلك لبحث سبل دعم وتعزيز الشراكة والتعاون في مجالات الكهرباء والطاقات المتجددة، والتدريب والاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتوفير التغذية الكهربائية للتجمعات السكانية والصناعية في جمهورية السودان.

يأتي ذلك في إطار العمل المشترك، ودعم وتطوير أوجه التعاون والشراكة مع جمهورية السودان في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، والعمل على استكمال المرحلة الثانية لمشروع خط الربط الكهربائي المصري السوداني مزدوج الدائرة توشكى 2/ وادى حلفا قدرة 300 ميجاوات.

واجتمع عصمت بوزير النفط والطاقة السوداني، بحضور المهندس جابر دسوقي رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، والمهندسة منى رزق رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء، بمشاركة الوفد السوداني، وعدد من قيادات الوزارة.

وخلال الاجتماع، أشاد الدكتور محمود عصمت بعمق العلاقات المصرية السودانية، وتميزها على مر العصور، والروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين، مستعرضا إمكانيات قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، وبحث إمكانية تلبية متطلبات واحتياجات قطاع الطاقة السوداني من المحولات الكهربائية بقدرات مختلفة ووحدات الدعم المتنقلة وغيرها من الإجراءات لتوفير التغذية الكهربائية الكافية في العديد من المناطق، سيما في شمال البلاد، وكذلك التعاون في مجال التدريب والدعم الفني والطاقات المتجددة والدراسات اللازمة للاستفادة من التجربة المصرية في هذا المجال.

كما تم بحث امكانية إيفاد عدد من الخبراء للمعاونة في إعداد المواصفات الفنية وأجهزة القياس لإعداد أطلس الرياح.

وتناول الاجتماع سبل التعاون لإعادة تأهيل الشبكة الكهربائية في السودان وتنفيذ خطة إسعافية عاجلة لتوفير الكهرباء اللازمة في بعض المناطق خلال موسم الحصاد الزراعي، والعمل على وضع خطة لإعادة تأهيل محطات التوليد والمحولات.

وناقش الاجتماع مستجدات تنفيذ المرحلة الثانية لخط الربط المصري السوداني واتخاذ الإجراءات اللازمة لتركيب المهمات الخاصة به، وتعزيز برامج التدريب الفني والمهني للعاملين بقطاع الكهرباء في السودان، والاستعانة بخبرات قطاع الكهرباء في مصر لتحسين كفاءة الأنظمة الكهربائية وتحديث البنية التحتية.

وتم التطرق إلى العديد من المشاريع المستقبلية في مجال الطاقة، ومنها التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وإقامة محطات شمسية في العديد من المناطق وإمكانية الاستفادة من القطاع الخاص المصري في تنفيذ المشروعات.

وأكد عصمت أن قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة لديه خبرات وكفاءات وتجارب ناجحة في تنفيذ الخطط الاسعافية العاجلة، وأن هناك تعاونا مع الجانب السوداني وتنسيق في إطار خط الربط القائم لتحقيق التكامل الإقليمي في قطاع الكهرباء والطاقة.

وأشار إلى أهمية تبادل الخبرات في مجالات الطاقة المتجددة وإعادة بناء وتأهيل الشبكات الكهربائية، وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية، مؤكدا الحرص على تعزيز التعاون مع السودان في إطار الجهود المشتركة لتحقيق الأمن الطاقي في المنطقة وتطوير البنية التحتية للطاقة في البلدين، والاهتمام بنشر استخدامات الطاقات المتجددة، وتحقيق الاستدامة البيئية وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.

وأشاد عصمت بالعلاقات المتميزة بين مصر والسودان، ومواصلة تقديم البرامج التدريبية للأشقاء في جمهورية السودان على أحدث التكنولوجيات العالمية في مجالات الكهرباء والطاقة، موضحا العمل المشترك بين البلدين لتوفير التغذية الكهربائية والوفاء بمتطلبات خطط التنمية المستدامة.

اقرأ أيضاًوزير الكهرباء يبحث سبل دعم وتعزيز فرص التعاون والشراكة والاستثمار مع الجزائر

وزير الكهرباء يبحث مع مجموعة السويدي اليكتريك التعاون في مجالات خفض الفقد

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني ينفي تورطه في مذبحة “الحمادي”
  • وسط تصاعد العمليات العسكرية.. الجيش السوداني ينفي تورطه في مذبحة “الحمادي”
  • خريطة السيطرة .. أي الولايات تقع تحت سيطرة الجيش؟
  • وزير الكهرباء ووزير النفط السوداني يبحثان إعادة تأهيل الشبكة الكهربائية بالسودان
  • بتحرير الدبيبات الجيش السوداني افشل وابطل تحالف المليشيا والحركة الشعبية
  • الجيش السوداني يلحق هزائم بالميليشيا المتمردة في النهود وجبرة الشيخ
  • استعدادات لتحرير «النهود» وفك حصار «الدلنج».. الجيش السوداني يواصل التقدم ويقترب من «بارا»
  • ما وراء ادعاء أميركا استخدام الجيش في السودان أسلحة كيميائية
  • الجيش السوداني يوسع تحركاته في إقليم كردفان ..يتجه نحو مدينة “بارا”
  • وزير الصحة السوداني يلتقي المدير العام لمنظمة الصحة العالمية