هل تغير المناخ يؤثر على المواقع التراثية؟.. سهير حواس: إجراءات لحماية التراث الإنساني.. ونحتاج تعريب بنود اتفاقية «البندقية» وصوغ مشروع قومي.. علام: أعاصير الهواء والأمطار الحامضية تهدد الآثار الجيري
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
للتغير المناخي وجوه كثيره وتأثيرات شتي في كافة مناحي الحياة ولكن المرة يضرب في عمق التراث والتاريخ الإنساني، الأمر الذي دفع الجهات ذات الصلة مثل المجلس العالمي للمعالم والمواقع بالبدء في حملة عالمية لإدراج الثقافة والتراث في أجندة تغير المناخ. كما أُطلقت المبادرات في مؤتمر الناخ COP27 الذى عقد في شرم الشيخ وتكرر ذكره في COP28 بدبي وقادت مؤسسات المجتمع المدني الحملة للسعي للحفاظ على التراث.
ويري الخبراء أهمية السعي للحفاظ على التراث الإنساني ودعم البيئات والمجتمعات المحلية"غير المادية" لأنها بدورها الشريك الأساسي في حماية المباني التراثية وطالبوا بمشروع قومي يبدأ من المناهج التعلمية لرفع الوعي بأهيمة تاريخ الأجداد مع اتخاذ كافة التدابير لترميم التأثيرات المادية الناجمة عن عوامل التعرية كناتج للأعاصير والأمطار الحامضية.
بدورها أعربت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة،عن سعادتها بتواجد الأميرة دانا فراس نائب رئيس المجلس العالمي للمعالم والمواقع التراثية، وذكرت أن ميثاق البندقية شمل نقطتان هامتان تتعلق بالصون والأصالة، وهما مفهومان نجدهما في قلب ملف الحماية والحفاظ على البيئة، موضحة أن ملف الحماية والصون يشهد العديد من المشكلات والتحديات البيئية العالمية، وعلى الرغم من المحاولات المستمرة لصون وحماية للمواقع نجد أن تغير المناخ يؤثر بصورة مباشرة على المواقع التراثية والثقافية.
وبدورها ذكرت الدكتورة سهير حواس،أستاذة العمارة بجامعة القاهرة وعضو مجلس إدارة الجهاز القومي للتنسيق الحضاري: دار الحديث عن المناخ والبيئة الطبيعية وتأثيرهما على العمران بشكل عام وعدم كفاية التعامل مع التراث كجزء منفصل، بل علينا أن ندرس البيئة ككل ونعتبره جزء منها والبحث هن حلول للحماية بشكل مركب للحفاظ على التراث بمفهومة الأشمل الذي يضم الأثر والمباني التراثية علاوة عن البيئات ذات الطابع الخاص مثل النوبة والواحات والقبائل ودعم العنصر البشري والحفاظ على تراثة –غير المادي- باعتباره المسئول الأول عن حماية التراث وهنا يظهر أن حماية التراث الإنساني يكون لديك القدرة على بناء إنسان قادر على التعامل مع التراث والحفاظ على المنظومة التراثية ككل.
الدكتورة سهير حواس،أستاذة العمارة بجامعة القاهرةوتضيف" سهير": لدينا قوانين إذا تم تطبيقها سيتم الوفاء بكافة هذه الأهداف سواء على مستوي المباني والأثار والمناطق التراثية وهو ما يتماشي مع الدستور المصري في مادته رقم 50 لسنة 2014 التي مفادها على الدولة تفعيل كل ما يتعلق بحماية التراث وإتخاذ كافة التدابير اللازمة لحمايته ماديًا وفنيًا وتقوم كافة الأجهزة المعنية بذلك بهذه الأدواء مثل الجهاز القومي للتنسيق الحضارى ووزارة الأثار والثقافة بالتعاون مع وزارة البيئة التي يظهر دورها بقوة خلال الفترات القادمة.
وتواصل"سهير": حماية التراث لا تحتاج جهات متخصصة فقط بل نحتاج لنشر الوعي والثقافة العامة لكل أفراد المجتمع بداية من الأطفال في المدارس والمناهج التعلمية والأعمال الفنية وغيرها كما تم توجد عدة مواثيق مثل ميثاف فنيسيا التي تحض على الحماية والصون علاوة عن ضرورة تعديل بعض النقاط التي بها قصور لمواكبة ومواجهة المشكلات التي تظهر في الوقت الحالي نحتاج لتضافر الجهود العربية لحماية التراث بشكل عام خاصة أن المفاهيم التي وضعت في الميثاق هي أوربية المنشأ ومن هنا نحتاج لتعريب هذة المفاهيم بما يخدم التراث العربي بشكل عام.
كما أكدت وزيرة البيئة على أن أساس حماية البيئة هو الإنسان، وجعل الله العلاقة بين الكون وبعضه ترابطية لتعطى لنا مفهوم النظام البيئي، والإنسان يوجد فى قلب عمليات حماية البيئة بكافة أشكالها، وأشارت إلى حملة "حكاوى من ناسها" والتى تضمنت العمل على عدد 11 مجتمع محلى، حيث تقوم كل قبيلة داخل المحمية بسرد قصتها عن تراثها وموروثها الثقافي من مأكل وملبس وسبل عيشها، مشددةً على ضرورة الاهتمام بالطبيعة والبشر كسبيل للحفاظ على المواقع التراثية والهوية الإنسانية.
وفي السياق ذاته، يقول الدكتور مجدي علام، خبير البيئة العالمي: للتغير المناخي وظواهرة مثل تيارات الهواء الشديدة والإعصارت أو هطول الآمطار الحامضية لها تأثير كبير المواقع التراثية في العالم كله، وهناك بعض التماثيل المسجلة تاريخيًا تعرضن للتآكل نتيجة عوامل التعرية لأن أغلب المواقع التراثية في كاة دول العالم من الصين حتى البرازيل عبارة عن نحت في جبال أو هضاب من من الحجر الجيري باستثناء بعض الحضارات مثل الفراعنة التي شيدت تراثها من الرخام والجرانيت التي تتأثر ببعض التآكل.
الدكتور مجدي علام، خبير البيئة العالمييضيف"علام": عمليات التهشم أو التآكل نتيجة أكاسيد الكربون والكبريت واتحاده مع مياه الأمطار أو بخار المياه لتحدث عمليات أكسدة وتتكون مادة حامض كبيريتك وتزدادد بشكل كبير في كافة التماثيل الجيرية كما حجث في تأثر سلسلة أهرامات من بني سويف حتي أهرام الجيزة، كما تسعي كافة دول العالم لترميم هذه الأنواع من الأثار مثل أثينا واليونان وأمريكا الجنوبية.
وأعربت الأميرة ديانا فراس عن سعادتها بمناسبة مرور ستون عامًا على اكتمال ميثاق البندقية وهي وثيقة هامة وضعت الإطار الدولي لأسس المحافظة على المباني التاريخية وترميمها والتي ستظل وثيقة استراتيجية تدعم الحفاظ على التراث والمواقع وتحدد الطرق المتبعة في ترميم المباني واعادة بنائها والحفاظ عليها، مضيفة ان هذه الوثيقة لها دور محوريا" لعل أكبره من خلال المجلس العالمي للمعالم والمواقع التراثية حيث يعمل على مواجهة التهديدات التي تصيب المواقع والآثار المتنوعة مثل مواجهته لظاهرة تغير المناخ والصراعات المحلية وسوء الادارة وغيرها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المواقع التراثية تغير المناخ
إقرأ أيضاً:
بعد عام 2024 الأشد حرارة على الإطلاق .. موجات حر قياسية تهدد الغلاف الجوي خلال السنوات الخمس المقبلة
كان العام الماضي 2024 العام الأشد حرا على الإطلاق منذ بدء تسجيل درجات الحرارة قبل مئة وخمسة وسبعين عاما، وسط توقعات بأن العالم يقف على مفترق طرق حاسم في مواجهة تغير المناخ.
وتتوقع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في آخر توقعاتها، أن تشهد السنوات الخمس المقبلة (2025-2029) على الأرجح استمرار درجات الحرارة العالمية عند مستويات قياسية، مع احتمال كبير لتجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وهي العتبة التي حددها اتفاق باريس للمناخ كهدف طموح للحد من الآثار الكارثية لتغير المناخ، وأن يكون المتوسط السنوي العالمي لدرجات الحرارة القريبة من السطح في كل عام خلال السنوات الخمس المقبلة أعلى من المتوسط السائد طوال الفترة 1850-1900 بمقدار يتراوح بين 1.2 و1.9 درجة مئوية، وسط احتمالات قوية بأن يحطم عام واحد على الأقل من الأعوام (2025-2029) الرقم القياسي الذي سجله عام 2024.
وتحذر المنظمة من أن كل كسر إضافي لأي درجة من درجات الاحترار يؤدي إلى موجات حر أشد ضرراً، وظواهر متطرفة لهطول الأمطار، وجفاف شديد، وذوبان الصفائح الجليدية والجليد البحري والأنهار الجليدية، إلى جانب ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وارتفاع مستويات سطح البحر.
ووفق التقرير من المتوقع أن يكون ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية خلال فصول الشتاء الخمسة المقبلة، أكثر من ثلاثة أضعاف ونصف المتوسط العالمي، وتشير التنبؤات الخاصة بالجليد البحري، في الفترة من مارس 2025 إلى مارس 2029، إلى انخفاض أكثر في تركيزات الجليد البحري في بحر بارنتس وبحر بيرنغ وبحر أوخوتسك.
ومقارنةً بالفترة المرجعية 1991-2020، تشير أنماط الهطول المتوقعة للفترة من مايو إلى سبتمبر بين عامي 2025 و2029 إلى ظروف هطول أعلى من المتوسط في منطقة الساحل وشمال أوروبا وألاسكا وشمال سيبيريا، وظروف أكثر جفافاً من المتوسط لهذا الموسم فوق منطقة الأمازون.
وأعربت كو باريت، نائبة الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية عن الأسف لأن تقرير المنظمة لا يشير إلى أي علامة على انحسار ظاهرة الاحترار المناخي خلال السنوات القادمة، وهو ما يعني أن الآثار السلبية على الحياة اليومية والاقتصادات والنظم الإيكولوجية والكوكب ستزداد، وأضافت باريت أنه لا بد من مواصلة مراقبة المناخ والتنبؤ به لتزويد صانعي القرار بالأدوات والمعلومات التي تستند إلى العلم بما يساعد البشر على التكيف.
ويعزو العلماء استمرار درجات الحرارة العالمية عند مستويات قياسية خلال السنوات الخمس المقبلة إلى مجموعة من العوامل المترابطة، أبرزها، استمرار انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتأثيرات التراكمية للاحترار الذي حدث بالفعل وذوبان الجليد القطبي والأنهار الجليدية، وارتفاع درجة حرارة المحيطات، التي تمتص أكثر من 90% من الحرارة الزائدة الناتجة عن الاحتباس الحراري.
وعلى الرغم من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاق باريس للمناخ، فإن الإجراءات المتخذة عالمياً للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لا تزال غير كافية لوقف الاتجاه التصاعدي في درجات الحرارة العالمية. ويشير الخبراء إلى أن التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة والاقتصاد منخفض الكربون يحدث ببطء ويعرقل ما هو مطلوب لتحقيق أهداف الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية أو حتى درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ويحذر العلماء من أن استمرار درجات الحرارة العالمية عند مستويات قياسية خلال السنوات الخمس المقبلة سيؤدي إلى تفاقم مجموعة واسعة من التأثيرات السلبية على النظم البيئية والاقتصادية والاجتماعية حول العالم، ومنها تزايد الظواهر المناخية المتطرفة، بما في ذلك، موجات الحر الشديد، والعواصف الشديدة والفيضانات المفاجئة، بينما ستعاني مناطق أخرى من فترات جفاف أطول وأكثر حدة، مما يؤثر سلباً على الزراعة وإمدادات المياه والأمن الغذائي.
وسيؤدي استمرار ارتفاع درجات الحرارة إلى تسارع ذوبان الصفائح الجليدية والجليد البحري والأنهار الجليدية مما يغير النظم البيئية القطبية ويهدد الأنواع التي تعتمد على هذه البيئات، وستتعرض الشعاب المرجانية لمزيد من أحداث الابيضاض الجماعي، مما يهدد هذه النظم البيئية الحيوية التي تدعم نحو 25% من الحياة البحرية، وستضطر العديد من الأنواع النباتية والحيوانية إلى الهجرة نحو القطبين أو إلى مناطق أخرى بحثاً عن ظروف مناخية مناسبة.
كما سيؤثر استمرار ذوبان الجليد القطبي والتمدد الحراري لمياه المحيطات على تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر مما يهدد المناطق الساحلية المنخفضة والجزر الصغيرة وزيادة تآكل السواحل مما يؤثر على المجتمعات الساحلية والبنية التحتية، وسيؤدي تغير أنماط الهطول ودرجات الحرارة إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل، في العديد من المناطق، خاصة في المناطق الاستوائية، وستؤدي هذه التغيرات المناخية إلى زيادة الخسائر الاقتصادية.
ووفق العلماء والباحثين، تؤكد هذه التأثيرات المتوقعة على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة وطموحة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز قدرة المجتمعات على التكيف مع التغيرات المناخية التي أصبحت حتمية بالفعل.
وتتبنى دولة قطر استراتيجيات متنوعة وتفعل مبادرات عدة للتصدي للتغير المناخي، بما في ذلك تقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وحماية الموارد الطبيعية، وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، وهي تسير بخطى واثقة نحو إعداد وتنفيذ خطة وطنية شاملة للتكيف مع تغير المناخ تهدف إلى تعزيز جاهزية الدولة لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة، والحد من آثارها على مختلف القطاعات الحيوية، كما تحرص على حماية البيئة من خلال مبادرات مثل التشجير، وزيادة المساحات الخضراء، وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، وحماية التنوع البيولوجي، وتقليل النفايات والتلوث، ورفع الوعي البيئي والمشاركة المجتمعية.
وقد أطلقت وزارة البيئة والتغير المناخي استراتيجيتها 2024-2030، والتي تهدف إلى تحقيق أهداف بيئية طموحة، منها خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 25% بحلول عام 2030، واستعادة 30% من الموارد الطبيعية المتضررة، وحماية 30% من الجزر والمناطق الساحلية، وتؤكد الدولة على دعم برامج الأمم المتحدة في مواجهة تحديات المناخ ومكافحة الإرهاب، مع التركيز على الدور المهم للشباب في جهود تحقيق الاستدامة، وتتعاون قطر مع المنظمات الدولية لتبادل الخبرات والمعرفة في مجال التصدي للتغير المناخي، وتقديم الدعم اللازم للبلدان النامية وقد قدمت مساهمة بقيمة 100 مليون دولار لدعم بناء قدرات الدول الجزرية الصغيرة النامية في مواجهة تغير المناخ.