تشير الدكتورة سفيتلانا ياكوشكينا أخصائية أمراض الباطنية إلى أن الحساسية الغذائية تبدأ عادة في مرحلة الطفولة، وعمليا تستمر مدى الحياة.
وتقول في مقابلة مع Gazeta.Ru: "عندما يواجه الأشخاص الذين يعانون من الحساسية الغذائية، مسببات الحساسية، ينتجون الأجسام المضادة، ما يؤدي إلى أعراض مختلفة (التقيؤ، الشرى، الدوخة، السعال، تورم الحلق، صعوبة التنفس، نوبة الربو، إلخ).
ووفقا لها، يمكن لأي منتج أن يثير الحساسية، ولكن لا يعاني الجميع من الحساسية. لأن مستوى الحساسية يعتمد على درجة حساسية المنتج وحالة الجهاز المناعي والاستعداد الوراثي. بالإضافة إلى ذلك، تقلل المعالجة الحرارية من حساسية بعض المنتجات.
وتشير الخبيرة، إلى أنه يمكن شرطيا تقسيم المنتجات المسببة للحساسية وفقا لقوتها إلى ثلاث درجات: قوية، متوسطة وضعيفة.
وتقول: "أقوى مسببات الحساسية هي: حليب البقر ومنتجات الألبان، التي تحتوي على حوالي 20 بروتينا؛ الأسماك والمأكولات البحرية (أسماك النهر أقل حساسية من أسماك البحر. والمعالجة الحرارية للمأكولات البحرية لا تؤثر على حساسيتها)؛ البيض، (بيض السمان أقل حساسية). وللحد من الحساسية ينصح بسلق البيض لمدة نصف ساعة تقريبا".
وتشير إلى أن بعض اللقاحات التي تعتمد على بياض البيض يمكن أن تسبب الحساسية. لذلك يجب على الشخص إبلاغ الطبيب إذا كان يعاني من الحساسية.
ووفقا لها، تنسب معظم المكسرات وخاصة الفول السوداني إلى مسببات الحساسية، لأنه يحتوي على حوالي 30 بروتينا مسببا للحساسية، كما ينسب الفطر والعسل ولحم الدجاج والحمضيات والعنب والرمان والثمار الحمراء والفراولة وغيرها وكذلك الخضروات الصفراء والحمراء، والشوكولاتة والقهوة والكاكاو والقمح والجودار إلى مسببات الحساسية.
ويمكن لتحديد الحساسية تجاه منتج معين، استشارة أخصائي بأمراض الحساسية والمناعة وإجراء الاختبارات اللازمة.
أما بالنسبة للوقاية من الحساسية الغذائية ومنع تطورها، فيجب على المرأة الحامل أن تبدأ باتباع نظام غذائي مضاد للحساسية حتى نهاية فترة الرضاعة الطبيعية".
المصدر: Gazeta.Ru
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الصحة العامة امراض معلومات عامة مواد غذائية مسببات الحساسیة من الحساسیة
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
منذ أن تشكّلت الدول وبدأت تمارس وظائفها، ظل الاقتصاد جزءًا لا يتجزأ من أدواتها السياسية، فالسياسات الاقتصادية ليست مجرد قرارات تقنية تُتخذ بمعزل عن الواقع، بل هي في جوهرها قرارات سياسية تعكس مصالح، وأولويات، وتوازنات قوى. القول إن الاقتصاد محايد أو مستقل عن السياسة يتجاهل حقيقة أن كل قرار مالي أو استثماري أو تجاري يتطلب إرادة سياسية لتوجيهه، وتحمل تبعاته.
في التاريخ القديم، كانت السيطرة على الموارد الاقتصادية تُعد بمثابة إحكام للسيادة السياسية. الإمبراطورية الرومانية لم تكن لتصمد دون تأمين تدفق القمح من مستعمراتها، وعلى رأسها مصر، التي شكّلت “سلة الغذاء” للإمبراطورية. وفي ذلك الزمن، لم يكن الغذاء مجرد سلعة؛ بل أداة للحكم، والاستقرار السياسي كان رهناً بالوفرة الاقتصادية.
أما في العصر الحديث، فقد تجلّت العلاقة بين الاقتصاد والسياسة بوضوح في أزمة النفط عام 1973، حين قررت الدول العربية المنتجة للنفط خفض الإنتاج وفرض حظر على الولايات المتحدة وهولندا بسبب دعمهما لإسرائيل. أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط بنسبة 300%، وانزلاق الاقتصاد العالمي في موجة تضخم وركود حاد. وهنا لم يكن النفط مجرد مادة خام؛ بل أداة سياسية أثَّرت في مواقف دول، وساهمت في إعادة تشكيل النظام الدولي.
في التجربة الصينية، شكّل النمو الاقتصادي منذ نهاية السبعينيات خطة سياسية منظمة، لم يكن تحرير السوق وتوسيع قطاع التصدير هدفًا اقتصاديًا فحسب، بل وسيلة استراتيجية لإرساء شرعية الحزب الشيوعي داخليًا، وتعزيز مكانة الصين في النظام العالمي. خلال أربعة عقود، نجحت الصين في انتشال أكثر من 800 مليون إنسان من الفقر، وفق بيانات البنك الدولي، وأصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو إنجاز اقتصادي ما كان ليتحقق لولا رؤية سياسية محكمة.
الواقع الأوروبي يعزز أيضًا هذا الترابط الوثيق، فالاتحاد الأوروبي بُني على فكرة أن التكامل الاقتصادي سيمنع اندلاع الحروب مجددًا بين دول القارة. إنشاء السوق الموحدة، وتبني العملة الموحدة “اليورو”، لم يكن مسعى اقتصاديًا بحتًا، بل هدفًا سياسيًا طويل المدى لتحقيق السلام والاستقرار. رغم التحديات، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي نحو 18 تريليون دولار في عام 2023؛ مما يعكس عمق هذا التكامل الذي جمع بين السياسة والاقتصاد.
في منطقتنا العربية، تتضح العلاقة في اعتماد العديد من الدول على السياسات الاقتصادية كأدوات للتماسك الاجتماعي والسياسي. برامج الدعم الحكومي للوقود والغذاء، والتوظيف في القطاع العام، والإعفاءات الضريبية، كلها قرارات اقتصادية تُستخدم سياسيًا لاحتواء التوترات الاجتماعية وتعزيز شرعية الدولة. وفي دول الخليج، مثلًا، لا تُفهم خطط التنويع الاقتصادي بمعزل عن التحولات السياسية والاجتماعية التي تهدف إلى ضمان الاستدامة والاستقرار في عالم ما بعد النفط.
ومن واقع تجربتي، حين ناديت أثناء المقاطعة الشعبية الأخيرة بعد حرب غزة بضرورة تطوير المنتج المحلي ليحل محل السلع المُقاطَعة، اعتبر البعض أن هذا الموقف تعاطف عاطفي لا علاقة له بالاقتصاد، وأن الأجدى هو تغيير سلوك المستهلك فقط. لكن هذا الفهم يغفل عن حقيقة أن الأزمات تخلق فرصًا لإعادة توجيه الموارد، وتعزيز الإنتاج الوطني، وتثبيت السيادة الاقتصادية. وقد وقعت بعض الجهات والدول في هذا الخطأ، حين تعاملت مع المقاطعة كفعل شعبي مؤقت بدل أن تستثمره في بناء بدائل وطنية مستدامة.
حتى في مفاوضات صندوق النقد الدولي مع الدول، يظهر الاقتصاد كأداة ضغط سياسي.. الاشتراطات المصاحبة لبرامج الإصلاح، مثل تحرير سعر الصرف، أو خفض الدعم، أو خصخصة المؤسسات، ليست فقط إصلاحات تقنية، بل تؤثر مباشرة في القاعدة الاجتماعية والسياسية للحكم، وتعيد رسم العلاقة بين الدولة ومواطنيها.
في النهاية.. الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة. لا يمكن فصل الإنفاق عن التمويل، ولا الضرائب عن العقد الاجتماعي، ولا الاستثمار عن رؤية الدولة لمكانتها في الداخل والخارج. كل قرار مالي هو رسالة سياسية، وكل سياسة اقتصادية تعكس هوية الدولة وأولوياتها… لهذا، فإن من يزعم أن الاقتصاد حيادي، يغفل عن واحدة من أهم حقائق التاريخ: الاقتصاد كان وسيظل أداة للسياسة، وأحيانًا جوهرها.