قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التقصير في العمل والتقاعس عنه وأخذ الرشوة حتى القليلة هو من الفساد، وبرغم كونه فسادًا صغيرًا فقد يؤدي لخلل كبير في المجتمع يقترب من الفساد الكبير.

جاء ذلك في لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، خلال رده على سؤال عن "حكم أخذ الرشوة" من ضمن أسئلة السادة المشاهدين، مضيفًا فضيلته أن الرشوة من الكبائر لأنها داخلة تحت دائرة اللعن، فكل ما يندرج تحت دائرة اللعن هو من الكبائر، وقد لُعن آخذ الرشوة كما جاء في الحديث الشريف: «لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِي»، وفي رواية بزيادة: «وَالرَّائِشِ»، أي: الساعي بينهما، واللعن من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم معناه أَنَّ ذلك كبيرة من الكبائر.

وشدد مفتي الجمهورية على أن قبول الرشوة أمر مُحرَّمٌ شرعًا، ومُجَرَّم قانونًا، لما اشتمل عليها من كَذِبٍ ومفاسد عدة، وعلى مَنْ فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويرجع عن هذه المعصية، ويسعى في إتقان عمله والقيام بواجبه، حتَّى يُحلِّلَ كسبه ويطيب عيشه، ويحرص على خدمة مجتمعه ووطنه.

وردًّا على سؤال عن ضابط إعطاء الزكاة للقريب المستحق قال فضيلته: كل من لم تجب على المزكِّي نفقتُه من أقاربه جاز دفع الزكاة إليه ما دام مستحقًّا لها.

وعن حكم الشراء والبيع بالتقسيط في صورة زيادة الثمن مقابل زيادة الأجل، قال مفتي الجمهورية: من المقرر شرعًا أنه يصحُّ البيعُ بثمنٍ حالٍّ وبثمن مؤجل إلى أجل معلوم، والزيادة في الثمن نظير الأجل المعلوم جائزة شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، لأنها مِن قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل، لأن الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقة إلا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لأجله إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن، قصدًا لحصول التراضي بين الطرفين على ذلك، ولعدم وجود موجب للمنع، ولحاجة الناس الماسَّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين.

وأكد مفتي الجمهورية أن ذلك لا يُعَدُّ مِن قبيل الربا، لأن القاعدة الشرعية أنه إذا توسطت السلعة فلا ربا، والخدمات التي يُتَعاقَد عليها هي في حكم السلعة.

وعن حكم الحج بالتقسيط قال مفتي الجمهورية: من المقرَّر شرعًا أن ملكية نفقة الحج أو العمرة -وهي المُعَبَّرُ عنها في الفقه بالزاد والراحلة- إنما هي شرط وجوبٍ لا شرط صحة، بمعنى أن عدم ملكية الشخص لها في وقت الحج كالذي يحج بالتقسيط لا يعني عدم صحة الحج، بل يعني عدم وجوبه عليه، فإذا لم يَحُجَّ حينئذٍ فلا إثم عليه، أما إذا أحرم بالحج فقد لزمه إتمامه، وحَجُّه صحيحٌ، وتسقط به عنه حجة الفريضة، فالمسلم الذي لا يملك نفقة الحج كاملة لن يحاسبه الله عزَّ وجلَّ على عدم قيامه بالحج، فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، مشيرًا إلى أن الحج بالتقسيط جائز، بضوابط شرعية، ولكن لماذا يفتعل المسلم تحقيق شروط الحج، ويكلف نفسه فوق طاقتها أو إرهاقها بالديون؟!

وحول أولوية الحج مرة أخرى نفلًا أم مساعدة المحتاجين، قال: المفتَى به في هذه الآونة أن كفاية الفقراء والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغيرها من وجوه تفريج كرب الناس وسد حاجاتهم مقدَّمة على نافلة الحج والعمرة بلا خلاف، وأكثر ثوابًا منها، وأقرب قَبولًا عند الله تعالى، وهذا هو الذي دلَّت عليه نصوص الوحيين، واتَّفق عليه علماء الأمة ومذاهبها المتبوعة.

واختتم مفتي الجمهورية حواره بالتأكيد على أن المقصد من الحج هو تهذيب النفس الإنسانية وترقيق القلوب والقيام بالنسك، مؤكدًا على أنه لا بدَّ لهذه الفريضة من استعداد نفسي وروحي، فضلًا عن الاستعداد المادي والجسماني.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مكافحة الفساد مفتي الجمهورية دار الإفتاء محاربة الفساد دار الإفتاء المصرية الإعلامي حمدي رزق الزكاة التقصير في العمل أشكال الفساد فقه الدولة الربا الرشوة من الكبائر مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو مستحب

كشف الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أنه يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو أمر مستحب حتى لو المضحي يعيش خارج البلاد وذلك قياسًا على أمر الزكاة والصدقات في هذا الشأن، مؤكدًا أنه يجوز شرعًا ذبح الأضحية في غير بلد إقامة المضحِّي، سواء كان الذابح هو المضحِّي أو نائبه أو وكيله كما في حال الجمعيات والمؤسسات في هيئة صكوك، ولا حرج في ذلك شرعًا.

وثمن فضيلة مفتي الجمهورية المبادرة التي أطلقتها وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، بالتعاون مع وزارة الأوقاف لتوفير صكوك أضاحي للجاليات المصرية في الخارج، وشراءها إلكترونيا عبر الوسائل المؤمنة.

وأكد فضيلة المفتي على أولوية إرسال المصريين المقيمين خارج مصر بزكاة مالهم وأضاحيهم إلى المحتاجين داخل وطنهم الأم، مشددًا على أن لذلك أفضلية وأولوية وان مصر وأهلها أولى بمساعدة مواطنيها وأبنائها.

وقال فضيلة المفتي إن صكَّ الأضحية هو عبارة عن عقد شراء للأضحية، وعقد توكيل بالذبح، وهذا جائزٌ شرعًا إذا روعيت شروطه، فصكوك الأضاحي هي آلية معتبرة فقهيًّا واجتماعيًّا، ولا حرج في توكيل المؤسسات المعتبرة والمعتمدة من الدولة للقيام بهذه المهمة في شكل صكوك.

ودعا مفتي الجمهورية جموعَ المصريين المقيمين بالخارج للمساهمة في هذه المبادرة الطيبة التي تم إطلاقها لتحقيق التكافل والتكاتف بين أبناء الوطن الواحد، مؤكدًا أن الأضحية فرصة مناسبة أن يرسل المقيمون في الخارج بعضا مما من به الله عليهم لأقاربهم والفقراء في بلادهم.

اقرأ أيضاًجزء من الالتزام الديني.. رد حاسم من مفتي الجمهورية بشأن استخراج التأشيرة الرسمية للحج

مفتي الجمهورية: هناك توءَمة بين العلم والدين.. والنصوص الشرعيَّة تحثُّنا على إعمال العقل والتدبُّر

مقالات مشابهة

  • قبل عيد الأضحى.. «الإفتاء» توضح حكم شراء الأضحية بالتقسيط
  • كاتب اقتصادي: الشراء في سهم أرامكو فرصة للمستثمر طويل الأجل
  • «الإفتاء» توضح حكم شراء الأضحية بالتقسيط
  • المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر
  • المفتي: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو مستحب
  • مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر
  • جزء من الالتزام الديني.. رد حاسم من مفتي الجمهورية بشأن استخراج التأشيرة الرسمية للحج
  • مفتي الجمهورية: المذاهب الفقهية المعتبرة حفظت لنا الدين
  • مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة
  • مفتي الجمهورية ناعيا والدة وزيرة الثقافة: «أنزلها الله منازل الأبرار»