في الوقت الذي رفض فيه رئيس وزراء العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، طوال الشهور الخمسة الماضية، الإفصاح عن خطته لليوم التالي لوقف العدوان على غزة، كان يعد ما أطلق عليها خطة نتنياهو لليوم التالي للقضاء على حماس، وجاء إعلان رئيس وزراء الكيان الصهيوني لوثيقته متحديًا لكل تحركات الفاعلين في المجتمع الدولي والإقليمي الذين كانوا يبحثون عن حل نهائي للقضية الفلسطينية، والذين يجمعهم مشترك واحد وهو الاعتراف بدولة فلسطينية كاملة السيادة، ولكن رئيس الوزراء المعبّأ بالغرور والطغيان قذف بكل مقترحاتهم في وجوههم، وطلب من الجميع أن يصمتوا لأنهم إما كانوا أغبياء أو لا يستحقون النظر إليهم.
وأمام أعين العالم جاءت خطة مجرم الحرب الأول في إسرائيل، والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1 ـ احتفاظ إسرائيل بحرية العمل في كامل قطاع غزة دون حد زمني.
2 ـ إقامة منطقة أمنية في القطاع متاخمة للبلدات الإسرائيلية.
3 ـ السيطرة على حدود القطاع مع مصر وإغلاقها.
4 ـ إغلاق وكالة الأونروا وأن تحل محلها وكالات إغاثة دولية أخرى.
5 ـ السيطرة على جميع المؤسسات الدينية والتعليمية والرعاية الاجتماعية في القطاع، واستبدال مناهجها بمناهج تعليمية لا تحث على كراهية إسرائيل، أو النضال لاسترداد الحقوق الفلسطينية، بمشاركة ومساعدة الدول العربية التي لديها خبرة في تعزيز مكافحة التطرف، وفق تعبيره.
6 ـ يشترط نتنياهو القضاء على حماس، والسيطرة على جميع المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية قبل البدء في إعادة الإعمار.
7 ـ يُشترط أن تنفذ عملية الإعمار من خلال دول تختارها وتثق فيها إسرائيل.
8 ـ يرى نتنياهو أن إدارة قطاع غزة لن تشارك فيها عناصر من حماس أو السلطة الفلسطينية، وإنما سيدار القطاع من خلال عناصر محلية لها خبرات إدارية، يقتصر عملها على الإدارة المدنية والنظام العام لا غير.
ومن خلال متابعة أي باحث للملف الإسرائيلي، ولأداء العصابة التي تدير الأمر في فلسطين المحتلة، يمكن وبسهولة اكتشاف أن قادة إسرائيل يتحركون وفق أمور كثيرة ثابتة، لكن يمكننا الإشارة إلى أمرين اثنين في هذا المجال.
الأمر الأول: هو عدم الاعتراف بالهزيمة، أو الانكسار، والادعاء الدائم بالنصر الساحق، وهذا ما فعلوه معنا في حرب 1973، فعلى الرغم من أن الجيش المصري حتى اليوم الرابع عشر من أكتوبر كان قد سحق جيش العدوان الإسرائيلي، وهدد وجود إسرائيل نفسها، ولولا الجسر الجوي الأمريكي الغربي الأوروبي ما كانت هناك أي فرصة لبقاء هذه الدولة المصنوعة، ولكنهم عادوا لينشروا وثائق كاذبة وملفقة تدعي أنهم حققوا انتصارات في حرب نحن كسبناها.
وحتى عندما نجحنا في اختراق جهازهم الاستخباري عن طريق أبطال كثر منهم أشرف مروان، قاموا أيضًا بفبركة وثائق تزعم أنهم هم الذين جندوه.
إذا، قادة العصابة لا يعترفون أبدًا بالهزيمة والانكسار، ويزعمون دائمَا أنهم الأقوى والأعظم والأكثر حضارة على هذا المحيط الذي يتهمونه بالتخلف والجهل، وما انطبق على حرب أكتوبر 1973 يحاول الآن نتنياهو وعصابته أن يروجونه بزعم أنهم قادرون على صنع وتحقيق كل ما يخططون له، ومنه إعادة احتلال غزة وكأن حماس والمقاومة قد سلمت الراية وانتهى الأمر بتجريد المقاومة من السلاح، إنها أحلامهم التي يروجون لها ولا يجب أبدًا أن نجاريهم أو نصدقهم أو نروج لأحلامهم.
الأمر الثاني: توظيف العالم لتحقيق خططهم، ولأن إسرائيل كيان مصنوع وغير حقيقي، وهي أيضًا كيان متسلق لا يمكنه الصمود وحده، كشجر اللبلاب، فلابد أن يلتف على سيقان الأشجار الأخرى، وفي خطة نتنياهو يتضح أنه يريد الاعتماد على العالم في القضاء على حماس والمقاومة، والاعتراف بأنه قد قضى عليهم، ويناقشون خطته وكأن الأمر قد انتهى، وهو أيضًا للأسف يريد أن يعتمد على دول عربية تقوم بإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي، وإمعانًا في الإذلال هو من سيقوم باختيار تلك الدول واستبعاد أخرى في المشاركة بالإعمار، لأنه يطمع في أن تتحول شركات البناء العربية إلى جواسيس يسلمونه كل الرسومات الهندسية لتلك المباني.
واستمرارًا في الاقتناع بحقه في استعباد دولنا وتوظيفها لخدمته، فهو يصف بعضها بالدول المعتدلة التي يجب أن تعاونه في نشر المناهج التعليمية التي يتم تأليفها وطبعها في إسرائيل، وتدريسها في غزة.
ولكن الخطير فيما يسمى بخطة نتنياهو، أنه قرر أن يحتل معبر فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وإغلاق الحدود تمامًا معها، وهو تجاوز لاتفاقات كامب ديفيد، وتعدٍ مقصود يستهدف به توجيه اتهامات بالتساهل مع المقاومة.
خطة نتنياهو إذًا، تتلخص في السيطرة الكاملة على قطاع غزة ومحور فيلادلفيا مع مصر، والسيطرة أيضًا على عملية إعادة الإعمار، وإلغاء أي وجود فلسطيني في إدارة غزة على مستوى المؤسسات الأمنية والشرطية والسيادية، وإلحاق القطاع بالكامل إلى الأراضي المحتلة في الضفة الغربية، وهو إعادة للوضع إلى ما قبل فك الارتباط الأحادي الجانب في عام 2005.
ويبقى الحل الوحيد لمواجهة هذا المغرور هو إعلان عربي موحد بعدم الاعتراف به، أو بخطته باعتباره مجرم حرب.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: خطة نتنیاهو
إقرأ أيضاً:
قادة إسرائيليون يدعون لرحيل نتنياهو
اعتبر رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود باراك، أن الهدف الحقيقي للحرب على قطاع غزة ضمان بقاء رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو في السلطة، لا أمن إسرائيل أو استعادة الأسرى من القطاع.
وقال باراك في منشور على منصة إكس، الاثنين "إن الهدف الحقيقي من حرب الأشرار (على قطاع غزة) هو ضمان بقاء نتنياهو، لا أمن إسرائيل، وإن هذه حرب من أجل عرشه، لا من أجل المختطفين" يقصد الأسرى الإسرائيليين بقطاع غزة.
وتابع رئيس وزراء إسرائيل الأسبق "يجب الإطاحة بنتنياهو لا إنقاذه. هذه هي مهمتنا. وفيها سنختبر".
وسبق لباراك أن وجه إلى نتنياهو انتقادات حادة مماثلة، إذ قال في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية الخاصة، الجمعة، إن نتنياهو "يفرط بالمحتجزين في غزة لإرضاء المتطرفين في حكومته"، واعتبره مهملا في أداء مهامه، وبأنه يواصل الإبادة بالقطاع من أجل بقائه في الحكم.
من جهته، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إنه آن الأوان لرحيل حكومة نتنياهو.
وأضاف لبيد، في مؤتمر صحفي عقده بالكنيست، أن الكل يدعم تدمير حماس، غير أن الحركة لن تختفي دون إيجاد بديل لها لحكم غزة، وأشار إلى أن على الحكومة الإسرائيلية إطلاعهم على إستراتيجيتها ومخططاتها بشأن حكم قطاع غزة.
إعلانبدوره، قال رئيس حزب الديمقراطيين في إسرائيل يائير غولان إنه بات من الضروري إنقاذ إسرائيل من حكومة نتنياهو، مضيفا أن إسرائيل تتجه نحو العزلة والانهيار الاقتصادي والاجتماعي، وتفقد قدرتها على توفير الأمان لمواطنيها.
وأضاف غولان أنه في ظل إهدار حكومة نتنياهو الميزانية على الوظائف والمستوطنات والمتشددين، فقد تصبح إسرائيل مكانا صعبا للعيش.
وقال إن إسرائيل توشك على خسارة المساعدات الأميركية السنوية، المقدرة بـ3 مليارات و800 مليون دولار، إثر تدهور مكانتها في واشنطن.
وأضاف غولان أن من وصفه "باللاعب الجانبي الفاشل" اختار بتسلئيل سموتريتش، إيتمار بن غفير بدلا من اختيار طاولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإستراتيجية.
مقترح لوقف حربومساء الأحد، ادعت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن مصادر لم تسمها، أن تل أبيب قدمت مقترحا لوقف حرب الإبادة 60 يوما، مقابل إفراج حماس عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء.
وتقدر تل أبيب وجود 58 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
كما يشمل المقترح أن تتم خلال الهدنة مناقشة مستقبل الحرب، والتفاوض على نزع سلاح الفصائل الفلسطينية وترحيل قادتها، وهما مطلبان تصمم عليهما تل أبيب، وفق المصادر.
وفي أكثر من مناسبة، أكدت حركة حماس رفضها التخلي عن السلاح، ما دامت إسرائيل تواصل احتلال الأراضي الفلسطينية.
كذلك يتضمن المقترح، إفراج إسرائيل عن محكومين فلسطينيين بالسجن المؤبد و1000 أسير من ذوي الأحكام العادية، حسب القناة 12.
وأعلنت حماس مرارا استعدادها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل إنهاء حرب الإبادة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
إعلانلكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، أحدثها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، وهو ما ترفضه الأخيرة ما دام الاحتلال الإسرائيلي مستمرا.
وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى نتنياهو بمواصلة الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما الاستمرار في الحكم.