الحردلو صائد الجمال (4) بت أم ساق على حَدَب الفريق اتعشّت..!
تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT
مرتضى الغالي
يقول صاحبنا في كتابه إن الشعر البدوي له جذور راسخة في الثقافة السودانية حيث يمكن الرجوع به إلى زمن بعيد، عندما تسللت القبائل العربية إلى السودان مدفوعة بالجفاف وخرجت من شبه الجزيرة العربية إلى بلادنا، واستوطنت في الأراضي الخصبة من سهول البطانة وشرقها الأوسط وفي أجزاء أخرى من السودان..!
وبالرغم من احتفاظ أشعار هذه المجموعات الوافدة التي أنتجوها في مواطنهم الجديدة بأشكالها وأنماطها وبعض موضوعاتها وأغراضها؛ فهي قد اكتسبت أيضاً ملامحها الخاصة التي ميّزتها كنتاج فني محلي ينتسب إلى نطاق جغرافي إفريقي.
لقد أسهم التشكيل الجغرافي/السياسي، والعامل الاجتماعي/ الثقافي المتفرّد في تطوير الشعر البدوي السوداني، ويمكن التمثيل لهذه التأثيرات من خلال شعر الحردلو؛ فهو الإيقونة الأشهر لهذه الأشكال والنُظم الفنية..كما يمكن أيضاً التمثيل ببعض معاصري الحردلو من شعراء البادية..!
الطبيعة البدوية المتميزة للبطانة تمثل المصدر الأساسي في إلهام الأجيال اللاحقة من شعراء البادية..وسقوط الأمطار - بخاصة - هو الحدث الأكبر الذي يجري توقّعه وتشوّفه واستشرافه وانتظاره على مدار العام..!! فهو بمثابة المحرّك الرئيسي (main trigger) للخيال الشعري..!
**
وتمثل تباشير موسم الخريف الماطر (لحظة احتفالية غامرة) ولا عجب أن يخلدوها في إشعارهم...والحردلو حتى في مهجره بعيداً عن مسقط رأسه يترجم حنينه للبطانة في شعر يصوّر مشاهد بيئته ويستعيدها للحياة كاملة تنضح ألقاً وحيوية:
الخبر اللكيد قالو البطانة اترشّت
وساريتاً تبقبق للصباح ما انفشّت
هاج فحل ام صريصر والمنايح بشّت
وبت ام ساق على حدب الفريق اتعشّت
هنا الإبداع ونقل هذه الصورة إلى اللغات الأخرى يتيح رؤية الإبداع المحلي عندما يرقى إلى مدارج العالمية.. لقد تأكدت الأخبار التي وصلت إلى الحردلو:
الخبر الأكيد قالوا البطانة اترشّت
Confirmed news from home,
the Butana plains were hit by heavy rain
استشفاف الخريف العميم عند الحردلو يتم من خلال "دقائق المخلوقات" ومن تصوير حالة الخصوبة في ضروع السوائم:
هاج فحل ام صريصروالمنايح بشّت
Male cricket raged with lust; udders of cattle grew full
ولا عجب ألا تحتاج جِمال الفريق كما يجعلها عادل بابكر (أو الظباء) إلى المشي بعيداً للحصول على عشائها..أن لها في جوار المضارب ما تشتهي:
and in the vicinity she-camel enjoyed a lush meal
كل هذا دار بخيال الحردلو..فقط لمجرد سماعه ما توارد من أخبار البطانة..!
**
الوَله بالطبيعة يبدو انه ما يسهم في تشكيل تصور شعراء البطانة للجمال..! المهاة أو الظبية والعشب الطري اللادن هما رمز المقايسة والمعيار المماثل لجمال المرأة في أشعارهم..! وكثير من مقاطع هذه الأشعار وما تحتشد به من التشبيهات والأوصاف وجدت طريقها إلى الأغنيات والإنشاد منذ بداية القرن التاسع عشر..!
هناك ثلاثة مؤثرات كان لها تأثير بالغ على محتوى وشكل ونغمة وجِرس وتنغيم ونبرة ورنّة وأسلوب أشعار الحردلو وهي:
تصوّره للجمال،
والتصاقه بعالم الطبيعة،
ثم التحوّلات العاصفة في حياته...!
**
والعامل المُلفت في أشعار الحردلو هو ارتباط تصويره لجمال المرأة باحتفائه بجمال الطبيعة..! وقارئو أشعاره لا يمكن أن يفلت عنهم تصويره الواعي للمرأة كرمز بارز للطبيعة وملمح من ملامحها..! أن تغزّله وامتداحه لجمال المرأة يصل إلى قمته عندما تجري مضاهاة جمالها بروعة الطبيعة وباعتباره من بين مفردات تجلياتها؛ خاصة الظباء وأغصان النبات الغضة الندية الطيّعة المتأودة..!
ذات الحال عندما يتخذ الظباء موضع غزله وتركيزه..! هنا يتم استدعاء الجمال الإنساني لإكمال الصورة..!! وهنا كما سنرى يمكن أن تجري مقارنة شعر الحردلو الذي يتغنّي فيه بالطبيعة بالشعراء الرومانتيكيين المشاهير (وليام ووردورث وجون كيتس)..وأيضاً مناقشة الدوبيت أو المربوع (quatrain) كنموذج ذائع من شعر الحردلو..فقصائد الحردلو تتشكّل إما من مربوع مفرد أو بتجميع وحداتها...والمربوع هو الذي يشكّل معظم أشعاره ويتناول من خلاله موضوعات واسعة ومتنوعةaddresses broadly diverse topics
(الخبر اللكيد قالوا البطانة اترشّت)..ليس في ذلك شك..!
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
برشلونة.. «الفارق 7» بـ«ثنائية» رافينيا
مدريد (أ ف ب)
أخبار ذات صلة
وسّع برشلونة حامل اللقب ومتصدر الترتيب الفارق بينه وبين ريال مدريد إلى سبع نقاط موقتاً، بعد فوزه على أوساسونا بثنائية مهاجمه البرازيلي رافينيا ضمن المرحلة السادسة عشرة من الدوري الإسباني لكرة القدم.
من خلال فوزه الخامس توالياً في مختلف المسابقات، رفع «البلاوجرانا» رصيده إلى 43 نقطة بفارق سبع نقاط عن غريمه التقليدي ريال الذي يحل ضيفاً على ألافيس الأحد، ساعياً إلى محو خيبات تعثراته الأخيرة، وسجّل رافينيا هدفي العملاق الكاتالوني في الشوط الثاني (70 و86).
قال مدافع برشلونة جيرارد مارتن لشبكة «موفيستار»: «هذا الفوز له قيمة كبيرة، كانوا منظمين جيداً، وكان من الصعب إيجاد طريق لاختراقهم، بالصبر والاستحواذ الكبير على الكرة، نجحنا أخيراً».
وأضاف: «الحفاظ على نظافة الشباك يمنح الفريق الاستقرار، وبعدها تأتي الأهداف دائماً».
وأعاد المدرب الألماني هانزي فليك مهاجمه فيران توريس إلى التشكيلة الأساسية، بعد أسبوع على تألقه اللافت بتسجيله ثلاثية «هاتريك»، خلال الفوز الكبير على ريال بيتيس (5-3)، قبل أن يبقيه على مقاعد البدلاء أمام أينتراخت فرانكفورت الألماني (2-1) في مسابقة دوري أبطال أوروبا.
كما زجّ فليك برافينيا أساسياً بعد أن أراحه في مباراة بيتيس، ثمّ أشركه أمام فرانكفورت.
وبدأ برشلونة اللقاء بضغط واضح، فحصل على فرصة كبيرة للتقدم عبر توريس الذي سدد فوق المرمى اثر عرضية لامين يامال (14)، وحاول أوساسونا استغلال الهجمات المرتدة لكن محاولة الكرواتي أنتي بوديمير أبعدها الحارس جوان جارسيا (19)، وظنّ أصحاب الأرض انهم انتزعوا التقدم، عندما صوّب توريس كرة رأسية في الزاوية البعيدة للمرمى، إلا أن الحكم ألغى الهدف بعد العودة إلى حكم الفيديو المساعد «الفار» بداعي التسلل على رافينيا خلال بناء الهجمة (25).
وهدّد برشلونة مرمى منافسه مجدداً بتسديدة اكروباتية لتوريس، لكنها مرت بجانب المرمى (44).
وكاد أوساسونا يباغت منافسه، عندما وجد فيكتور مونيوس نفسه على انفراد بالحارس جوان جارسيا، إلا أن كرته مرت بجانب المرمى (49).
وحصل «البلاوجرانا» على فرصة رائعة للتقدم، عندما مرر الفرنسي جول كونديه كرة متقنة للإنجليزي ماركوس راشفورد، لكن تسديدة الأخير من وضعية ممتازة وقف لها المدافع إينيجو أرجيبيدي في المكان المناسب لإبعاد خطورتها (51).
وتنفس برشلونة الصعداء، عندما افتتح له رافينيا التسجيل من تسديدة رائعة من مشارف منطقة الجزاء، إثر هجمة مرتدة (70).
وأضاف المهاجم البرازيلي الثاني بعد ربع ساعة عندما سدد كونديه كرة ارتدت من قدم أليخاندرو كاتينا، لتجد رافينيا متربصاً أمام المرمى فلم يتردد لإسكانها بسهولة في الشباك (86).