القوى الاستعمارية لن تثنينا عن مواقفنا ولن تفلح في اليمن أبناء محافظة صعدة في حالة نفير عام لمواجهة كل السيناريوهات المحتملة

الثورة / خالد احمد السفياني

أكد اللواء/ محمد جابر عوض – محافظ محافظة صعدة، أن الوضع الخدمي في المحافظة شهد استقرارا متناميا وبشكل مضطرد بفعل المشاريع التنموية والخدمية التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية بعد العدوان لقوى التحالف حيث وفرت هذه المشاريع المنفذة أجواء خدمية ناجحة افضل مما كانت عليه أثناء العدوان حيث دمرت البنية التحتية وغالبية المشاريع الخدمية والتنموية في المحافظة خلال العدوان السعودي- الأمريكي -الإماراتي مما خلق شللاً لواقع الخدمات وتدمير العملية التنموية في المحافظة وخلال العامين 1444-1445هجرية شهدت المحافظة تنفيذ 285 مشروعا مختلفا بتكلفة إجمالية بلغت 12 مليار ريال و143 مليون دولار.

.
وحول الموقف اليمني من أحداث غزة والمدن الفلسطينية والعدوان الثلاثي الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي على اليمن من أجل الضغط على اليمن لتغيير موقفها حيال القضية الفلسطينية، أوضح أن العدوان على اليمن لن يثني الشعب اليمني وقيادته الحكيمة عن موقفها المبدئي ولن يركع الشعب اليمن للغطرسة والهيمنة الأمريكية مهما كان حجم العدوان والحصار لأنه شعب عريق لا يركع إلا لله وحده..
جاء ذلك في حديثه لـ ” الثورة ” والذي سلط فيه الأضواء على واقع التنمية والخدمات والمشاريع في المحافظة وانعكاسات العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي لدى أبناء محافظة صعدة والذي تضمنه اللقاء التالي :

285مشروعا :-
-هناك احتياج ماس في المحافظة لكثير من المشاريع التنموية والخدمية ما طبيعة وعدد وتكلفة المشاريع المنفذة خلال العام الماضي؟
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على محمد واله تسليما كثيرا، حقيقة المحافظة بحاجة ماسة للكثير من المشاريع التنموية والخدمية المختلفة خاصة وإن كثيراً من المشاريع التي كانت قائمة قد تعرضت للدمار خلال العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي خلال سنوات العدوان وينصب اهتمام قيادة المحافظة ومعها السلطة المركزية على تنفيذ بعض من هذه المشاريع لتعويض المحافظة عما فقدته والدفع بالواقع التنموي والخدمي إلى المستوى المطلوب وفق الإمكانيات المتاحة، وخلال السنوات الماضية تم تنفيذ عدد من المشاريع في مجالات مختلفة بالتعاون مع السلطة المركزية والسلطة المحلية والوزارات المعنية والجهات الداعمة لعملية التنمية، حيث شملت هذه المشاريع مشاريع الطرق والمياه والكهرباء والصحة العامة والتعليم الجامعي والتعليم العام وغيرها من المجالات، وخلال العام 1444هجري
والفترة الماضية من العام الحالي 1445 هجري تم تنفيذ285 مشروعا تنمويا وخدميا بتكلفة إجمالية بلغت ” 12.266.697.227ريالاً ” و” 62.886.294 دولاراً ” منها مشاريع العام الماضي 1444 هجري التي بلغت 195 مشروعا بتكلفة إجمالية بلغت “10.669.697.227 ريالاً ” و” 52.336.294 دولاراً ” منها 89 مشروعا بتمويل السلطة المحلية بتكلفة ” 2.341.893.000 ريال ” و10 مشاريع بتمويل مركزي بتكلفة ” 1.882.171.600 ريال ” و55 مشروعا بتمويل الصندوق الاجتماعي للتنمية بتكلفة ” 6.445.632.627 ريالاً ” و17 مشروعا بتمويل من مشروع الأشغال العامة بتكلفة “2.037.273 دولار ” و24 مشروعا بتمويل المنظمات العاملة في المحافظة بتكلفة “50.229.021 دولاراً ” وخلال الفترة المنصرمة من العام الحالي 1445هجري تم تنفيذ 90 مشروعا بتكلفة “1.600.000.000 ريال ” و10.550.016 دولاراً ” منها 58 مشروعا بتمويل السلطة المحلية بتكلفة ” 1.600.000.000 ريال ” و25 مشروعا بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية بتكلفة “9.473.183 دولاراً ” و7 مشاريع بتمويل من مشروع الأشغال العامة بتكلفة “1.076.833 دولاراً ” ولا زال في هذا العام بقيه لتنفيذ مشاريع إضافية إن شاء الله .

واقع خدمي
ويستأنف اللواء/ محمد جابر عوض – محافظ محافظة صعدة في حديثه قائلا:
الوضع الخدمي في الوقت الراهن مستقر وفي حالة تطور وتنام مضطرد في مجالات التربية والتعليم والتعليم الجامعي والمهني وفي الصحة العامة والأشغال والطرق والمياه والكهرباء وغيرها من المجالات الخدمية ونسعى جاهدين للارتقاء بمستوى الخدمات مع مرور الوقت وتفعيل أداء الجهات الخدمية ومختلف مكاتب الجهاز الإداري للدولة في المحافظة، ففي مجال التربية والتعليم تم ترميم وإعادة كثير من المدارس التي دمرت خلال العدوان وإضافة فصول لبعض المدارس وإجراء توسعة للبعض الآخر والكادر التربوي يقوم بمهامه بالشكل المطلوب رغم وجود قصور حاليا في الكتاب المدرسي والأثاث والكراسي والمعامل وغيره.
وفي مجال الصحة العامة تم افتتاح مستشفى الأمومة والطفولة بقحزه لتخفيف حدة الضغط على المستشفيات العاملة في عاصمة المحافظة كما نعمل بشكل مستمر لتوسعة المستشفى الجمهوري والدفع بواقع الخدمات فيه ولدينا خطة وتوجهات لتوفير الكادر الطبي والصحي المحلي لتغطية الاحتياج من الكادر، فإلى جانب ما يقوم به المعهد العالي للعلوم الصحية من تخريج دفعات سنوية من الممرضات والقابلات ومساعدي أطباء تم افتتاح كلية الطب بجامعة صعدة وتتلقى الدفعة الأولى دراستها في الكلية بغية توفير الأطباء لتغطية احتياج المستشفيات العاملة خلال الفترة المقبلة خصوصا وأن هناك توجهاً لتنفيذ مشروع مدينة الحسين الطبية بمدينة صعدة والعمل جار على قدم وساق لتنفيذ هذا المشروع، وفي مجال الطرق تم تنفيذ شق وسفلتة بعض الشوارع الداخلية لمدينة صعدة وكذا مشاريع شق وسفلتة بعض الطرق التي تربط مدينة صعدة عاصمة المحافظة بالضواحي المجاورة والمناطق المتاخمة لها والتي أضحت امتداداً لمدينة صعدة بفعل التوسع العمراني المستمر الذي تشهده مناطق قاع صعدة وفي مقدمة هذه الطرق الخط الدائري لمدينة صعدة الذي يربط مناطق بني معاذ والعند والطلح والحمزات وربيع ببعضها وبمدينة صعدة.
وفي مجال مياه الشرب هناك استقرار في خدمات مشروع مياه صعدة ويغطي نسبة كبيرة من احتياج السكان في مدينة صعدة وضواحيها للمياه النقية وتم العمل على تطوير المشروع بتنفيذ آبار ومحطات جديدة بالتعاون مع الشركاء، كما تم تزويد مؤسسة المياه والصرف الصحي بمدينة صعدة بعدد من وايتات الشفط الخاصة بالصرف الصحي حتى نتمكن من تنفيذ مشروع الصرف الصحي بصعدة والذي يواجه تعثرات دائمة في تنفيذه أما في مجال الكهرباء فالخدمات جيدة نسبيا بعد أن تم إعادة التيار لمدينة صعدة والضواحي المجاورة والعمل جار على مد الخدمات لمناطق جديدة وفق القدرات والإمكانيات المتاحة خاصة وأن محطة الكهرباء الحالية هي محطة مؤقته بدلا عن المحطة الرئيسية التي تعرضت للتدمير الكامل في بداية العدوان في 2015 م ونعمل على متابعة نقل محطة توليد بقدرة 5 ميجا 2 مولدات واعتماد 8.000.000 دولار لتنفيذ الأعمال المدنية وسيكفل المشروع تغطية 6000-7000 مشترك.

تنظيم داخلي:
– الملحوظ أن هناك ازدحاماً كبيراً في الشوارع الرئيسية داخل عاصمة المحافظة .. ماهي الحلول المتخذة لحل هذا الأشكال؟
– الازدحام الموجود حاليا في عاصمة المحافظة أمر طبيعي ونتاج نزوح عشرات الآلاف من سكان مناطق دمرها العدوان وحتمت عليهم النزوح، هناك الكثير من حرض وعبس ومن الحديدة ومن مناطق صعدة الحدودية سكنوا في مدينة صعدة وضواحيها المجاورة والذي بدوره خلق ازدحاماً مرورياً واكتظاظ المدينة بالسكان وبهدف امتصاص هذا الازدحام وتخفيف حدته قمنا بجملة من الإجراءات لتنظيم المدينة منها إقامة مناطق صناعية تستوعب الأعمال المهنية من ورش ومصانع صغيرة وإقامة مجمعات تجارية متكاملة وإخراج الأسواق الكبيرة من داخل المدينة إلى محيط المدينة التي تتوفر فيها مساحات واسعة تستوعب الزيادة المتواصلة من الناس الذين يقصدونها خاصة أسواق القات كما نحن الآن بصدد تنفيذ مشروع سوق تجاري كبير شرق المدينة وهو سوق وقفي ومشروع كبير يهدف لتجميع الأسواق الصغيرة المتناثرة في موقع واسع ويضم أسواقاً مختلفة ونتطلع إلى استكمال هذا المشروع خلال هذا العام .

الإيرادات العامة:
كيف تنظرون إلى حجم الإيرادات العامة المتحققة خلال العام المنصرم؟
الإيرادات العامة في المحافظة شهدت نمواً غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية وتبذل جهود مشتركة من الجهات الايرادية وقيادة المحافظة بغية الوصول إلى الوعاء الإيرادي والارتقاء بمستوى التحصيل خاصة في مجالي الزكاة والضرائب، حيث تجاوزت إيرادات الزكاة والضرائب العام الماضي 12 مليار ريال وفي ذات الوقت نحرص على تسخير إيرادات الزكاة في المصارف الشرعية، وتنفيذ توجيهات السيد القائد / عبدالملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله بهذا الخصوص، حيث تجاوزت مصارف الزكاة خلال العام المنصرم 3 مليارات ريال وهناك توجهات لمشاريع زكوية جديدة يتم تبنيها لدعم الأسر الفقيرة والمعدمة منها مساعدات علاجية للمرضى من الفقراء في المستشفى الجمهوري بنسبة كبيرة من تكاليف العلاج تتحملها الهيئة العامة للزكاة وقد تم توقيع اتفاق بهذا الخصوص بين فرع الهيئة والمستشفى وسيتم العمل به بعد استكمال إجراءات التنظيم لها.

موقف مبدئي:
– كيف تنظرون إلى ما يجري في قطاع غزة وبقية المناطق الفلسطينية وإلى العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي على اليمن؟ وموقف أبناء المحافظة من ذلك؟
ما يحدث في قطاع غزة وبقية المدن الفلسطينية من عمليات إبادة جماعية وتدمير واسع ومحاولات تهجير الفلسطينيين إلى خارج التراب الفلسطيني أمر ممقوت يحز في نفس كل عربي ومسلم ويتوجب النصرة والتضامن والدعم مع هذا الشعب العربي المسلم امتثالا لقول الله سبحانه .. وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين ” وأن تخاذل الحكام العرب عن نصرة هذا الشعب المغلوب لن يكون إلا وصمة عار في جبين هؤلاء الحكام وسيسجل التاريخ في أسود صفحاته مواقف كل الزعماء الذين تخاذلوا عن نصرة الشعب الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة والحالكة، ووقوف اليمن وتضامنها ودعمها للقضية الفلسطينية هو من منطلق الواجب الديني والقومي والإنساني وتفرضه قواسم الدين والدم والقربى والمصير المشترك…

لن يفلح العدوان
وأضاف الأخ المحافظ بقوله:
المحاولات اليائسة من القوى الاستعمارية أمريكا وبريطانيا وإسرائيل لثني اليمن عن مواقفه الثابتة ومحاولة إسكات صوته وتبديل مواقفه محاولات فاشلة ولن تجدي مطلقا ولن تزيد اليمن إلا مضياً على الطريق الصحيح وموقفه المبدئي بدليل أن العدوان الثلاثي الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي على اليمن قد خلق استهجاناً كبيراً ومقتاً من أبناء الشعب اليمني الذي يصمم اليوم على الوقوف في وجه الغطرسة الاستعمارية وأصبح قاب قوسين أو أدنى من النفير العام لمواجهة العدوان.

نفير عام
وحول الفعاليات التي تشهدها المحافظة دعما وتضامنا مع الشعب الفلسطيني وردا على العدوان الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، أوضح قائلا:
محافظة صعدة مهيأة اليوم كغيرها من محافظات الوطن للنفير العام ومواجهة كل السيناريوهات القائمة والمحتملة وإجهاض كل توجهات المستعمرين الجدد على ثرى هذه التربة الطاهرة، وهناك فعاليات سياسية وثقافية مختلفة تجري على قدم وساق لحشد الموقف الشعبي، حيث تقام المسيرات والمظاهرات الغاضبة كل يوم جمعة من كل أسبوع على مستوى المحافظة وعلى مستوى المديريات والأحياء في المدن والقرى والعزل في الأرياف تعلن تضامنها المطلق مع الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في الدفاع عن الأرض والعرض وتنديدا بالعدوان الهمجي على اليمن، كما تم تفعيل المقاطعة الاقتصادية للسلع والبضائع لدول العدوان من خلال حملات عدة وإتلاف كميات كبيرة من هذه البضائع الى جانب الفعاليات السياسية والثقافية القائمة التي تجعل من هذه القضايا محورها الأول، كما أن خطباء المساجد والحلقات العلمية فيها تسهم بدور كبير في إذكاء الروح الجهادية والحث على النفير العام ناهيك أن هناك لجاناً مشكلة ودوراً للجهات المعنية التي تقوم بعملية الحشد المستمر لخلق نفير عام في وجه القوى الاستعمارية التي تحاول النيل من اليمن بسبب مواقفها المشرفة، ونقول بوضوح إن صعدة مهيأة لمواجهة كل التحديات المقبلة والراهنة جنبا إلى جنب مع أبناء بقية محافظات الوطن، ونقول إن القوى الاستعمارية أمريكا وبريطانيا وإسرائيل لن تفلح مطلقا في اليمن فاليمن شعب حي وأمة مقتدرة جعلت من ترابها مقبرة لكل الغزاة عبر التاريخ الطويل وهي اليوم أقوى من ذلك في ظل القيادة المباركة والحكيمة لقائد الثورة السيد العلم / عبدالملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله، وفي ظل القيادة السياسية والعسكرية ممثلة في المشير الركن / مهدي محمد المشاط والتي تترجم كل توجيهات وتعليمات السيد العلم على الواقع العملي ..
نسأل الله أن يثبت إقدام المجاهدين في أرض فلسطين ويكتب لهم النصر والخلاص والتأييد وأن يجعل من هذا البلد الطيب ناصرا وسندا لكل المستضعفين من أبناء الأمة العربية والإسلامية، ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” صدق الله العظيم.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

“الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام

الثورة نت/..

نص كلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام 1447هـ .. الأحد 11 محرم 1447هـ/ الموافق 6 يوليو 2025م.

أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.

السَّلَامُ عَلَى سِبطِ رَسُوْلِ الله، سَيِّدِ الشُّهَدَاء الإِمَامِ الحُسَيْن، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛؛

السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات فِي كُلِّ السَّاحَات وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛

وَعَظَّمَ اللَّهُ لنَا وَلَكُمُ الأَجْر، فِي ذِكْرَى الفَاجِعَةِ الكُبْرَى: ذِكْرَى اسْتِشْهَادِ سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” الإِمَامِ الحُسَيْنِ، مَعَ أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِهِ الأَوفِياء، فِي كَرْبَلَاء، سَنةَ إِحْدَى وَسِتِينَ لِلهِجرَة.

إن إحياءنا لهذه الذكرى هو أولاً: من المواساة لرسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، فلو كان رسول الله على قيد الحياة حين استشهاد سبطه وحفيده، لكان العزاء له، وفي منزله في المدينة.

وثانياً: لما يعنيه لنا الإمام الحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وهو سبط رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والامتداد الأصيل له في موقع الهداية، والقدوة، والقيادة، والأسوة، وهو كما قال فيه وفي أخيه الحسن “عَلَيْهِمَا السَّلَامُ”:((الحَسَنُ وَالحُسَين سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّة))، وكما قال عنه أيضاً:((حُسَينٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسِين، أَحَبَّ اللهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَينًا، حُسَينٌ سِبطٌ مِنْ الأَسبَاطِ))،إضافةً إلى غير ذلك من النصوص النبوية، التي تُعَرِّفُنا من هو الحسين، وماذا يعنيه لنا، وما هي منزلته عند الله تعالى، وعن دوره في الإسلام، وعن كماله الإيماني العظيم، الذي تجلَّى أيضاً مع النصوص النبوية في مسيرة حياته، وتجلَّى في أعلى المستويات في نهضته “عَلَيْهِ السَّلَامُ” في مرحلةٍ مصيريةٍ، تُشَكِّل خطورةً رهيبةً جدًّا على المسلمين في إسلامهم؛ وبالتالي في حُرِّيَّتهم، وكرامتهم… وكل المبادئ والقيم العظيمة، التي أتى بها الإسلام، وأخرجهم بها من ظلمات الجاهلية، إلى نور الله ونهجه الحق، بكتابه القرآن الكريم، ورسوله خاتم النبيين محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”.

فالحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ” هو صاحب قضية، وقضيته هي الإسلام بأصالته ونقائه، وهي الحق الذي أرساه الإسلام نهجاً للحياة، وأساساً لمسيرة الأُمَّة المنتمية للإسلام.

الإسلام الذي يُحَرِّر الناس من كل أشكال العبودية للطاغوت، إلى العبودية لله وحده ربِّ العالمين.

الإسلام الذي يُزَكِّي النفوس، ويربيها على مكارم الأخلاق، ويسمو بالإنسان في قيمه وأخلاقه ومبادئه؛ فتتجلَّى في أعماله، ومواقفه، وتصرفاته، ويتطهَّر من الرذائل والمفاسد، ويتنزَّه من الجرائم، كما كانت مهمة التزكية من المهام الأساسية في الرسالة الإلهية؛ ولـذلك أتى الحديث عنها في القرآن الكريم في هذا السياق: في الحديث عن مهام رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، بقول الله تعالى:{وَيُزَكِّيهِمْ}، وتكرَّرت في القرآن الكريم كثيراً، وتحدث القرآن كثيراً عن أهمية التزكية في رسالة الله تعالى، وعن القيم والأخلاق التي تُحقِّق زكاء النفس.

الإسلام الذي يَمْقُتُ الظلم، ويلعن الظالمين، ويواجه المستكبرين، ويُقَدِّم العدل والقسط منهجاً، ونظاماً، وحكماً، ومسؤوليةً أيضاً لأتباعه والمنتمين إليه، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ}[النساء:135]، وآياتٍ كثيرة عن هذا المعلم المهم للإسلام.

الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه في إطار مسؤوليتهم المقدَّسة والعظيمة، التي نهض بها رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والأخيار من الأُمَّة، وصفوتها وأبرارها، لتبقى مسؤوليةً قائمةً على الأُمَّة في كل زمان، تتحرَّك فيها على أساس القرآن الكريم منهجاً، والنبي قدوةً وهادياً، هذه المسؤولية التي تقترن بها خيرية الأُمَّة، وإذا أضاعتها فلا خير فيها، ولا يبقى لها أيضاً أي خير، وهي كما أعلنها الله في القرآن الكريم، في قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:110].

الإسلام الذي يبني أتباعه والمنتمين إليه ليكونوا أُمَّةً مجاهدةً، قادرةً على حماية نفسها، وعلى دفع الشر عنها، وعن المستضعفين في الأرض، وعلى مواجهة الطغيان والأشرار، وعزيزةً، منيعةً، قويةً، ليست بنياناً ضعيفاً هشاً في بنيتها الاجتماعية، ومعنوياتها النفسية، ولا فريسةً للمجرمين والمستكبرين، ولا لقمةً سائغةً للطامعين والظالمين؛ بل كما قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف:4]، وكما قال تعالى:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}[الفتح:29]، وكما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}[المائدة:54]، أُمَّةً تحقِّق لنفسها السلام الحقيقي، من موقع القوَّة، والقدرة، والثبات على الحق؛ وليس عبر الاستسلام، بالتنازل عن المبادئ والقيم، والعرض والأرض، والخنوع للكافرين، ثم تسمِّي ذلك سلاماً وتطبيعاً.

الإسلام بنوره، وهدايته، وبصيرته، بالقرآن الكريم، والرسول “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”،في معلمٍ أساسيٍ من معالم الإسلام، ومهام الرسالة الإلهية، كما في قول الله تعالى:{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[إبراهيم:1]، وكما في قوله تعالى:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[المائدة:16]، وكما في قوله تعالى:{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}[الأنعام:104]، بهذا النور، وبهذه البصيرة، وبهذا الهدى، مقترناً أيضاً بالهداة الذين يسيرون بالأُمَّة عليه، يرتقي الإسلام بأتباعه والمنتمين إليه، وبحسب إقبالهم، وتقبُّلهم، والتزامهم، إلى أرقى مستوى من الوعي والفهم، ويُحَصِّنهم ويحميهم من كل المضلِّين، والمخادعين، والملبِّسين، والمحرِّفين، والمزورين، والمنحرفين، من الكافرين والمنافقين، ومن كل وَسْوَاسٍ خَنَّاس، يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ.

هذا الإسلام، أرسى دعائمه، وأقام بنيانه، وشيَّد أركانه، رسول الله وخاتم أنبيائه، محمد “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”،بجهده الدؤوب، وجهاده الكبير، وصبره العظيم، وتضحياته الكبيرة، مع أتباعه وأنصاره، بدءاً من نقطة الصفر، وصولاً إلى سيادة الإسلام في الجزيرة العربية، ثم انتشار نوره إلى مختلف أرجاء الدنيا، وانتقل بالعرب من أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ، جاهليةٍ، وثنيةٍ، مشركةٍ، متناحرةٍ، وضائعةٍ، ليس لها هدف ولا رسالة، وغشومةٍ، يسودها الظلم والإجرام، وتَئِدُ البنات، وتقتل البنين خشية الإملاق، ويأكل القوي منها الضعيف، وترتكب الفواحش، وتعتقد الخرافات والأباطيل، ولا تعرف حلالاً ولا حراماً؛ نقلها بنور الإسلام إلى صدارة الأمم؛ فارتقت بالإسلام عن جاهليتها، وأصبحت عند المقارنة بغيرها من الأمم الأرقى، والأهدى، والأزكى، وتبوَّأت- آنذاك- مكانتها المميَّزة، وتهاوت الإمبراطوريات الكبرى أمام نور الإسلام في ذلك العصر.

هذا الإسلام، الذي هو إرث الأنبياء والرسل “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِين”، بخاتمهم، وأكملهم، وأعلاهم منزلةً عند الله: رسول الله محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، الذي اصطفاه الله، ليكون هو القائد، والقدوة، والأسوة، والهادي لهذه الأُمَّة، وللبشرية جمعاء؛ وبالقرآن الكريم، أعظم كتب الله، وأقدسها، والمهيمن عليها، والمحفوظ من الله في نصه المبارك إلى قيام يوم الدين، والنور التَّام، والهدى الكامل، والمعجزة الكبرى الباقية الدائمة للرسول والإسلام.

هذا الإسلام، الذي هو رحمةٌ للعالمين، وسموٌ وكرامةٌ للإنسانية، وعزٌّ ومنعةٌ، وحمايةٌ من الظلم والطغيان والإجرام، ما الذي جرى حتى تحوَّلت معالمه الكبرى، وعناوينه الرئيسية، بعيدةً إلى حدٍ كبير عن واقع الأُمَّة، وأشبه بالمدائح لحقبةٍ في غابر الزمن، وإلى أُمْنِيَّةٍ يتمناها من يكتوي من نار جاهلية العصر، وإلى أن يكون امتداده في الأُمَّة، على مستوى الفكرة، ومحاولات التطبيق، محارباً، وغريباً، ومستهدفاً بكل أشكال الاستهداف، إلى درجة أن يكون سبط رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”: الإمام الحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وهو النسخة الأصلية الراقية للإسلام في كل معالمه تلك، وفي تلك المرحلة المبكِّرة من التاريخ، يواجه تلك الغربة، وذلك التخاذل، ثم يتجنَّد عشرات الآلاف لقتله، وقتل أهل بيته ورفاقه، في حادثةٍ لم يسبق مثلها في تفاصيلها الإجرامية والوحشية في تاريخ العرب، حتى في جاهليتهم الأولى، وفي يومٍ فريدٍ في حجم المظلومية والمأساة، وكان ذلك بقدر الموقف الجاهلي من القيم والحق والمبادئ الكبرى للإسلام، التي يحملها الإمام الحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، واستمرَّت مأساة الأُمَّة جيلاً بعد جيل، فما الذي حدث؟ إنَّه الانقلاب الأموي على الإسلام.

إنَّ الزُّمرة الأموية، التي كانت تقود جبهة الشرك، وحملت رايته في محاربة رسول الله محمد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والإسلام، سعت بكل جهدها للقضاء على الإسلام، وحاولت قتل رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وشنَّت عليه الحروب العسكرية، والدعائية، والاقتصادية… وكل أشكال الحروب، وواجهته بعدائها وصدِّها عن سبيل الله، تحت راية الشرك والكفر الصريح على مدى عشرين عاماً، حتى مكَّنه الله من فتح مكَّة، حيث ظهر أمر الله وهم كارهون، وحينها استسلمت الزُمرة الأموية- آنذاك- مرغمةً صاغرة، هي وأتباعها وأنصارها، وسمَّاهم رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بـ (الطلقاء)؛ ليكون عنواناً يُبَيِّن حقيقتهم؛ حتى لا يخترقوا عنوان المهاجرين، أو الأنصار، أو يدَّعوا لأنفسهم منزلةً في الإسلام، أو مِنَّةً على المسلمين.

وقد يئست الزمرة الأموية بعد فتح مكَّة، وما تلاه من انتصاراتٍ أخرى، ودخول الناس في الإسلام أفواجاً، من إمكانية القضاء على الإسلام، من خلال محاربته تحت راية الشرك والكفر المعلن؛ فقررت الانتقال إلى مُرَبَّعٍ آخر، وهو مُرَبَّع النفاق؛ لتتحرك من خلاله، وتواصل مشوارها الهادف إلى تحريف مفاهيم الإسلام، وإلى استعادة نفوذها، والاستعباد للمسلمين، والاستئثار بخيرات الأُمَّة، واستغلالها في الترف، وتقوية النفوذ، وإحكام السيطرة، وشراء الذمم والولاءات.

وكان رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” قد حذَّر الأُمَّة منهم، ومن أهدافهم تلك، وسعى للفت انتباه الأُمَّة إلى ذلك، في عناوين ثلاثة، جامعة، وشاملة، وكاملة، لخَّصت كل تلك التفاصيل المهمة، وكشفت النَّهج الشيطاني، الإجرامي، المضل، الذي سيسير عليه طغاة بني أُمَيَّة، إذا استحكمت قبضتهم على الأُمَّة، ووصلوا إلى موقع السلطة والقرار، والإمرة والقيادة، قال عنهم:((اتَّخَذُوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا، وَعِبَادَهُ خَوَلًا، وَمَالَهُ دُوَلًا))، إلَّا أنَّهم استفادوا من الغفلة، والأخطاء، وما هندسوا له من فتنٍ، وما مارسوه من أساليب الخداع والإغراء من بعد وفاة رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”… وغير ذلك من الأسباب والأساليب التي استخدموها وساعدتهم للوصول- في نهاية المطاف- إلى موقع القيادة، والسلطة، والتحكُّم بالأُمَّة، ثم ساروا فيها بتلك السيرة، التي حذَّر رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” أمَّته منهم ومنها، فعملوا على الإفساد للناس، والتحريف لمفاهيم الدين، والاستعباد للناس بالترغيب والترهيب، وتحويل الأُمَّة وإمكاناتها ومقدراتها إلى ثروةٍ بشريةٍ وماديةٍ لهم، وفرَّغوا الإسلام من مضمونه الحقيقي، وأسسه الكبرى؛ لتبقى بعض طقوسه وشعائره مفصولةً عن أهدافها وغاياتها، ومحرَّفةً حتى في شكلها، ثم كانت الطَّامة الكبرى عندما أتوا بيزيد، ليجعلوه حاكماً على رقاب المسلمين، ومن هو يزيد؟

للاختصار نذكر ثلاثة عناوين، تكشف عن حقيقة شخصيته:

– العنوان الأول: كان يزيد في حقيقة أمره غير معترفٍ بالإسلام، وصرَّح بذلك في عِدَّة مناسبات، حتى في أبيات شعرية، وكانت الأبيات الشعرية ذات أهمية كبيرة جدًّا بالنسبة للعرب، في التعبير عن مواقفهم وآرائهم، ومن شعره الذي عبَّر عن هذه الحقيقة بالنسبة له، قوله:

لعبت هاشم بالملك فلا خبرٌ جاء ولا وحيٌ نزل

وهو هنا يجحد بالوحي (بالقرآن الكريم)، وبالوحي على رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، وتصوره عن رسول الله أنَّه مجرَّد انتهازي ومخادع للناس باسم الوحي والرسالة، وهذه رؤية كفر، ونظرة كفر.

– ثانياً: كان حاقداً شديد الحقد على رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”،ويحمل عقدة الانتقام منه، ويريد أن يصفِّي حساباته في الثأر لجده عتبة، وكذلك لخاله الوليد، ولأخيه وقومه الذين قُتِلوا في غزوة بدرٍ الكبرى، وهم يقاتلون رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، ويقاتلون المسلمين، وكان قد اتَّخذ قراره أن يحقق هذا الثأر من رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” بقتل عترته، وقتل أيضاً من حضر من صحابة رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ” في غزوة بدرٍ الكبرى، ممن بقي منهم على قيد الحياة، إلى حين وصل يزيد إلى موقع السلطة، فهو اتَّخذ قراراً بقتل من بقي منهم جميعاً، وكذلك بقتل الأنصار، والاستباحة لهم، (الأوس، والخزرج)، الذين يعتبر أنَّ لهم الدور الكبير في نصرة رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”.

– ثالثاً: كان مستبيحاً لكل الحرمات، معلناً بالفسق والفجور، ومُحِلاً لما حرَّم الله، وكان صريحاً في ذلك، لا يُقِرُّ بحلال ولا بحرام، ينتهك كل الحرمات، ومعلناً بذلك.

– رابعاً: كان مستبيحاً لحرمة كل المقدَّسات؛ ولـذلك استباح قتل عترة رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والاقتحام لمدينة رسول الله، والاستباحة لحرمة مسجد رسول الله “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، والقتل حتى للمستضعفين من أهل المدينة على قبر رسول الله حتى أغرقه بالدماء، والاقتحام لمكَّة، والإحراق للكعبة، والقصف لها بالمنجنيق.

– خامساً: كان غشوماً، مسرفاً في الدماء، ظلوماً، ليس لديه أي حرمة للنفس البشرية.

بكل هذه المواصفات الإجرامية والفظيعة، كان تمكُّنه واستحكام قبضته على الأُمَّة، يعني: ضياع الإسلام، كما قال الإمام الحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ”:((وَعَلَى الإِسْلَامِ السَّلَام، إِذ قَد بُلِيَّتِ الأُمَّةُ بِرَاعٍ مِثْلَ يَزِيد)).

وقد تجلَّت الآثار السيئة بشكلٍ كبير جدًّا للدور الأموي في واقع الأُمَّة، فحينما نهض الإمام الحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، وهو معروفٌ في أوساط الأُمَّة بمكانته، ومقامه، ومنزلته، إضافةً إلى أنَّه يحمل قضيةً هي حقٌّ واضح، وهي لنجاة الأُمَّة، ولمصلحتها وإنقاذها، فكان التخاذل في أوساط الأُمَّة إلى مستوىً رهيب، لم تستجب له، ولم تتحرَّك معه، رغم مكانته الواضحة والمعروفة، وقضيته الواضحة، والحق الواضح، وتجنَّد في المقابل عشرات الآلاف في صف الباطل.

لقد كانت الوضعية كما عبَّر عنها الإمام الحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ” بقوله:((أَلَا تَرَونَ أَنَّ الحَقَّ لَا يُعمَلُ بِه، وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، هذا هو التأثير للدور الأموي، يصل بالأُمَّة إلى ألَّا يبقى للحق لديها أي قيمة، الحق في الموقف، الحق في المبدأ، الحق في المعتقد، الحق في كل مجالاته، لا يبقى له أي قيمة في حيِّز الواقع، وفي مقام العمل، والالتزام، والاتِّباع، بقي عنواناً قد يُطْلَق على سبيل التحريف على مضامين باطلة.((وَأَنَّ البَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنهُ))، وهي حالة خطيرة حينما تصل الأُمَّة إلى درجة التَّقَبُّل للباطل، الخنوع للباطل، عدم الاستيحاش من الباطل، فيبقى الباطل سائداً لا يُتَنَاهى عنه،((لِيَرغَبِ المُؤمِنُ فِي لِقَاءِ اللهِ مُحِقًّا، فَإِنِّي لَا أَرَى المَوتَ إِلَّا سَعَادَة، وَلَا الحَيَاةَ مَعَ الظَالِمِين إِلَّا بَرَمًا وَشَقَاوَة))؛ لأن هذا ضاع الحق من واقع الحياة، وحلَّ محلَّه الباطل؛ يَحِلُّ الظلم، والطغيان، والجبروت، ويسوء واقع الحياة، وتضيع القيم، يتحوَّل واقع الحياة إلى واقع سيء جدًّا.

ومع كل ما عاناه الإمام الحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، من جهة المتخاذلين، وأيضاً من الناكثين والغادرين، وما عاناه أيضاً من وحشية وطغيان وإجرام المجرمين، الذين تجنَّدوا مع الفراعنة الأمويين؛ إلَّا أنَّه قدَّم للأُمَّة من بعده، وإلى قيام الساعة، أعظم الدروس في الاستجابة الإيمانية لله، والنهضة للحق، والقيام لله بأمر الإسلام، والعِزَّة الإيمانية، ومعه أهل بيته، والقِلَّة القليلة من الأنصار في قافلته، حيث قدَّم أعظم الدروس في الإيمان، والصدق، والوفاء، والثبات على الحق، في أقسى الظروف، وأصعب المراحل، وكسر حاجز الصمت، وأحيا في الأُمَّة الحُرِّيَّة؛ فتتابعت الثورات من بعده؛ حتى أطاحت بطغاة بني أميَّة، وأعطى للحق دفعاً وامتداداً عبر الأجيال، وكانت كلماته الخالدة، وقد حاصره الأعداء، الذين امتلأت بهم صحراء كربلاء، ووضعوه بين خيارين: إمَّا الذِّلَّة، والاستسلام للطغاة المجرمين، أمثال: ابن زياد، ويزيد؛ وإمَّا الحرب، والقتل، والإبادة؛ فقال “عَلَيْهِ السَّلَامُ”:((أَلَا وَإِنَّ الدَّعِي ابن الدَّعِي قَد رَكَزَ بَينَ اثنَتِين: بَينَ السِّلَّةِ، وَبَينَ الذِّلَّة، وَهَيهَاتَ مِنَّا الذِّلَّة، يَأبَى اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ، وَرَسُولُهُ، وَالمُؤمِنُون، وَنُفُوسٌ أَبِيَّة، وَأُنُوفٌ حَمِيَّة، تُؤثِر مَصَارِعَ الكِرَامِ عَلَى طَاعَةِ اللئَامِ))، كانت هذه الكلمات وغيرها أيضاً في خطبه ورسائله، مصحوبةً ومقترنةً بأعظم المواقف، وأعظم التَّضحيات، مدرسةً هاديةً وملهمةً لكل الأجيال، ولمواجهة الطغاة في كل زمانٍ ومكان، ولاتِّخاذ القرار الصحيح، حينما توضع الأُمَّة بين هذين الخيارين: إمَّا السِّلَّة، وإمَّا الذِّلَّة، في كل زمان، وفي كل ساحةٍ من ميادين المواجهة، وليبق للحق امتداده، وليسعَ المؤمنون إلى استعادة الإسلام في نقائه وكماله، ومعالمه الكبرى، ومبادئه الأساسية، التي تتحقَّق بها ثمرته في الدنيا: تَحَرُّراً من الطاغوت، وسمواً بالأخلاق والقيم، وعِزّاً وكرامة، وعدلاً، ونوراً، وبصيرةً، ومنهجاً ربَّانياً للحياة.

أيُّها الإخوة والأخوات في كل الساحات: إنَّ معركتنا في مواجهة الطغيان الأمريكي والإسرائيلي هي من هذا المنطلق، فما يمثِّله العدو الأمريكي والإسرائيلي من خطرٍ على الأُمَّة: في طمس هويتها الدينية، واستهداف مقدَّساتها، والسعي للسيطرة عليها، والاستعباد لها، ولإذلالها واستباحتها، وما يرتكبه العدو بحق هذه الأُمَّة، بدءاً بما يفعله في فلسطين، من: إبادةٍ جماعية، وهتكٍ للأعراض، وانتهاكٍ لحرمة المقدَّسات… وكل أشكال الظلم والإجرام، وفي غير فلسطين من العالم الإسلامي؛ وفي حربه الناعمة، المفسدة، المُضِلَّة، الشيطانية، التي يستهدف بها الأُمَّة والمجتمعات البشرية؛ وفي مخططه الظالم العدواني، الهادف إلى الاحتلال للأوطان، ونهب الثروات، واستعباد المجتمعات؛ كلُّ هذا يُحَتِّم علينا كمسؤوليةٍ إيمانيةٍ، دينيةٍ، أخلاقيةٍ:

– أن نواجه الطغيان الأمريكي والإسرائيلي.

– وأن نتصدى لإجرامهم.

– وأن نتحرَّك ضد فسادهم وباطلهم.

– وألا نقبل أبداً بالخنوع لهم، ولا بالطاعة لهم؛ لأن في ذلك الخسارة في الدنيا والآخرة، والخزي والذل.

ومهما كانت الصعوبات والتحديات، وحجم التَّضحيات، فالقضية مقدَّسة، تستحق منَّا التَّضحية، التي لها أعظم ثمرةٍ في الدنيا وفي الآخرة:

– في الدنيا: أن نكون أحراراً، أَعِزَّاء، نتشرَّف بذلك، ونتشرَّف بالإسلام، بشرفه وقيمه، وننعم بذلك.

– وفي الآخرة: ما وعد الله به من الجنَّة، والرضوان، والنجاة من عذاب الله، والفوز العظيم.

وهي الخيار الأسلم، في مقابل خسارة الاستسلام والخنوع، التي ثمنها فظيع، ونتائجها كارثية في الدنيا والآخرة.

إنَّ انطلاقتنا في مسيرة الحق والإسلام والقرآن، هي بثقةٍ تامَّة بوعد الله تعالى بالنصر لعباده المؤمنين، ونحن نشاهد تنامي هذه الانطلاقة في أُمَّتنا، في الموقف الحق ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، ومن النماذج الرَّاقية: هذا الصمود والثبات والاستبسال في غزَّة، ولبنان، والجمهورية الإسلامية في إيران، وأحرار العراق، والنهضة الإيمانية الكبرى في يمن الإيمان، وأحفاد الأنصار، بزخمها المليوني، وتضحياتها الكبيرة، وثباتها الحديدي، وصبرها العظيم، واستمرارها دون كللٍ ولا ملل.

وإننا في يوم الحسين “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، يوم الوفاء والعطاء، والتأكيد على الثَّبات على الموقف الحق، نؤكِّد على التالي:

– أولاً: نؤكِّد ثباتنا على الانطلاقة الإيمانية القرآنية، في مشروعنا القرآني المبارك، الذي يقوم على أساس التَّمَسُّك بالقرآن الكريم، وحمل راية الإسلام، والتَّحَرُّك في إطار المسؤوليات الإسلامية المقدَّسة، في: الجهاد في سبيل الله تعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.

– ثانياً: نؤكِّد ثباتنا على موقفنا في نصرة الشعب الفلسطيني، والعداء للعدو الإسرائيلي والأمريكي، الذي هو عدوٌ للإسلام وللمسلمين، ويشكِّل خطورةً على الأُمَّة الإسلامية بكلها، ومخططه الصهيوني هو مخططٌ عدوانيٌ تدميريٌ، يستهدف الأُمَّة في دينها ودنياها؛ ولـذلك فلن نألو جهداً في مواجهة ذلك العدو، مع إخوتنا في المحور (محور القدس والجهاد والمقاومة)، ومع أحرار الأُمَّة.

– ثالثاً: مهما كانت التحديات والصعوبات، ومهما كان حجم التضحيات، ومهما كان مستوى اللوم، والضغوط، والهجمات الإعلامية… وغير ذلك مما نُوَاجَه به من كل أشكال الحروب والاستهداف، من أمريكا وإسرائيل، ومن عملائهم الموالين لهم، المؤيِّدين لهم، المعادين لأي توجُّه لا يقبل بالخنوع معهم لأمريكا، فإنَّ ثباتنا على مواقفنا هو خيارنا الحاسم، الذي لا يمكن التراجع عنه، ونحن مستعينون بالله تعالى، متوكِّلون عليه، واثقون به، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيل، نِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير.

أَيُّهَا الْإِخْوَةُ وَالأَخَوَات: أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ أَجْرَكُم عَلَى هَذَا الحُضُورِ الكَبِير فِي هَذِهِ المُنَاسَبَة، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِلثَّبَاتِ عَلَى نَهجِهِ الحَقّ، فِي دَرْبِ الْإِمَامِ الحُسَينِ “عَلَيْهِ السَّلَامُ”، دَرْبِ الهُدَى، صِرَاطِ اللهِ المُسْتَقِيم، طَرِيقِ الحَقِّ، وَالِاقْتِدَاءِ بِرَسُوْلِ اللهِ مُحَمَّد “صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ”، طَرِيقِ أَعْلَامِ الهُدَى، طَرِيقِ الأَخْيَارِ وَالصَّالِحِين مِنْ أَبْنَاءِ الأُمَّة.

وَنْسَألُ اللهَ تَعَاَلَى أَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِنَصْرِه، وَأَنْ يُعَجِّلَ بِالفَرَجِ وَالنَّصْرِ لِلشَّعْبِ الفِلَسْطِينِيِّ المَظْلُوم، وَمُجَاهِدِيهِ الأَعِزَّاء.

السَّلَامُ عَلَى سِبْطِ رَسُوْلِ اللهِ سَيِّدِ الشُّهَدَاء الْإِمَامِ الحُسَينِ، وَعَلَى أَهْلِ بَيتِهِ وَأَنْصَارِه؛؛؛

السَّلَامُ عَلَيْكُمْ- أَيُّهَا الْإِخْوَة- وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛.

مقالات مشابهة

  • بينها شروط “المساكن”.. طرح 13 مشروعاً عبر استطلاع
  • تشييع جثمان المقدم أحمد شرويد في صعدة
  • محافظ جدة يطّلع على المشاريع التطويرية التي تنفذها “مدن” في المدن الصناعية بالمحافظة
  • انطلاق المرحلة الثانية من تنفيذ مشروع الطريق الدولي SSS قطاع “سوكنة – سبها”
  • “الثورة نت” ينشر نص كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام
  • “المياه” توقع اتفاقيات مشاريع بقيمة 39 مليون دولار
  • أكثر من 88 ألف مستفيد من خدمات “المودة” خلال النصف الأول من العام 2025
  • وكيل نيابة الأموال العامة بذمار لـ “الثورة “: نعمل على استعادة المال العام وتطهير القضاء من الفساد
  • شرطة صعدة تضبط أكثر من 31 طن من المخدرات كانت في طريقها إلى السعودية
  • محافظ المنيا: اليد التي تبني هي نفسها التي تحمي وتحاسب