جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-31@08:45:04 GMT

الحرب الهجينة

تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT

الحرب الهجينة

 

الطليعة الشحرية

سقط العالم في معمعة حرب هجينة لا مركزية بها، وتمتد عبر قارات العالم، وتشتعل في الشرق الأوسط، ترمي أمريكا بثقلها السياسي والعسكري وحملات التضليل الإعلامي بدعمها للكيان اللقيط إسرائيل.

وفي الحقيقة هي حرب عن بعد مع روسيا والصين وإيران، إنها حرب غير تقليدية، ليس بها مواجهات مباشرة؛ بل يستخدم بها كيانات وأنظمة وظيفية ومهمتها ترقيع تجميلي لقبح الواقع المذل.

وفي المقابل أقدم طيار أمريكي على إحراق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في بلاده احتجاجاً على المذابح التي ترتكبها دولة الاحتلال في قطاع غزة. حظي الطيار بتعاطف غير مسبوق ويُحيي بالذاكرة المنسية حادثة الشاب التونسي "طارق البوعزيزي" والذي أضرم النار في نفسه احتجاجاً على الظلم. آرون بوشنل هو "البوعزيزي الأمريكي" ومُفجر الربيع الغربي القادم. ولن يُرقع أو يمحي إنزال العار من الذاكرة الشعبية العربية منظر الجياع وهم يلهثون لالتقاط الوجبات الهابطة من السماء والتي بالكاد تكفي شخصا واحدا ليفتك بهم طيران العدو المحتل.

ما يحدث لن يُخفي المؤامرات التي تحاك وتمهد لها شركات عابرة للقارات تستحوذ وتتملك أراضي وموانئ استراتيجية تحت غطاء استثماري، بذات المنهجية التي دأبت عليها شركة الهند الشرقية بقطبيها الإنجليزية والهولندية لتوطين الاستعمار والتمهيد له ووصولها إلى القبضة الحديدية على الاقتصاد.

وتأسست شركة الهند الشرقية الإنجليزية التي أصبحت فيما بعد شركة الهند الشرقية البريطانية، في عام 1600 كشركة تجارية. مع جيش خاص ضخم ودعم من الحكومة البريطانية، نهبت شركة الهند الشرقية شبه القارة الهندية منذ عام 1757. كانت شركة الهند الشرقية هي الوسيلة التي نفّذت بها بريطانيا سياساتها الإمبريالية في آسيا، وحققت الملايين من خلال تجارتها العالمية في التوابل، والشاي، والمنسوجات، والأفيون. وقد تعرضت لانتقادات بسبب احتكاراتها، وشروطها التجارية القاسية، وفسادها، والضرر الذي ألحقته بتجارة الصوف. وأخيرًا وليس آخرًا، جرفت شركة الهند الشرقية الحكام الذين وقفوا في طريقها، واختلست الموارد بلا هوادة، وقمعت الممارسات الثقافية للشعوب التي تعيش داخل أراضيها الشاسعة. باختصار، كانت شركة الهند الشرقية "رأس الحربة الحادة للإمبراطورية البريطانية".

شركة الهند الشرقية أكبر بكثير من مجرد شركة تجارية، فهي دولة داخل دولة، وحتى إمبراطورية داخل إمبراطورية، وواحدة لا تخضع للمساءلة أمام أحد. أفُلت شمس الإمبريالية البريطانية وورثتها أمريكا، فرضت هيمنتها وتسلطها بالتسلط العسكري الفاشل والقبضة الاقتصادية الحديدية.

أمريكا التي تشكلت بين عالمين من المهاجرين والمُهجَّرين، مجموعة من الشراذم والجماعات المستوطنين الأوروبيين مختلطي الأعراق تحدوهم الآمال، وتتراوح بين الطمع في الذهب أو حب المغامرة، وحب العظمة أو شرف خدمة الحاكم أو الهرب من ظلمه وجوره، أو البحث عن حرية الدين والعبادة، أو الإفلات من الفقر والمجاعات والسجون، أو إقامة مزارع الأحلام، وهناك من جاؤوا أو جيء بهم بدون أحلام، واستخدموا أقنانًا في مزارع التبغ والقطن وقصب السكر أو عبيدًا في المناجم والمطاحن ومشروعات مد السكك الحديدية من المحيط إلى المحيط، وعلى مدى قرنين تقريبًا، صهرتهم الحياة بالقارة الجديدة في بوتقة واحدة، لكي يتكوّن منهم الشعب الأمريكي.

يرى الكاتب الأمريكي صموئيل هنتنجتون في كتابة "WHO ARE WE" أن مصادر الهوية الوطنية الأمريكية تنحدر من مجموعة متجانسة من البريطانية البروستانتية، ويرفض فكرة تشكُّل الولايات المتحدة من مجتمع من المهاجرين متعددي الأعراق والإثنيات والثقافات. فالهوية الأمريكية تنحدر وحسب رأي الكاتب من الأنجلو-بروتستانتينية، لذا يرى هنتنجتون أن لأمريكا هوية مُحددة تقوم على ركائز أربعة أساسية، هي العرق الأبيض، والإثنية الإنجليزية، والدين المسيحي البروتسانتي، والثقافة الإنجليزية البروتستانتينية. لذا فهو استحقاق ديني عرقي إثني أن تنصِّب الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ورثية لعرش الإمبريالية البريطانية، فتتبع الخطوات ذاتها وإن تغير ترتيبها ومنهجيتها حسب الأبعاد والأطر الزمنية والتنافسية الاقتصادية. لذا تجنح عقلية رعاة البقر الأمريكية إلى استنطاق التاريخ الحديث بخلق أعداء وهميين خارج حدودها وإنعاش الإمبريالية الصلبية البروستانتية الصهيونية، حتى تمكنها من السيطرة والهيمنة والوقوف بندية أمام الوريثة القيصرية الشيوعية الكاثوليكية الروسية.

ولم أجدُ ما يمكن أن أصف به الأنظمة الوظيفية غير كونها هجينة؛ فهي تقوم بعمل وظيفي استخباراتي قذر، يُعزِّز تسلُّط نفوذ ويُمهِّد لبسط السيطرة لقوة الاستعمار الإمبريالي الأمريكي الحديث.

ولا ريب أن تفخيخ العقول يسبق تفجير الواقع، وحاضرنا لم يكن صنع أيدينا؛ بل متوارثا، وحين نجد أنفسنا في سياق تكوين اجتماعي يتفق بالإجماع على أن الصهيوني عدو غاصب والقدس عربية إسلامية فينتهي النقاش ولن يقبل العقل الجمعي أو المنطقية الإنسانية القبول أو التشكيك بأزلية العداوة وعدالة القضية، حتى وإن أطّرها البعض أو قزمها بوضعها في دائرة الطائفية والمذهبية أو شرعية المقاومة مقابل حصار وموت الشعب الفلسطيني، كما يروج البعض من التسلقيين والهابطين الإعلاميين والمدعين للثقافة، متناسين أن لكل حرب ضحايا ودماء تُدفع وشرف يُسترد.

بدأت المذابح الإسرائيلية بحق الفلسطينيين قبل الإعلان عن قيام دولة الكيان اللقيط بنحو 11 عامًا منذ كانت فلسطين تحت وصاية الانتداب البريطاني الذي كان يتحمل مسؤولية حماية حياة المواطنين الفلسطينيين، وخلال هذه الفترة ارتكبت العصابات الصهيونية "الاتسل" و"ليحى" و"الهاجاناه" وفرقة "البالماخ" وعصابة "شتيرن" أكثر من 57 مذبحة.

المثير للشفقة في هذا الكيانات الوظيفية التي تحاول استمالة شعوبها الساخطة أن تشارك قواتها في عمليات عدوانية في الإقليم، وذات القوات تقوم بإنزال إغاثة.

لقد أشعل آرون بوشنل نفسه أمام السفارة الإسرائيلية ورفع حارس السفارة مسدسه خوفًا من رجل أبيض تلتهمه ألسنة النار لتصحو مع مشهد الموت  صحوة  حرق البذلات العسكرية الأمريكية؛ وكأنه مشهد يؤذن بسقوط مشعل الحرية الأمريكية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تفاصيل المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوما

واشنطن - رويترز
تقترح خطة أمريكية بشأن غزة اطلعت عليها رويترز اليوم الجمعة وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما وإطلاق سراح 28 من الرهائن الإسرائيليين (10 أحياء و18 متوفين) خلال الأسبوع الأول، وذلك مقابل الإفراج عن 1236 سجينا فلسطينيا وتسليم رفات 180 من الفلسطينيين.

وتشير الوثيقة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والوسيطين مصر وقطر سيضمنون تنفيذ الخطة، وتتضمن إرسال مساعدات إلى غزة فور توقيع حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على اتفاق وقف إطلاق النار.

ويجري تسليم المساعدات "ﻋﺒﺮ ﻗﻨﻮات ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة واﻟﮭﻼل اﻷﺣﻤﺮ".

وقال البيت الأبيض أمس الخميس إن إسرائيل وافقت على المقترح الأمريكي.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ عائلات الرهائن المحتجزين في غزة بأن إسرائيل قبلت الاتفاق الذي قدمه ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس ترامب للشرق الأوسط. وأحجم مكتب نتنياهو عن التعليق.

وقالت حركة حماس إنها تلقت رد إسرائيل على المقترح، الذي وصفته بأنه "لا يستجيب لأي من مطالب شعبنا العادلة والمشروعة"، بما في ذلك وقف الأعمال القتالية على الفور وإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة.

وقال باسم نعيم القيادي في حماس "رد الاحتلال في جوهره يعني تأبيد الاحتلال واستمرار القتل والمجاعة (حتى في فترة التهدئة المؤقتة)، ولا يستجيب لأي من مطالب شعبنا وفي مقدمتها وقف الحرب والمجاعة".

وأضاف "مع ذلك تدرس قيادة الحركة بكل مسؤولية وطنية الرد على المقترح، في ظل ما يتعرض له شعبنا من إبادة".

وتنص الخطة الأمريكية على أن تطلق حماس سراح آخر 30 من 58 من الرهائن الإسرائيليين الباقين لديها بمجرد إعلان وقف دائم لإطلاق النار. وستوقف إسرائيل أيضا جميع العمليات العسكرية في غزة بمجرد سريان الهدنة.

وسيعيد الجيش الإسرائيلي أيضا نشر قواته على مراحل.

وأحبطت خلافات عميقة بين حماس وإسرائيل محاولات سابقة لاستعادة وقف إطلاق النار الذي انهار في مارس آذار.

وتصر إسرائيل على نزع سلاح حماس بالكامل وتفكيك قوتها العسكرية وإنهاء إدارتها في غزة، إضافة إلى ضرورة إطلاح سراح جميع الرهائن المتبقين في القطاع، وعددهم 58 رهينة، قبل أن توافق على إنهاء الحرب.

وترفض حماس التخلي عن سلاحها وتقول إن على إسرائيل سحب قواتها من غزة والالتزام بإنهاء الحرب.

وشنت إسرائيل عمليتها العسكرية على غزة ردا على هجوم قادته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 والذي تشير إحصاءاتها إلى أنه تسبب في مقتل نحو 1200 واقتياد 251 رهينة إلى القطاع.

ويقول مسؤولو صحة في غزة إن العمليات العسكرية الإسرائيلية أسفرت منذ بدايتها عن مقتل أكثر من 54 ألف فلسطيني وأدت إلى تدمير القطاع.

* تزايد الضغوط

تتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة، إذ طالبت دول أوروبية كثيرة، والتي تحجم عادة عن انتقاد إسرائيل علنا، بإنهاء الحرب وتوسيع جهود الإغاثة.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية اليوم الجمعة إن إسرائيل لا تسمح سوى بدخول كميات قليلة من المساعدات الإنسانية إلى غزة، مع عدم إدخال أي أطعمة جاهزة تقريبا. ووصف متحدث باسم المكتب القطاع الفلسطيني بأنه "المكان الأكثر جوعا على وجه الأرض".

وقال ويتكوف للصحفيين يوم الأربعاء إن واشنطن على وشك "إرسال ورقة شروط جديدة" بشأن وقف إطلاق النار إلى طرفي الصراع.

وأضاف ويتكوف حينها "لدي شعور إيجابي جدا بالتوصل إلى حل طويل الأمد، ووقف مؤقت لإطلاق النار، وحل سلمي طويل الأمد لهذا الصراع".

ووفقا للخطة، يمكن تمديد وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما إذا لم تتوصل المفاوضات إلى وقف دائم لإطلاق النار خلال الفترة المحددة.

وقال القيادي الكبير في حماس سامي أبو زهري أمس الخميس إن بنود الخطة تتبنى الموقف الإسرائيلي ولا تتضمن التزامات بإنهاء الحرب أو سحب القوات الإسرائيلية أو السماح بدخول المساعدات كما تطالب حماس.

* توزيع المساعدات

قالت مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة خاصة مدعومة من الولايات المتحدة وتؤيدها إسرائيل، إنها وزعت أكثر من 1.8 مليون وجبة هذا الأسبوع، ووسعت نطاق توزيع المساعدات إلى موقع ثالث أمس الخميس. وأعلنت المؤسسة عزمها فتح المزيد من المواقع خلال الأسابيع المقبلة.

وبعد انتقادات شديدة من الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى، بدأت عمليات المؤسسة هذا الأسبوع في غزة، حيث قالت الأمم المتحدة إن مليوني شخص يواجهون خطر المجاعة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 11 أسبوعا على دخول المساعدات إلى القطاع.

وشهدت بداية عمليات توزيع المساعدات مشاهد صاخبة يوم الثلاثاء، حيث اندفع آلاف الفلسطينيين إلى نقاط التوزيع، وأجبروا شركات الأمن الخاصة على الانسحاب.

وأدت البداية الفوضوية للعمليات إلى زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل لإدخال المزيد من المواد الغذائية للقطاع ووقف القتال.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الجمعة إن بلاده قد تتخذ موقفا أكثر صرامة إذا استمرت إسرائيل في منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

 

مقالات مشابهة

  • شركة المثلجات "بن آند جيري" تصف الحرب الإسرائيلية على غزة بـ"الإبادة"
  • تفاصيل المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار في غزة لمدة 60 يوما
  • وزير الدفاع الأمريكي يشارك في تدريبات عسكرية مع القوات الأمريكية في سنغافورة.. فيديو
  • المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك: هذه اللحظات لا تتكرر دائماً وكل جهود الإدارة الأمريكية تصب في مصلحة الحكومة السورية الجديدة
  • غارديان: أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي غذت اندفاع الهند وباكستان نحو الحرب
  • فتح باب الإشتراك في دورة الفنان الكبير يحيي الفخراني بمهرجان الجامعة البريطانية لأفلام الطلبة BUESFF
  • السوداني يوجه بتسهيل عمل شركة (ستارلينك) الأمريكية المتخصصة بتكنولوجيا الشبكات والمعلومات والاتصالات
  • الشركة الأمريكية تتعاقد مع شركة غامضة بغزة لمساعدتها بتوزيع المعونات.. من هي؟
  • من المؤثرة البريطانية نيكي ليلي التي استضافها مهرجان كان السينمائي؟
  • القضاء الإداري: عدم قبول دعوى شركة إلحاق العمالة ضد وزارة العمل