#حرب على #أطفال #غزة
#خوله_كامل_الكردي
ارتفاع الشهداء مع كل يوم يمر في الحرب التي تشنها دولة الكيان الصهيوني على غزة، يدق ناقوس الخطر للنوايا الإسرائيلية في تقليل أعداد أهالي غزة، ليسهل السيطرة عليها وتقطيع أوصالها، مع إحكام الطوق على جميع مفاصل القطاع من الشمال إلى الوسط حتى الجنوب، فصل الشمال عن الوسط والجنوب عن مدينة غزة، وذلك لإضعاف المقاومة الفلسطينية وتفكيكها وإجهاض أي محاولة للرد على الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع.
واستمرار القصف والغارات التي تقوم بها طائرات الحرب الإسرائيلية، تزداد حصيلة الشهداء معظمهم من الأطفال والنساء، بخاصة الأطفال الذين وصلت أعدادهم إلى ما يربو عن ١٣ ألف شهيد بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، تفوقت أعدادهم على باقي الشرائح في المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، جلهم قضوا في قصف للطيران الإسرائيلي أو تم استهدافهم عبر القناصة الصهاينة، وقد ظهر الجوع كسبب جديد لموت الأطفال، فكثير منهم يعاني من سوء التغذية وقد توفي ما يقارب من ستة عشرة طفلاً بسبب الجفاف ونقص التغذية، العديد من المنظمات الدولية وأهمها منظمة اليونيسيف التي حذرت من تدهور الوضع الصحي للأطفال وتعرضهم لمجاعة كبيرة، والعدد قد يترشح إلى وفاة المزيد من الأطفال بسبب انعدام الأمن الغذائي لهم، وافتقادهم للطعام الذي يحتاجونه لنمو أجسادهم، ومع منع قوات الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات وعجز المنظمات الإنسانية عن تدارك الأزمة الغذائية التي تعصف بأطفال غزة، وبرزت معضلة أخرى تكمن في وجود ما يقارب من ١٧ ألف طفل أضحوا بلا والدين أو بدون أحدهما، وهذا يضفي عبئاً جديداً على المجتمع المحلي، يحتاجون إلى رعاية دائمة فالعديد منهم باتوا في المشافي بلا أهل ولا معيل، أخرجوا من تحت ركام المنازل المدمرة بعد استشهاد جميع أسرهم أو البعض منهم.
شح الطعام وعدم نظافة المياه جعل الوضع أكثر سوءاً، وانتشرت أمراض كالتهاب الكبد الوبائي، التهاب الصدر الأمراض الجلدية، عدا الخوف والهلع الذي يصيب العديد من الأطفال بسبب القصف الجوي الإسرائيلي، ورؤية أسرهم الذين يسقطون من جراء القصف العشوائي على البيوت والطرقات.
ضحايا الأطفال بارتفاع مستمر وعلى المجتمع الدولي النظر بجدية لهذه الحرب التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على أطفال غزة.
خوله كامل الكردي مقالات ذات صلة ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) …. شهر رمضان يقترب …. يا باغي الخير أقْبِل 2024/03/04
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى
مثّلت الحرب الشاملة التي شُنّت على اليمن في مارس 2015، التدشين العملي والأخطر لمؤامرة دولية مركبة، حيكت خيوطها بعناية فائقة في الغرف المظلمة بين واشنطن وتل أبيب؛ فالموقع الجيوسياسي لليمن، الحاكم على رئة العالم في باب المندب، جعل منه هدفاً دائماً لأطماع قوى الاستكبار التي ترى في استقلال هذا البلد تهديداً وجودياً لمشاريعها في المنطقة، ولعل المتأمل في مسار الأحداث يدرك بيقين أن ما يجري هو عقاب جماعي لشعب قرر الخروج من عباءة الوصاية.
إن القراءة المتأنية للرؤية الأمريكية والإسرائيلية تجاه اليمن تكشف تحولاً جذرياً في التعامل مع هذا الملف، فمنذ نجاح الثورة الشعبية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، أدرك العقل الاستراتيجي في البيت الأبيض والكيان الصهيوني أن اليمن قد غادر مربع التبعية التي كرسها “سفراء الدول العشر” لسنوات طويلة، وأن القرار اليمني لم يعد يصاغ في السفارات الأجنبية. لقد كانت تلك اللحظة بمثابة زلزال سياسي دفع بنيامين نتنياهو مبكراً للتحذير من أن سيطرة القوى الثورية الوطنية على باب المندب تشكل خطراً يفوق الخطر النووي، وهو ما يفسر الجنون الهستيري الذي طبع العدوان لاحقاً. وقد تجلت هذه الرؤية بوضوح صارخ في المرحلة الحالية، وتحديداً مع انخراط اليمن في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، حيث سقطت الأقنعة تماماً، وانتقلت أمريكا من إدارة الحرب عبر وكلائها الإقليميين إلى المواجهة المباشرة بالأساطيل وحاملات الطائرات، بعد أن أدركت أن أدواتها في المنطقة عجزت عن كبح جماح المارد اليمني الذي بات يهدد شريان الحياة للاقتصاد الصهيوني.
وعند النظر إلى الخارطة العملياتية للمؤامرة، نجد أن العدو اعتمد استراتيجية خبيثة تقوم على تقسيم الجغرافيا اليمنية وظيفياً، والتعامل مع كل جزء بأسلوب مختلف يحقق غاية واحدة هي “التدمير والإنهاك”. ففي المناطق والمحافظات الحرة التي رفضت الخضوع، لجأ التحالف الأمريكي إلى استراتيجية “الخنق والتجويع” كبديل عن الحسم العسكري المستحيل؛ فكان قرار نقل وظائف البنك المركزي في سبتمبر 2016 الضربة الاقتصادية الأخطر التي هدفت لضرب العملة الوطنية وتجفيف السيولة، مترافقة مع حصار مطبق على الموانئ والمطارات، في محاولة بائسة لكسر الإرادة الشعبية عبر لقمة العيش، ومؤخراً محاولة عزل البنوك اليمنية عن النظام المالي العالمي، وهي ورقة ضغط أخيرة تم إحراقها بفضل معادلات الردع الصارمة التي فرضتها صنعاء.
أما في الجانب الآخر من المشهد، وتحديداً في المحافظات الجنوبية والمناطق المحتلة، فتتجلى المؤامرة في أبشع صورها عبر استراتيجية “الفوضى والنهب”، حيث يعمل المحتل على هندسة واقع سياسي وعسكري ممزق يمنع قيام أي دولة قوية؛ فمن عسكرة الجزر الاستراتيجية وتحويل “سقطرى” إلى قاعدة استخباراتية متقدمة للموساد وأبو ظبي، وبناء المدارج العسكرية في جزيرة “ميون” للتحكم بمضيق باب المندب، إلى النهب الممنهج لثروات الشعب من النفط والغاز في شبوة وحضرموت، بينما يكتوي المواطن هناك بنار الغلاء وانعدام الخدمات. إنهم يريدون جنوباً مفككاً تتنازعه الميليشيات المتناحرة، ليبقى مسرحاً مفتوحاً للمطامع الاستعمارية دون أي سيادة وطنية.
وأمام هذا الطوفان من التآمر، لم يقف اليمن مكتوف الأيدي، بل اجترح معجزة الصمود وبناء القوة، مستنداً إلى استراتيجية “الحماية والمواجهة” التي رسمتها القيادة الثورية بحكمة واقتدار. لقد تحول اليمن في زمن قياسي من وضع الدفاع وتلقي الضربات إلى موقع الهجوم وصناعة المعادلات، عبر بناء ترسانة عسكرية رادعة من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية والطائرات المسيرة التي وصلت إلى عمق عواصم العدوان، بل وتجاوزتها لتدك “أم الرشراش” وتفرض حصاراً بحرياً تاريخياً على الكيان الصهيوني، مسقطة بذلك هيبة الردع الأمريكية في البحر الأحمر. هذا المسار العسكري وازاه مسار اقتصادي يرفع شعار الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو الزراعة لكسر سلاح التجويع، ومسار تحصين الجبهة الداخلية عبر ترسيخ الهوية الإيمانية التي كانت السد المنيع أمام الحرب الناعمة.
خلاصة المشهد، أن اليمن اليوم، وبعد سنوات من العدوان والحصار، لم يعد ذلك “الحديقة الخلفية” لأحد، بل أصبح رقماً صعباً ولاعباً إقليمياً ودولياً يغير موازين القوى، وأن المؤامرة التي أرادت دفن هذا البلد تحت ركام الحرب، هي نفسها التي أحيت فيه روح المجد، ليصبح اليمن اليوم في طليعة محور الجهاد والمقاومة، شاهداً على أن إرادة الشعوب الحرة أقوى من ترسانات الإمبراطوريات.