رأس الحكمة.. استراحة ملكية تحولت إلى صفقة إنقاذ لاقتصاد مصر
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
"رأس الحكمة"، منطقة تتبع إداريا لمحافظة مطروح (شمال غرب)، وتعد من الشواهد التاريخية لبوابة مصر الغربية على الساحل الشمالي الغربي للبحر المتوسط. كانت ميناءً لرسو السفن واستراحة للملوك والرؤساء، وسعت الحكومة المصرية لاستغلال موقعها المتميز لانتشال الاقتصاد المتعثر عبر "صفقة إنقاذ" تعد الأضخم في تاريخ البلاد.
في 23 فبراير/شباط 2024 وقعت مصر والإمارات عقد تطوير وتنمية مدينة "رأس الحكمة" الجديدة باستثمارات تقدر بنحو 150 مليار دولار، تتضمن 35 مليار دولار استثمارا أجنبيا مباشرا للحكومة المصرية خلال شهرين، منها 11 مليار دولار إسقاط ديون، وينص العقد على أن تحصل مصر على 35% من إجمالي أرباح المشروع.
تقع منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي لمصر على بعد نحو 350 كيلومترا شمال غرب القاهرة، وتتبع إداريا محافظة مطروح، وتغطي مساحة 180 كيلومترا مربعا تقريبا، وهي عبارة عن رأس بحري يقع داخل البحر المتوسط بطول 50 كيلومترا مربعا من مدينة الضبعة (تقام بها محطة الضبعة النووية) شرقا، ومدينة مرسى مطروح غربا.
وتتميز جغرافيًّا بموقع إستراتيجي وسياحي جذاب، فهي تقع غرب مدينة وميناء العلمين الجوي، وميناء الحمراء للبترول، وبالقرب من مطاري مرسى مطروح وبرج العرب الدوليين، وعلى طريق بري يربط القاهرة بمدن الساحل الشمالي، إلى جانب مقومات طبيعية أخرى تتمثل في مياه البحر الصافية والشواطئ الرملية الناعمة والمتوسطة التعرج.
ومناخ المنطقة يصنف -مثل بقية مدن الساحل الشمالي- ضمن الأقاليم المناخية الهادئة، إذ يبلغ عدد ساعات سطوع الشمس الفعلي خلال فصل الصيف نحو 12 ساعة، في حين يصل في فصل الشتاء إلى 7 ساعات، وتتقارب معدلات السطوع المسجلة خلال فصلي الربيع والخريف، على الرغم من اختلاف الظروف المناخية السائدة في كل منهما.
وتبلغ درجات الحرارة في المنطقة أعلى معدلاتها في فصل الصيف، حيث يسجل المعدل الفصلي 24.6 درجة، في حين يسجل 18.8 درجة في الشتاء، وتتراوح درجة الحرارة المثلى لراحة الإنسان ونشاطه بين 18 و25 درجة مئوية.
وعادة ما تشهد المدينة سحبا ذات حجم صغير ومتفرقة في الصيف، في حين تزداد خلال الشتاء، وتتركز في الشريط الضيق الموازي للبحر المتوسط، وتقل كلما اتجهت جنوبا حتى تنعدم تماما.
والنطاق الشمالي الغربي لخليج رأس الحكمة أكثر النطاقات التي قد تواجه عقبات الخطط التنموية، بالنظر إلى طبيعة التكوينات الجيولوجية المتمثلة في الحجر الجيري الذي يسهل نحته بواسطة الأمواج، إضافة إلى ارتفاع الأمواج فيه عن النطاق الشمالي الشرقي.
بلغ تعداد سكان مدينة رأس الحكمة نحو 10 آلاف نسمة، وفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) لعام 2020، مع الإشارة إلى أن إحصاء 2023 قدر تعداد سكان محافظة مطروح بحوالي 539 ألف نسمة، دون أن يوضح توزيع السكان على مدن وقرى المحافظة.
وتفيد تقارير صحفية بأن تعداد سكان المنطقة لعام 2023 -حسب تقديرات غير رسمية- حوالي 25 ألفا من السكان الأصليين، إضافة إلى بضعة آلاف من محافظات مجاورة يمارسون أعمالا دائمة أو موسمية في الزراعة والسياحة.
وتعيش في هذه المنطقة بعض قبائل "أولاد علي"، وهي من القبائل العربية التي وفدت إلى مصر زمن الفتح الإسلامي، وتنتشر في مختلف ربوع البلاد والدول المجاورة، ومن أبرز قبائلها الفرعية في "رأس الحكمة" الجميعات والصنافرة.
التاريخيعود تاريخ رأس الحكمة إلى العصرين اليوناني والروماني في مصر، وثمة اختلافات كبيرة بين الأصل التاريخي لتسمية المنطقة باسم رأس الحكمة، فوفقًا لتقارير منطقة آثار مطروح الرسمية، فإن المنطقة كانت تعرف باسم "آبار الكنايس"، وهو مصطلح يطلق على قمم الجبال والتلال التي يسقط عليها المطر الغزير فـ"يكنسها"، قبل أن تحتويها آبار التخزين.
وفي حين ينقل الباحث والشاعر البدوي قدورة العجني، في كتابه "مطروح.. الأرض والإنسان والتاريخ"، عن كتابات مؤرخين في العصر المملوكي أن تسمية رأس الحكمة تعود إلى قبيلة "بني حكيم"، إحدى قبائل الجزيرة العربية التي سكنت المنطقة، تشير تقارير صحفية إلى أنها كانت تعرف برأس الكنائس؛ لوجود جبل بها عليه آثار الكثير من الكنائس، وظلت محتفظة بهذا الاسم حتى أربعينيات القرن العشرين.
وتوضح موسوعة "الخطط التوفيقية" أن "رأس الكنائس" كانت في زمن حكام أسرة محمد علي ميناءً لرسو المراكب الكبيرة، وهي واحدة من القرى المستحدثة، وكانت تتبع قسم مطروح التابع لمحافظة الصحراء الغربية حتى عام 1945.
وفي عام 1941 أصدر الملك فاروق (1920-1965) قرارا بتغيير اسم المنطقة إلى "رأس الحكمة"، كما كانت له زيارات متعددة للاستراحة الملكية، وهي عبارة عن قصر ملكي وضع حجر أساسه والده الملك فؤاد الأول في زيارته الأولى لمطروح عام 1928، وتحولت إلى استراحة رئاسية بعد ثورة يوليو/تموز 1952 التي أطاحت بالنظام الملكي وأعلنت الجمهورية.
وبعد عام واحد من توليه السلطة في 1970، زار الرئيس الأسبق أنور السادات رأس الحكمة، والتقى مشايخ قبائل مطروح، وكان بينهم حينها خلاف على التمثيل النيابي، فعقد معهم جلسة عرفية حسمت الخلاف على أن يتم التمثيل النيابي بالدور، وظل صدى هذه الجلسة يتردد بين القبائل مع كل استحقاق انتخابي حتى الانتخابات البرلمانية لعام 2020.
كما كانت للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك زيارة سنوية منتظمة كل صيف للقصر الجمهوري برأس الحكمة، ولم ينقطع عن عادته حتى الإطاحة به في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
معالمأبرز معالم رأس الحكمة الاستراحةُ الملكية، التي بنيت أساسا لتكون مقرا لضباط الجمارك الذين يكافحون التهريب القادم من ليبيا قبل أن تتحول لاستراحة للملوك والرؤساء، وتقع فوق قمة صخرة بيضاء تتقدم شمالا حتى تنتهي ببروز داخل مياه البحر، من هذا البناء يمكن رؤية مياه البحر الصافية، ومن الخلف تمتد الصحراء القاحلة.
صفقة إنقاذمطلع فبراير/شباط 2024 ظهرت تسريبات إعلامية تتحدث عن صفقة محتملة لبيع مدينة رأس الحكمة بأكملها في صفقة مع الإمارات مقابل نحو 20 مليار دولار، دون تأكيد أو نفي حكومي، مما أثار انتقادات واسعة.
وفي 23 فبراير/شباط 2024، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تفاصيل المشروع "الاستثماري المباشر الأكبر على الإطلاق" مع الصندوق السيادي بأبو ظبي الشركة القابضة "إيه دي كيو"، وهو مشروع عقاري سياحي تحت اسم "رأس الحكمة الجديدة" تبلغ مساحته 170.8 مليون متر مربع.
وصُمم المشروع ليدر 35 مليار دولار خلال شهرين، منها 24 مليار دولار سيولة مباشرة، و11 مليار دولار ودائع إماراتية.
ويدخل المشروع ضمن مخطط التنمية العمرانية لمصر لعام 2052، ويهدف إلى جلب نحو 8 ملايين سائح إضافي إلى مصر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الساحل الشمالی ملیار دولار رأس الحکمة فی حین
إقرأ أيضاً:
وزير الاقتصاد: 400 مليار دولار كلفة بناء "سوريا الجديدة"
تدخل سوريا مرحلة جديدة في تاريخها، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، في مشهد يُعيد رسم ملامح الدولة ومؤسساتها واقتصادها.. وهذه العودة ليست مجرد استعادة لما كان، بل هي انطلاقة نحو بناء دولة حديثة تتجاوز إرث الحرب والدمار، وتعيد الاعتبار لمقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وفي ظل التحولات الجذرية التي يشهدها المشهد السوري، تتطلع البلاد إلى استثمار هذه اللحظة المفصلية لإعادة صياغة منظومتها التشريعية والاقتصادية، بما يعكس تطلعات السوريين إلى مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، حسبما أكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، الدكتور نضال الشعار.
يقدَّرَ الشعار، كلفة إعادة بناء سوريا الجديدة بما يصل إلى 400 مليار دولار، واصفاً المرحلة الراهنة التي تشهدها بلاده بأنها مرحلة تحول تاريخية، لا سيما بعد قرارات رفع العقوبات. كما كشف تبعاً لذلك عن تدفقات استثمارية محتملة.
ويشار إلى أنه مع رفع العقوبات الدولية، بدأت سوريا تشهد اهتماماً متزايداً من المستثمرين، خاصة في ظل حديث الحكومة عن إصلاحات قانونية وبنية تحتية جديدة، بالإضافة إلى مشاريع مدروسة وشراكات استراتيجية مع الدول الصديقة، وجميعها معطيات تضع سوريا أمام فرصة نادرة لتحويل اقتصادها من حالة الانهيار إلى منصة للنمو والاستدامة.
خلال جلسة حوارية في اليوم الثالث لقمة الإعلام العربي 2025، الأربعاء، وصف وزير الاقتصاد السوري عملية إعادة الإعمار التي ستعمل عليها بلاده بأنها ليست إعادة إعمار سوريا القديمة، إنما بناء سوريا جديدة ومختلفة، قائلاً: "نحن على أعتباب ولادة سوريا جديدة".
ويضيف: "في تاريخنا في سوريا لدينا نسيج صناعي ونسيج تجاري لا مثيل له في المنطقة منذ مئات السنين.. لكن ما حدث خلال الـ 60 عاماً الماضية أن هذا النسيج تمزق، ونحن اليوم بصدد إعادة بنائه وتكوينه، ولن نقوم بذلك عن طريقة الترقيع".
تدفقات استثماريةوكشف الوزير السوري، خلال الجلسة التي أدارتها الإعلامية لبنى بوظة، وهي مديرة قسم الاقتصاد في سكاي نيوز عربية، عن استثمارات تترقبها سوريا بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار خلال الفترة الحالية، في مرحلة وصفها بـ "التاريخية" بينما تشهد بلاده تحولات كبيرة بعد القرارات الأخيرة المرتبطة برفع العقوبات التي كانت تقيد سوريا.
وأضاف الشعار: "مع زوال العقوبات أصبحت عملية جذب التدفقات الاستثمارية أيسر، لا سيما مع إزالة العوائق البيروقراطية ومع العمل على تهيئة بيئة قانونية حديثة"، مشيراً إلى توقيع بعض الاتفاقات ومذكرات التفاهم خلال الأشهر القليلة الماضية، وبما يعكس جاهزية الدولة السورية للاستثمار واستقبال رؤوس الأموال.
وفيما يخص تهيئة البيئة التشريعية، كشف عن توجه يستهدف تعديل بعض القوانين الجديدة، من أجل تحويلها إلى أدوات محفزة للتنمية، وذلك في معرض جهود الحكومة السورية الجديدة لجذب الاستثمارات وتيسير البيئة الاستثمارية في مرحلة مهمة من تاريخ البلاد.
وأكد وزير الاقتصاد والصناعة السوري، حرص بلاده على جذب المستثمرين وتجنيبهم الفوضى الاستثمارية التي شهدتها البلاد في المراحل السابقة، فضلاً كذلك عن تمكينهم من إدارة استثماراتهم بأقصى درجات المرونة والثقة. كما كشف عن مبادرات جديدة هادفة لإطلاق مشاريع إنتاجية بدعم من تسهيلات حكومية. وقال إن تلك التسهيلات الحالية تشجع على الاستثمار، سواء من خلال البنية التحتية أو الإجراءات الإدارية.
دور الإماراتوفي سياق متصل، ثمّن الوزير السوري الدور الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة، وقال إنها تتصدر الدول الصديقة لبلاده في حجم الاستثمارات سواء الحالية أو المستقبلية.
كما أكد الدور الريادي لدولة الإمارات في في دعم جهود إعادة البناء، وتعزيز التنمية المستدامة في مختلف القطاعات السورية.
وأفاد بأن قيمة أحد استثمارات الإمارات في سوريا بلغت نحو 800 مليون دولار، وهو الأمر الذي يفتح المجال أمام مزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها الصناعات والخدمات.
ووقعت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية (دي بي ورلد) بقيمة 800 مليون دولار لتطوير محطة في ميناء طرطوس، وذلك بعد أن أتاح رفع العقوبات الأميركية الفرصة لإبرام الاتفاق.
وتشمل المذكرة تطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء طرطوس، مما يسهم في رفع كفاءة الميناء وزيادة طاقته التشغيلية وتعزيز دوره كمركز محوري لحركة التجارة الإقليمية والدولية.
ووصف وزير الاقتصاد السوري "الموانئ السورية" بأنها كانت البوابة الرئيسية لجذب الاستثمارات. لكنه في الوقت نفسه شدد على أن الاستثمارات لم تقتصر على قطاع النقل البحري فقط، لكنها امتدت كذلك إلى قطاعات مختلفة (الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتطوير العقاري والخدمات المرافقة).
الأموال المجمدةكما تطرق الشعار في سياق متصل عن الأموال السورية المجمدة في الخارج، مشيراً إلى سلسلة من الجهود المبذولة من أجل استعادة تلك الأموال، لكنه في الوقت نفسه كشف عن أنها "لا تمثل مبالغ ضخمة".
وأفاد بأن النظام كان قادرًا، في بداية ما جرى في سوريا، على استعادة الجزء الأكبر من الأموال الموجودة في الخارج، والتي كانت بمبالغ ضخمة. وأضاف: "ما تبقى من هذه الأموال في الخارج لا يُعد رقمًا كبيرًا مقارنة بما يمكن أن نحصل عليه من استثمارات قادمة من الخارج"، مشيرًا إلى أن هذا الرقم المتبقي – رغم صغر حجمه النسبي – يبقى مهمًا جدًا في ظل الأوضاع الحالية. وأوضح أن "كل رقم له أهميته، ولا يمكن اعتباره مبلغًا بسيطًا أو يمكن تجاوزه".
وأكد الوزير أن الحكومة تعمل حاليًا على إعادة تلك الأموال المجمدة بالخارج، سواء عبر التفاوض المباشر، أو عبر طرف ثالث، أو باستخدامها لشراء احتياجات الدولة. وأضاف: "هناك عدة طرق مطروحة ونعمل على استغلالها بأقصى قدر ممكن".
الليرةوإلى ذلك، وفيما يخص "الليرة السورية"، تحدث وزير الاقتصاد والصناعة عن دراسة هادفة لإعادة هيكلة النظام المالي في البلاد، وقال إنه مع دخول سوريا مرحلة جديدة "اختفت الإتاوات"، كاشفاً عن دراسة إصدار عملة جديدة أو اللجوء إلى العملات الرقمية، وذلك في إطار تطوير المعاملات المالية وتحديث البنية المصرفية.
وحول موقف الحكومة من مسألة الخصخصة، اعتبر وزير الاقتصاد والصناعة السوري أن "الخصخصة" مصطلح فضفاض، مشددًا على أن الحكومة لا تبيع ممتلكات السوريين، بل تديرها لتحقيق مصالحهم. وأوضح أن الأصول تُعد ملكية عامة، وما يجري هو عملية إدارة ممنهجة ومدروسة تهدف إلى تحقيق المنفعة العامة لجميع الفئات.
وأضاف الوزير أن هذه الإدارة تتخذ أشكالًا متعددة، وأحيانًا قد نضطر للتخلي عن ملكية ما إذا كانت تشكل عبئًا، فإذا كانت عبئًا على الحكومة فهي عبء أيضًا على الشعب السوري بالتبعية. وأكد أن هناك عدة نماذج مطروحة: مثل نظام B.O.T، ونظام P.P.P، وغيرها من النماذج التي سيتم العمل على استكشافها وتطبيقها بما يخدم المصلحة العامة.
وخلال الجلسة الحوارية، قال الشعار: "لدينا حرية اتخاذ القرار في قطاعات حيوية، خصوصاً في مجالات الصناعة والإنتاج، ونحرص على الشراكة في صنع القرار لضمان استدامة التطوير".
وكشف أنه يتم العمل على تحضير خريطة استثمارية تخص القطاعات السياحية والصناعية، على أن يتم عرضها على المستثمرين بكل شفافية.
التعامل مع الرئيسواعتبر الوزير إن التعامل مع الرئيس السوري أحمد الشرع، ليس صعبًا على الإطلاق، موضحًا أن "الرئيس السوري يفتح أبوابه للجميع، ونحن كوزراء لدينا خط اتصال مفتوح معه، وهو ما يُسهّل عملنا بشكل كبير". وأكد أن الرئيس الشرع "مستمع بإخلاص"، مشيرًا إلى أنه لا يكتفي بالاستماع، بل يشارك بآرائه بهدوء واحترام، ويأخذ بعين الاعتبار رأيه الشخصي ورأي الطرف الآخر، وهو ما يُثري النقاشات.
وحول الأداء الاقتصادي في ظل توجيهات الرئيس، قال الوزير: "الأداء جيد جدًا في هذه المرحلة.. لقد أنجزنا العديد من الخطوات المهمة، وأزلنا معوقات كثيرة كانت تعيق حركة الاقتصاد والصناعة، خصوصًا في ما يتعلق بتشغيل المصانع المتوقفة".
وأشار الشعار إلى أن أكثر من 300 مصنع مملوك للدولة قد عاد للعمل، وإن لم يكن بكامل طاقته الإنتاجية، إلا أنه عاد للإنتاج بشكل جزئي على الأقل. أما في القطاع الخاص، فقد أوضح على سبيل المثال أن أكثر من 400 منشأة في حلب قد استأنفت نشاطها، كما دخل أكثر من 70 مصنعًا من الشمال إلى حلب بخطوط إنتاج جديدة، ما يعكس تحسنًا تدريجيًا في النشاط الصناعي.
إطلاق الحرياتوخلال الحوار، قال الشرع: من الواضح تمامًا أن توجه القيادة اليوم هو نحو إطلاق الحريات، واستثمار الكفاءات الوطنية بشكل كامل. نشعر الآن بحرية شبه مطلقة في إصدار وتنفيذ القرارات، وهذا التوجه بدأ يعطي ثماره بشكل واضح على أرض الواقع".
وأضاف: "صحيح أن هناك مشاكل نواجهها، وأبرزها تراكمات الإرث القديم، خاصة الإرث القانوني المتهالك في سوريا، حيث توجد قوانين جيدة نعمل بها حاليًا، كما أن هناك أيضًا قوانين أخرى صدرت سابقًا، وكانت مصممة لخدمة أشخاص أو جهات معينة، وهذه القوانين تعرقل العمل إلى حد كبير".. وأكد الوزير أن الحكومة تحاول إدارة هذه التحديات بأفضل ما يمكن، لتحقيق الفائدة القصوى للشعب السوري.
قانون الاستثماروتابع الشعار: نحن اليوم نؤمن بأن الدولة يجب ألا تتدخل في الإنتاج بشكل مباشر. فلا يجوز أن تقوم الدولة بإنتاج الألبان، ولا أن تصنع الأحذية على سبيل المثال، فدور الدولة هو تسيير الأعمال وتيسيرها، وليس القيام بها بشكل مباشر.
واستطرد: في سوريا، لدينا أكثر من 1200 مصنع، جزء كبير منها مخصص للسلع الاستهلاكية، والحل الأمثل هو أن يتسلم القطاع الخاص هذه المصانع للقيام بدوره في الإنتاج، مع التأكيد على أن حصة الشعب السوري محفوظة، ولن نفرط بها بأي حال من الأحوال. لذلك، فإن استخدام مصطلح "الخصخصة" قد يكون مضللًا في بعض الأحيان، ومن الأفضل أن نسميه "حسن إدارة أموال الشعب"، كاشفاً عن عرض عدد من المصانع حاليًا، وإجراء مناقشات مع المستثمرين، وستتم العملية وفق آلية المزايدة.
وقال: كما أننا فتحنا أبواب سوريا أمام الاستثمار، ونعمل حاليًا على إعداد قانون استثمار جديد يهيئ بيئة أكثر جذبًا للاستثمار في سوريا
قطاع السياحةأما عن قطاع السياحة بشكل خاص، فقد كشف عن خطة استثمارية وطنية شاملة مرتبطة بالقطاع، مؤكداً في الوقت نفسه على أن السياحة من الأعمدة الأساسية بالنسبة للاقتصاد السوري. كما نوّه بأنه يتم العمل مع مجموعة من الخبراء والمتخصصين من أجل إعادة صياغة خطة شاملة تتماشى والطابع الحضاري لسوريا.
وأشار الشعار إلى حجم الدمار الذي لحق المعالم السياحية في بلاده خلال السنوات الماضية، مؤكداً الحاجة إلى مطورين متخصصين في القطاع. كما أشار في الوقت نفسه إلى دبي كنموذج مهم فيما يخص القطاع السياحي.
وقال: "نحن نسعى لأن نكون جزءًا فاعلًا في المجتمع الدولي، ونهدف إلى جذب السياح من مختلف أنحاء العالم. ومن هذا المنطلق، لا بد أن نستعين بخبرات سياحية من خارج سوريا، للاستفادة من تجاربهم وتطوير قطاعنا السياحي.. اليوم، الباب مفتوح للجميع". وقال إنه تم تلقي عروض من شركات مختلفة.
حياة السوريينوعلّقَ وزير الاقتصاد والصناعة السوري عن تصريحات الرئيس السوري الأخيرة خلال زيارته إلى حلب، حين قال: "انتهت حربنا على الطغاة وبدأت حربنا على الفقر"، وما إذا كان السوريون سيشعرون بتحسن فعلي في أوضاعهم المعيشية قريباً، وقال: "الحقيقة أن هناك اختلافًا بدأ يظهر خلال الأشهر الستة الماضية، والاختلاف واضح في توفر المواد الأساسية والسلع، وهذا أمر كان شبه مستحيل في السابق".
وأضاف: "اليوم لم تعد هناك مشكلة في المحروقات أو السكر أو حتى البصل، الذي كان يُوزع سابقًا عبر البطاقة الذكية. الآن، السلع متوفرة والأسعار انخفضت بفعل زيادة العرض، وهذا بدوره ساعد على استقرار سعر الصرف نسبيًا".
وأضاف: "الأهم من ذلك أن الورشات بدأت تعود للعمل، وهذا هو جوهر ما قاله السيد الرئيس إن محاربة الفقر تعني وضع المال في جيوب الناس، وهذا يتحقق عبر تمكين العملية الإنتاجية، بدءًا من أصغر وحدة إنتاجية في سوريا، ومن أبسط الحرفيين والعمال."
وختم الوزير بالقول: "لا يمكننا الجزم بالمستقبل، لكننا نتمنى أن تسير الأمور كما نحلم جميعًا، وكما يحلم كل فرد في الشعب السوري، بكل مكوناته".
وأشار الشعار بفخر إلى دور الشباب السوري العائد إلى وطنه من الخارج، ووصف الشباب السوري عموماً بأنهم وقود المرحلة القادمة والعنصر الأهم في بناء سوريا المستقبل.
وقال إن الفرد السوري يمتلك مؤهلات ومدخرات كان يخشى عليها في السابق، لكنه اليوم بات أكثر اطمئنانًا وقدرة على استثمارها، موضحاً أن هناك موارد محلية متوفرة يجب إطلاقها في سوريا "ونحن نعمل على ذلك من خلال تقديم كل التسهيلات الممكنة.. كما نمنح التاجر والصناعي والحرفي الحرية الكاملة لمزاولة أعمالهم دون أي ضغوط، فلا نصدر أوامر قسرية، وأي قرار تتخذه الوزارة يتم بشكل علني وبمشاركة الجميع، مما جعل مستوى الانتقاد يقترب من الصفر لأنه قرار تشاركي". وفي الوقت الراهن، هناك طاقات سورية كامنة يمكن استثمارها لتحقيق التنمية.