لماذا اشتملت الصلاة على أنواع عديدة من الأعمال ولم تقتصر على واحدة، حيث اشتملت على القراءة والركوع والسجود وعلى التسبيح وعلى الدعاء، فلماذا؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ونجمله في التالي.

لماذا اشتملت الصلاة على أنواع عديدة من الأعمال؟

وقال علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: الإجابة على ذلك يوردها بلطف وعمق ابن عطاء الله السكندري: «تنوعت أجناس الأعمال؛ لتنوع واردات الأحوال»، حيث إن الإنسان سيجد قلبه في شيء، ويختلف هذا الشيء من شخص إلى آخر، فمنا من يحب القراءة في الصلاة، ومنا من يحب الركوع، ويشعر بالخشوع الحقيقي أثناء الركوع، ومنا من يحب السجود وأن يطيل فيه ويدعو ربه فيه، ويشعر بالخشوع الحقيقي في السجود.

وتابع: فتنوع مثل هذه الأعمال إنما هو لتنوع واردات الأحوال، حالة الخشوع هذه تختلف من شخص إلى آخر، فتنوعت هذه الأعمال وتختلف من وقت إلى آخر، فتنوعت هذه الأعمال، فمرة يأتيني الخشوع قائمًا، ومرة يأتيني راكعًا، ومرة يأتيني ساجدًا، ومرة يأتيني التدبر والتأمل كذلك في أي وقت كان؛ ولذلك هذا التنوع يؤدي إلى:

أولًا: أن يستفيد كل الخلق، والإسلام نسق مفتوح عبر الزمان وعبر المكان يخاطب كل الأمم، ويخاطب كل البشر، فلابد أن تتنوع الأعمال.

كذلك تتنوع الأعمال من صلاة إلى صدقة إلى صيام إلى حج، وفي كل نوع من هذه الأنواع تأتي الواردات وواردات الأحوال فتناسب إما في ذات العمل، وإما في مرحلة من مراحل هذا العمل.

كثير من الناس يحج مرة واحدة، ولا يجد قلبه إلا في الصلاة والزكاة والصدقة، ولكن كثير أيضًا من الناس لا يستطيع أن يغيب عن بيت الله الحرام، ويرى نفسه أنه لو غاب عنه لغابت عنه هذه الأحوال والواردات؛ ولذلك يطالبنا بعض الناس أن نقول لجميع الناس: ألَّا تذهبوا مرة ثانية إلى الحج، أو لا تذهبوا مرة ثانية إلى العمرة، وأنفقوا ما تنفقونه في هذه الأماكن للناس، هذا لا يتم إلا على سبيل النصيحة، وليس على سبيل الإلزام، هذا لا يتم إلا ونحن نقول له: انظر في قلبك؛ فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وأن الصدقة لها نفع متعدي؛ ولذلك فانظر إلى هذا النفع المتعدي الذي سوف تنفع به الناس.

ما حكم المصافحة عقب الصلاة بين المصلين؟ دار الإفتاء تجيب ما الواجب على المأموم إذا تعذرت متابعة الإمام أثناء الصلاة؟ دار الإفتاء تجيب

أما لماذا علق الله قلبه بالعمرة وتكرارها، أو بالحج وتكراره؟ فهذا أمر تختلف فيه واردات الأحوال بين الناس، وكن حيثما وجدت قلبك.

ولذلك عندما أثيرت قضية: هل الفقير الصابر أفضل، أو الغني الشاكر أفضل؟ فالحقيقة أن هذا قام بواجبه وهذا قام بواجبه؛ فإن واجب الغنى الشكر، واجب الغنى العطاء وألَّا ينسى غيره، واجب الغنى أن يقوم بما كلفه الله فيه من طاعة، ومن حمد، وشكر، وواجب الفقير الصبر، إنما أيهما قد تنزلت عليه الأحوال؟ فقد ينزل الله سبحانه وتعالى واردات الأحوال على الغني الشاكر فيكون أفضل، وقد يورد الله تلك الأحوال على الفقير الصابر فيكون أفضل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

إذن القضية ليست قضية السلوك فقط، بل إن السلوك مثل كوب الماء، نضع فيه الماء فلابد لنا منه؛ ولذلك فالشرع الشريف عندما يأمرنا بالصلاة والزكاة والصدقة والحج لابد أن نفعل هذا، حتى نضع فيه الماء الذي يحدث الري عند الإنسان، الكوب الفارغ من غير هذه الروح لا قيمة له، ولا يستطيع أن يشبع عطش، ولكنَّ الماء من غير كوب لا أستطيع الحصول عليه؛ ولذلك يكذب من يقول بسقوط التكليف، وأنه قد وصل إلى الله سبحانه وتعالى وبينه وبين الله عمار، من أسقط التكليف فقد خالف النبي المصطفى ﷺ ، ومن خالف النبي المصطفى ﷺ فهو على خطر عظيم، ومن كان كذلك فهو قد خرج عن التكليف فخرج عن التشريف.

ولذلك فهذا دجل أن يقول أحدهم بسقوط التكليف، بل طريقنا هذا إلى الله مقيد بالأسوة الحسنة، والنبي ﷺ لما غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ازداد في قيام الليل، وقال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا». وصمم على هذا.

ومرة يقول للسيدة عائشة: «اتركيني أعبد ربي هذه الليلة»، فقالت: ألا إني أحب قربك، ولكن افعل ما شئت مع ربك، وهذا المعنى، معنى أنه كلما ازداد الإنسان يقينًا بربه وحبًّا لربه، ازداد في العبادة، وازداد في الصلاة، وفي الصيام، وازداد في الطاعات .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الصلاة الركوع والسجود التسبيح الدكتور علي جمعة هيئة كبار العلماء أسرار الصلاة

إقرأ أيضاً:

حكم قصر الصلاة أثناء السفر من العريش للقاهرة.. الإفتاء توضح

أجاب الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال تقول سائلته "ما حكم قصر الصلاة أثناء السفر من العريش للقاهرة وإقامتها لمدة خمسة أيام؟".

وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، أن من يسافر من العريش إلى القاهرة يجوز له قصر الصلاة الرباعية، لأن المسافة تتجاوز الحد الأدنى المعتبر شرعًا للسفر، وهو نحو 85 كيلومترًا.

وأكد أن القصر يجوز إذا كانت مدة الإقامة لا تتجاوز أربعة أيام، حسب جمهور الفقهاء، ويجوز مد القصر حتى 15 يومًا عند الحنفية، بل وحتى 18 يومًا في حال عدم التأكد من مدة البقاء، كأن يتأخر إنجاز أمر ما دون معرفة الموعد المحدد لانتهائه.

حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة وسبب الاختلاف حول صيغتههل تقبل صلاتي بدون خشوع وتركيز؟.. أمين الإفتاء يجيبهل الصلاة بالمكياج صحيحة؟.. دار الإفتاء: يجوز ولكن بشرطينهل تجوز صلاة الاستخارة بالنيابة عن شخص آخر؟.. أمين الإفتاء يجيب

وأوضح أن قصر الصلاة يشمل الصلوات الرباعية فقط، وهي الظهر والعصر والعشاء، حيث تُصلّى ركعتين بدلًا من أربع، أما المغرب فتبقى ثلاث ركعات، والفجر ركعتين كما هما.

وأشار إلى أن الجمع بين الصلوات (كالجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء) أمر مختلف عن القصر، وكلاهما رخصة شرعية، ويمكن الأخذ بهما معًا أو بأيٍّ منهما حسب الحاجة.

وعن من يسافر للنزهة أو المصيف، أكد أن الرخصة متاحة ما دام السفر مباحًا، حتى وإن لم يكن بغرض الضرورة، مضيفًا: "السفر مهما كان نوعه فيه مشقة، وهذه الرخصة صدقة من الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: هذه صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته."

وتابع: "من قصر صلاته فله الأجر، ومن صلى الصلاة تامة فله ذلك ولا إثم عليه، لأن القصر رخصة وليس عزيمة".

طباعة شارك الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى دار الإفتاء الإفتاء

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: الشريعة بنيت على التيسير والمشقة تجلب التيسير
  • كم عدد التكبيرات في صلاة الجنازة؟.. اعرف طريقة أدائها
  • دعاء ثاني جمعة من ذي القعدة للرزق.. أدركه بـ10 كلمات لا ترد
  • حكم استعمال البخور ليلة الجمعة .. هل يطرد الخبائث؟
  • علي جمعة: لا نقرأ السيرة النبوية للبركة فقط.. بل لنحيا بها
  • حكم تأخير صلاة العشاء لمشاهدة مباراة
  • علي جمعة يكشف عن آداب إفشاء السلام وسلوكياته
  • حكم قصر الصلاة أثناء السفر من العريش للقاهرة.. الإفتاء توضح
  • محمد حامد جمعة يكتب: مقالة فيصل
  • علي جمعة: فى قلب كل مؤمن نور فلا يطفئه بالمعصية