لجريدة عمان:
2025-07-27@15:47:22 GMT

أطفال غزة يموتون جوعا.. والصمت جريمة

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

أطفال غزة يموتون جوعا.. والصمت جريمة

تخشى الولايات المتحدة والكثير من الدول الأوروبية أن يتحول الموقف الشعبي العربي الداعم للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية إلى عداء بيّن لها وتحريض عليها وعلى مصالحها في الدول العربية والإسلامية أو حتى في عقر دارها عبر ملايين اللاجئين العرب والمسلمين الذين يعيشون أوضاعا صعبة لا تخلو من المهانة والعنصرية في بعض الأحيان.

لكنّ هذه الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي لديها سلطة كبيرة على إسرائيل وفق حقائق التاريخ لا تفعل أي شيء لمنع تنامي هذا العداء، بل على العكس، فهي تُظهر للعالم أجمع أنها متورطة مع إسرائيل في جرائمها المرتكبة في قطاع غزة وفي مقدمة تلك الجرائم «حرب التجويع» التي تهدد عشرات الآلاف من الأطفال بالموت جوعا، وقد بدأ مسلسل الموت بالفعل إما بتأثير الجوع أو الجفاف ناهيك عن الموت بسبب الأمراض الفتاكة المنتشرة في القطاع بسبب الأحوال الصحية.

وبعد الحماية التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل باستخدام «الفيتو» الظالم بات العالم يدرك تماما أنها شريك رئيسي في كل ما تقوم به دولة الاحتلال الصهيوني، أما رميها للوجبات الغذائية من الجو فهو دليل على ضعف إدارتها لا دليل على إنسانيتها المفقودة.

إن العالم الذي يشاهد موت آلاف الأطفال جوعا في شمال غزة ووسطها دون أن يتحرك بشكل عملي بطريقة توقف إسرائيل عند حدها وتقدم حماية للأبرياء، خاصة إن كان قادرا على ذلك، هو شريك أساسي في الجريمة التي لا يمكن أن تُنسى أبدا؛ فمشاهد الصور المؤلمة التي تبثها وكالات الأنباء للأطفال الذين يتضورون جوعا تبقى راسخة في الأذهان، فلا يمكن أن يتذكر أحد إسرائيل في يوم من الأيام في معزل عن هذه الصور، وفي معزل عن كل الجرائم والمجازر المروعة التي ارتكبتها في قطاع غزة خلال الأشهر الخمسة الماضية. ولا يمكن أن يتذكر أحد الرئيس الأمريكي جو بايدن إلا ويستذكر مقولته الداعمة لما تقوم به إسرائيل من جرائم: «ليس عليك أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا، وأنا صهيوني»، ولا يمكن أن يتذكر أحد أمريكا إلا ويتذكر صورة يد ممثلتها في مجلس الأمن وهي ترفع يدها مستخدمة حق «الفيتو» في إشارة لا تخفى رمزيتها إذا ما قورنت باليد المرفوعة في تمثال الحرية.

ليكن بايدن ما شاء أن يكون، يهوديا أو صهيونيا أو إنجيليا يمينيا متشددا، ولكنّ الدولة التي يرأسها تقدم نفسها بأنها دولة «ليبرالية» وكانت قوتها الناعمة تتمثل في ثقافتها وقيمها الديمقراطية والليبرالية، اتفقنا معها أم اختلفنا، ولكنها عندما يتعلق الأمر بإسرائيل فإنها نسفت كل تلك القيم التي ينص عليها الدستور، والتي تأسست عليها أمريكا، بما في ذلك قيم حقوق الإنسان، وهي تقف عاجزة، رغم أنها تقدم نفسها قائدة للعالم، عن وقف المجازر والجرائم المخزية لأي قيمة إنسانية التي ترتكبها إسرائيل في غزة وفي مقدمتها تجويع الأطفال حتى الموت ناهيك عن قتلهم وتمزيقهم إلى أشلاء.

وإذا كانت أمريكا ترى أن موت المدنيين «مفهوم» من وجهة نظرها في ظل حرب مثل هذه الحرب، فكيف تستطيع أن تقنع أحدا أن «التجويع»، أيضا، مفهوم في هذه الحرب! إنها بذلك تؤكد أن كل ما تقوم به إسرائيل من جرائم غير مفهوم أبدا، وهي ليست جرائم عرضية على هامش حرب، إنها المتن الحقيقي للحرب كلها؛ فقتل المدنيين بالطريقة التي رآها العالم طوال الأشهر الماضية هو متن الحرب وليس هامشها، وعملية التجويع هي متن الحرب وليس هامشها، وكل جريمة ارتكبت في غزة هي المتن وليست الهامش. فهل سيخجل العالم من نفسه وهو يرى كل قيمه ومبادئه تنهار وتداس بالدبابات والمجنزرات من أجل مجموعة مجرمين وصهاينة يمينيين متشددين يحكمون إسرائيل، وكل جرائمهم التي ارتكبوها حتى الآن لا تخدم مشروع إسرائيل نفسه، رغم أنه مشروع واهم، إنما تخدم مصالحهم السياسية الفردية وتؤجل وقوفهم خلف القضبان إلى حين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا یمکن أن

إقرأ أيضاً:

شهادة صادمة من جراح بريطاني في غزة.. أطفال يهزلون حتى الموت

روى الجراح المتطوع مع جمعية العون الطبي للفلسطينيين، في مستشفى ناصر المتواجد بقلب قطاع غزة المحاصر، نيك ماينارد، تفاصيل تطوّعه جنوب غزة، بالقول: "أنا أكتب من مستشفى ناصر حيث انتهيتُ للتو من إجراء عملية جراحية لطفلة مراهقة، أخرى، تعاني من سوء تغذية حاد". 

وتابع ماينارد، خلال تقرير له، نشرته صحيفة "الغارديان" الأمريكية: "ترقد رضيعة عمرها سبعة أشهر في وحدة العناية المركزة للأطفال، صغيرة الحجم وتعاني من سوء التغذية لدرجة أنني ظننتُها في البداية مولودًا جديدًا. إن عبارة: جلد على عظم، لا تُنصف ما لحق بجسدها من دمار. إنها تتلاشى أمام أعيننا، ورغم كل جهودنا، لا نستطيع إنقاذها. نشهد الآن تجويعا متعمدًا في غزة".

وأبرز الجراح المتطوّع، عبر التقرير الذي ترجمته "عربي21" بالقول: "هذه هي زيارتي الثالثة لغزة منذ ديسمبر 2023؛ شهدتُ حوادث إصابات جماعية، ودقّقتُ ناقوس الخطر بشأن سوء التغذية في يناير 2024. لكن لا شيء يُهيئني للرعب المُطلق الذي أشهده الآن: معاقبة شعب بأكمله بالتجويع".

وتابع: "أصبحت أزمة سوء التغذية كارثية منذ زيارتي الأخيرة. كل يوم أشاهد المرضى يتدهورون ويموتون، ليس بسبب إصاباتهم، بل لأنهم يعانون من سوء تغذية شديد يمنعهم من النجاة من الجراحة. تنهار عمليات الإصلاح الجراحية التي نجريها، ويصاب المرضى بالتهابات خطيرة، ثم يموتون. يتكرر هذا الأمر مرارًا وتكرارًا، ومن المحزن مشاهدته". 

وأضاف: "توفّي أربعة أطفال رضع في الأسابيع القليلة الماضية في هذا المستشفى، ليس بسبب القنابل أو الرصاص، بل بسبب الجوع"، مردفا: "تبذل العائلات والموظفون قصارى جهدهم لإدخال ما في وسعهم، لكن الطعام المتوفر في غزة لا يكفي. أما بالنسبة للرضع، فنكاد لا نملك حليب أطفال. يُعطى الأطفال سكر العنب (ماء سكري) بتركيز 10 في المئة، وهو عديم القيمة الغذائية، وغالبًا ما تعاني أمهاتهم من سوء التغذية الشديد الذي يمنعهن من الرضاعة الطبيعية".

"عندما حاول زميل دولي إدخال حليب أطفال إلى غزة، صادرته السلطات الإسرائيلية" استرسل المتحدّث نفسه، مضيفا: "نهج نتنياهو مزدوج، هو: منع دخول الغذاء إلى غزة، وترك المدنيين اليائسين بلا خيار سوى التوجّه لنقاط التوزيع العسكرية للحصول على بعض الإمدادات المحدودة".

وأورد الجراح الاستشاري في مستشفى جامعة أكسفورد، الذي يسافر بانتظام إلى غزة منذ 15 عاما: "حتى مايو/ أيار، كان في غزة أكثر من 400 نقطة توزيع مساعدات، حيث يمكن للناس الحصول على الغذاء بأمان. أما الآن، فلم يتبقَّ سوى أربع نقاط من هذه النقاط العسكرية في الجنوب، حيث تتعرض العائلات الجائعة لخطر الهجوم المستمر".


وتابع: "أسمع عن عشرات الإصابات التي تتدفق يوميًا على أقسام الطوارئ في غزة، وكثير منها ناجم عن طلقات نارية من نقاط التوزيع العسكرية. أجريتُ عمليات جراحية لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، يقول أقاربهم إنهم أُصيبوا بالرصاص أثناء محاولتهم الحصول على طعام لعائلاتهم".

وأضاف: "في الأسبوع الماضي، توفّي طفل في الثانية عشرة من عمره على طاولة العمليات، متأثرًا برصاصة اخترقت بطنه، في ما يمكن وصفه بأنه فخّ مميت لمن يسعون للحصول على قوت يومهم. كما أبلغ زملائي في قسم الطوارئ عن نمط مثير للقلق: حيث تركزت الإصابات على أجزاء محدّدة من الجسم في أيام مختلفة، الرأس، والساقين، والأعضاء التناسلية؛ ما يشير إلى استهداف متعمد لتلك الأجزاء من الجسم".

وأكّد: "في الأيام الأخيرة، أجريتُ عملية جراحية لامرأتين أُصيبتا برصاص طائرات رباعية المحركات أثناء احتمائهما في خيامهما قرب أحد المواقع، وفقًا لمن أحضروهما. كانت إحداهما تُرضع طفلها عندما أُصيبت، بينما كانت الثانية حاملًا. لحسن الحظ، نجتا من إصاباتهما حتى الآن".

"لم تكن هاتان المرأتان تطلبان المساعدة، بل كانتا ببساطة تحتميان في مناطق يُفترض أنها "آمنة" لكنها معرضة لنيران عشوائية من جهاز الجوع المُجهز بأسلحة الجيش الإسرائيلي" بحسب التقرير نفسه الذي ترجمته "عربي21".

واسترسل: "ليس المرضى هنا وحدهم من يعانون من سوء التغذية، بل أيضًا العاملون في مجال الرعاية الصحية. عندما وصلتُ لأول مرة، بالكاد تعرفتُ على زملائي الذين عملت معهم العام الماضي، فقد بعضهم 30 كيلوغرامًا من وزنهم. في وقت الغداء، يتّجه بعض الأطباء والممرضين إلى مواقع التوزيع، مدركين أنهم يُخاطرون بحياتهم، لكن لا خيار أمامهم إن أرادوا إطعام عائلاتهم".

وأبرز: "مستشفى ناصر هو آخر مستشفى رئيسي عامل في جنوب غزة، لكننا نعمل على حافة الانهيار، نعاني من آثار الهجمات السابقة، ونعاني من كثرة الإصابات، كل ذلك في ظل نقص حاد في كل شيء. لقد أدى تدمير نتنياهو الممنهج للنظام الصحي في غزة إلى حصر الاحتياجات الطبية الملحة في هذا المرفق الوحيد، مستهدفًا بشكل مباشر العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرضى". 

وأضاف: "هذا الأسبوع فقط، قُتل أحد ممرضينا الأعزاء في قسم العمليات في خيمته مع أطفاله الثلاثة الصغار. وفي غزة رأيت معاناة الأطفال وبطولة العاملين في المجال الصحي وهم يحاولون إنقاذهم".

وأورد بالقول: "أود أن أكون واضحا: ما يُرتكب بحق الفلسطينيين في غزة وحشيٌّ ويمكن منعه تمامًا. لا أصدق أننا وصلنا إلى مرحلةٍ يتفرّج فيها العالم على أهل غزة وهم يُجبرون على تحمّل الجوع والقصف، بينما المساعدات الغذائية والطبية موجودةٌ عبر الحدود على بُعد أميالٍ منهم".


وأوضح: "سوء التغذية القسري والهجمات على المدنيين ستودي بحياة آلاف آخرين إن لم تتوقف فورًا. كل يوم من التقاعس يعني موت المزيد من الأطفال، ليس فقط بالرصاص أو القنابل، بل أيضًا من الجوع. إن وقف إطلاق نار دائم، وتدفق المساعدات بحرية وأمان عبر منظومة الأمم المتحدة، ورفع الحصار، كلها أمور ضرورية الآن، وكلها قابلة للتحقيق بالإرادة السياسية".

وأردف: "استمرار تواطؤ حكومة المملكة المتحدة في فظائع إسرائيل أمرٌ لا يُطاق، ولا أريد أن أقضي يوما آخر أُجري عملياتٍ جراحيةً لأطفالٍ أُطلِقَ عليهم النار وجوعوا على يد جيشٍ تدعمه حكومتنا. سيُحاسب التاريخ ليس فقط مرتكبي هذه الجرائم، بل أيضًا مَن وقفوا متفرجين".

وختم بالقول: "من داخل مستشفى ناصر، أقول لكم: هذا مُتعمّد، هذا يُمكن تجنّبه، ويجب أن يتوقف الآن".

مقالات مشابهة

  • غزة على حافة المجاعة: أطفال يموتون جوعًا وسط حصار مطبق وتحذيرات أممية
  • صحفي اسرائيلي: إسرائيل تفشل استراتيجيا” لم نستعد الرهائن ولا قضينا على حماس”
  • يونيسف: يمكن إنهاء سوء تغذية أطفال غزة خلال شهر إذا فتحت المعابر
  • ماكرون: لا يمكن أن نقبل بموت الأطفال جوعا بغزة
  • نائب بولندي ينتقد موقف بلاده من جريمة الابادة التي ترتكبها “إسرائيل” في غزة
  • شهادة صادمة من جراح بريطاني في غزة.. أطفال يهزلون حتى الموت
  • المناضل اللبناني​ جورج عبد الله: معيب أن يتفرج الملايين على أطفال غزة يموتون جوعًا
  • المجلس العربي يدين جريمة التجويع في غزة ويطالب بوقف الحرب والعدوان
  • تفطر القلوب غزة.. أطفال يموتون بين يدي ذويهم وعالم يراقب بفزع وجزع / صور
  • محمد المطوق طفل غزي يصارع الموت جوعا فما قصته؟