فيما يشبه الفضيحة المدوية، كشفت تقارير إعلامية وعسكرية خلال الساعات الماضية عن تضليل كبير تمارسه جماعة الحوثي المدعومة من إيران حول حقيقة ما تعلنه عن هوية السفن التجارية التي تستهدفها بهجماتها الصاروخية في البحر الأحمر وخليج عدن.

أحدث هذه الهجمات، كان تبني الجماعة الحوثي الجمعة، استهداف سفينة الشحن "PROPEL FORTUNE" بصاروخ بحري في خليج عدن، وزعمت في بيان لناطق مليشياتها بأنها سفينة أمريكية.

في حين قالت القيادة المركزية بالجيش الأمريكي بأن السفينة مملوكة لسنغافورة، وهو ما أكدته مصادر في عمليات البحرية اليمنية، بحسب ما نقله مراسل وكالة "شينخوا" الصينية فارس الحميري في حسابه على منصة "أكس"، حيث أكدت المصادر بأن السفينة سنغافورية وترفع علم سنغافورة وليست أمريكية كما تزعم الجماعة الحوثية.

وبالتزامن مع ذلك، كشف تقرير لموقع "العربية.نت" بأن السفينة "روبيمار" التي غرقت في البحر الأحمر بالقرب من باب المندب بسبب هجمات الحوثيين مملوكة بالكامل لرجال أعمال سوريين من عائلة واحدة اسمها "أولاد أبو شحاتة"، ويديرها أحد أفراد العائلة وهو وائل أبو شحاتة، وليست كما زعمت المليشيات الحوثية بأنها سفينة بريطانية.

التقرير أوضح بأن الحوثيين اعتبروا السفينة "روبيمار" بريطانية على أساس عنوان بريطاني متقادم كان مسجلا ومرتبطا بالمالكين المقيمين في لبنان.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تشن فيها مليشيات الحوثي هجوماً ضد سفينة تجارية بناءً على معلومات غير دقيقة، ففي الـ12 من يناير الماضي، كشفت شركة "أمبري" البريطانية عن حادثة مماثلة.

وبحسب الشركة البريطانية فقد تم استهداف ناقلة ترفع علم بنما وتحمل نفطاً روسيا في البحر الأحمر قرب عدن، موضحة بأن "الناقلة استهدفت بطريق الخطأ بناء على معلومات قديمة تربط السفينة ببريطانيا"، وكان لافتاً تجاهل جماعة الحوثي الإعلان عن الهجوم.

ومن أبرز الأمثلة على تخبط وعشوائية الهجمات الحوثية، كان الهجوم الذي استهدف السفينة "ستار آيريس" في الـ12 من فبراير، حيث زعمت الميليشيات في بيان رسمي لها، بأنها سفينة أمريكية.

ليتضح لاحقاً بأن السفينة التي ترفع علم جزر مارشال، مملوكة ليونانيين، وكانت تعبر البحر الأحمر قادمة من البرازيل، تحمل الذرة، وفي طريقها إلى ميناء بندر إمام خميني، في إيران.

العشوائية والتخبط التي تسجلها الهجمات الحوثية ضد السفن التجارية تأتي على الرغم من المعلومات الاستخبارية التي توفرها إيران الداعم لها، عبر سفن التجسس الإيرانية التي تقبع بالقرب من باب المندب.

يضاف إلى أن تحديد هوية وجنسية السفن التجارية ليست بالعملية السهلة، في اقتصاد السوق الحر الرأسمالي الذي يقود اقتصاد العالم اليوم وتزدهر فيه ما تسمى بالشركات متعددة الجنسيات، التي لا تتبع دولة محددة.

يضاف إلى أن بعض السفن التجارية تكون ملكيتها لشركة أو رجل أعمال في دولة ما، في حين أن الشركة المشغلة لها من دولة أخرى، وهو ما يجعل من عملية استهدافها، عملية استهداف متعددة.

وإلى جانب العشوائية والتخبط التي تسجلها الهجمات الحوثية ضد السفن التجارية، فإن حجم التأثير ودقة الإصابة التي تلحقها هذه الهجمات بالسفن التجارية تبدو ضعيفة على الرغم من كونها هدفاً سهلاً مقارنة بالأهداف العسكرية.

ويتضح ذلك من خلال عدد الهجمات التي ألحقت الضرر بالسفن التجارية المستهدفة من بين إجمالي هجمات مليشيات الحوثي منذ انطلاقتها باختطاف السفينة "غالاكسي ليدر" بالبحر الأحمر في الـ18 من نوفمبر الماضي.

ففي خطابه الأخير الخميس، قال زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي بأن عدد الهجمات التي نفذتها مليشياته في البحر الأحمر وخليج عدن ضد السفن بلغت 64 عملية، إلا أن إحصائية قام بها "نيوزيمن" للبيانات الصادرة عن المليشيات، تفيد بإعلانها عن 43 هجوماً فقط، من بينها 12 هجوما ضد سفن وقطع عسكرية حربية أمريكية.

في حين أن الهجمات الـ31 التي أعلنتها المليشيات الحوثية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن من الـ18 من نوفمبر الماضي، أقل من نصفها فقط أي نحو 14 هجوماً تمكنت فيها من إصابة السفن بشكل مباشر، 10 سفن كانت الإصابة فيها طفيفة، لم تمنعها من مواصلة رحلتها، في حين أن باقي الهجمات كانت الصواريخ إما تسقط بالبحر على مقربة من السفن أو يتم إسقاطها من قبل القطع البحرية العسكرية.

في حين أن 3 هجمات فقط هي من تسببت بإلحاق ضرر بشكل كبير بالسفينة المستهدفة، الأولى كان الهجوم على السفينة النفطية (مارلين لواندا MARLIN LUANDA) في خليج عدن بالـ26 من يناير الماضي، ونتج عنه حريق داخل السفينة استمر لساعات.

في حين تسبب الهجوم الثاني الذي استهدف السفينة التجارية "روبي مار" في الـ18 من فبراير الماضي بأول حادثة غرق لسفينة بالبحر الأحمر، جراء هجمات مليشيات الحوثي، أما الهجوم الثالث، فكان الأعنف بسقوط أول ضحايا بشرية بمقتل ثلاثة من طاقم السفينة True Confidence التي تعرضت لصاروخ حوثي الأربعاء، أثناء إبحارها في خليج عدن.

في حين أن الهجمات الـ12 التي أعلنت المليشيات عنها ضد سفن وقطع عسكرية حربية أمريكية، فشلت في إلحاق أي ضرر بإحداهن فضلاً عن أن تنجح بسقوط ضحايا بشرية، رغم كثافة الصواريخ والطيران المسير الذي استخدم فيها، ما يكشف حجم العجز لدى المليشيات الحوثية في المواجهة عسكرياً، مقارنة باستهداف السفن التجارية المدنية.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: فی البحر الأحمر السفن التجاریة بأن السفینة فی حین أن ضد السفن

إقرأ أيضاً:

وول ستريت جورنال: كيف استطاع الحوثيون قض مضاجع البحرية الأميركية؟

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرا مطولا عن المواجهات العنيفة التي دارت رحاها داخل اليمن وفي عرض البحر الأحمر بين بين البحرية الأميركية وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، قبل أن يوافق الطرفان في أوائل مايو/أيار المنصرم على وقف إطلاق النار.

وذكرت أن المسؤولين الأميركيين يعكفون الآن على تحليل ذلك الصراع لمعرفة كيف تمكن خصم "مشاكس" من تحدي واختبار أفضل أسطول سطحي في العالم، في إشارة إلى حاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تايمز: أكثر عصابات المخدرات رعبا بالعالم تشن حربا في أوروباlist 2 of 2أوروبيون في حالة تدهور نفسي بسبب أهوال غزةend of list

ففي ذلك اليوم، كانت طائرة أميركية من طراز "إف/إيه-18 سوبر هورنيت" تحاول الهبوط على حاملة الطائرات ترومان في البحر الأحمر، لكن آلية إبطاء السرعة تعطلت، فانزلقت الطائرة -التي تبلغ تكلفتها 67 مليون دولار- عن مدرج الحاملة وسقطت في البحر.

وقد كانت هذه هي الطائرة الثالثة التي تفقدها ترومان في أقل من 5 أشهر، ووقعت الحادثة بعد ساعات من إعلان الرئيس ترامب أنه توصل إلى هدنة مع الحوثيين في اليمن، الأمر الذي فاجأ المسؤولين في وزارة الدفاع (البنتاغون).

وقالت الصحيفة في التقرير الذي أعدّه اثنان من مراسليها إن الحوثيين أثبتوا أنهم خصم صعب المراس بشكل مدهش، إذ اشتبكوا في أعنف معارك تخوضها البحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية "رغم أنهم كانوا يقاتلون من كهوف وأماكن تفتقر إلى أبسط المرافق في واحدة من أفقر دول العالم".

إعلان

وأضافت أن الحوثيين استفادوا من انتشار تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيرة الرخيصة الثمن التي حصلوا عليها من إيران، وأطلقوا صواريخ باليستية مضادة للسفن في أول استخدام قتالي على الإطلاق لهذا السلاح الذي يعود إلى حقبة الحرب الباردة، وابتكروا طريقة لنشر أسلحتهم.

وكشفت أن حوالي 30 سفينة شاركت في العمليات القتالية في البحر الأحمر منذ أواخر عام 2023 حتى هذا العام، أي بمعدل 10% تقريبا من إجمالي أسطول البحرية الأميركية العامل في الخدمة الفعلية. وخلال تلك الفترة، أمطرت الولايات المتحدة الحوثيين بذخائر لا تقل قيمتها عن 1.5 مليار دولار، بحسب مسؤول أميركي.

ومع أن البحرية الأميركية تمكنت من تدمير جزء كبير من ترسانة الحوثيين، فإنها لم تستطع -كما تؤكد الصحيفة- تحقيق هدفها الإستراتيجي المتمثل في استعادة الملاحة عبر البحر الأحمر، في حين تواصل الجماعة اليمنية إطلاق الصواريخ بانتظام على إسرائيل.

القادة في المؤسسة العسكرية والكونغرس بدؤوا في تقصي الحقائق المتعلقة بالحملة في اليمن لاستخلاص الدروس المستفادة، في وقت يشعرون فيه بالقلق من أن ينال مثل هذا الانتشار المرهق من جاهزية القوات الأميركية بشكل عام

وقد بدأ القادة في المؤسسة العسكرية والكونغرس في تقصي الحقائق المتعلقة بالحملة في اليمن لاستخلاص الدروس المستفادة، في وقت يشعرون فيه بالقلق من أن ينال مثل هذا الانتشار المرهق من جاهزية القوات الأميركية بشكل عام.

ويجري البنتاغون بدوره تحقيقا بشأن حوادث فقدان طائرات وتصادم منفصل في البحر الأحمر تعرضت لها قطع حاملة الطائرات ترومان الضاربة، ومن المنتظر أن تظهر النتائج في الأشهر المقبلة.

صاروخ يمني لدى إطلاقه باتجاه أحد الأهداف (غيتي)

وطبقا للصحيفة، فقد أدى نشر القوات لقتال الحوثيين إلى سحب موارد وعتاد عسكري كانت موجهة إلى الجهود المبذولة في آسيا لردع الصين، وتسبب في تأخير جداول صيانة حاملات الطائرات. ومن المتوقع أن تظل آثار هذا الانتشار ماثلة لسنوات قادمة.

وعلى الرغم من هذا الاستنزاف والإنهاك، يعتقد مسؤولون في البحرية أن قتالهم ضد جماعة الحوثي قدم لهم خبرة قتالية لا تقدر بثمن، ويُنظر إلى الصراع في البحر الأحمر داخل البنتاغون على أنه إحماء لصراع محتمل أشد ضراوة وتعقيدًا وأثرًا.

إعلان

وفي المقابل، اكتسب الحوثيون قوة كبيرة منذ استيلائهم على معظم أنحاء البلاد قبل عقد من الزمن. وأفادت وول ستريت جورنال بأن الجماعة اليمنية بدأت منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بمهاجمة المدن الإسرائيلية وكذلك السفن العابرة للبحر الأحمر.

وأشارت إلى أن الحوثيين كانوا قد أطلقوا أول وابل من الطائرات المسيرة والصواريخ في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على المدمرة الأميركية "يو يو إس إس كارني" في عرض البحر الأحمر في اشتباك استمر 10 ساعات، مما فاجأ البحارة على متنها.

المعركة التي وقعت بين الحوثيين والأميركيين يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وصفت بأنها أعنف قتال تتعرض له سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية منذ ما يقرب من قرن، إذ أسقط الحوثيون أكثر من 12 طائرة مسيرة و4 صواريخ كروز سريعة التحليق

ووصفت الصحيفة تلك المعركة بأنها أعنف قتال تتعرض له سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية منذ ما يقرب من قرن، إذ أسقط الحوثيون أكثر من 12 طائرة مسيرة و4 صواريخ كروز سريعة التحليق.

ولما توعد الحوثيون بتكثيف هجماتهم، سارع العسكريون الأميركيون إلى حل مشكلة لوجستية تمثلت في أن المدمرات -مثل كارني- لم تشارك في القتال لمدة تصل إلى أسبوعين لأنها كانت في رحلات مكوكية في البحر الأبيض المتوسط لإعادة التسلح، وكانت الدول المجاورة حذرة من أن تصبح هي نفسها أهدافا للحوثيين.

وقد استطاعت وزارة الدفاع الأميركية في نهاية المطاف استخدام ميناء في البحر الأحمر، وصفه أحد المسؤولين بأنه كان سببا في تغيير قواعد اللعبة لأنه أتاح لسفن البحرية الأميركية إعادة التزود بالسلاح من دون الحاجة لمغادرة مسرح العمليات.

أيزنهاور في البحر الأحمر (الفرنسية)

ومضت الصحيفة في تقريرها إلى القول إن وتيرة العمليات أثرت على البحارة الذين كانوا مضطرين إلى البقاء متيقظين على مدار الساعة لأنهم كانوا باستمرار في مرمى نيران الحوثيين. ولذلك، لم تقم حاملة الطائرات "يو إس إس دوايت أيزنهاور" سوى برحلة قصيرة واحدة خلال 7 أشهر من القتال.

ومع أن البحرية الأميركية اعتادت العمل في بيئة مماثلة في الخليج العربي، حيث يوجد الإيرانيون على مسافة قريبة، إلا أن ردع مليشيات مثل جماعة أنصار الله في اليمن أصعب من ردع حكومة نظامية، كما تزعم الصحيفة، لافتة إلى أن مثل هذه الجماعات أضحت أكثر خطورة مع انتشار الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والطائرات المسيرة الهجومية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • إصابة 10 أشخاص فى انقلاب ميكروباص شمال البحر الأحمر
  • أسبيدس: حركة الملاحة ارتفعت في البحر الأحمر بنسبة 60% بعد تراجع الهجمات الحوثية
  • قائد البحرية الأوروبية: القوات اليمنية تستهدف فقط السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني
  • وول ستريت جورنال: كيف استطاع الحوثيون قض مضاجع البحرية الأميركية؟
  • بيطرى البحر الأحمر يرفع درجة الاستعداد لعيد الاضحى
  • سفن الكهرباء تعود للعراق بعد غياب 17 عاما.. ماذا نعرف عن “بواخر الطاقة” التي ستتعاقد عليها بغداد؟
  • طارق يثير سخرية واسعة .. من الهزيمة إلى السفلتة (تفاصيل)
  • واشنطن تجدد تهديداتها لسفن الوقود التي تصل مناطق الحوثيين بـ "عقوبات قاسية"
  • الولايات المتحدة تعود للبلطجة في البحر الأحمر.. واليمن يرد بضربة موجعة
  • مقتل وإصابة سبعة من أفراد العمالقة بقصف حوثي استهدف موقع عسكري جنوبي الحديدة