إشيب ولد أباتي: الحاجة الملحة في ذكرى ثورة 23 من يوليو إلى القيادة والتغيير والتجربة الثورية والإيديولوجيا التوعوية؟
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
إشيب ولد أباتي تجيء ذكرى الثورة العربية، والوطن العربي في وضع يعجز المواطن العربي عن وصفه، وتشخيصه، الأمر الذي يؤكد الحاجة الموضوعية للثورة مجددا في كل قطر عربي، والتغيير، وذلك نظرا لغياب القيادة الملهمة، والرؤية الاستشرافية على خلاف ما أنجزته الثورة العربية في منتصف القرن الماضي في ١٩٥٢م. التي قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر – رحمه الله تعالى – لحركة التحرر العربي خلال واحد وعشرين سنة(١٩٥٢- ١٩٧٠م ) .
. وإذا كانت الأوضاع الاجتماعية، والسياسية، واحتلال فلسطين، وقيام الكيان الغاصب، وتهجير مجتمعها، وانها الأمور التي فسرت بها حركة الضباط الاحرار في مصر للثورة من أجل التغيير سبيلا لمواجهة التحديات الداخلية، والخارجية، وخاصة في فلسطين التي قاتل جمال عبد الناصر فيها متطوعا بقيادته للكتيبة المصرية التي عرفت بقدرتها على قتال المنظمات الصهيونية في منطقة ” الفالوجة” التابعة للقدس الشريف.. ولم يكن لثورة الثالث والعشرين هدف ذاتي، يتعلق بالزعامة، أوالسلطة، وذلك بدليل اعطاء الضباط الاحرار رئاسة الحكم، ل”محمد نجيب” الذي لم يكن على علاقة بقادة الثورة، ولعل قبوله لرئاسة الحكم ، هو لغرض استعادة الحكم الملكي الذي رفض استبداله بالنظام الجمهوري خلال ستة أشهر قضاها، يناور – ولا يحاور – من أجل تمرير مشروعه الانقلابي على غرار الانقلاب السابق سنة ١٩٥١م في إيران حيث قامت المخابرات الامريكية بانقلاب، اسقطت حكم “مصدق”، واسترجعت الحكم الملكي وكان الوطن العربي تحت حكم الاحتلال: الفرنسي، والانجليزي، والايطالي، والامريكي.. ولم تكن الأنظمة الملكية التي كانت في مصر والسعودية، والعراق، والأردن، الا أنظمة ” الظل”، حيث أن قادتها ” وكلاء”، لا يختلفون في شيء عن الأنظمة السلبقة الملكية، والأميرية، ولرؤساء “جمهوريات الموز” عدا النظامين في الجزائر وتونس في الوقت الحاضر من تاريخ أمتنا العربية المجيدية.. إن غياب القيادة التاريخية لجمال عبد الناصر، كان بداية لتراجع أنظمة الحكم التغييرية، وما لبث نظام السادات أن انحرف ، لأنه لم يكن في مستوى القيادة التاريخية قناعة، او تقديرا للمسؤوليات التاريخية،، ولا أدل ذلك من قيامه بانقلاب ١٩٧١ ضد القادة الناصريين في الحكم و في الاتحاد الاشتراكي العربي، فتآمر عليها الثنائي الانتهازي محمد أنور السادات، ومحمد حسنين هيكل.. وخلال حقبة السبعينيات والثمانينيات، كان الدور القيادي لقيادات متحمسة للتغيير، والتحديث للأنظمة الاجتماعية العربية في كل من العراق، وليبيا، وسورية، والجزائر، واليمن بنظاميه الجمهوريين، والسودان، والصومال.. غير أن تلك القيادات السياسية، لم تستفد من تجربة الثورة العربية في مصر، ولذلك غاب النهج الثوري، وحل محله الشعارات التي ما لبثت، أن اقتصرت على الدعاية للقيادات المتنافسة على الزعامة في الأقطار المذكورة، حتى بين قيادتي الحزب الواحد، كما حصل في كل من سورية، والعراق.. بينما كان النظام في الجزائر، يراهن على مشروعه التغييري في التنمية مركزا على القطاع الصناعي، ومهما دور الثورة الزراعية في التنمية، وذلك اقتداء بالتجربة الاستالينية في جمهوريات السوفييت، ولكن الذي قضى على التغيير، كان في المرحلة الموصوفة ب” الغورباشوفية” لابن جديد رحمه الله. لهذا فالتجربة الثورية العربية في مصر، كان مشروعها العملي “نموذجا” قابلا للأحتذاء من أجل التحديث، والتنمية الاجتماعية، قبيل تفكيكها بسياسة السادات المسمار ب”عصرالانفتاح”، واستبدال القطاع العام، بالقطاع التجاري الخاص، وسياسة التبعية للأمبريالية الأمريكية، واعطائها حل القضية المركزية للعرب بنسبة ٩٩%، وهي العدو الخصم الذي لن يصبح حكما محايدا.. لقد تركت ثورة الثالث والعشرين من يوليوز، تجربة ثورية، اعتمدت “منهج التجربة والخطأ”، وانتقلت التجربة على أساس ذلك من “هيئة التحرير” التي تولت وضع سياسة “الإصلاح الزراعي” الذي حرر المجتمع القروي، والقطاع الزراعي من الاستغلال ١٩٥٤، إلى” الاتحاد القومي العربي” في ١٩٥٨م. الذي قاد الوحدة العربية الأولى في تاريخ العرب المعاصر، وفي ١٩٦٢م، بدأ مشروع ” الاتحاد الاشتراكي العربي”، وذلك استنادا إلى وثيقتين فكريتين، هما : الميثاق الوطني الذي وضع أسسا تظرية للوحدة العربية، وللعدالة الاجتماعية، بينما كان بيان (٣٠ مارس)، قراءة جريئة في النقد الذاتي للتجربة؛ واستبعادا للاخطاء التي مرت بها التجربة الثورية في العشرية الأخيرة، وتداعيات هزيمة ٥ حيران ٦٧. إن مجتمعات الأمة العربية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بقراءة جادة للمشروع التغييري، التحديثي الذي شكل قفزة نوعية، تواضع الدارسون على تسميتها بسياسة “حرق مراحل التخلف الاجتماعي، والسياسي في مجتمعات قروية بنسب عالية، إلى مجتمعات حضرية ذات أنظمة، وضعت خططا تنموية، وعلمية، نشرت التعليم المجاني، واعطت القاع الزراعي المستحق في التنمية، ولذلك نرى قيمة لا تقدر لإقامة السدود المائية، والكهرمائية، ك” سد اسوان” على سبيل المثال، وانتهاج تقسيم العمل الذي، وضع قواعد للعدالة الاجتماعية. وخلال السبعين سنة الماضية، انتج التعليم الوطني نخبا ثقافية، وعلمية في الوطن العربي، كان بعضها، قد اهتم بالفكر، وانتاج المعرفة، بينما الآخر شارك في بناء أنظمة الحكم الجديدة، واقتصر دور رموز النخبة السياسية على التسيير الإداري، والأمني في بناء أنظمة الحكم، كسدنة خدومة، كانت – ولازالت – تبحث عمن يوظفها لخدمته من رؤساء الحكم مهما كان شكل النظام: ملكي، او أميري، أو جمهوري بما يتلاءم مع ارتباطات الكثير من تلك النخب التي استدرجت الأنظمة السياسية، لتمكين قوى الخارج، كالمستعمر الفرنسي، و الأمريكي، كحال الكثير من الوزراء على سبيل المثال.. إن المرحلة الراهنة الاستثنائية للمجتمعات العربية، تؤكد الحقائق المريرة، ومنها: أن تجربة الديمقراطية المستجلبة، أعادت الاحتلالات العسكرية، فيما دمرت الأخيرة، المجتمعات العربية التي أنجزت انظمتها الجمهورية قواعد ركينة للتحديث الذي تنامى في مختلف أقطار الوطن العربي، كالعراق، وليبيا، والجزائر، واليمن، والسودان، والصومال، وغيرها. إن الاحتلال في فلسطين، أضحى مشروعا توسعيا تحت مسميات تمويهية، كالتطبيع، وهي الأخضاع ، والاستسلام بدون قيد، أو شرط، وذلك لتفكيك” الموساد” الصهيوني المجتمعات العربية من الداخل، بالإضافة الى سياسة العدوان العسكري بالمشاركة في أي عدوان عسكري امريكي، أو اطلسي ، وذلك منذ احتلال لبنان في ٨٢، والعراق ٢٠٠٣م. و في اعقاب النهايات المؤلمة للربيع الأمريكي الدموي.. إن غياب القيادة، والمنهج التحديثي، والرؤية الواضحة للتغيير، تستدعي ضرورة تفعيل الحراكات السياسية في الأقطار العربية، وتبنيها لمشروع التغيير العمودي نهجا اقوم، سيجذب بمشاريعه التحويلة المواطن العربي، وذلك ليستعيد ثقته في ثوابت الأمة، وتعزيز الهوية، والاقتناع الفكري بمبادي التحرر، والتقدم الاجتماعي، والوحدة العربية تحت اي مشروع، بما يحقق للأمة اسباب القوة للدفاع المشرك في مواجهة الاحتلال، ومن جهة اخرى لبناء انظمة سياسية وطنية، تساهم في بنينة مشاريع النهضة العربية التي، ستبقى نسبية، إن لم تكن عاجزة عن توظيف قدرات الأمة العربية ما لم تقم الوحدة الشاملة التي، ستفرض الاستقلال السياسي، والاقتصادي ، والثقافي.. وإن غدا مشرقا عربيا اسلاميا، لناظره قريب بإذن الواحد الأحد.. كاتب موريتاني
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية: العربیة فی فی مصر
إقرأ أيضاً:
بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الأحد بالرباط، أن الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيساعد في الدفع قدما بالدينامية، التي يعرفها هذا الملف بقيادة الملك محمد السادس.
وأضاف بوريطة، في لقاء صحفي مشترك مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، أن موقف المملكة المتحدة يمثل “تطورا مهما”، بالنظر إلى أن بريطانيا عضو دائم في مجلس الأمن، وفي مجموعة أصدقاء الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء.
وقال إن “هناك أربع دول من أصدقاء الأمين العام حول الصحراء انخرطت في هذه الدينامية، وعبرت عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، وهي فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا، واليوم المملكة المتحدة”.
وأشار إلى أن المملكة المتحدة كان لها دائما صوت مؤثر ومصداقية على المستوى الأوروبي والأممي والدولي، لافتا إلى أن هذا الموقف ستكون له مزايا اقتصادية، حيث ستدرس وكالة المملكة المتحدة للتجارة والاستثمار إمكانية إنجاز مشاريع استثمارية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وسجل أن الدينامية، التي يشهدها ملف الصحراء المغربية، لا يعتبرها المغرب تشريفا أو محاولة للحفاظ على الوضع القائم، وإنما يراها بمثابة عنصر للبحث عن حل لهذا النزاع، الذي دام أكثر من 50 سنة.
وأبرز، في هذا الصدد، أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لديهما اليوم الفرصة لإيجاد حل نهائي لهذا النزاع على أساس مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، معربا عن أمله في أن تنخرط كل الأطراف في مسار جدي لإيجاد حل نهائي لهذه القضية.
من جهة أخرى، وصف بوريطة الزيارة التي يقوم بها المسؤول البريطاني ب”التاريخية” لعدة اعتبارات، تتمثل في كونها أول زيارة يقوم بها وزير خارجية المملكة المتحدة إلى المغرب منذ 2011، ولأنها ستعطي قفزة نوعية للعلاقات الثنائية، فضلا عن كونها شكلت مناسبة لإجراء الحوار الاستراتيجي بين البلدين، وبحث القضايا المتعلقة بالتعاون الثنائي، وبعدد من القضايا الإقليمية.
وفضلا عن ذلك، يضيف الوزير، فإن “هذه الزيارة مهمة وتاريخية، حيث عبرت المملكة المتحدة عن موقفها بشأن قضية الصحراء المغربية”، مشيرا إلى أن البيان المشترك شدد على أن “بريطانيا تعتبر خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب في 2007 كأساس أكثر واقعية وقابلية للتطبيق وأكثر براغماتية، وأنها ستشتغل من اليوم على المستوى الثنائي والاقليمي والدولي، على أساس هذه الشراكة”.
وذكر بأن هذه الزيارة الهامة تشكل أيضا نقطة تحول في العلاقات بين البلدين، مؤكدا أنه “تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لتنويع الشراكات وتعزيزها مع الدول الفاعلة على المستوى الدولي، انخرطنا في حوار لتطوير علاقاتنا الثنائية اعتمادا على الروافد التاريخية التي تجمع البلدين، وكذا على العلاقة الخاصة التي تجمع الأسرتين الملكيتين”.