هل تؤثر خلافات المعارضة التركية على فرصها في الانتخابات؟
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
أنقرة- مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية في تركيا، تواجه المعارضة تحديات جمّة، تبرز فيها الصعوبات والتحديات الداخلية بشكل خاص، لا سيما في ظل الانقسامات والصراعات التي شهدها أبرز أحزاب المعارضة، حزب الشعب الجمهوري.
وألقت الخلافات العلنية بين رئيس الحزب أوزغور أوزيل ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، حول تحديد المرشحين للانتخابات المحلية في عدة مناطق، بظلالها على الحزب، مما جعله عرضة لانتقادات متزايدة من الداخل والخارج.
كما أن الانتقادات الصادرة من رؤساء البلديات الحاليين الذين لم يتم ترشيحهم لفترات قادمة، تضم اتهامات بوجود إقصاء ملحوظ للأكراد والعلويين ضمن صفوف الحزب أو "تهميش مناصري كليجدار أوغلو"، مما عكس نوعا من الاستياء والانقسام داخل الحزب، وهو ما يشير إلى صراعات أعمق تتجاوز مجرد تحديد المرشحين للانتخابات.
في المقابل، يبدو "تحالف الشعب" الذي يجمع بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، في وضع أكثر استقرارا واتزانا، مما يزيد من تحديات المعارضة، لا سيما بعد ارتفاع حدة الاختلافات وتوسع الانشقاقات في صفوف أحزابها الذين اجتمعوا تحت راية "تحالف الأمة"، خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية العام الماضي.
صديق الأمس عدو اليوموتُظهر الخلافات والتراشق الحاصل بين حزب الشعب الجمهوري وحزب "الجيد" عمق الشقاقات بين الحزبين، التي بدأت في أعقاب الانتخابات الرئاسية لعام 2023، إثر خسارة تحالف الأمة بقيادة كمال كليجدار أوغلو لصالح رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، بينما عزز حزب العدالة والتنمية موقعه في البرلمان بفوزه بـ268 مقعدًا، تاركًا حزب الشعب الجمهوري بـ169 مقعدا، وحزب الجيد بـ43 مقعدًا.
وفي خطاب حماسي ألقته رئيسة حزب الجيد ميرال أكشنار خلال اجتماع الكتلة البرلمانية للحزب، استخدمت أبياتا شعرية تقول "عندما تندلع حرب هائلة يهرول الرجال، أما الجبان فيتباطأ" في إشارة ضمنية إلى تردد رئيسي بلدية إسطنبول وأنقرة في قبول الترشح للانتخابات الرئاسية ضمن تحالف الأمة، بدلا عن كليجدار أوغلو، الذي لم تكن أكشنار ترى فيه المرشح المثالي.
وأعلنت أكشنار عن خطة حزبها لخوض غمار الانتخابات البلدية المقبلة بشكل منفرد، متخلية عن التحالفات السابقة التي اعتبرتها مخيبة للآمال، لتتهم بعدها رئيس بلدية إسطنبول الحالي أكرم إمام أوغلو، بمنع حزب الجيد من تعليق لوحاته الدعائية في شوارع المدينة.
ولفتت إلى أن العقبات التي تواجه حملتها الانتخابية تنبع من داخل إسطنبول نفسها وليس من العاصمة أنقرة، في إشارة ضمنية إلى أن الرئيس أردوغان ليس مصدرا للضغوط التي تواجهها.
وفي تحول مثير للأحداث داخل الحلبة السياسية التركية، واجه حزب الجيد تحديات داخلية كبرى على خلفية سلسلة استقالات ضربت صفوفه، تزامنا مع إعلان رئيسته ميرال أكشنار خوض الحزب للانتخابات المقبلة بمفرده.
لكن تصريحات الرئيس السابق لكتلة الحزب الجيد بالبرلمان إبراهيم أوزكان، التي جاءت عقب استقالته، ألقت الضوء على اجتماعاته المتكررة مع رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، التي وصفها بـ"ممارسة سياسة الباب الخلفي"، مما أثار الجدل حول طبيعة التحالفات والوعود التي تم تبادلها.
وفي رد فعل متوقع، وصفت أكشنار هذه الاستقالات والتحركات غير المعلنة بأنها "هجوم مباشر على مستقبل حزب الجيد"، مؤكدة عزمها على التصدي لأية محاولات للتدخل في الشؤون الداخلية للحزب، في تصريحات شديدة اللهجة أظهرت حدة الصراع داخل صفوف المعارضة التركية.
بينما استهجن إمام أوغلو تصريحات رئيسة الحزب الجيد، ووصفها بأنها تجاوزت الحد، مؤكدا استعداده لمد يد التعاون لكل الأطراف والحفاظ على علاقات ودية مع رئيسة حزب الجيد.
تطورات جديدةأصدر المقر الرئيسي لحزب الشعب الجمهوري بمنطقة "يورما" في طرابزون بيانًا يعلن فيه دعمه لمرشح حزب الجيد في الانتخابات المحلية القادمة، بناء على تعليمات رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو، مما يسلط الضوء من جديد على التوتر المتصاعد بين إمام أوغلو وأوزغور أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهوري.
وأشار المحللون إلى أن هذه الخطوة من إمام أوغلو تهدف إلى مد جسور التواصل مع رئيسة حزب الجيد أكشنار، التي لم تصدر أي تعليقات بخصوص هذا التطور حتى الآن.
وكان ملفتا للأنظار العلاقة الودية التي ظهرت بين إمام أوغلو وأكشنار خلال تواجدهما في جنازة شقيقتها، حيث تبادلا الأحاديث بطريقة تعكس مستوى من الاحترام والتقدير المتبادل، مما اعتبره البعض خطوة في طريق عودة العلاقات بين الطرفين.
وتحدث الباحث السياسي أحمد أوزغور للجزيرة نت، عن تحولات كبيرة في إستراتيجيات أحزاب المعارضة التركية، التي بدأت تخوض الانتخابات بشكل مستقل، متحررة من ضغوط التعاون السابق مع حزب الشعب الجمهوري، مما يعكس رغبة في تعزيز الهويات السياسية الفردية، وتحسين فرصها في الانتخابات المحلية القادمة.
وأكد أوزغور أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مايو/أيار 2023 أظهرت أن "الوحدة في مواجهة الرئيس أردوغان لم تعد كافية كإستراتيجية للفوز، مما عكس حالة من الإحباط وربما اليأس لدى الأحزاب الصغيرة".
وقال رئيس فرع الشباب في حزب الشعب الجمهوري جوكشان علو كوش للجزيرة نت، إن "الأزمة بين إمام أوغلو وأوزغور أوزيل تتخذ منحى متسعا، وقد تصل إلى حد القطيعة، إذ يبدو أن كل طرف بدأ يبحث عن مصالحه وتطلعاته بشكل مستقل، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى الوضع الحالي للحزب".
كما أشار إلى "ضرورة الانتباه إلى وجود كمال كليجدار أوغلو، الذي يبدو أنه ينتظر اليوم التالي للانتخابات ليثبت حضوره مجددا، خاصة في حال خسارة الحزب السيطرة على البلديات الكبرى".
وحذر علو كوش من أن "الأزمة مع حزب الجيد قد تؤثر سلبا على توازن المعارضة في وقت حرج، مع اقتراب الانتخابات المحلية"، مؤكدا أن كل الأزمات التي تحدث قبل الانتخابات تصب في مصلحة حزب العدالة والتنمية، مما يعرض مستقبل المعارضة للخطر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الانتخابات المحلیة حزب الشعب الجمهوری رئیس بلدیة إسطنبول کلیجدار أوغلو إمام أوغلو حزب الجید
إقرأ أيضاً:
صحيفة روسية: طموحات تركيا الصاروخية تؤثر على مصالح موسكو
نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا سلطت فيه الضوء على بروز تركيا كفاعل عسكري صاعد، يحقق تقدما لافتا في مجال الصناعات الصاروخية، بما في ذلك الأنظمة الباليستية والصواريخ الجوالة وأسلحة الجو جو بعيدة المدى.
وبحسب التقرير، فإن تركيا قد تكون دخلت فعليا مجال الأسلحة الفرط صوتية، وذلك عقب عرض نموذج جديد من صواريخها في إسطنبول. ورغم أن الصاروخ الجديد، المعروف باسم "تايفون"، لا يندرج تقنيا تحت فئة الأسلحة الفرط صوتية، إلا أنه يتمتع بخصائص إستراتيجية تجعله عاملا لا يمكن تجاهله من قبل أي طرف يُصنَّف كخصم محتمل، بما في ذلك روسيا.
وقد شهد معرض الصناعات الدفاعية الدولي 2025 في إسطنبول عرضا من شركة "روكتسان" التركية، تمثل في الكشف عن النسخة الرابعة من الصاروخ الباليستي قصير المدى "تايفون"، ما أثار اهتماما واسعا في الأوساط العسكرية والإعلامية.
وتفاوتت المعلومات حول خصائص الصاروخ، إذ أشارت تقارير إلى أن وزنه يتراوح بين 6.5 و7 أطنان، ويبلغ طوله نحو 10 أمتار وقطره 938 ملم. وقد دفعت هذه المؤشرات وسائل إعلام إلى اعتبار أن تركيا دخلت بالفعل عصر الأسلحة الفرط صوتية.
وفيما يخص هذا الجدل، تشير الصحيفة إلى أن أي صاروخ باليستي يحقق في مرحلته النهائية سرعات تقترب من الفئة الفرط صوتية بحكم القوانين الفيزيائية. وقد يكون الأتراك زودوا الصاروخ بقدرة محدودة على المناورة في المرحلة الأخيرة من الطيران، لكن هذه الميزة لا تُعد حاسمة.
ويبلغ مدى صاروخ "تايفون" نحو 800 كيلومتر، ما يتيح له، في حال إطلاقه من السواحل التركية على البحر الأسود، استهداف مناطق مثل دونيتسك وجنوب فولغوغراد وكالميكيا، وصولا إلى مناطق قريبة من بحر قزوين.
وكان أول اختبار للصاروخ قد أُجري في أيار 2023، وتم تسليمه إلى القوات المسلحة التركية بمدى معلن بلغ 561 كيلومترا. وأكد الرئيس رجب طيب أردوغان آنذاك أن هذا المدى غير كاف، متعهدا برفعه إلى 1000 كيلومتر. وقد تم رفع المدى إلى 800 كيلومتر بعد عامين، في خطوة تشير إلى التقدم، لكنها قد لا تمثل الحد النهائي للتطوير.
وبفضل وصول تركيا إلى التكنولوجيا الإلكترونية الغربية، يُتوقع أن تكون دقة صاروخ "تايفون" عالية.
تركيا تُعد من الدول الرائدة في تصنيع الصواريخ. ففي 1997 اعتمدت القوات التركية منظومة "كاسيرغا تي 300" بمدى 120 كيلومترا، وفي العام التالي تسلمت أول صاروخ باليستي "يلديريم"، بوزن نحو 2100 كيلوغرام ومدى 150 كيلومترا ورأس حربي يبلغ 480 كيلوغراما. وقد تم تطوير هذه الأنظمة بالتعاون مع الصين، على أساس نماذج صينية معدلة.
فيما بعد، ظهرت منظومة "بورا" الباليستية بمدى يصل إلى 280 كيلومترا ودقة محسّنة. أما اليوم، فقد كشفت تركيا عن "تايفون"، في تأكيد على سعيها نحو امتلاك قدرات صاروخية أطول مدى وأكثر تطورا.
وترى الصحيفة أن عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي تجعل من غير المرجح أن تسقط البحرية الأمريكية هذه الصواريخ، في حين لا تمتلك الدفاعات الجوية الحديثة سوى إسرائيل.
ومن المتوقع أن تكون دقة الصواريخ التركية أعلى من نظيرتها الإيرانية، وهو ما يمنح تركيا قدرة أكبر على إلحاق أضرار في نزاع محتمل، تفوق ما يمكن أن تسببه إيران لإسرائيل. إذ تقع إسرائيل كلها ضمن نطاق الصواريخ التركية، ما يفتح بابا لاحتمالات المواجهة المباشرة، خصوصا في ظل التوتر المستمر في الأراضي السورية.
كما عرضت تركيا صاروخ "غوكبورا" من فئة "جو جو"، الذي يجسد مستوى التقدم التقني، ويُتوقع أن يكون السلاح الرئيسي في مقاتلتها من الجيل الخامس. وكان هذا الصاروخ قد تفوق على سابقه "غوخان" من حيث الدقة، كما أنه مخصص للحمل الداخلي بعكس "غوخان".
وتشير الصحيفة إلى أن روسيا لا تملك حاليا سوى وسيلتين للتعامل مع هذه الصواريخ، وهما مقاتلات "ميغ 31" و"سو 35"، وكلتاهما مزودة بصواريخ "آر 37".
وتبرز تركيا أيضا عبر صاروخ "إر 300"، وهو نموذج جديد من الصواريخ الهوائية الباليستية، يُطلق من الطائرات، وتتشابه خصائصه مع الصاروخ الروسي "كينجال"، ما يعكس مستوى التقدم التركي.
وإضافة إلى ما سبق، تمتلك تركيا صواريخ "أتماجا" المضادة للسفن، والتي تضاهي نظيرتها الأمريكية "بوينغ هاربون" من حيث المدى والدقة. وتسعى أنقرة إلى التوسع نحو فئة الصواريخ متوسطة المدى، ضمن برامج بحث وتطوير شاملة.
وقد سبق أن استخدمت تركيا صواريخ "بورا" في عمليات قتالية حقيقية، وأظهرت نتائج متوافقة مع المعايير المُعلنة، مما عزز الثقة في الصناعة الصاروخية التركية.
وتتدفق هذه الأنظمة حاليا نحو أذربيجان، وتشمل راجمات وصواريخ جوالة تُطلق من الطائرات. ومن الأراضي الأذربيجانية، تستطيع تركيا ضرب أهداف في العمق الروسي بسهولة أكبر مقارنة بإطلاقها من الأراضي التركية.
في المقابل، لا تملك روسيا حاليا سوى الصواريخ الجوالة بعيدة المدى لضرب العمق التركي، وهي مضطرة للتحليق فوق البحر الأسود، ما يجعل اعتراضها أسهل بواسطة الدفاعات الجوية أو المقاتلات.
وأشارت الصحيفة بأن هذه المعطيات تفرض على روسيا إعادة النظر في أولوياتها التسليحية. فإلى جانب تطوير أنظمة باهظة مثل "أوريشنيك" الفرط صوتي، تحتاج موسكو إلى تصميم صاروخ باليستي منخفض الكلفة وعالي الكفاءة، قادر على استهداف كامل الأراضي التركية، إضافة إلى ضرورة تسليح مقاتلاتها بصواريخ "جو–جو" حديثة لضمان التفوق في أي مواجهة محتملة.