فرنسا.. كيف تؤثر الاضطرابات السياسية على النمو الاقتصادي والاستثمار؟
تاريخ النشر: 11th, October 2025 GMT
تعيش فرنسا منذ صيف 2024 واحدة من أكثر مراحلها السياسية اضطرابًا، حيث توالت استقالات الحكومات وتبدّلت رئاسة الوزراء في فترات وجيزة، ما ألقى بظلال ثقيلة على الثقة الاقتصادية والنشاط الاستثماري في البلاد.
فمع استقالة حكومة فرنسوا بايرو وتكليف وزير الدفاع السابق سيباستيان لوكورنو، الذي استقال ثم أُعيد تكليفه مجددًا، يجد الاقتصاد الفرنسي نفسه في مواجهة اختبارات معقدة، خصوصًا مع اقتراب موعد تقديم مشروع قانون الميزانية الجديد، وسط تصاعد الضغوط المالية وتوتر الأسواق.
اضطراب سياسي يضغط على النمو
وفقًا لمحافظ بنك فرنسا، فرنسوا فيليروي دي غالو، فإن حالة عدم الاستقرار السياسي تُكلف الاقتصاد الفرنسي نحو 0.2 نقطة مئوية من النمو، نتيجة تراجع ثقة المستهلكين وتأجيل قرارات الإنفاق والاستثمار، بحسب ما نقلته إذاعة "فرانس إنفو".
وفي أسواق السندات، ارتفعت الفجوة بين عوائد السندات الفرنسية والألمانية (OAT مقابل Bund) إلى مستويات تاريخية، ما يعكس تصاعد مخاطر الاقتراض الفرنسي في نظر المستثمرين.
تراجع الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة
في استطلاع محلي، أشار 42% من الشركات الصغيرة والمتوسطة (TPE / PME) إلى أنها خفضت استثماراتها بسبب نقص السيولة وتأخر القرارات الحكومية. كما أبدى كثير منها تحفظًا واضحًا في التوظيف وتمويل المشاريع الجديدة.
ويقول بونو درينيغني، رئيس شركة ManpowerGroup في فرنسا، إن حالة عدم اليقين السياسي انعكست مباشرة على الاقتصاد: "هناك تجميد في التوظيف وتأجيل في خطط الاستثمار، بسبب غياب رؤية واضحة لما هو قادم"، حسب ما أفادت صحيفة "لوموند".
إصلاحات مجمدة وثقة معلّقة
ومن أبرز الملفات المتأثرة بحالة الجمود السياسي، ملف إصلاح نظام التقاعد، الذي يواجه تأجيلًا أو تعديلًا مستمرًا. كما تثير أي تغييرات ضريبية محتملة – مثل فرض ضرائب على الأثرياء – قلق القطاع الخاص، الذي يخشى من قرارات تُتخذ بدوافع ظرفية لا ضمن استراتيجية اقتصادية طويلة الأمد.
ميزانية 2026 تحت التهديد
بعد إعادة تكليف لوكورنو، بات عليه تقديم مشروع الميزانية إلى البرلمان ضمن المهلة القانونية، لضمان المصادقة عليه قبل نهاية العام. لكنه يواجه ضغوطًا متزايدة بين مطلب تقليص العجز وتحقيق التوازن المالي، وتلبية المطالب الاجتماعية والشعبية، وفي حال فشل في حشد دعم برلماني كافٍ، قد يلجأ إلى استخدام أدوات دستورية استثنائية لضمان استمرارية الإنفاق الحكومي.
ثقة مفقودة ونمو مهدد
الباحث الاقتصادي لوكاس شانسل، من مدرسة باريس للاقتصاد، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن حالة عدم اليقين السياسي تؤثر على النمو والاستثمار والابتكار: "الاقتصاد لا يقوم على النوايا، بل على الثقة والتوقعات المستقرة". وأضاف: "إذا استمر الشلل السياسي، فقد يؤدي إلى كساد مزدوج: سياسي واقتصادي".
وأشار شانسل إلى أن فرنسا كانت أصلًا تواجه توقعات نمو متواضعة، لكن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى خسارة إضافية تتراوح بين 0.3 و0.5 نقطة مئوية في معدل النمو السنوي، مع تحوّل رؤوس الأموال من الاستهلاك والاستثمار إلى الادخار.
فرص ضائعة وقطاعات متضررة
وأوضح شانسل أن الأشهر التي تتسم بالاضطراب السياسي قد تحمل خسائر يصعب تعويضها، حيث قد يفضّل المستثمرون المحليون توجيه رؤوس أموالهم نحو دول أكثر استقرارًا.
كما أن القطاعات التي تعتمد على استراتيجيات طويلة الأجل مثل التعليم، الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، تتأثر بشكل خاص بتباطؤ تنفيذ السياسات العامة.
التحدي الأكبر: استعادة الثقة
وحذّر شانسل من تآكل الثقة المؤسسية بين المواطنين والحكومة، مؤكدًا أن الاعتماد على "حلول مؤقتة" أو "إدارة بالأدوات الاستثنائية" قد يقوّض الإيمان بقدرة المؤسسات الفرنسية على توفير الاستقرار. وأضاف: "الأمر لا يتعلق فقط بقطاع الأعمال، بل برأس المال الاجتماعي ذاته، كما حدث في بلدان جنوب أوروبا بعد الأزمة المالية".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فرنسا النمو الاقتصادي حكومة فرنسوا بايرو ميزانية
إقرأ أيضاً:
3 علماء يفوزون بجائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2025
قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة نوبل في الاقتصاد لعام 2025 إلى:
جويل موكير من جامعة نورث وسترن الأميركية. فيليب أجيون من كلية فرنسا ومعهد إنسياد. بيتر هاويت من جامعة براون الأميركية.يذكر أن جائزة العام الماضي تم منحها إلى ثلاثة اقتصاديين درسوا أسباب ثراء بعض الدول وفقر أخرى، ووثقوا أن المجتمعات الأكثر حرية وانفتاحا هي الأقدر على تحقيق الازدهار.
وتعرف جائزة الاقتصاد رسميا باسم "جائزة بنك السويد في العلوم الاقتصادية" وأنشأها البنك المركزي السويدي عام 1968 تخليدا لذكرى ألفريد نوبل، رجل الأعمال والكيميائي السويدي في القرن التاسع عشر، الذي اخترع الديناميت وأسس جوائز نوبل الخمس.
ومنذ ذلك الحين، تم منح الجائزة 56 مرة إلى 96 فائزا، ولم تحصل عليها سوى ثلاث نساء.
ويؤكد المدافعون عن نقاء جائزة نوبل أن جائزة الاقتصاد ليست من جوائز نوبل الأصلية من الناحية الفنية، ولكنها تمنح دائما مع الجوائز الأخرى في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، وهو ذكرى وفاة نوبل في عام 1896.
وتم الإعلان الأسبوع الماضي عن جوائز نوبل في الطب والفيزياء والكيمياء والأدب والسلام.
بحوث العلماءتم منح نصف جائزة نوبل في الاقتصاد لهذا العام لجويل موكير "لتحديده المتطلبات الأساسية للنمو المستدام من خلال التقدم التكنولوجي"، وقد استخدم المصادر التاريخية كوسيلة لكشف أسباب تحول النمو المستدام إلى الوضع الطبيعي الجديد.
أما نصف الجائزة الآخر فقد مُنح بشكل مشترك إلى فيليب أجيون وبيتر هاويت لعملهما على "نظرية النمو المستدام من خلال التدمير الإبداعي"، وقد درسا آليات النمو المستدام.
وفي مقال نُشر عام 1992، وضع فيليب أجيون وبيتر هاويت نموذجا رياضيا لما يُسمى بالتدمير الخلاق أي أنه عندما يدخل منتج جديد ومُحسّن السوق، تخسر الشركات التي تبيع المنتجات القديمة.
إعلان