انتصار "العاشر من رمضان" على إسرائيل .. سيظل الأغلى والأكبر في العصر الحديث
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
تحتفل مصر والقوات المسلحة يوم 20 مارس الجاري بذكرى انتصار العاشر من رمضان لعام 1973، عندما نجح رجال القوات المسلحة من العبور إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، ليتحقق أكبر نصر مبين في العصر الحديث واستعادة أغلى بقعة على الشعب المصري.
ويعد انتصار العاشر من شهر رمضان المبارك الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة التي شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973، حيث بدأت الحرب في يوم السبت 6 أكتوبر 1973 الموافق ليوم 10 رمضان 1393 هـ، بهجوم مفاجئ من قبل قوات الجيش المصري على القوات الإسرائيلية في سيناء من جانب، والجيش السوري على القوات الإسرائيلية في هضبة الجولان من جانب اخر، وسط دعم عسكري واقتصادي من بعض الدول العربية، ليسجل التاريخ هذا الحدث العظيم باسم نصر أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان.
وأكد خبراء استراتيجيون لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن التاريخ سجل أن النصر العسكري المصري يوم العاشر من رمضان، وبعد مرور نحو 50 عاما، هو الأغلى والأكبر في العصر الحديث، والذي غير مفاهيم كثيرة في القتال والاستراتيجيات العسكرية بالعالم وحتى الآن، وليظل علامة فارقة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط والعالم، نظرا لما شهده من دروس استراتيجية غيرت الكثير من المفاهيم العسكرية.
من جانبه قال اللواء دكتور سمير فرج المفكر الاستراتيجيي مدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق من أبطال حرب الاستنزاف وأكتوبر، إنه بعد مرور نحو 50 عاما على نصر العاشر من رمضان، سيظل هذا النصر هو الأغلى والأكبر عسكريا في العصر الحديث، وأردف "ما حدث أسطورة أعادت لنا الأرض بعد هزيمة 67، وتمت استعادة كرامتنا وأرضنا أمام عدو قوي".
وأضاف "الحرب المصرية – الإسرائيلية كانت بين قوتين كبيرتين، استطاع فيها الجيش المصري بالصلابة والإرداة وبما لديه من إمكانات معروفة آنذاك، من التغلب على خط بارليف وتدمير حصون العدو، ليسجل التاريخ مرحلة نوعية جديدة في مفاهيم الاستراتيجيات العسكرية بالعالم".
وأكد "فرج" أن التاريخ يسجل للمصريين إطلاق أول صاروخ "سطح – سطح" يوم 21 أكتوبر 1967 على المدمرة إيلات أمام مدينة بورسعيد، لتتغير من يومها تكتيكات البحرية في العالم، بخلاف معركة القوات الجوية، المعروفة باسم "معركة المنصورة" والتي جرت يوم 14 أكتوبر 73، حين حاولت القوات الجوية الإسرائيلية تدمير القواعد الجوية الرئيسية بدلتا النيل في طنطا والمنصورة والصالحية فتصدت لها الطائرات المصرية، ضمن أكبر المعارك الجوية من حيث عدد الطائرات، واستمرت لـ53 دقيقة نجح فيها نسور الجو في تدمير 18 طائرة إسرائيلية، والتي شهدت سباقا مع الزمن في التزود بالوقود والذخائر، ووقتا قياسيا عالميا في التجهيز والعمل ليتخذ عيدا للقوات الجوية.
فيما وصف اللواء أركان حرب علي حفظي محافظ شمال سيناء الأسبق وأحد أبطال حرب أكتوبر، انتصار العاشر من رمضان بـ "الملحمة" التي أبهرت العالم، موضحا أن الصراع مع إسرائيل استمر لمدة 22 عاما، بداية من يونيو 67 مرورا بانتصار أكتوبر وحتى 19 مارس 1989، حينما تم استرداد آخر شبر محتل من الأراضي المصرية.
وأشار إلى أن الصراع العسكري استمر لمدة 6 سنوات اعتبارا من يونيو 67 وحتى تحقق النصر في عام 1973، والذي تضمن 5 معارك رئيسية؛ أولها إعادة بناء الجيش المصري، في ظل حرص أطراف معادية لمصر في أن تبقى جثة هامدة، وثانيها معركة حرب الاستنزاف والتي استمرت لأكثر من ألف يوم، اعتبارا من يوليو 67 وحتى أغسطس 1970، والتي نجح المقاتل المصري فيها إلى التغلب على حاجز الخوف، من خلال التدرج في العمليات العسكرية التي وصلت إلى نحو 4 ألاف عملية عسكرية، شاركت فيها كافة أفرع القوات المسلحة، كان للقوات البرية فيها النصيب الأكبر، حيث كبدت العدو ألف قتيل و4 ألاف جريج، ما دفع إسرائيل لآن تطلب من أمريكا التدخل لإيقاف النيران.
وأضاف أن المعركة الثالثة تمثلت في إقامة 100 حائط صواريخ لقوات الدفاع الجوي، ما كان لها الدور الكبير في وقاية قواتنا في معركة رمضان، أما المعركة الرابعة تمثلت في الذكاء المصري لخداع قوات العدو، وتحقيق الخداع الاستراتيجي على كافة المستويات السياسية والإعلامية، ما أدى إلى فشل جميع أجهزة مخابرات العالم الكبرى وإسرائيل في تقييم العمل المصري، وتحققت المفاجاة الكبرى.
وأردف اللواء "حفظي" أن المعركة الخامسة تحققت يوم العاشر من رمضان وعلى مدى 22 يوما، دارت فيها أعظم البطولات شاركت فيها 200 طائرة، وألفي مدفع نيراني، و5 فرق مشاه من الجيشين الثاني والثالث، بجانب عناصر قوات الصاعقة ومجموعات الاستطلاع خلف خطوط العدو، حتى أمكن خلال الأيام الأولى للحرب من تدمير 500 دبابة و50 طائرة، لتستنجد إسرائيل بأمريكا لإنقاذها، وحدث شبه اتفاق أمريكي - روسي لإيقاف النيران، وساعدت أمريكا إسرائيل لتضع قدما يسمح لها بالتفاوض، فيما عرف باسم "الثغرة".
وأكد أنه لم يتحقق للجانب الإسرائيلي أي انتصار في معركة العاشر من رمضان، وقال "حاولوا أن يروجوا بالانتصار للحفاظ على الانهيار النفسي والمعنوي والعسكري، لأن ما حدث كان بمثابة الزلزال الذي هز أركان المجتمع الإسرائيلي".
واستطرد اللواء "حفظي"، "جاءت معركة جديدة سياسية تفاوضية، عرفت باسم اتفاقية فصل القوات الأولى والثانية، ثم معركة السلام في 1979، والتي لا تقل عن الصراع العسكري، حتى تحقق رفع العلم المصري على اخر شبر من الأرض المصرية بطابا في مارس 1989".
واختتم اللواء "حفظي" قائلا "تاريخ مصر شاهد على أن حدودها لم تتغير من آلاف السنين، فرجالها يتوارثون جيلا بعد جيل عدم التفريط في شبر واحد من أرضها".
من جانبه، قال اللواء طيار دكتور هشام الحلبي مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا إنه لم يكن ليتم الدخول في سلام مع العدو إلا بعد حرب 1973، والذي كان يرغب "العدو" في إبقاء الوضع على ما هو عليه، وأن يفرض السلام بشروطه.
وأضاف "عودة الأرض كانت نقطة فارقة تماما، وهي الأساس لعملية السلام، حتى تمكنا من كسر نظرية الحدود الآمنة خارج الحدود من موانع طبيعية وصناعية، وتم فرض السلام من جانب مصر من منطلق القوة، فرضتها قوات مسلحة قوية وقادرة، تحرك على إثره عمل دبلوماسي وسياسي ناجح".
وقال اللواء "الحلبي" القوات المسلحة القوية هي الأساس لحماية الدولة وأية مشروعات تنموية"، مشيرا إلى أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات أبدى نيته للسلام من منطلق القوة، ففرضت مصر وقيادتها السياسية وبإرادة مصرية "الحرب والسلام" معا.
وأضاف اللواء الحلبي "القوة الصلبة المتمثلة في القوات المسلحة تدعم القوة الناعمة والعمل الدبلوماسي والسياسي، وهو ما يمثل النموذج المحترف المعروف باسم (القوة الذكية)، وصولا إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدول"، مشيرا إلى أن الرئيس السادات هو أول من استخدم القوة الذكية، حتى تحقق النصر وتحررت اخر ذرة رمال من أرض سيناء الغالية.
وأردف "أثناء التفاوض على استرجاع طابا، لم يطلب المصريون من قيادتهم السياسية الإفصاح عن الخطط، أو الإعلان عن أوراق الضغط، ثقة منهم أنه سيتم ذلك في الوقت المناسب، حتى تحقق فعليا ما تريده الدولة المصرية آنذاك".
ووجه اللواء دكتور نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، رسالة إلى كل الأجيال، بأن مصر حباها الله بأنها أرض سلام، وهذا تكليف من المولى- عز وجل- وهذا يلقي مسئولية على كل شعب مصر بأن يحفظوا البلاد آمنة لكل من يريد أن يدخلها، مشيرا إلى أن تحرير سيناء أعاد السلام للأرض التي لم ولن يفرط فيها المصريون مهما كلفهم من تضحيات.
وقال "أرضنا شرفنا، لا نفرط في ذرة رمال واحدة، كما لا نفرط في نقطة مياه واحدة، فأمن مصر باستقرارها واستقرار مياهها وزراعتها".
وباتت هذه الأرض الغالية التي ارتوت بدماء الشهداء، مع ما تشهده حاليا من تنمية وتعمير بعد جهود جبارة لدحر الإرهاب، مصدر فخر كبير لمصر، قيادة وحكومة وشعبا بانتصار الدولة بكافة مؤسساتها وفي مقدمتها القوات المسلحة والشرطة المدنية على التكفيريين وقوى الشر والظلام والإرهاب، بعدما استأنف المواطنون بشمال سيناء، كافة أنشطتهم سواء التعليمية أو التجارية وممارسة أعمالهم من دون أية قيود عانوا منها بسبب العمليات الإرهابية من جانب العناصر التكفيرية.
بدورهم.. أكد أهالي شمال سيناء، أن ما شهدته، ومازالت، مدن وقرى المحافظة من تحركات نحو التنمية من كافة أجهزة الدولة بغرض عودة الحياة لطبيعتها، بتوفير خدمات عاجلة وحصر الاحتياجات المطلوبة خلال المرحلة المقبلة، يؤكد حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي والقيادة العامة للقوات المسلحة لتحقيق التنمية الشاملة والحقيقية داخل شمال سيناء، ليتحقق العبور الثاني بمصر وسيناء إلى مرحلة جديدة في التاريخ، حتى تحولت الحياة من ظلام إلى نور ومن جحيم إلى جنة، وبدأت تشهد مدن العريش ورفح والشيخ زويد وكافة القطاعات، التعمير والتنمية والزراعة من جديد، بحسب تعبير ووصف أهالي شمال سيناء الوضع الحالي، بعد نحو 9 سنوات من جهود للقوات المسلحة والشرطة المدنية لدحر الإرهاب راح ضحيته المئات من الشهداء.
ووصف شيوخ وعواقل أبناء محافظة شمال سيناء، عودة الحياة الطبيعية والتنمية والاهتمام بالمشروعات التنموية الاقتصادية الصناعية والزراعية والسياحية داخل أرض الفيروز بالمحافظة، بمثابة الفخر الكبير لمصر قيادة وحكومة وشعبا بانتصار الدولة بكافة مؤسساتها وفي مقدمتها القوات المسلحة والشرطة المدنية على التكفيريين وقوى الشر والظلام والإرهاب.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العاشر من رمضان فی العصر الحدیث القوات المسلحة شمال سیناء حتى تحقق من جانب إلى أن
إقرأ أيضاً:
وساطة خلف الستار.. كيف تُفاوض الاستخبارات الجماعات المسلحة؟
لم يكن دبلوماسيا على ورق، بل رجل استخبارات يحمل عقيدة الحوار، ويؤمن بأن الكلمة قد تسبق الرصاصة في إطفاء نيران الحروب، وقد حلّ ضيفا على أولى حلقات "بودكاست وسيط" (يمكن متابعتها كاملة عبر هذا الرابط)، ليكشف جانبا من تلك الرحلة المثقلة بالأسرار.
نشأ عباس إبراهيم في كنف عائلة ميسورة، وكان بوسعه أن يسلك دربا أكثر راحة، لكن اجتياح إسرائيل لبيروت عام 1982، واستشهاد شقيقه في حرب عبثية، شكّلا حافزا دفعه لاختيار الطريق الأصعب، وهو الالتحاق بالمؤسسة العسكرية، بحثا عن وطن موحد في زمن الانقسام.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4ماذا تعرف عن أسلحة المعارضة السورية التي اجتاحت تحصينات حلب؟list 2 of 4ما علاقة إسرائيل بالأقليات في سوريا؟list 3 of 4تحركات دبلوماسية متسارعة بالدوحة والقاهرة بشأن صفقة التبادلlist 4 of 410 صراعات حاسمة في عام 2025.. من يستطيع وقف الانهيار؟end of listويروي اللواء إبراهيم كيف تلقى رفضا قاطعا من عائلته للالتحاق بالجيش، إذ رفضت والدته حتى كيّ بدلته العسكرية، لكن قناعته بأن الجيش هو "بوتقة الوحدة" جعلته يصرّ على خوض التجربة رغم كل شيء. تخرج عام 1982 في عام وصفه بـ"المشؤوم" بسبب الاجتياح الإسرائيلي الذي وصل إلى عتبات مدرسته الحربية.
أولى مهامه الأمنية كانت جنوبي لبنان، حيث كان يمر يوميا عبر حواجز الاحتلال من بيروت إلى صيدا، وهو ما رسّخ في وجدانه شعورا بالقهر، وزاد من عدائه للاحتلال، وفي تلك المرحلة، بدأ تكوين وعيه العميق حول فكرة السيادة، ومفهوم الأمن كمسؤولية أخلاقية قبل أن تكون مهنية.
وتدرج إبراهيم في المناصب حتى ترأس جهاز الأمن العام اللبناني، وعمل سابقا في جهاز المخابرات العسكرية، كما تولى مهام تأمين شخصيات دولية من بينها الأخضر الإبراهيمي، الذي تعلّم منه الصبر و"الوساطة بلا نوم"، ويروي حادثة تحذير الإبراهيمي للرئيس رينيه معوض من محاولة اغتيال لم يُبال بها، قبل أن يُغتال بعد ساعات.
أدوار حساسةتجربته الأمنية، التي امتدت لعقود، لم تكن محصورة بالتحليل أو الرقابة، بل تعدّت ذلك إلى أدوار تفاوضية حساسة، حيث يصف إبراهيم أن نجاح الوسيط يبدأ من المعلومة، وأن فشل الأجهزة الاستخباراتية في استشراف أحداث كبرى -كعملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023- يعود غالبا إلى التقدير السياسي الخاطئ، لا غياب المعلومات.
إعلانويرى اللواء عباس أن مفاجأة "طوفان الأقصى" كانت درسا في السرية والانضباط العملياتي، ويشير إلى أن الفشل الإسرائيلي لم يكن استخباراتيا بالكامل، بل سياسيا في جوهره، حيث تمّ تجاهل التحذيرات، وأكد أن عنصر المفاجأة كان محسوبا بإحكام، وأن تدريب المقاتلين على سيناريوهات شبيهة سهّل عملية التنفيذ الصاعقة.
أما في جنوب لبنان، فيعتبر أن إسرائيل طوّرت أدواتها بعد حرب 2006 نحو الاختراقات الأمنية والتقنيات الرقمية، متجنبة المواجهات البرية التي أثبتت فشلها، ويعتقد أن اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وإن لم يفاجئه شخصيا، شكّل صدمة للرأي العام، كاشفا حجم الاختراق الإسرائيلي.
ويؤكد أن ما جرى من سلسلة اغتيالات وخرق للسيادة اللبنانية لم يكن محض مصادفة، بل ثمرة اختراق أمني وتقني معقّد، تطلّب سنوات من التحضير، مدعوما بتقنيات الذكاء الاصطناعي ودعم دولي غير مسبوق، لكنه يرى أيضا أن البيئة المقاومة قادرة على التجدد وابتكار أساليب أكثر شراسة، تماما كما حدث بعد نكسة 1967.
ينتقل اللواء إبراهيم للحديث عن دمشق، فيسرد رؤيته لانهيار نظام بشار الأسد بشكل مفاجئ، مؤكدا أن ما جرى كان نتيجة "عمل استخباري سياسي" غيّر موازين القوى بشكل غير متوقع، مرجّحا وجود تعليمات داخلية بعدم القتال، وهو ما عكسه التراجع السريع للقوات الحكومية.
من أين بدأت؟أما علاقته بالوساطة، فقد بدأت من جنوب لبنان، حين اختار معالجة النزاعات القروية بالحوار لا بالسلاح. كانت تلك أولى بوادر تحوله إلى وسيط، سرعان ما ترسخت عندما اقتحم مخيم عين الحلوة عام 2005، مخالفا الأوامر العسكرية، ودخل المخيم للقاء قادة الفصائل الإسلامية المطلوبين للدولة اللبنانية.
يحكي إبراهيم كيف دخل بسيارته الخاصة دون سلاح، وطلب من القيادي الفلسطيني منير المقدح أن يصطحبه في جولة داخل المخيم، وهناك، تواصل مع "عصبة الأنصار" وغيرها من الفصائل، ونجح في خلق بيئة تفاهم أفضت لاحقا إلى تحييد المخيم عن حرب نهر البارد، وتسهيل انتشار الجيش في محيطه.
ويعتبر أن أصل الإرهاب لا يكمن في الأيديولوجيا وحدها، بل في الفقر واللاعدالة والتهميش. ويقول: "لو دخلت إلى مخيم عين الحلوة وعشت 15 يوما، ستفكر بالتمرد"، معتبرا أن القمع الأمني ليس حلا، بل عاملا لتفريخ الغضب. ويصر على أن "الأمن الحقيقي ليس فوق الناس، بل من أجلهم".
وبنظره، لا خطّ أحمر في التفاوض إلا العدو الإسرائيلي، فالمبدأ الأساسي هو الحوار مع كل طرف يحمل سلاحا بوجه الدولة. ويستذكر مفاوضاته غير المباشرة مع جبهة النصرة وتنظيم الدولة، والتي قادها بصبر وتكتم، مستعيدا جنودا لبنانيين رغم فداحة الثمن، ويؤكد أن النجاح مرهون بالمصداقية والشفافية.
أبرز الوساطاتمن أبرز وساطاته كانت تحرير راهبات معلولا، حيث تمّت مبادلتهم بـ34 امرأة معتقلة في السجون السورية. اللافت أن جميع النسوة المفرج عنهن رفضن التوجه إلى الخارج، وأصررن على العودة إلى دمشق، في مشهد هزّ مشاعر الوسطاء أنفسهم.
ويكشف اللواء أن حزب الله، ممثلا بالسيد حسن نصر الله، كان يضطلع بأدوار حاسمة في تذليل العقبات خلال تلك الوساطات، خصوصا حين تتعقد المفاوضات مع النظام السوري. ويمدح دعم قطر المستمر الذي وصفه بـ"الحاسم" في كثير من عمليات التبادل.
إعلانكما قاد وساطة سرية بين النظام السوري والإدارة الأميركية في ملف الصحفي الأميركي أوستن تايس. إذ التقاه مبعوثو ترامب، وأقلّوه بطائرة خاصة إلى البيت الأبيض، حيث تم التفاهم على بنود "تصب في مصلحة الشعب السوري". لكنّ تصريحا انتخابيا من ترامب ضد الأسد فجّر العملية وأوقفها بالكامل.
ورغم انخراطه في وساطات دولية وإقليمية، يؤكد اللواء إبراهيم أن التفاوض داخل لبنان يبقى الأصعب، لأن السياسة تطغى على المصلحة الوطنية. ويعبّر عن تفاؤله بالمشهد اللبناني ما بعد الحرب، معتبرا أن انتخاب رئيس جديد يتمتع بخلفية أمنية يشكّل فرصة حقيقية لبناء دولة مستقرة.
ويختم بالقول إن كل الجهود الأمنية، مهما بلغت، لا يمكنها صناعة الاستقرار من دون عدالة وكرامة. وفي عالم يتزايد فيه منسوب العنف، يرى أن الوساطة ليست مهمة ناعمة بل صراع في الظل، يقوده "رجل أمن يحترف الحوار أكثر مما يحترف القبضة".
6/7/2025-|آخر تحديث: 18:03 (توقيت مكة)