«ستار لينك».. وسيلة مواطني الجزيرة لتلقي المال وإرسال التطمينات
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
يمتلك عناصر من قوات الدعم السريع وأحيانا بعض المواطنين هذه الأجهزة التي تقدم الخدمة للأفراد مقابل ثلاثة دولارات للساعة الواحدة
التغيير: عبد الله برير
بات الإنترنت الفضائي “ستار لينك” الوسيلة الوحيدة المتاحة لسكان ولاية الجزيرة وسط السودان للاتصال بالعالم الخارجي بعد انقطاع خدمات الإترنت بالولاية وعدد من مناطق السودان.
ومنذ أكثر من شهر ونصف الشهر يعاني سكان الجزيرة من تبعات فقدان الإنترنت وعلى رأسها توقف التحويلات البنكية، إلى جانب أن الاتصالات هي الوسيلة المباشرة للاطمئنان على الأهل لمن هم خارج الجزيرة أو خارج السودان.
وفتح الإنترنت الفضائي الذي يعتمد على الأقمار الصناعية عبر أجهزة ستار لينك وغيرها متنفسا للمواطنين. ويمتلك عناصر من قوات الدعم السريع وأحيانا بعض المواطنين هذه الأجهزة التي تقدم الخدمة للأفراد مقابل ثلاثة دولارات للساعة الواحدة.
وقال مواطنون تحدثوا لـ «التغيير» أن بإمكان الفرد تقليل قيمة وزمن الدخول للإنترنت بحسب حاجته خاصة أصحاب التحويلات المالية الذين يستأجرون الخدمة لنصف ساعة مثلا مقابل نصف القيمة، مشيرين إلى الخدمة خلال شهر رمضان المعظم تكون في الفترة الصباحية حتى الساعة الحادية عشرة ظهرا، أما في المساء فتبدأ من الساعة الثامنة وتستمر حتى العاشرة ليلا.
وبحسب مواطنين من الجزيرة اكتظت بعض الأسواق الفرعية في الأحياء وبعض المنازل بطالبي خدمة “ستار لينك” من الجنسين ومن مختلف الأعمار.
وأوضحوا أن كلمة السر لا تسجل إلا بعد دفع مبلغ الخدمة مقدما في الأماكن التجارية مثل الأسواق أما معظم المنازل فتكون الخدمه فيها مجانية، مضيفين أن الشخص يمنح كلمة المرور الخاصة به من قبل أفراد قوات الدعم السريع لفتح الاتصال وبعد انتهاء الزمن المحدد ينبه الشخص في وقت تكون كل الأسماء المسجلة بمعلوماتها عن طريق بطاقة الهوية.
وتستغل الأغلبية قضاء وقت الإنترنت في استقبال التحويلات البنكية من أقاربهم وذويهم وتركز بعض السيدات على المكالمات عبر وسائل التواصل لتطمين الأهل وتبادل الأخبار لا سيما في ظل الشائعات المنتشرة.
ويتسلم الأشخاص الذين يقدمون الخدمة بأنفسهم أحيانا التحويلات عن طريق خدمة بنكك ويقدمون النقد للمستفيد مقابل عمولة تصل إلى 5%.
ويقول المواطن “حسام.ح” من مدينة الحصاحيصا لـ «التغيير»: خدمة الإنترنت الفضائي عبر ستار لينك نستقبل بها المصاريف فقط ونطمئن بها كل من هو بعيد عنا.
ويضيف: أحيانا يحتوي الأمر على مخاطره لأن هنالك احتمالات لسرقة الهاتف أو النقد أو إجبارك على تحويل ما تبقى من حسابك المصرفي لذلك لا أقضي وقتا طويلا عند ارتياد هذه المحلات.
وتابع: هنا في مدينة الحصاحيصا بعد أن يتم التحويل عن طريق تطبيق بنكك تبدأ معاناة أخرى وهي الحصول على النقد الذي يكون صعبا في غالب الأحيان.
وأوضح مواطنون من الجزيرة أن مستلمي الأموال المحولة غالبا يتحركون في شكل جماعات بعد انتهاء الخدمة خوفا من نهب الأموال والهواتف بواسطة المتفلتين أو اللصوص. مشيرين إلى تحول بعض البيوت في الأحياء إلى منتديات اجتماعية بسبب توفر الإنترنت الفضائي حيث يستقبل فيها الناس المكالمات ويتبادلون الأحاديث.
أما في الأسواق فإن أفراد قوات الدعم السريع ممن يقدمون الخدمة يتخوفون من اكتظاظ محلات الإنترنت بالنساء اللاتي يقضين زمنا طويلا في المكالمات مما يجعل المكان مزدحما ومعرضا لخطر القصف بطيران الجيش السوداني. ويُفضل في الأسواق مؤخرا تقديم الخدمة للرجال والشباب واختصارها في التحويلات البنكية خوفا من التجمعات.
على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي تنفست صفحات المدن والقرى والأحياء وأصبحت منصة للأخبار للأهل خارج الولاية وخارج السودان تتحدث عن استتباب الأمن في هذه المنطقة أو تكشف عن الانتهاكات في منطقة أخرى.
المواطن أمين سعد وهو من منطقة الكريية غرب مدني يقول إن النت الفضائي أراح الناس كثيرا بعد انقطاع الاتصالات.
ويضيف: المسألة تعتمد على الحظ، هنالك أشخاص يسكنون قرب الأسواق وهنالك من يقطع مسافات بعيدة في ظل مخاوف السيولة الأمنية ليلا وصعوبة التحرك نهارا بسبب الصيام.
وأوضح أمين أن الخدمة قدمت فاىدة كبيرة للأسر التي تستقبل تحويلاتها البنكية وتطمئن على بعضها البعض.
الوسومالدعم السريع حرب السودان خدمة استار لينك ولاية الجزيرة
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السريع حرب السودان ولاية الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الجزيرة نت تكشف تفاصيل اجتماع علماء دين أفغان وعلاقته بباكستان
كابل- أثار الاجتماع الواسع الذي عقده علماء دين أفغان في العاصمة كابل، أمس الأربعاء، وخرج بقرار يمنع الأفغان من "ممارسة أي نشاط عسكري خارج البلاد"، جدلا واسعا نظرا لتزامنه مع توتر متصاعد مع إسلام آباد، واتهامات متبادلة بشأن نشاط حركة طالبان باكستان في المناطق القبلية الموازية لأفغانستان.
واعتبر مراقبون أن القرارات تبدو موجّهة بشكل مباشر نحو هذه الحركة وحكومتها، في حين تقول الحكومة الأفغانية إنها تهدف إلى "تنظيم الخطاب الديني وحماية أمن البلاد".
وشارك في الاجتماع أكثر من ألف عالم دين من مختلف الولايات، بحضور رئيس الوزراء الملا محمد حسن آخوند ورئيس المحكمة العليا الشيخ عبد الحكيم حقاني، ووزير الأمر بالمعروف محمد خالد حنفي، إضافة إلى كبار مسؤولي الحكومة.
علماء أفغانستان يعلنون:
النظام القائم في البلاد إسلامي وشرعي، والدفاع عنه واجب ديني، ولا نشاط عسكري خارج حدود الدولة بتوجيهات القيادة. pic.twitter.com/8HMPLiqtC3
— عمران الأفغاني (@afghan_37) December 11, 2025
هدف الاجتماعوأفاد مصدر حكومي رفيع المستوى -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت بأن "هدف الاجتماع كان توحيد الموقف الشرعي تجاه النشاط المسلح خارج أفغانستان، وقطع الطريق أمام الأطراف التي تستغل الحدود أو الهوية الأفغانية في صراعات خارجية".
وأضاف أن "الرسالة لم تكن موجّهة إلى طالبان باكستان وحدها، بل إلى إسلام آباد أيضا، بأن كابل تتعامل بجدية مع مسألة استخدام الأراضي الأفغانية، وأنها ملزمة بتنفيذ اتفاق الدوحة كاملا".
ووفق نص القرار الذي اطلعت الجزيرة نت على نسخة منه، أكد العلماء ما يلي:
التزام حركة طالبان بما ورد في اتفاق الدوحة خاصة بند عدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد دول أخرى. تحذير أي شخص أو جهة من استخدام الأراضي الأفغانية لاستهداف أي دولة، والتشديد على أن الحكومة مسؤولة عن تنفيذ هذا الالتزام. اعتبار المخالفين لهذا القرار فئة متمردة يحق للحكومة اتخاذ إجراءات حاسمة ضدها. التأكيد على أن الأمير الشرعي لا يسمح بأي نشاط مسلح خارج الحدود الأفغانية. اعتبار أي نشاط مسلح خارج البلاد عملا غير جائز شرعا، وإعطاء الحكومة حق اتخاذ خطوات تمنعه. إعلانورغم عمومية الصياغة، يرى أغلب المراقبين أن الرسالة واضحة وهي وقف انخراط الأفغان في صفوف حركة طالبان باكستان.
من جانبه، قال الباحث في شؤون الجماعات المسلحة عبد الكريم حبيب للجزيرة نت إن القرار بمنزلة إعلان ديني رسمي يفصل بين طالبان الأفغانية والباكستانية، ويجعل أي قتال ضد الدولة الباكستانية خارج مظلة الشرعية في كابل، وإنه يؤكد بشكل ضمني أن الجهاد أصبح مرتبطا بالدفاع عن الداخل لا الهجوم الخارجي، وهو ما يضع طالبان باكستان في زاوية ضيقة، لأنها تعتمد على سردية "الجهاد ضد دولتها.
وأوضح "هذا تطور مهم لأن هذه الحركة لطالما استخدمت الخطاب الديني الأفغاني كمرجعية. الآن، تحاول الحكومة الأفغانية قطع هذا الرابط".
رسالة طمأنةويوافقه الرأي أحد المشاركين في الاجتماع -رفض الكشف عن اسمه- وأوضح للجزيرة نت أن الهدف هو منع الشباب الأفغان من الالتحاق بالجبهات داخل إسلام آباد خصوصا بعد تزايد الضغط الباكستاني، وترسيم الحدود الجهادية والسياسية، ونزع الشرعية الدينية عن من يقوم بنشاط مسلح خارج أفغانستان، و"من يفكر في الهجوم على كابل فيتحمل مسؤوليته وحينئذ يجب الدفاع عنها".
في المقابل، يرى محللون أن القرار يوجّه رسائل "طمأنة" إلى إسلام آباد.
وقال الباحث الباكستاني محمد إسحاق خان للجزيرة نت إن بلاده تنظر إلى الاجتماع باعتباره خطوة تأخرت كثيرا، لكنها موضع ترحيب. والمشكلة ليست في البيانات، بل في التنفيذ على الأرض. وأشار إلى أن إسلام آباد تريد من كابل خطوات عملية تحد من حركة طالبان باكستان داخل أفغانستان، خصوصا في المناطق الجبلية القريبة من الحدود.
وشهدت الأشهر الماضية غارات باكستانية داخل الأراضي الأفغانية، قالت إسلام آباد إنها استهدفت عناصر طالبان باكستان، وقد نفت كابل وجود مقاتلي هذه الحركة على أراضيها، وأثارت الغارات غضب الحكومة الأفغانية التي وصفتها بأنها انتهاك للسيادة.
Voir cette publication sur InstagramUne publication partagée par أفغانستان بالعربي (@afghanarabc)
ويرى الخبير الأفغاني نور الدين جلال -في تصريحه للجزيرة نت- أن الاجتماع جاء في سياق محاولة لتفادي التصعيد، وإظهار استعداد كابل لتحمل مسؤولياتها بما لا يجرها إلى صدام مباشر مع طالبان باكستان أو مع إسلام آباد نفسها، وأضاف "طالبان أفغانستان تحاول الموازنة بين علاقتها التاريخية بطالبان باكستان وبين الضغوط الإقليمية والدولية".
يربط محللون توقيت الاجتماع بـ3 عوامل أساسية:
تصاعد الهجمات داخل باكستان: شهدت الأشهر الماضية زيادة في عمليات طالبان باكستان ضد الشرطة والجيش، وهو ما عزز الضغط على كابل. تعثر المفاوضات الثنائية: 4 جولات من الحوار بين كابل وإسلام آباد في الدوحة وإسطنبول والرياض لم تفضِ إلى حلول. الرغبة في ضبط المرجعية الدينية داخل أفغانستان: كابل تخشى من أن يتحول خطاب ديني موازٍ إلى منصة لتجنيد الشباب نحو القتال خارج الحدود. تنفيذ صعبورغم قوة الرسائل، يبقى السؤال الأكثر تداولا، هل تستطيع الحكومة الأفغانية تنفيذ هذه القرارات؟.
يجيب الباحث ضياء الله نوري أن تنفيذ القرار صعب لأن طالبان باكستان تتحرك عبر قبائل حدودية معقدة الروابط، وليست وليدة اليوم، بل تأسست عام 2007، وكابل ليست ملزمة بالسيطرة عليها لأنها نشطة في الأراضي الباكستانية، وضبط الحدود عملية شاقة جدا، و"ضمان عدم دخول مقاتلي هذه الحركة أو تنظيم الدولة الإسلامية للأراضي الأفغانية، يحتاج إلى تنسيق بين البلدين".
إعلانلكنه يعتقد -في حديثه للجزيرة نت- أن الاجتماع يوفر غطاء سياسيا ودينيا لكابل في حال قررت اتخاذ إجراءات محدودة ضد الحركة.
من جهته، أكد الباحث والكاتب الأفغاني محمد شهاب في تصريحه للجزيرة نت أن حركة طالبان أفغانستان تعمل وفق إستراتيجية تهدئة الأجواء مع إسلام آباد دون خسارة عمقها الشعبي داخل باكستان.
يشير اجتماع العلماء في كابل إلى تحول مهم في الخطاب الديني والسياسي للحكومة الأفغانية، ويتزامن مع لحظة شديدة التعقيد على الحدود مع باكستان. وفي حين يشكل القرار رسالة قوية لكل من طالبان باكستان وإسلام آباد، فإن نجاحه يعتمد على قدرة الحكومة على تطبيقه، وعلى استعداد إسلام آباد للتعامل مع هذا التحول بوصفه خطوة نحو التهدئة لا مجرد مناورة شكلية.
وفي منطقة تُعد من أكثر الحدود اضطرابا في جنوب آسيا، يبقى مصير العلاقات بين البلدين مرهونا بترجمة هذه الرسائل من الورق إلى الميدان.