لاهاي- قامت منظمة القانون من أجل فلسطين في بريطانيا وبدعم من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين ونقابة المحامين الفلسطينيين وبشراكة مع تحالف دولي واسع بتقديم بلاغ إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي -أمس الأربعاء- بشأن ارتكاب جريمة إبادة جماعية من قبل أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي.

وفي وثيقة مكونة من 157 صفحة أعدت من قبل فريق من الخبراء يتيح البلاغ الحصول على تحليل قانوني شامل لجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها القادة السياسيون والعسكريون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

وشاركت في التحالف الدولي 15 مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في الجزائر وقطر ومصر والمغرب والبحرين وجزر القمر والعراق والأردن ولبنان وموريتانيا وسلطنة عمان وتونس وجيبوتي وليبيا، إلى جانب اتحاد المحامين العرب وعدد من نقابات المحاماة العربية بقيادة نقابة المحامين الفلسطينية.

حث أعضاء التحالف الدولي الجنائية الدولية على إصدار أوامر اعتقال حسب الاقتضاء للمسؤولين الإسرائيليين الضالعين في الإبادة الجماعية (الجزيرة) تسريع التحقيق

وقال رئيس منظمة القانون من أجل فلسطين البريطانية عادل إحسان إن ما تم تقديمه لا يخص فقط مكتب المدعي العام وإنما هيئة المحكمة الجنائية أيضا، مؤكدا على ضرورة التسريع في اتخاذ الإجراءات اللازمة.

وأضاف إحسان في حديثه للجزيرة نت "يجب على المدعي العام أن يتقدم خطوة إلى الأمام ويعطي أولوية للتحقيق والبدء فيه، لأنه حتى الآن مسألة الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة وليست على طاولة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية".

وأشار إحسان إلى التحديات التي يواجهها فريق المحكمة في ما يتعلق بالحصول على المعلومات من داخل القطاع المحاصر لتوثيق الشهادات والبيانات في ظل استمرار القصف والتعرض للتهديد المحتمل لأي شخص يمكن أن يدلي بشهادته للمحكمة.

وحث أعضاء هذا التحالف الدولي الجنائية الدولية على إجراء تحقيق شامل في جميع الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة، وإصدار أوامر اعتقال حسب الاقتضاء للمسؤولين الإسرائيليين الضالعين في الإبادة الجماعية.

كما طالبوا المحكمة بممارسة السلطة التقديرية للادعاء بما يتوافق مع الممارسات والسياسات السابقة لها، ومحاكمة المسؤولين الإسرائيليين عن الأفعال المرتكبة منذ عملية طوفان الأقصى، لاعتبارها جرائم بموجب المادة السادسة من نظام روما الأساسي للمحكمة.

من جانبها، ترى مسؤولة العلاقات الدولية للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان علا وليد عدوي أن هذه الخطوة تأتي لدعم الجهود الرامية لمساءلة دولة الاحتلال عن انتهاكاتها وجرائم الحرب التي تقترفها في فلسطين، وتحديدا في قطاع غزة.

وأضافت في مقابلة مع الجزيرة نت أن "البلاغ التحليلي القانوني يهدف إلى منع إسرائيل من الإفلات من العقاب الذي يساهم في الانتهاك الممنهج والجسيم لقواعد القانون الدولي".

معركة مستمرة

وشدد رئيس منظمة القانون من أجل فلسطين البريطانية على أنه يتم العمل على ملف آخر سيتم تقديمه بعد شهرين تقريبا يهدف إلى رصد واستحضار الأدلة من داخل القطاع "وبذلك نكون قد ختمنا المرافعة أمام الجنائية الدولية حتى لا نترك لها حجة تبرر بها عدم فتح تحقيق الإبادة الجماعية".

وأضاف إحسان "نحن نعلم أن المدعي العام لم يتمكن من دخول قطاع غزة، وندعوه هو وفريقه التحقيقي إلى الذهاب هناك في أول فرصة قادمة حتى لو كانت هدنة مؤقتة".

بدورها، لفتت أنيشا باتيل رئيسة فريق الدعم القانوني وعضوة مجلس إدارة المنظمة إلى أن الشكوى ركزت على الوصف القانوني لجريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل.

وأضافت في حديثها للجزيرة نت أن "التوصية الأساسية التي يقدمها البلاغ هي أن المحكمة قد نظرت مسبقا وأعطت الأولوية للقضايا التي تضمنت جرائم ذات نوعية وكمية محددة"، مؤكدة إلى أن هذا البيان يوثق بالدلائل أن "الجرائم الحالية في قطاع غزة أبشع بكثير، ويتعين على المحكمة النظر فيها فعليا والتحقيق فيها في أقرب وقت ممكن".

منظمة إفدي الدولية سبق أن قدمت في 9 نوفمبر ملفا قانونيا للجنائية الدولية بشأن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة (منظمة إفدي الدولية) ضغط متزايد

وتأتي هذه الخطوة بعد 4 أشهر تقريبا من طلب التحقيق في جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني التي شارك فيها أكثر من 500 محام من كل أنحاء العالم في المحكمة الجنائية، لكن المدعي العام لم يصدر أي قرار حقيقي بشأن ذلك حتى الآن.

وفي هذا الصدد، أشاد المحامي عبد المجيد مراري مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "إفدي" لحقوق الإنسان بهذا التحالف الدولي الذي يستكمل الملف القانوني الأول الذي تم طرحه أمام المدعي العام في لاهاي.

وأضاف مراري أن ما سيزيد أهمية هذا الملف هو ثقل وطبيعة المؤسسات والمجالس الوطنية لحقوق الإنسان التي وقعت على البلاغ القانوني حتى وإن كانت الدول التي تنتمي إليها ليست أعضاء في الجنائية الدولية.

وأوضح مراري في مقابلة للجزيرة نت أن "فريقه القانون توجه بشكل أساسي إلى إعطاء التكييف القانوني للإبادة الجماعية، فيما تحدثت منظمة القانون من أجل فلسطين البريطانية عن الإبادة الجماعية وفتح تحقيق عنها، وتطالب -كما فعلنا نحن- بالتركيز على ما حدث بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهذا أمر بالغ في الأهمية".

وبالتالي، يرى المحامي والخبير في القانون الدولي أن الشكاوى التي تم تقديمها في الملفين لا تختلف عن بعضها البعض من حيث المضمون، وإنما من حيث طريقة العرض فقط، معتبرا أن كلتا الخطوتين ستضع المدعي العام أمام مسؤولية كبيرة يجب أن تجبره على التحرك والقيام بجهود أكثر فعالية تضمن حقوق الفلسطينيين في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الجنائیة الدولیة الإبادة الجماعیة التحالف الدولی لحقوق الإنسان المدعی العام فی قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

الإبادة الإسرائيلية تتفاقم بغزة عبر سلاح التجويع وعسكرة المساعدات

وأدخلت إسرائيل مزيدا من أنواع الأسلحة، وبات القتل عن طريق الذخائر الحارقة مشهدا جديدا في حرب عنوانها الترويع والتجويع والقتل بلا هوادة، إذ لا شيء يقف أمام آلة الاحتلال الإسرائيلي التي استفردت بالقطاع، دون رادع.

كذلك تستخدم إسرائيل سلاح التجويع وعسكرة المساعدات، بعد أكثر من 600 يوم من المجازر والتدمير في غزة، في حين تنتظر قرارات المحكمة الجنائية الدولية التنفيذ.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الطعام فخ للقتل.. شهادات مروعة عن مجازر إسرائيل بغزةlist 2 of 4مجزرة جديدة بحق طالبي المساعدات وحماس تطالب بإيقاف "مصايد الموت"list 3 of 4قصص من فواجع الحرب في السودانlist 4 of 4أطباء بلا حدود: الحرب في السودان دمرت القطاع الصحيend of list

وأمام هول ما يجري، عادت المظاهرات تحرك الشوارع في أوروبا، حيث لوّح عدد من المسؤولين بعزلة محتملة لدولة ترفض أن توقف المجزرة.

ورصد برنامج "المرصد" -في حلقته بتاريخ (2025/6/2)- جزءا من آخر تطورات الحرب الإسرائيلية، وتوقف عند تعطل تفعيل القانون الدولي أمام جريمة اكتملت أركانها.

ولا تزال ملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت تنتظر التنفيذ، كما لا يزال الموقعون على قانون المحكمة يحجمون عن اعتقال المطلوبين للعدالة الدولية.

وفي مشاهد لم تعد استثنائية، تقف الطفلة "ورد" حارقة القلوب بنجاتها الوحيدة من محرقة التهمت عائلتها، في حين فقدت الطبيبة آلاء النجار أبناءها التسعة في قصف حولهم إلى جثث بلا ملامح، ثم لحق بهم زوجها متأثرا بجروحه، وهم الذين اعتادت إسعاف أمثالهم في أقسام الطوارئ.

إعلان

وتتوالى القصص من كل مدينة وشارع في غزة عن عائلات بأكملها مُحيَت من السجلات، وعن مشاهد أجساد محترقة ملقاة على الأرض أو بين الركام، دون أن تثير الإدانات المتكررة أي تحرك ملموس على الأرض.

معسكرات فرز وإذلال

وفي الوقت الذي كانت فيه غزة تواجه القصف، كانت معسكرات جديدة تُبنى فوق أنقاض المنازل، تحت مسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، وتدار من قبل شركات أمنية أميركية وفق خطط أمنية مشددة.

لكن هذه المنشآت لم تكن سوى أدوات لفرز السكان وإذلالهم في طوابير مذلة من أجل فتات المساعدات، بينما تزداد صور العظام البارزة وصراخ الجوعى في المخيمات والخيام.

وسرعان ما تحولت تلك المراكز إلى ساحات موت جماعي، حيث ارتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة دامية في محيط المعسكر الرئيسي، أوقعت عشرات الشهداء ومئات الجرحى، في أثناء انتظارهم المساعدة.

وعلى وقع تلك المجازر، بدأت وسائل إعلام غربية تطرح تساؤلات عن الغرض الحقيقي من عسكرة المساعدات، خاصة بعد تصريحات لوزراء إسرائيليين اعتبروا "تحديد كمية الغذاء" ضرورة لتجنب المساءلة الدولية.

وفي تصريح يعكس الانكشاف الأخلاقي الكامل، تباهى رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمشاهد الفلسطينيين، نافيا وجود المجاعة، بينما أظهرت الصور أجسادا أنهكها الجوع وأرواحا تنهشها الحرب بصمت.

وتحولت أكياس الطحين الفارغة إلى أكفان مؤقتة، في حين تنهمر شهادات الناجين والنازحين عن تعذيب الأسرى، واستخدامهم دروعا بشرية، وتوثيق تعريهم أمام الكاميرات ضمن سياسة التنكيل الممنهج.

وباتت المجاعة في غزة جريمة موثقة، شهدت بها منظمات الأمم المتحدة، وكشفت أبعادها في تقارير رسمية، أكدت أن ما يجري هو استخدام الطعام سلاحا ضد المدنيين.

وفي حين تتراكم الأدلة وتتكشف المخططات، تتردد بعض العواصم الغربية في الوفاء بالتزاماتها أمام محكمة الجنايات الدولية، مما دفع منظمات المجتمع المدني إلى الدعوة لتفعيل الضغط الشعبي.

إعلان خطر يتربص بسكان الخرطوم

وتناول "المرصد" في قصته الثانية عودة الآلاف من سكان العاصمة السودانية الخرطوم إلى منازلهم، بعد استعادة الجيش السيطرة على العاصمة وأجزاء واسعة من البلاد بعد سنتين من القتال مع قوات "الدعم السريع".

وأفردت الحلقة مساحة للحديث عما يواجهه السكان من تحديات بسبب الكميات الهائلة من الذخائر غير المنفجرة، المنتشرة في مختلف أرجاء الخرطوم.

وبلغة الأرقام، تمكن أكثر من 100 ألف سوداني من العودة إلى بيوتهم، لكن الذخائر والصواريخ غير المنفجرة تنتشر في جميع أنحاء المدينة.

وأفادت تقارير بمقتل 16 مدنيا على الأقل وإصابة العشرات في انفجار ذخائر خلال الأسابيع الأخيرة، في وقت يُخشى فيه أن يكون العدد الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك.

بدورها، تجري فرق التطهير السودانية وخبراء الأمم المتحدة التفتيش عن هذه الذخائر غير المنفجرة، في محاولة لتأمين الخرطوم، لكنهم يقولون إنهم بحاجة إلى مزيد من الموظفين والأموال، لا سيما إثر خفض المساعدات الأميركية.

وسجلت المبادرة عودة أكثر من 50 ألف مواطن من مصر فقط، في رحلات شاقة يمولها رجال أعمال ومتطوعون، لمساعدة المتضررين على لمّ شمل العائلات.

وروت سلمى، إحدى العائدات، كيف غادرت مصر برفقة طفلي شقيقتها لتأمين مستقبلهما الدراسي، مؤكدة أن الظروف الأمنية تحسنت، رغم غياب الخدمات الأساسية في الحي الذي عادت إليه.

لكن التحدي الأكبر يبقى في نزع القنابل والذخائر التي خلفتها المعارك، فكل يوم يحمل خطرا جديدا، كما حدث مع المراهق مزنر الذي فقد ذراعه في انفجار مفاجئ خلال تنظيف المنزل.

3/6/2025

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي إلى وقف حرب الإبادة الجماعية على غزة
  • من القاهرة.. الوفد البرلماني الهندي: لا نشارك إسرائيل في حرب الإبادة بغزة
  • «حشد»: جرائم إسرائيل تجاوزت حدود الإبادة الجماعية وتهدف لهلاك سكان غزة والتدمير الشامل
  • كوربين يطالب بتحقيق مستقل في دور بريطانيا بحرب الإبادة الجماعية على غزة (شاهد)
  • الإبادة الإسرائيلية تتفاقم بغزة عبر سلاح التجويع وعسكرة المساعدات
  • طالبة فلسطينية تُشعل حفل تخرج بأمريكا: لن نسامح أبدا في الإبادة الجماعية بغزة
  • قصة مليون قتيل بـ100 يوم.. رواندا التي عامت على بحور من الدم
  • مرصد حقوقي: إسرائيل تحول توزيع المساعدات أداة للإبادة الجماعية بغزة
  • كفى نفاقا.. أنه وقت العمل لوقف الإبادة الجماعية
  • لوتان: يجب التعرف على جريمة الإبادة الجماعية لمنح ما يحدث بغزة اسما مناسبا