سواليف:
2025-12-12@17:11:22 GMT

في ظلال طوفان الأقصى “56”

تاريخ النشر: 23rd, March 2024 GMT

في ظلال #طوفان_الأقصى “56”

مشاهدُ العدوان في غزةَ محزنةٌ وصورها مؤلمةٌ

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

أكاد أجزم أن أغلب أبناء شعوب أمتنا العربية والإسلامية على امتداد العالم كله، والكثير من الفلسطينيين في الوطن واللجوء والشتات، لا يستطيعون مشاهدة مشاهد القتل والدمار، وصور الحرب والعدوان، وفيديوهات النساء الثكلى والأطفال القتلى، ومشاهد إنقاذ الجرحى واستخراج الشهداء من تحت الأنقاض، ولا صور الشهداء وهم مسجون بأكفانهم البيضاء على الأرض بأعدادٍ كبيرة، ولا عمليات دفنهم في قبور جماعية وأخاديد كبيرة، لا يميز فيها بينهم، ولا تعرف أسماء بعضهم، ولا يدركهم ذووهم للسلام عليهم أو إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليهم، وغيرها من مشاهد استهداف المواطنين بصواريخ الطائرات المسيرة التي تحرقهم ولا تبقي على شيءٍ يميزهم، أو عمليات القنص التي تمزق الأجساد وتفتت الجماجم والعظام.

مقالات ذات صلة هذا ما سيذكره التاريخ فقط! 2024/03/23

ولعل أكثر الصور والمشاهد التي تدمي القلوب وتفطرها، وتقطع نياطها وتؤلمها، هي تعليقات الأطفال الفطرية  وكلماتهم المعبرة، وأمانيهم الطيبة وأحلامهم البسيطة، وإحساسهم بالخوف الذي يحيط بهم ويلون بالدم حياتهم، واعتقادهم أن ما يعيشونه ليس إلا كابوساً سينتهي، وحلماً لن يتحقق، حيث يظنون أن هذا القصف المهول والدمار المريع ليس حقيقةً، ولا يمكن تخيله حتى في الأحلام، فلا يوجد دمارٌ يشبه الدمار الذي أصابهم، ولا القتل البشع الذي لحق بهم، إنه وهمٌ أو خيالٌ، أو كأنه حلمٌ أو جزءٌ من عرضٍ سينمائي سينتهي، لتعود حياتهم الطبيعية التي كانت، ويعيشوا أحلامهم البسيطة التي تمنوها وسعدوا بها.

ولعل بعض الأطفال لبراءةٍ فيهم وصدمة هزتهم يظنون أن أمهم المسجاة ستنهض، وأن أباهم الغائب سيرجع، وأن بيتهم المدمر سيعود كما كان، عامراً بأهله، زاخراً بمقتنياته، وفيه عرائسهم وألعابهم، ودفاترهم وأقلامهم، ورسومهم وألوانهم، وصورهم وثيابهم وبقايا ذكرياتهم، فهم يحبون الحياة كغيرهم من أطفال العالم، ويحلمون بغدٍ آمنٍ ومستقبلٍ واعدٍ، ويفكرون ماذا سيعملون وأين سيذهبون ومن سيصطحبون.

ولعل من يسمع حديثهم ويشاهد صورهم، يظنهم لوعيهم أنهم كبارٌ في سنهم، وخبراء في حياتهم، وحكماء بين شعبهم، فهم يعبرون بوضوحٍ وجلاء، ويتحدثون بطلاقةٍ وجرأةٍ، رغم أن أسمالهم بالية وأجسادهم نحيلة، ووجوههم كالحة قد أعياها الجوع وأضناها العطش، وأوهن قواها الخوف والمرض، إلا أن كلماتهم حادةٌ كسكين وقاطعة كسيف، يتضائل السامعون أمامها، ويخجلون من أصحابها، ويخفون وجوههم بأيديهم خجلاً منهم وتقديراً لهم.

أمام هذه المشاهد المؤلمة والصور الحزينة، والدمار المريع والقصف المخيف، لا يستطيع كثيرٌ من أبناء الأمة العربية والإسلامية مشاهدتها، ويذرفون الدموع بسببها، ويصرفون النظر عنها لعدم قدرتهم على احتمالها، أو التعايش معها والتعود عليها، فهي غاية في القسوة والشدة، وتكرارها كل حينٍ يجعل الحياة مريرةً والأيام مضنيةً، إذ تغتال بوحشيتها الفرحة من القلوب، وتخنق البسمة من على الوجوه، وتغرس في النفوس الأسى والوجوم، التي تضيق وتتحشرج، وتفقد السيطرة على نفسها وتتعصب، ولعل بعضهم يصاب بالإغماء أو الغثيان، وبالاكتئاب والإحباط، وبالحزن والغضب، لعجزهم عن مساعدة أهلهم في غزة وفلسطين، أو وقف الحرب المجنونة ضدهم، أو تحريك حكوماتهم وحث قادتهم على ضرورة التحرك لوقف المذابح ومنع المجازر في حقهم.

ليس إنساناً ولا ينتمي إلى جنس البشر، من يقبل بهذه المشاهد ويعتاد عليها، أو يسكت على الجرائم التي ترتمب ولا يثور ضدها، أو يطيب له الطعام وهو يراها، ويستسيغ الحياة وهو يشاهدها، فمن الطبيعي أن يرفضها البشر ولا يقبل بها الإنسان، وأمتنا العربية والإسلامية أمةٌ حيةٌ وإن كانت عاجزة ومسلوبة الإرادة، وهي صادقةٌ في مشاعرها وإن كانت مقيدة ومشلولة بسبب حكوماتها وأنظمة بلادها.

لكن الذي يقوم بهذه الجرائم الفاحشة ويرتكبها، وينفذها بحق شعبنا ويكررها، إنما هو عدوٌ لا يعترف بالإنسانية وإن ادعى أنه ينتمي إليها، ولا يوصف بالحضارة وإن ظن أنه ينتسب إليها، وليعلم وحلفاؤه أنه بممارساته هذه إنما يزرع حقداً ويؤسس كراهيةً، ويفرض على الأجيال القادمة الإصرار على حربه، والعمل على إقصائه والخلاص منه، فلا خير للبشرية ما بقي، ولا سلام للعالم ما استمر وجوده، ولا أمن للمنطقة وهو فيها، إذ أنه زرعٌ غريبٌ ونبتٌ دخيلٌ لا مكان له بيننا، وسرطانٌ يقتل ووباءٌ يفتك لا يعيش معنا، والخير كل الخير في فنائه وزواله، وفي نهايته وغيابه.

بيروت في 22/3/2024

[email protected]

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

ترامب يتهم “نيويورك تايمز” بالخيانة.. والصحيفة ترد: الشعب يستحق الاطلاع على صحة القائد الذي انتخبه

الولايات المتحدة – انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشدة، وسائل إعلام طرحت تساؤلات حول وضعه الصحي، واصفا تقاريرها بأنها “كيدية، وربما تنطوي على خيانة”، ما استدعى ردا حادا على أبرزها.

وفي منشور مطوّل، ليل الثلاثاء، على منصته “تروث سوشل”، وجّه ترامب، وهو الأكبر سنا من بين الرؤساء المنتخبين للولايات المتحدة (باستثناء بايدن)، انتقادات حادة إلى تقارير أوردتها صحيفة “نيويورك تايمز” وغيرها، تفيد بأن أداءه “بدأ يتباطأ في سن التاسعة والسبعين”.

وجاء في منشور ترامب، الذي تضمن نحو 500 كلمة: “لم يكن هناك على الإطلاق رئيس عمل بالجد الذي أعمل به! ساعات عملي هي الأطول، ونتائجي من بين الأفضل”.

وأضاف: “أعتقد فعلا أن ما تقوم به نيويورك تايمز وغيرها تحريضيا، وربما ينطوي على خيانة، بمواظبتها على نشر تقارير مضلّلة بقصد التشهير والإساءة إلى رئيس الولايات المتحدة.. إنهم أعداء حقيقيون للشعب، وعلينا أن نتحرك حيالهم”.

وأشار إلى أنه خضع لفحوص طبية “مطوّلة وشاملة ومملّة جدا”، وتمكّن من “التفوّق” في الاختبارات الإدراكية وقال إن رؤساء آخرين “لم يخضعوا لها”.

ولفت إلى أن “أفضل ما يمكن أن يحدث لهذا البلد هو أن تتوقف نيويورك تايمز عن النشر لأنها مصدر معلومات فظيع ومنحاز وعديم المصدقية”، على حد تعبيره.

وكان تقرير نشرته “نيويورك تايمز” في نوفمبر الماضي، أثار حفيظة ترامب والبيت الأبيض، إذ ذكر التقرير أن الرئيس، قلّص على نحو كبير الفاعليات العامة وأسفاره الداخلية وساعات عمله مقارنة بولايته الرئاسية الأولى، ما أثار قلقا حول صحته، خاصة بعد ظهوره متعبا في مناسبات متعددة وخضوعه لفحص بالرنين المغناطيسي ضمن فحوص طبية إضافية في أكتوبر.

ولاقت تصريحات ترامب، ردا عاجلا من “نيويورك تايمز”، حيث قالت المتحدثة باسم الصحيفة نيكول تايلور، في تصريح لوكالة “فرانس برس”: “يستحق الأمريكيون تقارير معمّقة وتحديثات منتظمة بشأن صحة القادة الذين ينتخبونهم”.

وأضافت: “رحّب ترامب بتغطيتنا لسنّ ولياقة أسلافه، ونحن نطبّق المستوى نفسه من التدقيق الصحافي في حيويته”.

وأوضحت الصحيفة أن تقاريرها تستند إلى “مصادر كثيرة وتعتمد على مقابلات مع أشخاص مقربين من الرئيس ومع خبراء طبيين”.

واختتمت تايلور بالقول: “لن تثنينا لغة الكذب والتحريض التي تشوّه دور الصحافة الحرة”.

المصدر: “فرانس برس” + RT

مقالات مشابهة

  • لقاء في الشاهل بحجة يناقش جوانب التحشيد لدورات “طوفان الأقصى”
  • خلال ما يسمى عيد “الحانوكاه”.. استعدادات لاقتحامات واسعة للأقصى
  • مسير ومناورة لخريجي دورات” طوفان الأقصى” في حرض بحجة
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986
  • ترامب يتهم “نيويورك تايمز” بالخيانة.. والصحيفة ترد: الشعب يستحق الاطلاع على صحة القائد الذي انتخبه
  • شهداء الحركة الرياضية .. الحلقة 379 (زين نصر)
  • أمة الأرق.. دراسة: كيف أثر طوفان الأقصى على نوم الإسرائليين؟
  • “حماس”: استشهاد الأسير السباتين دليل على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها العدو الاسرائيلي بحق الأسرى
  • يديعوت تكشف تفاصيل خطة لاجتياح غزة بريا قبل “طوفان الأقصى”
  • الفأرة التي في أيدينا.. كيف كانت وكيف أصبحت؟