8 أسباب لعودة الإرهاب.. داعش يتصدر المشهد ويبعث رسائله لـ 3 قارات
تاريخ النشر: 24th, March 2024 GMT
بغداد اليوم - متابعة
بعد سنوات من تراجع الأعمال الإرهابية عقب خسارة تنظيم داعش لمعاقله في سوريا والعراق، عاد التنظيم من جديد لتصدر مشهد الإرهاب العالمي بعد القيام بعدة ضربات في قارات مختلفة "أوروبا وآسيا وإفريقيا"، كان أحدثها الهجوم على صالة موسيقى في روسيا وخلفت قرابة 150 قتيلا.
وحدد مختصون في شؤون الحركات المتطرفة، في احاديث صحفية ، أسباب هذه الفورة الإرهابية وعلى رأسها محاولة تنظيم داعش إثبات وجوده بعد الضربات القوية التي تعرض لها، والترويج لنفسه لتصدر المشهد الجهادي العالمي، من أجل جذب تابعين جدد في ظل التنافس مع تنظيم القاعدة، واستغلال التنافس بين القوى العالمية وسيولة الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي بعد الانقلابات التي جرت هناك.
وأعلن تنظيم داعش في منشور على تطبيق تليغرام، السبت، مسؤوليته عن هجوم على جيش النيجر قال إنه أدى إلى مقتل 30 جنديا، الأربعاء الماضي، وذكر التنظيم في بيان نقلته وكالة أعماق التابعة له ونشره على قناته على تليغرام أن "الجنود قُتلوا في كمين استهداف قافلة بالقرب من بلدة تيغوي في منطقة تيلابيري غربي البلاد".
في يناير/ كانون الثاني، أعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجيرين، هزَّا مقبرة مسؤول العلميات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في مدينة كرمان، جنوبي إيران، وأعلنت السلطات مقتل 84 شخصاً وإصابة 284 آخرين جراء الهجمات.
وأعلن تنظيم داعش، في يناير الماضي، في منشور على تليغرام مسؤوليته عن هجوم على كنيسة بإسطنبول أسفر عن مقتل شخص، وأضاف التنظيم أن اثنين من أعضائه نفذا الهجوم ولاذا بالفرار.
ويسعى التنظيم لفرض نفوذه في شمال مالي، ويخوض معارك ضارية مع منافسه جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى يقوم بهجمات مستمرة على بقايا القواعد العسكرية للجيش المالي هناك.
الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، هشام النجار، يقول إن تنظيم داعش، يستغل الأوضاع غير المستقرة حول العالم والتنافس والصراعات بين المحاور الدولية أي الغرب وامريكا من جهة وروسيا من جهة أخرى، ويستغل أيضا التنافس بين فرنسا وروسيا التي باتت تحتل مكانها في دول الساحل الإفريقي، لإعادة إنتاج نفسه وليصبح لاعبا أساسيا في المعادلات ليحظى بمساحة للتمدد وحيازة النفوذ والسلاح والثروة، وجزء من كعكة الموارد التي تتنافس عليها القوى والمحاور الخارجية.
ويضيف النجار، داعش ينتهز فرصة التحولات القائمة والمراحل الانتقالية بعد الانقلابات العسكرية في عدد من دول إفريقيا المهمة وانخراط الجيوش في لعبة السياسة وانسحاب القوات الغربية والفرنسية من المنطقة، وهي على الرغم من أنها لم تقض تماما على تلك الجماعات المتطرفة والتكفيرية، إلا أنها كانت تشكل رادعا وعائقا أمام تمددها فضلا عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي الذي يمثل بيئة مواتية للتجنيد".
وأشار إلى أن قيام التنظيم بعمليات نوعية في أكثر من مكان، يحدث لها صدى واسع يجعل اسم التنظيم حاضرا بقوة في المشهد الإعلامي وهو ما يستخدمه التنظيم الإرهابي في دعايته على منصاته".
ضريبة الانقلابات
الباحث في شؤون غرب إفريقيا، تشارلز أسيغبو، يقول إن الوضع في منطقة الساحل أصبحت أكثر خطورة بعد الانقلابات التي جرت في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث يشكل المثلث الحدودي بين هذه الدول الثلاث حديثة خلفية للجماعات الإرهابية في المنطقة لزيادة نفوذها في المنطقة، وتقوم بتنفيذ هجمات شبه يومية ضد القوات الحكومية والسكان في محيط مثلث تيلابيري.
وأضاف أسيغبو، أن انسحاب القوات الغربية من المنطقة أثر على المعلومات الاستخباراتية التي كانت تحصل القوات الأمنية من نظيرتها الغربية، مما كان يجعله أكثر قدرة على مواجهة تلك الجماعات وتوجيه ضربات لها، ولكن الوضع الآن أصبح صعوبة حيث تعتمد هذه الدول على قدراتها الضعيفة.
وحدد عدة أسباب لانتشار الإرهاب في المنطقة، منها ضعف البنية الأمنية في هذه الدول، استغلال التنظيمات الإرهابية للأوضاع الاقتصادية والعلاقات القبلية لزيادة نفوذها، انشغال جيوش هذه الدول بالقيادة السياسية عقب الانقلابات، معرفة الإرهابيين بالدروب في المناطق الصحراوية الواسعة.
أهداف متعددة
فيما حدد الباحث المتخصص في الحركات الجهادية المسلحة ومكافحة الإرهاب، أحمد سلطان، الأسباب التي تقف خلف الصحوة الإرهابية والنشاط الملاحظ لتنظيم داعش في الفترة في أكثر من دولة ومنها روسيا وإيران والنيجر ومالي.
التنظيم تعمد استهداف روسيا، في هذا التوقيت، حتى يزيد من حالة التوتر بين موسكو من ناحية، وواشنطن والغرب من ناحية أخرى، وهذا هدف قائم للتنظيم تحدث عنه صراحة في افتتاحية صحيفة النبأ الصادرة في 8 فبراير الماضي.
وهناك تنافس على استقطاب المتشددين القوقازيين بين داعش ومنافسيه، ولا سيما بعد انخراط جماعة "أجناد القوقاز" بقيادة عبد الحكيم الشيشاني في الحرب الروسية الأوكرانية.
التنظيم أراد إرسال رسالة واضحة بأنه حاضر بقوة في مواجهة روسيا لكن بمنهج جهادي آخر، خاصةً بعد الظهور الأخير لعبد الحكيم الشيشاني في منطقة حدودية بين أوكرانيا وروسيا متوعدًا بمواصلة القتال ضد موسكو.
التنظيم ينشط هجماته الخارجية للتدليل على أن باقٍ وأن لديه القدرات لتنفيذ هجمات في دول عدة.
يتعمد استهداف كل أعدائه لأنه يتبنى نهجًا يرى وجوب قـتال "المشركين كافةً" دون النظر للاعتبارات السياسية أو لفكرة تحييد الأعداء لأنه يرى أن الواجب عليه قتال الجميع بلا استثناء.
ضرب التنظيم أهدافًا متعددة ليؤكد على استمراره في اتباع ذات النهج ويقول إنه ينتقم من هذه الدول لمشاركتها في الحرب ضده، وهي الحرب التي لم تؤدِ إلى هزيمته بشكل كامل حتى الآن، من خلال تجنيد مقاتلين من جنسيات مختلفة من وسط وجنوب آسيا وحتى من دول عربية، وهؤلاء المقاتلين منهم منفذ الهجمات الأخيرة في روسيا وإيران وتركيا.
المصدر: سكاي نيوز
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: تنظیم داعش فی المنطقة هذه الدول فی منطقة من جهة
إقرأ أيضاً:
علاقة الدولة بالاقتصاد وإشكالية التحول من النمطية الى التنظيم
في قلب كل دولة هنالك ثمة اقتصاد نابض، ينظم إيقاع حياتها، والعراق ليس استثناءً من هذه القاعدة. فالدولة الحديثة لم تعد مجرد كيان سياسي يحافظ على الأمن والنظام العام، بل تحولت إلى فاعل رئيس في تشكيل الاقتصاد وتحقيق توازنه واستقراره.
للأسف تتخذ هذه العلاقة أبعاداً أكثر تعقيداً، حيث يصبح الاقتصاد أحياناً ساحة للصراع السياسي، وأحياناً أخرى أداةً للهيمنة والتحكم. فمنذ تأسيس الدولة العراقية، ظل الاقتصاد رهينة للتقلبات السياسية، بدءاً من مرحلة التصنيع في منتصف القرن العشرين، ومروراً بالحصار الاقتصادي في تسعينياته، ووصولاً إلى مرحلة ما بعد 2003 التي شهدت تحولاً جذرياً في بنية الاقتصاد والسياسة معاً. فالدولة التي يفترض أن تكون راعية للتوازن الاقتصادي وتخصيص الموارد، أصبحت سبباً في اضعاف السوق وتعميق الاختلالات. ان ما تشهده الساحة الاقتصادية من الهيمنة للسياسة المالية الحكومية، وتهميش القطاعات الإنتاجية لصالح اقتصاد ريعي تسهم عائدات النفط بنسبة 95%من الناتج المحلي الإجمالي امر يثير القلق على مستوى السياسة الاقتصادية الكلية وعلاقة الدولة بالاقتصاد وما ينبغي ان تكون عليه .
لذا لا يمكن قراءة تاريخ العراق المعاصر بمعزل عن تشابك الاقتصاد مع هياكل السلطة، فهما وجهان لعملة واحدة تم نحتها بيد القوة والضعف معاً. فالدولة التي يفترض أن تكون إطاراً لتنظيم الحياة الاقتصادية، أصبحت في الحالة العراقية مزاحمة لها ومقيدة لنشاطها، اذ تتحكم بمفاصلها وتوجه مسارها خارج حدود الايراد والكلفة وفي اغلب الأحيان خارج شروط الاقتصاد.
ولعل هذه العلاقة"المرضية" ليست قدراً نهائياً، بل هي محطة في رحلة طويلة من البحث عن هوية اقتصادية تتحرر من سطوة السياسة دون أن تنفصل عنها ففي دول أخرى، غير بعيدة عنا نجحت الدولة في أن تكون أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية عبر سياسات ضريبية عادلة، واستثمارات ذكية في البنية التحتية، وتمكين القطاع الخاص دون التخلي عن دورها الرقابي. الا اننا في العراق، نشهد غياب الرؤية الاقتصادية الواضحة حول الدولة من حاضنة للتنمية إلى عامل معيق لها، حيث تتضخم البيروقراطية وتتفشى المحسوبية، بينما تتراجع الخدمات الأساسية وتنكمش فرص العمل.
وفي ظل سيادة النمطية الريعية للتشغيل في القطاع الحكومي أفرز هذا النموذج الاقتصادي ثقافة استهلاكية تستحق الدراسة، حيث تحول المواطن من منتج إلى متلقٍ للريع النفطي عبر الوظيفة العامة أو الدعم الحكومي. وأدى ذلك إلى تشوه عميق في العلاقة بين الفرد والدولة، فلم تعد الأخيرة تمثل سلطة تنظيمية بقدر ما أصبحت "معيلاً" ينتظر منه توزيع الأرزاق. وهكذا سرق المجتمع من طاقته الإنتاجية، بينما سرق الاقتصاد من حيويته التنافسية.
لا مناص من رؤية تتأطر حول تغيير دور الدولة من "تاجر" يوزع الريع النفطي إلى "مهندس" يبني اقتصاداً متنوعاً، فلو عملنا على تنمية برامج اقتصادية اجتماعية ناهضة تهدف الى تغيير نمطية الفردمن متلق للمساعدات المالية إلى فاعل في عمليات الإنتاج والتصدير، لأمكن كسر هذه الحلقة المفرغة. اذ تثبت لنا التجارب العالمية أن الدول التي تنجح في الجمع بين السوق العادلة والضمان الاجتماعي هي الأكثر استقراراً وازدهاراً.
ومع استمرار اختلال هيكله فان الاقتصاد العراقي اليوم على مفترق طرق: إما أن تستمر الدولة في دورها التقليدي كمسيطر على الثروة وموزع لها بشكل غير عادل، وهو ما يهدد باستمرار الازمات، أو أن تتحول إلى منظم للاقتصاد وحامٍ لمصالح الأغلبية عبر تنظيم وتهيئة الشروط الأساسية لنمو السوق والإنتاج والتنويع، وهو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار والرخاء.
يبقى السؤال قائما: هل ان الإرادة السياسية قادرة على خوض هذه المعركة المصيرية؟ أتوقع ان التاريخ الاقتصادي وحده سيجيب .
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام