أفشل المحامون المصريون في انتخابات مثيرة، السبت الماضي، خطط رجل السلطة العنيد سامح عاشور في استعادة منصبه على رأس نقابتهم.

يأتي ذلك بعد عام من فشل مرشح السلطة على منصب نقيب الصحفيين، وبعد أن نجح المهندسون في منع النظام من إسقاط نقيبهم قبل 10 أشهر.

وبعد انتخابات شهدت تنافسا وصل حد العراك بالأيدي بين أنصار بعض المرشحين فاز المرشح المنافس لعاشور، نقيب المحامين الحالي عبدالحليم علام بـ23 ألفا و955 صوتا، وفق إعلان رسمي مساء الاثنين، في واقعة ديمقراطية لاقت استحسان الكثير من المحامين.





ورأى البعض في النتيجة رسالة سياسية قوية ومتتابعة من النقابيين في مصر، إلى رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، الذي يقيد العمل النقابي في البلاد ويواصل غلق المجال العام منذ 10 سنوات.

وتنافس في انتخابات المحامين 14 مرشحا على منصب النقيب، و253 مرشحا على مقاعد العضوية في 488 لجنة تابعة لـ 37 نقابة فرعية، كما بلغ عدد الناخبين المقيد أسماؤهم 322 ألفا و152 عضوا.


ومنذ غلق اللجان أظهرت المؤشرات شبه النهائية في انتخابات نقابة المحامين، بعد فرز أصوات صناديق الاقتراع، حسم عبدالحليم علام منصب نقيب المحامين بعد منافسة شرسة مع سامح عاشور و13 آخرين، وذلك تحت إشراف قضائي من هيئة قضايا الدولة.

وتعد هذه هي الدورة الثانية لعلام، الذي فاز بمنصب نقيب المحامين في انتخابات تكميلية جرت في أيلول/ سبتمبر 2022، بعد رحيل النقيب السابق رجائي عطية، فيما أعلنت حملته فوز مرشحها بمقعد النقيب العام لدورة جديدة تبدأ من 2024 إلى 2028، بفارق 6 آلاف صوت عن أقرب منافسيه سامح عاشور.

وعاشور، برلماني سابق من (1995 إلى 2000) كما عينه السيسي عام 2020 عضوا بمجلس "الشيوخ" الذي استقال منه في كانون الثاني/ يناير الماضي، للترشح على منصب نقيب المحامين الذي فاز به سابقا 3 دورات غير متتالية، اثنتين في عهد حسني مبارك من (2001 إلى 2008)، وواحدة في عهد السيسي، من (2015 إلى 2020).

وتعد هذه هي الانتخابات الثانية التي يخسرها عاشور بعد انتخابات النقيب 2020، والتي خسرها بمواجهة النقيب الراحل رجائي عطية -توفي 26 آذار/ مارس 2022-، الذي تقدم في العام ذاته ببلاغ لنيابة الأموال العامة يتهم فيه عاشور بقضايا فساد وغسل الأموال والإضرار بالأموال العامة للنقابة.

"رسائل النقابيين"
وبخسارة عاشور، يستكمل علام، ما بدأه قبل عامين، وما واصله الصحفيون والمهندسون بعده من الإطاحة بمرشحي الدولة بنقاباتهم، رغم ما يواجهونه من قيود أمنية وتدخلات من النظام وتوجيه للرأي العام في تلك النقابات وإغراءات حكومية.

وأطاح الصحفيون في آذار/ مارس 2023، بمرشح الدولة على منصب النقيب خالد ميري، برغم ما حمله من وعود برفع بدل حكومي يحصل عليه النقابيون منهم، ليفوز المرشح اليساري خالد البلشي.

وهو ما سبقه فوز نقيب المهندسين طارق النبراوي في آذار/ مارس 2022، ضد مرشح الدولة هاني ضاحي، وما تبعه من نجاح المهندسين في إعادة الثقة في نقيبهم في 30 أيار/ مايو الماضي، خلال جمعية غير عادية التي جاءت بطلب من مهندسين يتبعون حزب "مستقبل وطن" الذراع السياسي للسيسي.

وفي تعليقه على نتائج انتخابات نقابة المحامين، أكد الكاتب الصحفي المعارض سليم عزوز، أن الخبر هو فشل مرشح السلطة سامح عاشور وليس فوز علام، وأن في ذلك رسائل سياسية هامة لرأس السلطة.

 

ويتكون مجلس نقابة المحامين من 28 عضوا منهم 25 يمثلون المحامين و3 مقاعد يمثلون محامي الإدارات القانونية بالشركات، وذلك مدة 4 سنوات، مع عدم جواز شغل منصب النقيب لأكثر من دورتين متتاليتين.

وتشكلت نقابة المحامين عام 1912، ما يجعلها أقدم النقابات المهنية بالعالم العربي، وخرج منها العديد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين وكبار الشخصيات العامة والأدباء والمفكرين والمثقفين وقادة العمل السياسي بمصر.

"عربي21" تحدثت إلى بعض المحامين عن دلالات فشل نقيب المحامين السابق المدعوم من الدولة في استعادة مقعده، وعن الرسالة التي يرسلها ذلك إلى السلطة خاصة بعد انتخابات مماثلة لنقابة الصحفيين والمهندسين، وما قد يحمله تتابع سقوط رجال النظام في النقابات المهنية للعمل النقابي وللشارع السياسي من آمال.

"مخاوف وآمال"
المحامي المصري الشهير منتصر الزيات وافق الرأي القائل بأن فوز علام مجددا بمنصب النقيب وإقصاء سامح عاشور رجل الدولة، فيه رسالة تضاف إلى نجاح سابق بنقابة الصحفيين بإقصاء مرشح الدولة خالد ميري، ونجاح المهندسين في منع الإطاحة بنقيبهم طارق النبرواي، وأن رسالة نقابة المحامين الأعرق، "ستكون كبيرة".

وحول إمكانية أن يحقق علام، أحلام المحامين التي لم يحققها النقيب عاشور طوال 12 عاما، قال: "اعتقد أن كلاهما لا يمثل كامل أحلام المحامين، ومع ذلك أتمنى أن يحقق علام أحلامهم ويخفف معاناتهم التي طالت".

ويرى أن "أحلام المحامين تتلخص في أن يتم التعامل معهم معاملة كريمة في أماكن العمل التي يترددون عليها، ويجدوا معاملة كريمة من ضباط الشرطة في الأقسام، ويكون لهم ظهر حماية من النقابة، ومعاملة كريمة من زملائنا في النيابة العامة".

وأضاف: "نحتاج أن يخفف الأستاذ علام من الأعباء الضريبية عن المحامين؛ فالتغول الضريبي على المحامين لا يطاق، ولابد أن يجد حلا ويتدخل، خاصة وأن احتجاجات المحامين ضد قرار الفاتورة الإلكترونية أغضبت الدولة، ولم يصمت المحامون إلا بعد وعود الدولة ببحث الموضوع، لأنها قضية عادلة".

وفي كانون الأول/ أكتوبر 2022، نظم المحامون العديد من الوقفات الاحتجاجية أمام مقر النقابة الرئيسية في العاصمة المصرية القاهرة، وفي النقابات الفرعية في عواصم المحافظات، رفضا للتسجيل في الفاتورة الإلكترونية التي اعتبروها قيدا ماليا كبيرا على عملهم.


"بعث الروح"
من جانبه، قال المحامي والسياسي المصري مجدي حمدان موسى إن "الانتخابات جرت بشكل جيد جدا، وكان هناك عدالة وإنصاف لكل الأطراف المرشحة، حتى فترة الطعون تم تجاوزها بشكل حضاري، وجرت انتخابات حاز فيها علام على الأصوات التي يستحقها".

ويعتقد موسى، في حديثه لـ"عربي21"، أن "علام قدم عملا جيدا خلال ولايته الأولى، ومنع المصالح التي كانت تتم في نقابة المحامين، وتمكن من وقف سيطرة عمال مكتب النقيب التي كانت تسيطر على النقابة فيما سبق، وحاول إعطاء كل ذي حق حقه، وهذا كان أمر مهم".

ويرى أن "دور نقابة المحامين تاريخي وأخرجت مصطفى كامل وغيره من العظماء والمفكرين والأحرار والثوار، وأنها ما زالت حتى الآن تضخ القيادات الوطنية المصرية القادرة على تغيير الحالة السياسية، والقادرة على بعث الروح من جديد في الحراك السياسي في مصر".

وحول المعوقات، أكد السياسي المصري والقيادي بحزب المحافظين، أن "المعوقات أمام نقيب المحامين هي هي المعوقات التي تعوق أداء الأحزاب السياسية والجمعيات والهيئات لعملها".

وقال إنه "مازال حتى الآن لدينا القليل جدا من الحرية في الحركة على المستوى السياسي أو النقابي"، مضيفا: "دعنا نأمل بوجود متغيرات قادمة، وأرى أن النقيب شخصية محترمة ويحظى بحب الجميع وقادر على التصدي لأية محاولة لتغيير البنية الحقيقية لنقابة المحامين".

"ضعيف أفضل من فاسد"
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد المحامي المصري محمد عبدالعال، أن "المشكلة في نقابة المحامين أنها تحت سيطرة الأجهزة الأمنية، وأنه يجب أن يكون النقيب خاضعا"، ملمحا إلى أنه "حتى في نقابة الصحفيين من يوم فوز خالد البلشي بمنصب النقيب؛ التزم الهدوء والصمت".

وقال: "يطمح المحامون في نقيب قادر على تفعيل مواد قانون المحاماة بتحقيق الضمانات القانونية التي تساعد المحامي على أداء عمله بشكل صحيح، لا سيما في مراكز أقسام الشرطة وسريات النيابات".

وأضاف: "وتذليل العقبات التي تحول بين المحامي وموكله بحالات الحبس الاحتياطي، وكذلك تحصيل مستحقات المحامين المتقادمة لدى وزارة العدل المتمثلة في أتعاب المحاماة التي تحصل وتدخل خزينة وزارة العدل وهي حق خالص للمحامين، وتحقيق وتفعيل مواد القانون الخاصة بحصانة المحامي أثناء وبمناسبة تأدية أعماله القانونية".

وأعرب عبدالعال عن آماله بأن "يحافظ نقيب المحامين على مسافة معقولة مع السلطات العامة تحقق له الاستقلالية وعدم التبعية لأي سلطة، وأيضا؛ تفعيل النسبة الخاصة بتعيين المحامين بمرفق القضاء والنيابة".

وحول المعوقات التي قد تعوق عمل علام لتحقيق ذلك، قال إنه "ليس بالنقيب الفذ كما نتصور؛ ولكنه بديل لنقيب سابق فاسد وبطانة متربحة متغلغلة طليقة من قيود الشرف والأمانة، فنكون كمن يرضى بالأدنى لسوء حال الكائن، أي نظرية مهما كان ضعف علام، هو أفضل من فساد سامح".

واستدرك: "لكن الإشكالية أن المرحوم رجائي عطية (النقيب السابق توفي 26 آذار/ مارس 2022) بذل محاولات مضنية من أجل فتح تحقيق في وقائع فساد رصدتها الأجهزة الرقابية ضد سامح ومجلسه لكنها باءت بالفشل، لأن الفساد محمي بالفساد".

"لابد من التغيير"
من جانبه، يرى المحامي إبراهيم النقلي، أن "المسألة ليست مرشح دولة أو مرشح معارضة، فعلام كذلك ليس معارضا، ولكن الذي حدث أن سامح عاشور ومجموعته تربعوا علي عرش النقابة 12 عاما، فكان لا بد من التغيير، مضيفا لـ"عربي21": "أما كون علام سيعمل لصالح النقابة واستعادة دورها الكبير فنأمل ذلك".

ولفت إلى أن مطالب وأحلام المحامين من نقابتهم كبيرة ولكن أبرز مطلبين هما: "تحسين خدمات العلاج، ورفع قيمة المعاشات"، مؤكدا أن علام قادر على أن يواجه المعوقات "مع إخلاص النوايا، وترشيد الإنفاق، والحصول على دعم من الدولة".

"دور الإخوان"
ولكن، وعلى الجانب الآخر، فإن للمحامي أسعد هيكل، رؤية أخرى، حيث قال لـ"عربي21": "لا نستطيع أن نصف ما حدث بانتخابات نقابة المحامين أنها كانت انتخابات".

وأوضح أن "النسبة التي حضرت لا تزيد عن حوالي 10 بالمئة، كما أن المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات عاشور، وعلام، أنفقوا ملايين الجنيهات للتأثير على الناخبين".


ويرى هيكل أن "العامل الأكبر في حسم النتيجة كان لجماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها بين المحامين، فقد نجحوا في ترجيح كفة علام عن عاشور، الذي دفع للمرة الثانية ثمن إقدامه على تنقية جداول المحامين منهم، ومن غير المشتغلين".

وأضاف: "بصرف النظر عما حدث في الانتخابات، أتمنى التوفيق لعلام ومجلسه، وأتمنى أن يُقدم على إحياء دور نقابة المحامين في الدفاع عن الحقوق والحريات، ورفع المعاشات وتحسين خدمة العلاج".

وختم بالقول: "لكن مقدمات ما حدث خلال العام الماضي، وأداؤه هو ومجلسه، يجعلنا نتحفظ، ونشك في أن يقدم على تحقيق تلك التطلعات والأمنيات".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصريون المحامين النقابات مصر نقابات المحامين المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نقابة المحامین نقیب المحامین منصب النقیب فی انتخابات سامح عاشور منصب نقیب على منصب

إقرأ أيضاً:

سعد الصغير وطارق عبدالحليم يدليان بأصواتهما في انتخابات نقابة الموسيقيين

 حرص كل من النجم سعد الصغير وطارق عبد الحليم على الإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفى لعضوية مجلس نقابة الموسيقيين المقامة داخل نادى جامعة القاهرة بشارع البحر الاعظم.

 كما حرص على الحضور عدد من أعضاء مجلس النقابة منهم الدكتور محمد عبدالله والدكتور عاطف امام.

 وحرص عدد من الأعضاء المنتخبين على عضوية مجلس إدارة نقابة الموسيقيين على حضور انتخابات التجديد النصفى ومنهم الفنانة نادية مصطفى وحلمي عبد الباقي وأحمد العيسوي ومنصور هندى والدكتور علاء سلامة وعادل مصطفى ومحمد صبحي وداوود محمد سمير. 

ويتنافس على انتخابات التجديد النصفى كل من 6 أعضاء من مجلس إدارة نقابة الموسيقيين الحالي وهم الفنان حلمي عبد الباقي ومنصور هندى ونادية مصطفى ومحمد صبحي وعلاء سلامة وأحمد العيسوي، بالإضافة إلى كل من أحمد محمد عرفات وداوود محمد سمير عبد المحسن وعادل محمد مصطفى نعيم . 

وتأتي هذه الخطوة ضمن الإجراءات القانونية المنظمة لعمل النقابات المهنية في مصر، حيث يُجرى التجديد النصفي لأعضاء المجلس لضخ دماء جديدة ومنح الفرصة للراغبين في خدمة المهنة وأعضائها.

 وأكد مؤخرا النقيب مصطفى كامل على التزامه بالعهد والقانون : سأظل محافظاً على العهد والوعد حتى نهاية فترة ولايتي بإذن الله، ولن أخالف القانون، فالعدل أساس المُلك".

قرعة التجديد النصفي تُعد استحقاقًا قانونيًا إلتزم به النقيب العام الفنان مصطفى كامل، إيمانًا منه بأهمية ترسيخ مبدأ العدالة، واحترامًا للقواعد المنظمة للعمل النقابي، وحرصًا على أن تسير النقابة في مسارها الصحيح، الذي يصون حقوق الأعضاء ويحفظ هيبتها.

طباعة شارك النجم سعد الصغير طارق عبد الحليم نقابة الموسيقيين عاطف امام سعد الصغير

مقالات مشابهة

  • إمام عاشور ينشر رسالة مفاجئة قبل انطلاق الدوري.. ماذا يقصد؟
  • إقبال كثيف في انتخابات التجديد النصفي لـ عضوية نقابة المهن الموسيقية
  • «المهن التمثيلية» تحسم مصير البلوجرز وتوجه رسالة لـ المخرجين والمنتجين
  • الاحتلال يحظر عمل نقابة المحامين الفلسطينيين في القدس
  • سعد الصغير وطارق عبدالحليم يدليان بأصواتهما في انتخابات نقابة الموسيقيين
  • الاحتلال يحظر عمل نقابة المحامين داخل القدس
  • مقترح إسرائيلي لتوحيد المعارضة في 3 كتل لمواجهة الائتلاف الحاكم وإزاحة حكومة نتنياهو
  • نقابة الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفي عبدالجبار باجبير وتوفير بيئة آمنة
  • «الصحفيين» تفتح باب الاشتراك بالدورة التدريبية للشبان الأفارقة
  • نائب: كلمة الرئيس السيسي رسالة قوية للمجتمع الدولي بضرورة تحمّل مسؤولياته تجاه غزة