بوصوف : هذا مسار وطنيتي ودفاعي عن ثوابت الأمة والمدعو إدريس فرحان معروف بالتهديد والإبتزاز
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
بقم : عبد الله بوصوف / أمين عام مجلس الجالية
فوجئت اليوم بنشر بعض الأخبار تتضمن اتهاما بالمشاركة في التحريض على المؤسسات الوطنية ..وهو اتهام لم يخطر لي على بال طيلة أربعين سنة وهبتها للدفاع عن بلدي و مؤسساته السيادية وثوابته.. إيمانا و إقتناعا و ليس لدواعي وظيفية ، لأنها كانت شُعلة قبل ولوجي للوظيفة بعشرين سنة.
بدأتْ الحكاية من فرنسا في أواخر الثمانينات حيث استطعت بتوفيق من الله المساهمة في بناء أكبر مسجد أوروبا بمدينة ستراسبورغ ومن اجل ذلك خُضت معارك ضارية دامت عشرة سنوات مع الجزائريين وهي معارك وثقها الاعلام الفرنسي في مئات المقالات بالصحف الفرنسية لازالت متاحة على محركات البحث…
وأصبح اليوم هذا المسجد الذي دُشن باسم عاهلنا المفدى أمير المؤمنين ، بفضل الله في ملكية وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية…ثم جاءت معارك ضد الجزائريين على مستوى فرنسا في اطار المجلس الفرنسي للديانة الفرنسية…. وهنا أيضا استطعنا بفضل الله ضمان الريادة لبلدنا الغالي…
واضبت على نفس الطريقة ، مسلحا بالإيمان والوطنية عندما تشرفت بخدمة مغاربة العالم ـ فكنت حاضرا و منافحا عن ثوابتنا المغربية في كل محفل و مناسبة.. وكنت ذلك الجندي الوفي لوطنه ولملكه لبى النداء في أكثر من مناسبة:
ففي حراك الريف مثلا ، كنت من القلائل الذين خرجوا لمواجهة من نصبوا أنفسهم أوصياء على الريف و تشهد على ذلك فيديوهاتي التي لازالت موجودة على مواقع إلكترونية محترمة كموقع هسبريس .
وعندما أُحرق العلم الوطني بباريس كنت من أوائل من خرج لــيواجه أصحاب هذه الجريمة النكراء والخيانة العظمى.
من جهة أخرى ، واضبت على نشر عشرات المقالات تنسف أطروحة الجزائر و مرتزقة البوليساريو وهي لازالت على محركات البحث و سأتوجها قريبا في كتاب تحت عنوان ” الجزائر العقدة و العقيدة ”
وكنت حاضرا وبقوة في كل أزماتنا مع اسبانيا و المانيا وخاصة فرنسا يشهد على ذلك برنامج ” بدون لغة الخشب” و بلجيكا في قناة أشكاين.
وفي الوقت الذي كنا منتشين بانتصارات مونديال قطر 2022.. ألفت كتابا أرُد فيه على المخابرات البلجيكية و البرلمان الأوروبي و الصحف الإيطالية تحت اسم ” مؤامرة منتصف دجنبر ” نشرته جريدة الأخبار على صفحاتها، كما طُلب مني تحويل الكتاب الى شريط وثائقي…نشرت الكتاب في شهر يناير 2023 أي بعد اقل من شهر على بداية ” قطرغيت ” في الوقت الذي لم نجد ولو مقال واحد حول القضية التي أُقحم فيها المغرب ، فكل تحاليل الكتاب و تنبؤاته أصبحت حقيقة واقعية تنشرها الصحف الأوروبية اليوم…
أصدرت كتابا حول إمارة المؤمنين بثلاثة لغات انتصارا لها في العالم كله…و كتابين اثنين حول الصحراء المغربية..ألقيت العشرات من المحاضرات في مواضيع مختلفة و مرتبطة بثوابت الأمة المغربية في عشرات الجامعات و المنتديات الثقافية…و لم اطلب الجنسية الفرنسية رغم توفري على كل شروطها انتصارا للجنسية المغربية الغالية رغم نصيحة العديد من المسؤولين الفرنسيين بالحصول عليها.. لكن المغربية في القلب والروح…
ما حز في نفسي صراحة، هو اتهامي في بلدي و خدش وطنيتي بحجة التواصل مع المدعو ادريس فرحان ، علما أن أغلب الرسائل ملؤها التهديد و الابتزاز…وهو معروف بهذه التصرفات مع أكثر من مسؤول مغربي…
هذا في الوقت الذي أشرف فيه على اصدار موسوعة الحضارة المغربية من 13 مجلدا، و على موسوعة القيم المغربية من 10 مجلدات، و موسوعة الامثال الشعبية المغربية من 10 مجلدات تضم 11600 مثل شعبي…و 60 قصة مصورة للأطفال مضمونها هو الثقافة المغربية ستترجم لعدة لغات..
و من إصداراتي أيضا هناك كتاب حول ” تمغرابيت ” و آخر حول صورة المغرب و كتاب آخر تحت الطبع الآن حول دور القيم المغربية في تدبير الأزمات ( الكوفيد ، الطفل ريان ، زلزال الحوز )..
و تشرفت منذ أسبوعين بتلقي رسالة ملكية افتخر بها و نيشان على صدري.. تنوه بالمجهودات المبذولة و الذؤوبة في خدمة قضايا الجالية المغربية المرتبطة بالهوية المغربية الاصيلة.. وهي هدية ملكية و إشادة سامية على الوطنية و الإخلاص و الوفاء…
كما تلقيت و منذ سنوات رسائل التهنئة و التشجيع من جميع المسؤولين منوهين بما أقوم به من أعمال..
هذا الزخم و التراكم و الإنتاج الفكري المستمر و العمل الغير المنقطع منذ أربعين سنة للدفاع عن القضايا الكبرى و نشر ثوابت الأمة المغربية.. عنوانا للوطنية و الافتخار بالانتماء لهذا الوطن الغالي..
لذلك فاني ارفض رفضا قاطعا كل اتهام بالتواطؤ ضد المؤسسات الوطنية الغالية ، و ابقى رهن إشارة مؤسسات القضاء في بلدي ـ و التي أثق فيها تمام الثقة و في نزاهتها، و أنـــوه بالفرقة الوطنية و بمهنية أفرادها و أخلاقهم العالية..
سأبقى جنديا وفــيا لبلدي و لكامل مؤسساته، مدافعاعن ثوابت الامة المغربية تحت شعار: الله الوطن الملك.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: المغربیة فی
إقرأ أيضاً:
جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
يقدّم الكاتب والباحث المصري جمال سلطان في هذا المقال، الذي تنشره "عربي21" بالتزامن مع نشره على صفحته في فيسبوك، قراءةً حميمة ومكثّفة في سيرة واحد من أكثر المثقفين العرب إثارة للجدل وحضورا في معارك الوعي خلال النصف الثاني من القرن العشرين: محمد جلال كشك.
فمن خلال استعادة شخصية كشك وتجربته الفكرية وتقلباته وتحولاته وصراعاته، لا يكتب سلطان مجرد شهادة شخصية، بل يعيد تفكيك مشهد ثقافي وسياسي كامل، كانت فيه مصر ـ والعالم العربي ـ تتشكل تحت وطأة الإيديولوجيات الكبرى، والمشاريع السلطوية، وصدامات الهوية، ومحاولات التأريخ والهيمنة على الذاكرة.
تتكشّف في هذه السطور صورة كاتب عركته التجارب، واشتعل بالأسئلة، وامتلك جرأة لا تلين في مواجهة ما اعتبره زيفا أو تزويرا للوعي، حتى آخر لحظة في حياته.
طاقة صحفية وفكرية مذهلة
كنت في شبابي مغرما بالكاتب الراحل الكبير محمد جلال كشك، وما زلت، كان الرجل طاقة صحفية وفكرية مذهلة، ولديه صبر ودأب على القراءة والكتابة بشكل تحار فيه العقول، ويكفي أنه كان يقرأ كتب الراحل الكبير أيضا محمد حسنين هيكل ويجري مقارنات صبورة بين ما يكتبه هيكل في النسخة الانجليزية التي تصدر للتسويق الخارجي وما يكتبه في النسخة العربية ، ليكشف عن تناقضات في الروايتين، وهو جهد صعب للغاية، كما كان كتابه المهم "ودخلت الخيل الأزهر" أهم موسوعة حديثة في تسجيل جرائم الغزو الفرنسي لمصر، والعملاء الذين خدموه في الداخل، والكتاب أثار ضجة في حينه، كما كان كتاباه: كلمتي للمغفلين، وثورة يوليو الأمريكية، من أخطر الكتب التي صدرت عن تجربة ثورة يوليو وعبد الناصر، وهو ما قلب عليه القوميين والناصريين بشدة، وهو كان يبادلهم كراهية بكراهية وله كتابات أخرى في هذه المعارك .
لذلك كانت سعادتي كبيرة عندما قدمتني له الكاتبة الكبيرة صافي ناز كاظم، خاصة عندما قرأ كتابا لي صدر في أول التسعينات الماضية "أزمة الحوار الديني"، وأبدى إعجابه الشديد به، وكان مندهشا أن كاتبا شابا يكتب بتلك اللغة والمعلومات، ودعاني لزيارته في شقته بالزمالك وأكرمني كرما حاتميا مما جعلني أحكي تلك "العزومة" الفاخرة لصافي ناز على سبيل التباهي بأنها أتتني من كاتب كبير في قيمة وقامة جلال كشك، فلما بلغه كلامي وغزلي في العزومة غضب، واعتبر أن "العزومة" وما فيها من أسرار البيوت وأنني بذلك لم أحترم بروتوكل الزيارات، فلم يكررها ثانية، وبصراحة كان محقا في ذلك وقد تعلمت من هذا الموقف فيما بعد، لكني وقتها خسرت الكثير من الحمام المحشي والمشوي وخلافه، رغم أنه ـ رحمه الله ـ لم يكن يأكل إلا قليلا بسبب إصابته بالسكر والكوليسترول وأمراض أخرى اجتمعت عليه .
شهدت أفكار محمد جلال كشك تحولات، مثل تحولات عبد الوهاب المسيري وعادل حسين وطارق البشري وجيل كبير من المثقفين المصريين، بدأ حياته الفكرية والسياسية ماركسيا وكان من مؤسسي الحزب الشيوعي، ثم تركه وتركهم وقدم نقدا عنيفا للماركسية ومنظماتها في الستينيات ونشر سلسلة مقالات أزعجت الاتحاد السوفيتي، حتى ردت عليه صحيفة البرافدا واعتبرت أن وجود جلال كشك في الصحافة المصرية هو إساءة للاتحاد السوفييتي، وكانت علاقات عبد الناصر وقتها قد توثقت بموسكو، فأوقفه عبد الناصر عن الكتابة وعن العمل كلية ثلاث سنوات كاملة، ولم يعد إلا بعد النكسة، فعاد إلى مؤسسة أخبار اليوم، ثم ترك مصر كلها وهاجر، وقضى حقبة من حياته في بيروت في حالة لجوء اختياري بعد مضايقات عصر السادات، حتى كانت الثمانينيات حاسمة في توجهه إلى الفكرة الإسلامية، والانحياز للإسلام كحضارة وهوية للأمة وشرط لنهضتها.
لم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.كان جلال كشك يجمع بين الجدية والصرامة في الكتابة وبين خفة الظل والصراحة في المواجهة، وعندما ابتلي في سنواته الأخيرة بسرطان البروستاتا، كان يتردد على لندن للعلاج والفحص، وفي آخر زيارة طبية، أجرى التحاليل، فقال له الطبيب أن أمامه ما بين ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر فقط في الدنيا ثم يموت، ويومها كتب مقالا مؤثرا للغاية في مجلة أكتوبر، وكان لها شأن في تلك الأوقات، كان عنوانه "أنعي لكم نفسي"، وحكى فيه ما جرى وأنه ينتظر الموت خلال ستة أشهر على الأكثر، هي كل ما بقي له من الدنيا، ويودع قراءه، ورغم الحزن والمفاجأة، إلا أنه لم يتخل عن خفة ظله في هذا المقال، فحكى فيه أنه بعد أن تسلم من المستشفى اللندني التحليل الذي يؤكد قرب وفاته، فوجئ باتصال يأتيه من شركة أمريكية متخصصة في "دفن الموتى"، وقالوا له: مستر جلال نحن لدينا تجهيزات راقية للجنازات، ومقابر مميزة وبأسعار مناسبة ويمكن أن نحجز لك مقبرة تسرك!!، وراح في المقال يلعن سلسفيل جدودهم، ولم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.
كان جلال كشك شرسا في معاركه الفكرية، موسوعي الثقافة، قوي الحجة، حاضر الذهن، صاحب جلد وصبر غير عادي على البحث والكتابة، لذلك كان مزعجا جدا لأكثر من تيار فكري ، وبشكل خاص كان مكروها من الأقباط المتطرفين، ومن استصحبوا الوعي الطائفي من المثقفين في كتاباتهم عن تاريخ مصر، ولذلك كان يكرهه بشدة الناقد المعروف لويس عوض وكذلك غالي شكري ، خاصة وأنه في كتابه "ودخلت الخيل الأزهر" كشف عن دور "المعلم يعقوب" والفيلق القبطي الذي شكله للقتال بجوار الجيش الفرنسي الذي احتل مصر، وكان لويس عوض يثني في كتاباته على "المعلم يعقوب" عميل الاحتلال الفرنسي ويعتبره بطلا .
أيضا، يكرهه الناصريون بشدة، لأنه صاحب أهم الكتب التي كشفت عن الدعم الكبير الذي قدمته المخابرات الأمريكية "CIA"، لانقلاب ضباط حركة يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر، وكان كتاباه "كلمتي للمغفلين"، و"ثورة يوليو الأمريكية" أشبه بزلزال ضرب الوعي الخرافي الذي سوقته آلة الدعاية الناصرية على مدار عقود، وذلك بسبب ما حواه الكتاب من وثائق وأدلة دامغة على الاتصالات واللقاءات السرية التي كانت تجري بين عبد الناصر وبعض ضباطه وبين السفارة الأمريكية، والترتيبات الأمريكية لدعم وحماية انقلاب الضباط ومنع جيش الاحتلال الانجليزي من التدخل، حيث كان جيشهم يرابط في منطقة القناة، على بعد ساعة واحدة من القاهرة.
أيضا، كان يحظى بكراهية شديدة من محبي الأستاذ محمد حسنين هيكل، ومجاذيبه، لأنه القلم الوحيد الذي جرؤ على إهانة هيكل وإحراجه، بل وإعلان احتقاره وتحديه، في مقالات كثيرة، وفي كتب أيضا، وكشف تناقضاته، كما كشف تمريره لمعلومات غير صحيحة على الإطلاق، وتعتبر تضليلا للرأي العام، وكان له صبر عجيب في تتبع هيكل وإحراجه، ولذلك كان الناصريون وأنصار هيكل أكثر من شنعوا على جلال كشك، وأطلقوا حوله الشائعات والشبهات، ورموه بالاتهامات المرسلة والسخيفة والكاذبة التي يسهل إطلاقها على أي أحد، بدون أي دليل، محض كراهية وبهتان وتصفية مرارات عالقة في النفوس.
تتفق أو تختلف مع جلال كشك ، الذي توفاه الله في العام 1993 ، إلا أنك لا يمكن أن تتجاهل أن الثقافة العربية والصحافة العربية خسرت بموته قلما جبارا، وطاقة لا تكل ولا تمل من إثارة المعارك الفكرية والصحفية التي أحدثت استنارة حقيقية في جيل بكامله من المثقفين المصريين والعرب أراد البعض لهم أن يرسفوا في أغلال الزيف والبهتان، يرحمه الله .