رغم تواصل التهديد والوعيد الإسرائيلي بالهجوم البري على محافظة رفح، تحت ذريعة القضاء على آخر معاقل حركة حماس، إلا أن أسبابا جوهرية تقف عائقا أمام الهجوم المرتقب، منها ما يتعلق بجاهزية "الجيش"، وأخرى بتوفير الغطاء الدولي للعملية التي تواجه تحذيرات متواصلة، خشية التكلفة البشرية الباهظة.

لماذا يصر نتنياهو على تنفيذ العملية؟
يرى الخبير العسكري والاستراتيجي، العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي أن إصرار رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو على الهجوم في رفح، يرجع إلى فشل جيشه في حسم معركة القضاء على المقاومة في كل المناطق التي دخلها سابقا، فلقد دخل منطقة الشمال ومنطقة لواء غزة، ثم دخل في المنطقة الوسطى ثم منطقة خانيونس ولم يتوصل إلى تحقيق أهداف الحرب التي حددها في الفترة الماضية، ولم يتمكن من الوصول إلى قيادات حماس السياسية والعسكرية، أو العثور على الأسرى الذين يتجاوز عددهم أكثر من 130 شخص.



ويضيف الفلاحي في حديث خاص لـ"عربي21" أن البنية التحتية للمقاومة في رفح "لا زالت قوية، ونستطيع أن نقول بأنها متكاملة، فلذلك هو يريد أن يذهب إلى هذه المعركة ثم بعد ذلك إذا لم يتوصل إلى القيادات أو إلى الأسرى عندئذ يفكر مليا في مسألة إبرام صفقة مع حماس، وطالما لديه خيار لن يذهب إلى التفاهم مع حماس حول أي صفقة خلال هذه الفترة". وفق الخبير العسكري".


أسباب تأجيل العملية
يعتقد الخبير العسكري، حاتم الفلاحي، أن هناك أسبابا عسكرية واستراتيجية عديدة أدت إلى تأجيل معركة اقتحام رفح حتى الآن، منها:

أولا: التكلفة الإنسانية كبيرة جدا نتيجة الكثافة السكانية التي تتواجد في رفح، فأكثر من مليون و400 شخص يتواجدون في هذه المنطقة وبالتالي إذا لم يحصل نتنياهو على الدعم المطلق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لن يستطيع الذهاب إلى هذه المعركة لأنه لن يتحمل التداعيات الإنسانية لهذه المعركة.

ثانيا: القطاعات العسكرية الإسرائيلية متعبة ومنهكة ومُستنزفة في المعارك السابقة، وجزء من هذه القوات تم تسريحها نتيجة ضعف الاقتصاد، والقسم الآخر تم تحريكه إلى الجبهة الشمالية نتيجة تصاعد العمل العسكري على الجبهة اللبنانية.

ثالثا: تصاعد العمليات في الضفة الغربية بشكل ملحوظ، فأكثر من 18 هجوم وعملية فدائية نُفذت منذ بدء العمليات العسكرية في غزة، وهذا يستنزف قوات الاحتلال.

رابعا: دخول معركة رفح في شهر رمضان يثير الكثير من المسلمين في جميع العالم، مما قد يؤدي إلى تداعيات لن تتحملها الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا في الأمن الإقليمي والدولي.

خامسا: مخاوف إسرائيلية من فقدان الدعم الدولي من قبل الولايات المتحدة والغرب عموما، حال أقدمت على دخول معركة رفح دون أخذ المخاوف الدولية بعين الاعتبار.

سادسا: نقص في الذخائر ونقص في عتاد المدفعية 155 ملم، ونقص عتاد الدبابات 120 ملم، يُضاف إلى ذلك الخسائر الكبيرة على مستوى الأفراد والمعدات.

سابعا: الانقسام السياسي والعسكري في مسألة اليوم التالي للدخول لأنه هذه القطاعات التي دخلت الشمال والوسط تحولت إلى قوات شُرطية لا هي قادرة على الانتشار والسيطرة ولا هي قادرة على البقاء في المنطقة نتيجة للعمليات التي تتصاعد عليها، فلذلك هناك اشكالية في هذا المجال.


القتال على جبهتين
ورأى الفلاحي أن جيش الاحتلال لا يستطيع القتال على جبهتين، فهو مستنزف في قطاع غزة الآن، ولكن ماذا لو فُتحت جبهة الشمال، كيف سيكون وضع الجيش؟، مضيفا أن "هناك اشكالية حقيقية لدى الجيش خصوصا وأنه سحب الكثير من القطاعات في الضفة الغربية والكثير من القطاعات في الجبهة الشمالية وتم تحويلها باتجاه الجنوب، مما يعني بأنه استنفذ الكثير من القطاعات العسكرية".

وذكر أن "الجيش الصهيوني كان يُحاكي مسألة القتال على عدة جبهات وكانت هناك مناورات سماها مناورات عربات النار في الفترة الماضية تُحاكي قتال على عدة جبهات، ولكن المعركة أو الحرب التي جرت في غزة أثبتت فشل الجيش الصهيوني في امكانية المواجهة على عدة جبهات فلذلك نرى بأنه لن يستطيع أن يفتح جبهة الشمال طالما أن جبهة غزة مفتوحة".

كثافة بشرية عالية
الخبير العسكري نضال أبو زيد يعتقد أن "إسرائيل لا تأخذ بالحسبان أي ردات فعل دولية على هجوم رفح،  لكن في نفس الوقت هي تدرك أن حجم الخسائر سيكون كبير جدا إذا ما اتجهت لتنفيذ العملية، وتدرك أيضا أنها لا تملك القوة الكافية لشن عملية عسكرية جديدة في رفح".


وحول ربط تأخير العملية بعمليات سفر الفلسطينيين من معبر رفح حاليا، واعتبار الاحتلال ذلك تفريغ جزئي للسكان، لا يعتقد أبو زيد أن ذلك سببا رئيسيا للتأجيل، بل يرى أن الكثافة السكانية العالية في رفح، والتي يقدر أعداد النازحين فيها بنحو  مليون وأربعمئة ألف هي من تعيق العملية العسكرية حاليا.

وتابع في حديث خاص لـ"عربي21" أن رفح "فيها كثافة بشرية عالية جدا و إحصائيات أممية أشارت الى أن ما رفح أصبحت أعلى منطقة كثافة سكانية في العالم". مشددا أن هذه الكثافة هي محدد رئيسي يضغط على الاحتلال فيما يتعلق بتنفيذ عملية رفح.

وبالتوازي مع العمليات العسكرية، قال أبو زيد إن الاحتلال حاول اللعب على ورقة الحاضنة الشعبية للمقاومة منذ بدء العملية العسكرية. ومؤخرا زاد من الضغوط على الحاضنة الشعبية من خلال قصف المناطق المدنية وقصف المدنيين وسياسة التجويع التي اتبعها، وسط محاولاته لإيجاد وحدات أو مجموعات من الصحوات تابعة للعشائر في قطاع غزة، لكن جميع  هذه الخطط فشلت في تأليب الحاضنة الشعبية على المقاومة.

وتواصل قوات الاحتلال ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 174 على التوالي، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، والأحزمة النارية مع ارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 90 % من السكان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية رفح الاحتلال غزة العملية الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال رفح عملية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الخبیر العسکری فی رفح

إقرأ أيضاً:

ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟

غزة- أعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس السبت، أنه بدأ بتوجيهات من المستوى السياسي سلسلة عمليات لتحسين الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، بإسقاط المساعدات من الجو وتحديد ممرات إنسانية يسمح عبرها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن بغرض إدخال المواد الغذائية والأدوية.

ويأتي الإعلان الإسرائيلي مع اشتداد التجويع الذي يعصف بأكثر من مليوني فلسطيني في غزة بعد مرور 5 أشهر على إغلاق إسرائيل المحكم لمعابر القطاع، ومنع دخول إمدادات الغذاء والدواء.

وتجيب الأسئلة التالية على تفاصيل التجويع التي يعيشها سكان غزة، وآليات إدخال المساعدات التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكميات المواد الغذائية التي يحتاجها القطاع يوميا.

كيف تعمقت المجاعة في قطاع غزة؟

منذ 2 مارس/آذار الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع معابر قطاع غزة منقلبا بذلك على اتفاق التهدئة الموقع في 18 يناير/كانون الثاني، والذي نص على إدخال 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميا إلى قطاع غزة.

ومنذ ذلك الحين، اعتمد سكان القطاع على المواد الغذائية التي كانت لديهم، والتي بدأت تنفد تدريجيا من الأسواق، حتى انتشر التجويع بين السكان وظهرت عليهم علامات وأمراض سوء التغذية سيما مع نقص المواد الأساسية من مشتقات الحليب واللحوم والدواجن والخضراوات، كما طال المنع الأدوية ومستلزمات النظافة الشخصية.

وأدى التجويع إلى وفاة 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا، حسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، بعدما منع الاحتلال منذ ذلك الوقت -وحتى الآن- إدخال أكثر من 80 ألف شاحنة مساعدات ووقود.

كيف عادت المساعدات إلى غزة؟

في 27 مايو/أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتماد آلية جديدة لتوزيع المساعدات تعتمد على "مؤسسة غزة الإنسانية" الممولة أميركيا ويديرها ضباط خدموا في الجيش الأميركي، وافتتحت نقطة توزيع في المناطق الغربية لـرفح التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، ومن ثم أقيمت نقطة أخرى في ذات المدينة، وبعدها نقطة ثالثة في محور نتساريم وسط قطاع غزة الخاضع لسيطرة جيش الاحتلال أيضا.

إعلان

وأبقت المساعدات الأميركية سكان غزة في دوامة المجاعة، ولم تحدث تغييرا على واقعهم المعيشي الصعب لعدة أسباب:

تقام نقاط التوزيع في مناطق خطيرة "مصنفة حمراء" ويسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. لا يوجد آلية معتمدة بتوزيع المساعدات، ويغيب أي قاعدة بيانات للقائمين عليها، وتترك المجال للجوعى للتدافع والحصول على ما يمكنهم، دون عدالة في التوزيع. يضع القائمون على هذه المراكز كميات محدودة جدا من المساعدات لا تكفي لمئات الأسر الفلسطينية، وتبقي معظم سكان القطاع بدون طعام. ساهمت مراكز التوزيع الأميركية بنشر الفوضى وتشكيل عصابات للسطو عليها ومنع وصول المواطنين إليها.  يتعمد الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على الذين اضطروا بسبب الجوع للوصول إلى هذه المراكز، مما أدى لاستشهاد أكثر من 1100 فلسطيني من منتظري المساعدات، وأصيب 7207 آخرون، وفقد 45 شخصا منذ إنشائها، حسب وزارة الصحة بغزة. أغلقت المؤسسة الأميركية نقطتي توزيع خلال الأيام الماضية، وأبقت على واحدة فقط غربي رفح، مما فاقم أزمة الجوع.

وفي 28 مايو/أيار الماضي، أعلن جيش الاحتلال أنه سيسمح بإدخال المساعدات إلى غزة عبر المعابر البرية التي يسيطر عليها، وذلك عقب الاتفاق بين أميركا وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) القاضي بإطلاق سراح الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر مقابل السماح بتدفق المساعدات للقطاع.

ومنذ ذلك الحين، لم يلتزم جيش الاحتلال بالاتفاق، وسمح بمرور غير منتظم وبعدد شاحنات محدود جدا عبر معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة، ومنفذ زيكيم شمال غرب القطاع، ومحور نتساريم وسط غزة، لكن الاحتلال:

يرفض وصول المساعدات إلى المخازن، ويمنع توزيعها عبر المؤسسات الدولية. يستهدف عناصر تأمين المساعدات بشكل مباشر، مما أدى لاستشهاد 777 شخصا، واستهداف 121 قافلة مساعدات منذ بداية الحرب. يريد البقاء على حالة الفوضى واعتماد المواطنين على أنفسهم في التدافع للحصول على القليل من الطعام، وفي معظم الأحيان يفشلون في ذلك. يستدرج المواطنين لمصايد الموت، ويطلق النار عليهم. جيش الاحتلال اعتمد خطة إسقاط المساعدات على أهل غزة (الفرنسية) ما الجديد الذي طرأ على إدخال المساعدات؟

بعد ارتفاع الأصوات المنادية بضرورة وقف تجويع سكان قطاع غزة والضغط الذي مارسته المؤسسات الدولية، والتحرك الشعبي سواء العربي أو الأوروبي الرافض لمنع دخول المواد الغذائية، أعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس السبت، السماح بإدخال المساعدات بما فيها تلك العالقة على الجهة المصرية من معبر رفح والسماح بمرورها عبر معبر كرم أبو سالم.

ورغم أن الاحتلال حاول إظهار أنه سمح لتدفق المساعدات بكميات كبيرة، إلا أن قراره جاء لامتصاص الغضب المتصاعد، وذلك ما تؤكده الكميات المحدودة جدا التي سمح بإدخالها إلى قطاع غزة، أمس، واقتصرت على 73 شاحنة فقط دخلت من معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، ومنفذ زيكيم شماله، و3 عمليات إنزال جوي فقط بما يعادل أقل من حمولة شاحنتين.

من يستفيد من المساعدات الواردة لغزة؟

مع رفض الاحتلال الإسرائيلي عمليات تأمين وصول المساعدات إلى مخازن المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، وتعمده إظهار مشاهد الفوضى بين الفلسطينيين، يتجمع مئات الآلاف من المواطنين يوميا أمام المنافذ البرية التي تدخل منها المساعدات، وكذلك مراكز التوزيع الأميركية رغم خطورة ذلك على حياتهم، ويتدافعون بقوة على أمل الحصول على أي من المساعدات الواردة، ويضطرون لقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام في سبيل ذلك.

إعلان

وأفرزت هذه الحالة التي يعززها الاحتلال الإسرائيلي ظهور عصابات للسطو على المساعدات وبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة.

الجيش الإسرائيلي سيسمح بإدخال المساعدات العالقة بالجانب المصري (الفرنسية) ما كمية ونوعية المساعدات التي يحتاجها قطاع غزة لتجاوز المجاعة؟

تُقدر الجهات المختصة حاجة قطاع غزة من المساعدات بـ600 شاحنة يوميا، و500 ألف كيس طحين أسبوعيا، و250 ألف علبة حليب شهريا للأطفال لإنقاذ حياة 100 ألف رضيع دون العامين، بينهم 40 ألفا تقل أعمارهم عن عام واحد، مع ضرورة السماح بتأمينها ووصولها للمؤسسات الدولية بهدف توزيعها بعدالة على سكان القطاع، والسماح بإدخال البضائع للقطاع الخاص التي توفر جميع المواد والسلع التي يحتاجها الفلسطينيون يوميا.

مقالات مشابهة

  • صنعاء تصعّد إلى “المرحلة الرابعة”:استراتيجية الضغط البحري تصل إلى الذروة
  • خلل في المراقبة يؤخر الرحلات الجوية بمطارات بريطانيا
  • لماذا ينصح الأطباء بالبطيخ… 8 أسباب ستجعلك تتناوله يومياً
  • لماذا تلوح بريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطين.. وما تأثير ذلك على علاقتها بأمريكا؟
  • تعزيز التحالفات: لماذا تُعد جولة وزير الخارجية الروسي الآسيوية استراتيجية؟
  • عصى الأوامر العسكرية..جيش الاحتلال يفصل أحد قياداته
  • لماذا لم تنتصر إسرائيل رغم تفوقها؟
  • ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟
  • 10 أسباب تجعل من الإنزال الجوي للمساعدات في غزة عديم الجدوى
  • وزير مالية الاحتلال: إدخال المساعدات إلى غزة خطوة استراتيجية جيدة بهدف القضاء على حماس