عاموس هارئيل : طوفان الأقصى كان سيناريو واقعيا لحرب شاملة في غزة
تاريخ النشر: 29th, March 2024 GMT
انتقد المحلل العسكري بصحيفة هآرتس العبرية عاموس هارئيل محدودية خيال إسرائيل واستخفافها بعدوها، وعدم اعتبارها عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 سيناريو واقعيا للحرب الشاملة في حالة نشوبها في قطاع غزة .
وقال هارئيل في مقال الجمعة: "بعد مرور قرابة نصف عام، بدأت الصورة فيما يتعلق بما حدث (في 7 أكتوبر) تتضح، ومن الواضح فعليا أن السيناريوهات المتطرفة التي حدثت يومها، لم يتم تدرب الجيش عليها إلا بالكاد قبل الحرب".
واعتبر أن "محدودية الخيال وربما أيضًا الاستخفاف بالعدو، منعت الجيش الإسرائيلي ومجتمع الاستخبارات من اعتبار مثل هذا الغزو الضخم الذي قامت به حماس ، بمثابة سيناريو واقعي يجب الاستعداد له".
وتابع: "يبدو أن العديد من كبار القادة ورجال المخابرات، تخيلوا مسلحي حماس مثلما كان يعاملهم جدعون ليفي (صحفي إسرائيلي) على مر السنين في مقالاته في صحيفة هآرتس: ميليشيا حافية القدمين كانت قدرتها على إلحاق الضرر محدودة وتقتصر على إطلاق صواريخ غير دقيقة".
وأشار هارئيل إلى أن "النهج العملي المحتمل الرئيسي الذي أجريت عليه التدريبات (الإسرائيلية) على مر السنين يتعلق بغارة قامت بها سريتان من قوة كوماندوز النخبة التابعة لحماس عبر نقطتين أو ثلاث نقاط على طول الحدود، دون أي إنذار استخباراتي مبكر".
ولفت إلى أنه "في عام 2016، تم إجراء تمرين غير عادي في فرقة غزة (للجيش الإسرائيلي) ووضع الجنرال ميكي إدلشتاين، الذي كان يقود الفرقة في الماضي، سيناريو تقوم فيه القوات المهاجمة بإغراق الحدود من عدد كبير من النقاط".
وأورد في مقاله أن الفرقة والقيادة الجنوبية "واجهت صعوبة في التعامل مع الأمر، واشتكى العديد من القادة المشاركين في التمرين من أن السيناريو انحرف إلى اتجاهات خيالية وغير معقولة".
وشدد على أنه "منذ ذلك الحين، يبدو أن أحدا لم يتدرب جديا على سيناريو حرب شاملة في غزة، والتي قد تندلع بهجوم مفاجئ".
وعليه، وصف هارئيل ما حدث بمستوطنات غلاف قطاع غزة في 7 أكتوبر بأنه "طوفان"، وقال: "تبين أن التسمية التي أطلقتها حماس على الهجوم، طوفان الأقصى، كانت مناسبة".
وأشار إلى أنه في الساعات الأولى من الهجوم عبر أكثر من 2000 مسلح من "حماس" الحدود وتبعهم مدنيون فلسطينيون، على حد زعمه.
واستدرك قائلا: "كان بمثابة تسونامي اخترق خط السياج الحدودي" بين غزة وإسرائيل.
وتحدث عن تحديد الجيش الإسرائيلي حوالي 60 نقطة على طول السياج الحدودي الذي تم اختراقه، بدعم من حوالي 4000 صاروخ تم إطلاقها من غزة على المستوطنات داخل إسرائيل، معظمها في الساعات الثلاث الأولى من الهجوم.
وتابع: "صباح يوم الهجوم، كانت هناك ثلاث كتائب مشاة منتشرة على طول الحدود مع قطاع غزة، إلى جانب كتيبة مدرعة أصغر، لكن الجدل حول الوجود المحدود للقوات يعوقه الفجوات في المعلومات والتشويه السياسي والصمت لفترة طويلة من جانب الجيش".
ورأى أن "الانتشار الضعيف (للقوات الإسرائيلية) خاصة في الجنوب، يعكس موقفا غير جدي بما فيه الكفاية من قبل الجيش الإسرائيلي تجاه المخاطر".
وذكر أن جنديات إسرائيليات كن في مهمة متابعة تصرفات "حماس" من الجو حذرن "من التغيرات المثيرة للقلق في سلوك حماس على طول الحدود والتي ربما تشير إلى هجوم وشيك". المصدر : وكالة سوا
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
كلمات دلالية: على طول
إقرأ أيضاً:
ماذا يعرف العرب عن مشروع إيستر الخطير الذي تبناه ترامب؟ وما علاقته بحماس؟
في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، بعد مرور عام كامل على الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل في قطاع غزة بدعم من الولايات المتحدة، والتي أودت بحياة أكثر من 53.000 فلسطيني، أصدرت مؤسسة "هيريتيج فاونديشن" (Heritage Foundation) ومقرها واشنطن، ورقة سياسية بعنوان "مشروع إستير: إستراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية".
هذه المؤسّسة الفكرية المحافظة هي الجهة ذاتها التي تقف خلف "مشروع 2025″، وهو خُطة لإحكام السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، ولبناء ما قد يكون أكثر نماذج الديستوبيا اليمينية تطرفًا على الإطلاق.
أما "الإستراتيجية الوطنية" التي يقترحها "مشروع إستير" المسمى نسبةً إلى الملكة التوراتية التي يُنسب إليها إنقاذ اليهود من الإبادة في فارس القديمة، فهي في جوهرها تتلخص في تجريم المعارضة للإبادة الجماعية الحالية التي تنفذها إسرائيل، والقضاء على حرية التعبير والتفكير، إلى جانب العديد من الحقوق الأخرى.
أوّل "خلاصة رئيسية" وردت في التقرير تنصّ على أن "الحركة المؤيدة لفلسطين في أميركا، والتي تتسم بالعداء الشديد لإسرائيل والصهيونية والولايات المتحدة، هي جزء من شبكة دعم عالمية لحماس (HSN)".
ولا يهم أن هذه "الشبكة العالمية لدعم حماس" لا وجود لها فعليًا – تمامًا كما لا وجود لما يُسمى بـ"المنظمات الداعمة لحماس" (HSOs) التي زعمت المؤسسة وجودها. ومن بين تلك "المنظّمات" المزعومة منظمات يهودية أميركية بارزة مثل "صوت اليهود من أجل السلام" (Jewish Voice for Peace).
أما "الخلاصة الرئيسية" الثانية في التقرير فتدّعي أن هذه الشبكة "تتلقى الدعم من نشطاء وممولين ملتزمين بتدمير الرأسمالية والديمقراطية"- وهي مفارقة لغوية لافتة، بالنظر إلى أن هذه المؤسسة نفسها تسعى في الواقع إلى تقويض ما تبقى من ديمقراطية في الولايات المتحدة.
عبارة "الرأسمالية والديمقراطية"، تتكرر ما لا يقل عن خمس مرات في التقرير، رغم أنه ليس واضحًا تمامًا ما علاقة حركة حماس بالرأسمالية، باستثناء أنها تحكم منطقة فلسطينية خضعت لما يزيد عن 19 شهرًا للتدمير العسكري الممول أميركيًا. ومن منظور صناعة الأسلحة، فإن الإبادة الجماعية تمثل أبهى تجليات الرأسماليّة.
وبحسب منطق "مشروع إستير" القائم على الإبادة، فإنّ الاحتجاج على المذبحة الجماعية للفلسطينيين، يُعد معاداة للسامية، ومن هنا جاءت الدعوة إلى تنفيذ الإستراتيجية الوطنية المقترحة التي تهدف إلى "اقتلاع تأثير شبكة دعم حماس من مجتمعنا".
نُشر تقرير مؤسسة "هيريتيج" في أكتوبر/ تشرين الأول، في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، والتي وصفتها المؤسسة بأنها "معادية لإسرائيل بشكل واضح"، رغم تورّطها الكامل والفاضح في الإبادة الجارية في غزة. وقد تضمّن التقرير عددًا كبيرًا من المقترحات لـ"مكافحة آفة معاداة السامية في الولايات المتحدة، عندما تكون الإدارة المتعاونة في البيت الأبيض".
وبعد سبعة أشهر، تُظهر تحليلات نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" أن إدارة الرئيس دونالد ترامب -منذ تنصيبه في يناير/ كانون الثاني- تبنّت سياسات تعكس أكثر من نصف مقترحات "مشروع إستير". من بينها التهديد بحرمان الجامعات الأميركية من تمويل فدرالي ضخم في حال رفضت قمع المقاومة لعمليات الإبادة، بالإضافة إلى مساعٍ لترحيل المقيمين الشرعيين في الولايات المتحدة فقط لأنهم عبّروا عن تضامنهم مع الفلسطينيين.
علاوة على اتهام الجامعات الأميركية بأنها مخترقة من قبل "شبكة دعم حماس"، وبترويج "خطابات مناهضة للصهيونية في الجامعات والمدارس الثانوية والابتدائية، غالبًا تحت مظلة أو من خلال مفاهيم مثل التنوع والعدالة والشمول (DEI) وأيديولوجيات ماركسية مشابهة"، يدّعي مؤلفو "مشروع إستير" أن هذه الشبكة والمنظمات التابعة لها "أتقنت استخدام البيئة الإعلامية الليبرالية في أميركا، وهي بارعة في لفت الانتباه إلى أي تظاهرة، مهما كانت صغيرة، على مستوى جميع الشبكات الإعلامية في البلاد".
ليس هذا كل شيء: "فشبكة دعم حماس والمنظمات التابعة لها قامت باستخدام واسع وغير خاضع للرقابة لمنصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، ضمن البيئة الرقمية الكاملة، لبث دعاية معادية للسامية"، وفقاً لما ورد في التقرير.
وفي هذا السياق، تقدم الورقة السياسية مجموعة كبيرة من التوصيات لكيفية القضاء على الحركة المؤيدة لفلسطين داخل الولايات المتحدة، وكذلك على المواقف الإنسانية والأخلاقية عمومًا: من تطهير المؤسسات التعليمية من الموظفين الداعمين لما يسمى بمنظمات دعم حماس، إلى تخويف المحتجين المحتملين من الانتماء إليها، وصولًا إلى حظر "المحتوى المعادي للسامية" على وسائل التواصل، والذي يعني في قاموس مؤسسة "هيريتيج" ببساطة المحتوى المناهض للإبادة الجماعية.
ومع كل هذه الضجة التي أثارها "مشروع إستير" حول التهديد الوجودي المزعوم الذي تمثله شبكة دعم حماس، تبين – وفقًا لمقال نُشر في ديسمبر/ كانون الأول في صحيفة The Forward- أنَّ "أيَّ منظمات يهودية كبرى لم تُشارك في صياغة المشروع، أو أن أيًّا منها أيدته علنًا منذ صدوره".
وقد ذكرت الصحيفة، التي تستهدف اليهود الأميركيين، أن مؤسسة "هيريتيج" "كافحت للحصول على دعم اليهود لخطة مكافحة معاداة السامية، والتي يبدو أنها صيغت من قبل عدة مجموعات إنجيلية مسيحية"، وأن "مشروع إستير" يركز حصريًا على منتقدي إسرائيل من اليسار، متجاهلًا تمامًا مشكلة معاداة السامية الحقيقية القادمة من جماعات تفوّق البيض والتيارات اليمينية المتطرفة.
وفي الوقت نفسه، حذر قادة يهود أميركيون بارزون -في رسالة مفتوحة نُشرت هذا الشهر- من أن "عددًا من الجهات" في الولايات المتحدة "يستخدمون الادعاء بحماية اليهود ذريعةً لتقويض التعليم العالي، والإجراءات القضائية، والفصل بين السلطات، وحرية التعبير والصحافة".
وإذا كانت إدارة ترامب تبدو اليوم وكأنها تتبنى "مشروع إستير" وتدفعه قدمًا، فإن ذلك ليس بدافع القلق الحقيقي من معاداة السامية، بل في إطار خطة قومية مسيحية بيضاء تستخدم الصهيونية واتهامات معاداة السامية لتحقيق أهداف متطرفة خاصة بها. ولسوء الحظ، فإن هذا المشروع ليس إلا بداية لمخطط أكثر تعقيدًا.