أين جامعة الدول العربية من غزّة؟!
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
محمد بن سالم التوبي
غزة التي فضحت الكثير من المواقف في الشرق والغرب وإذا كنّا ركّزنا على مواقف الغرب سابقًا ففي هذا المقال سأركز على الموقف العربي وتحديدًا جامعة الدول العربية التي غابت أو غُيّبت عن المشهد، وكأنَّ غزة ليست قطعة من هذا الوطن الكبير الذي تكالب عليه القريب والبعيد، وأضحت وحيدةً تواجه مستقبلها ومستقبل أهلها الذين رفعوا راية الجهاد في زمن عَزّ فيه الجهاد.
العدو الصهيوني الذي زرعته بريطانيا في خاصرة الوطن العربي منذ 75 عامًا، أُريدَ له أن يكون وطنًا لليهود من أجل إخراجهم من أوروبا بعد ما نكبهم هتلر وجمعهم ورمى بهم في المصاهر، فكان الرأي أن يتم تجميعهم في مكان واحد ويكون لهم وطنًا يمارسون فيه عقائدهم وعباداتهم ويحكمونه بشريعتهم، فكان المقترح أن يكون وطنهم الأرجنتين أو أوغندا ولكن بعد ذلك خَلُصَ الرأي أن تكون فلسطين هي الوطن الذي يمكن لهم أن يعيشوا فيه؛ وذلك بفضل السياسة البريطانية التي استحكمت في المنطقة، ولكن قبل خروجها زرعت هذا الجسم الغريب، الذي وعلى مدى 75 عاماً لم يستطع العيش في أمن؛ فالأرض المقدسة لا تقبل المجرمين والقتلة وسرّاق الأرض.
الاستعمار بغيض كيفما كانت طريقته ومسمياته، وإذا كان في ما سبق الاستعمار له شكل واحد وهو الاستعمار العسكري الذي يحتل الأوطان بالسيطرة العسكرية فيه على القرار السيادي ويعمل فيه بحسب مصالحه السياسية والاقتصادية والعسكرية، فهذا الشكل من الاستعمار ما زال باقيًا في بعض الأماكن وما زالت الدول الكبرى مستعمرة للكثير من الدول أو أجزاء منها، وما زال حاضرًا استعمار الكثير من الجزر في البحار والمحيطات.
لم تخرج بريطانيا من مستعمراتها السابقة خالية الوفاض وهذا مما لا شك فيه، فإمّا أن تكون سُلّمت بطريقة أو بأخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإمّا أن تكون أذرعها ما زالت باقية تتحكم في القرار السيادي لبعض الدول، وهذا بالتأكيد من أجل مصالحها الاقتصادية إن كانت لها مصلحة في تلك الدولة- وبالأخص الدول المنتجة للنفط- وكما هو معلوم عن السياسة البريطانية فهي تلعب أدوارًا خفية في التخطيط والتنفيذ ولها نفس طويل في تنفيذ خططها وعلى استعداد أن تلعب مع كل الأطراف وهذا ما حدث في الحقيقة في زنجبار وتفكيك الإمبراطورية العمانية، وتاريخ المؤامرات الإنجليزية في المنطقة لا يمكن أن يُجهل بأي حال من الأحوال.
الجامعة العربية أحد طرقها في لم الشمل العربي بطريقة إنجليزية بحتة، فقد اعتادت بريطانيا على قتل ووأد الشمل العربي من خلال الدسائس والمكائد على مدى قرون من الزمن، فليس عجيبًا أن تشجّع الدول العربية على إنشاء الجامعة العربية من أجل أن تتحكم في قراراتها وفي مصير قضاياها، فما يخرج عن سيطرتها يُذهب به إلى الجامعة العربية، وهناك وبقرار عربي يتم وأد الكثير من تصورات الجامعة التي تؤلف بين الدول كما يتم وأد ما يمكن وأده حتى لا تكون الدول العربية في قوّة اقتصادية أو سياسية تستطيع أن يكون لها شأن بين دول العالم، وحتى لا تكون دول هذا التجمع دولًا قوية تستطيع مجابهة العدو الذي يتربصها ليل نهار.
الجامعة العربية في ظاهرها ولكن ليس في باطنها، ولا يمكن لها يومًا أن تكون جامعة إن لم يصلح شأنها وتنتفض على قوانينها وقراراتها، وتكون قوة جامعة تملك قرار وحدتها وقوتها. الجامعة العربية شبه مغيّبه في وقتنا الحاضر، ولم نرَ لها موقفًا قويًا تجاه ما يحدث في غزة، وكأن شيئًا لا يحدث في فلسطين وهي القضية التي رسخت في أركان محاضرها في كل الاجتماعات العربية، ولعل خزائن القاهرة مليئة بدفاتر فلسطين وقضاياها وتعدّي العدو الصهيوني عليها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
انطلاق المنتدى العربي الثالث للتنمية الاقتصادية في الشارقة
انطلقت أمس فعاليات "المنتدى العربي الثالث للتنمية الاقتصادية: البيئة الاستثمارية العربية: الفرص والتحديات"، الذي تنظمه المنظمة العربية للتنمية الادارية - جامعة الدول العربية، ويستمر حتى 28 مايو الجاري في الشارقة.
يشارك في المنتدى نخبة من المختصين، والمستثمرين العرب والأجانب، وصناع القرار في وزارات وهيئات الاستثمار والاقتصاد، والخبراء الاقتصاديين والماليين، وممثلي الغرف التجارية والصناعية، ورواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة، وممثلي المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، إضافة للباحثين والأكاديميين في مجالات الاقتصاد والاستثمار من عدة دول عربية منها الإمارات، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عُمان، وجمهورية مصر العربية، وليبيا، والجمهورية التركية.
وقالت الدكتورة رانيا عبدالرازق المنسق العام للمنتدى، رئيس مجموعة أنشطة التواصل المؤسسي والعلاقات العامة والإعلام وريادة الأعمال في المنظمة العربية للتنمية الإدارية، إن المنظمة تنظم المنتدى بشكل دوري، بهدف تعزيز التكامل العربي وتطوير بيئات الأعمال في الدول العربية، واستكشاف الفرص الاستثمارية، والتصدي للتحديات التي تواجه مناخ الاستثمار في عالمنا العربي.
وأضافت أن المنتدى يأتي استمراراً لجهود المنظمة الرامية إلى دعم التنمية الاقتصادية المستدامة، وجذب الاستثمارات وتوفير فرص جديدة لنمو الأعمال، عبر مناقشة قضايا محورية تتعلق بالإعلام، والتمكين الرقمي، وريادة الأعمال، والمشروعات ذات الطبيعة التخصصية.
أخبار ذات صلةوأشارت إلى أن المنتدى يُعقد في إطار جهود مجموعة أنشطة ريادة الأعمال بالمنظمة الهادفة إلى تعزيز البيئة الاستثمارية في الدول العربية، من خلال تعميق التفاعل بين المستثمرين العرب والجهات الحكومية ذات الصلة، وقد حرصت المجموعة على تنفيذ سلسلة من الفعاليات النوعية لتحقيق هذا الهدف، حيث نظمت منذ عام 2023 وحتى الآن ست ندوات، وثلاثة ملتقيات، وأربع ورش عمل، ومنتديين اقتصاديين، في عدد من الدول العربية. وذكرت أن تلك الفعاليات قدمت نحو 38 ورقة علمية وتجربة عملية، غطت مختلف جوانب قطاع ريادة الأعمال، بمشاركة واسعة من القطاعين العام والخاص، كما تم عقد لقاءات ثنائية على هامشها، أفضت إلى توقيع اتفاقيات وبروتوكولات تعاون لدولة الإمارات، ما أسهم بشكل مباشر في تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، خاصة في قطاعات السيارات، وتجارة الذهب، وغيرها من المجالات الاقتصادية الحيوية.
وسيتناول المنتدى العربي الثالث للتنمية الاقتصادية، على مدى أيامه وجلساته الحوارية، عددا من المحاور الهامة من بينها، قوانين الاستثمار ومدى مرونتها وجاذبيتها، والشفافية والحوكمة في البيئة الاستثمارية، والفرص الاستثمارية في الوطن العربي في القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا، والطاقة، والسياحة، واللوجستيات، والزراعة الذكية، كذلك المشاريع التنموية الكبرى وفرص الشراكة والتحديات التي تواجه المستثمر العربي والأجنبي، التكامل العربي في دعم الاستثمار والتنمية، والتحول الرقمي والتقنيات الحديثة وأثرهما على البيئة الاستثمارية.